|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الخميس  30  / 7 / 2015                                 باقر الفضلي                                   كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

تركيا : في مستنقع التدخل..!؟

باقر الفضلي

ليست هي المرة الأولى، التي تجد فيها الدولة التركية نفسها، وقد إنزلقت الى مستنقع التدخل في شؤون الآخرين، خاصة حينما يكون ذلك التدخل قد مس سيادة دول الجوار، ليتحول في النهاية، من مجرد تدخل الى عدوان سافر؛ لما فيه من تجاوز وإنتهاك لسيادة تلك الدول، وخرق فاضح لميثاق الأمم المتحدة، الأمر الذي ينبغي التوقف أمامه، بكل حزم ومسؤولية من قبل المجتمع الدولي، وبالذات على صعيد هيئة الأمم المتحدة، لما فيه من المخاطر التي تهدد السلم والأمن الدوليين، وتعرض السلم في المنطقة لمخاطر غير محسوبة النتائج والأبعاد..!؟؟

لقد ضمن ميثاق الأمم المتحدة بوضوح، حق جميع الدول الأعضاء، في الدفاع عن النفس، طبقاً لنص المادة/51 من الميثاق، ولكن لم يترك الأمر مفتوحاً لمشيئة الدول في تقرير طبيعة ذلك الدفاع، ليتحول على يد الدولة المقصودة من حق للدفاع عن النفس الى " حق للتدخل في شؤون الدول الأخرى"، بما يهدد الأمن والسلم الدوليين، ومن هنا يصبح لزاماً على الدولة التي تلجأ لإستخدام ذلك الحق، إبلاغ مجلس الأمن فوراً عن تلك التدابير التي إتخذتها، ولا تؤثر تلك التدابير، على ما لمجلس الأمن من سلطة في إتخاذ التدابير التي يراها ضرورية لحفظ وإعادة السلم والأمن الدولي أو إعادته الى نصابه..!

فحينما تنخرط دولة مثل تركيا، في مشاركة دول أخرى بشن الغارات وإختراق الأجواء لدولة جارة مثل سوريا أو العراق، دون إذن أو موافقة منها، وحتى دون التنسيق معها أو التنسيق مع مجلس الأمن، وتحت حجة مطاردة قوى أخرى تهدد أمنها، تكون بذلك قد منحت نفسها الحق في إنتهاك سيادة تلك الدولتين، الأمر الذي يدخل في مصاف إختراق ميثاق الأمم المتحدة، وما لهذا الأمر من تداعيات غير محسوبة العواقب على صعيد السلم والأمن الدوليين، وستجد نفسها وقد إنزلقت الى مستنقع التدخل المرفوض كلياً من قبل المجتمع الدولي، الأمر الذي يسمح لمجلس الأمن وإستناداً الى نصوص الميثاق نفسه بما فيها أحكام الفصل السادس ، الى التدخل وإتخاذذ التدابير اللازمة لإعادة الأمور الى نصابها، وتأمين سيادة الدول المنتهكة، تحت ذريعة إستخدام حق الدفاع عن النفس الذي تستند عليه دولة مثل تركيا أو غيرها، للمحافظة على السلم والأمن الدوليين..!(1)

وفي نفس السياق، تأتي دعوة دولة تركيا الى حلف الناتو، التي هي عضو في الحلف المذكور، الى إجتماع طاريء، لدراسة الحملات التي تخوضها ضد الإرهاب والتهديدات الموجهة ضد أمنها القومي، بما يعنيه من رسالة موجهة الى كل من سوريا والعراق ، بأن تركيا ليست وحدها، وأن حلفائها في الحلف المذكور يقفون الى جانبها في تدخلها المذكور..!؟(2)

وهو ما أكده وزير الخارجية التركي السيد مولود جاويش أوغلو، حيث أشار الى " أن تركيا تمثل العضو الوحيد في الحلف الذي له حدود مع تنظيم داعش في سورية والعراق".(3)

إن كل هذا الإنزلاق في مستنقع التدخل التركي، قد ألزم الأنظمة العربية ممثلة بجامعتها العربية ان تلوذ بالصمت، متناسية بأنها من المنظمات الدولية المعترف بها من قبل الأمم المتحدة، وأن كل من دولتي سوريا والعراق، هما عضوين مؤسسين لتلك المنظمة، فكيف والحال يمكن تفسير موقف الجامعة العربية من هذا التدخل التركي، في الشؤون الداخلية للدولتين..!؟ ولماذا ياترى، يلوذ الإعلام العربي بهذا الصمت المطبق أزاء ذلك التدخل، في وقت تسرح وتمرح فيه الطائرات التركية، طولاً وعرضاً أجواء البلدين، وحملات التضليل الإعلامية والتصريحات الحكومية التركية تغطي صفحات الصحافة العالمية، ووكالات أنباء الدول التي باركت ولا زالت تبارك، الحرب الكونية ضد دولة سوريا، وتدفع بالذرائع والحجج المترادفة لتبرير تلك الحرب الغاشمة دون إنقطاع..!؟؟(4)

لا يسع المرء بهذا الصدد، إلا الإشادة وتأييد الموقف الشجاع والإيجابي للكتل النيابية العراقية التي إستنكرت وأدانت التدخل والخرق التركي لسيادة العراق، وطالبت الحكومة بإستدعاء السفير التركي وتسليمه رسالة إحتجاج عراقية، هذا في الوقت الذي لفت فيه النائب العراقي السيد عباس البياتي الإنتباه [[ الى ان "تركيا اعتادت خرق اجواء العراق منذ زمن النظام المقبور الذي سمح لهم في حينها حسب اتفاقية مبرمة بالتوغل او ضرب 40 كم في العمق العراقي"، داعياً إلى "إعادة النظر بهذه الاتفاقية التي تجيز انتهاك أجواء البلاد".]](5)
 

2015/7/28
 

(1) http://arabic.cnn.com/world/2015/07/24/urgent-turkish-pm-more-arrested-terrorism-charges
(2) http://arabic.cnn.com/world/2015/07/26/urgent-turkey-calls-nato-meeting-amidst-military-operations
(3) http://www.alhurra.com/content/turkey-calls-nato-to-fight-isis/270846.html
(4) http://arabic.cnn.com/world/2015/07/28/intv-turkey-amanpour-ahmet-davutoglu-isiscnn
(5) http://www.akhbaar.org/home/2015/7/195267.html



 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter