|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الأحد  4  / 10 / 2015                                 باقر الفضلي                                   كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

فلسطين: الأمم المتحدة أمام خطابين وموقفين..!؟

باقر الفضلي

في مقالة سابقة بتأريخ 26/1/2011 وتحت عنوان ( فلسطين: الحلقة المركزية في الصراع..!) ، وردت الفقرة التالية لتلخص ما يمكن أن يكون عليه الموقف الفلسطيني من إحتمالات، ما قد تفرضه وقائع الأحداث التي قد تواجه الشعب الفلسطيني مستقبلا.. فجاء الحديث بأنه: [[ من اليسير القول والتأشير، بأن الطرف الرئيس الآخر في الصراع والمقصود به إسرائيل، يتحمل كامل المسؤولية في إيصال الحال الى ما هي عليه الآن، بسبب من التعنت والغطرسة والرفض لتنفيذ القرارات الدولية بشأن حل النزاع من جهة، وبكونه الطرف الأقوى الغاصب لحقوق الشعب الفلسطيني والمدعوم من قبل أمريكا والغرب من جهة أخرى، ولكن ومع كل ما تقدم ومع التسليم بهذه المقدمات، فإنه يصبح من البدهي لمواجهة واقع مثل هذا، أن يكون للطرف الآخر المقابل، وهو الطرف الفلسطيني، كافة ما يشترطه هذا الواقع من شروط المسؤولية، للمجابهة والتعامل السليم في حدود الإمكانات والقدرات المادية والمعنوية، والمنهج السياسي الملائم، والحكمة في إختيار التكتيك السليم، والحسابات الصحيحة للنتائج المتوقعة في ظروف السلم أو المجابهة المسلحة، وكل إحتمالات أخرى يمكن توقعها..!]](*)

وفي ظل الظروف الراهنة، يأتي خطاب الرئيس الفلسطيني، السيد محمود عباس، أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، في الثلاثين من أيلول/2015، بمثابة المفتاح الذي كان يتوقف عليه، فك لغز ما كان يمكن أن تخبأه قيادة السلطة الفلسطينية، من مفاجئات ينتظرها الشعب الفلسطيني ومؤازريه وشعوب البلدان العربية، في المواجهة المرتقبة مع تعنت سلطة الإحتلال، وما أشار اليه خطاب الرئيس الفلسطيني من مظاهر ذلك التعنت والتعسف الذي يعيش في ظله الشعب الفلسطيني، منذ أمد طويل..!
فهل جاءت حسابات الحقل متقاربة في نتائجها مع حسابات البيدر، كما يقول المثل السائر..!؟

لعل أبرز ما تميز به خطاب السيد الرئيس محمود عباس، وما يدخل ضمن ما جرى التلويح به قبل الخطاب، من إحتمال القنبلة، التي كان متوقعاً، أن يفجرها الرئيس أمام أنظار رؤساء الدول، هو التلويح، بالتعامل بالمثل، إذا ما أخلت إسرائيل بالإلتزامات المتبادلة، وتحميل إسرائيل مسؤوليتها بإعتبارها دولة الإحتلال، واللجوء الى محكمة الجنايات الدولية، والى غير ذلك مما تعتقده القيادة الفلسطينية الشرعية، والفصائل الوطنية الفلسطينية، من موجبات العمل الفلسطيني، في ظل الظروف الراهنة..!!؟(1)

لم تتوقف إسرائيل أمام خطاب السيد محمود عباس كثيرا، بل قد تجاهلته في خطاب رئيس حكومتها نتنياهو أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة؛ فجاء الخطاب الإسرائيلي، الذي إنصب بكل ثقله على الإتفاق النووي الإيراني، متجاهلاً كل ما له علاقة بشيء إسمه القضية الفلسطينية، ومتناسياً وجود شعب إسمه الشعب الفلسطيني، في وقت ركز فيه جل إهتمامه على ضرورة أن يجري الإعتراف بدولة إسرائيل كدولة "يهودية"، عادت الى إرض الأباء والأجداد، منتقداً بشدة الولايات المتحدة الأمريكية والتحالف الغربي، لتوقيعها الإتفاق النووي الإيراني، الأمر الذي تعرض الى الكثير من الإنتقادات في الصحافة الغربية والأمريكية؛ ومن الجانب الآخر، فقد تعرض خطاب الرئيس الفلسطيني نفسه، الى حملة مشوهة مقرونة بغضب شديد من قبل الإدارة الإسرائيلية، في محاولة لطمس حقيقة الإنتهاكات الإسرائيلية، التي وردت في خطاب الرئيس الفلسطيني، لدرجة توجيه الإتهام، بالكذب وتشجيع التحريض والشغب في القدس الشرقية..!!؟(2)

وعلى الصعيد الفلسطيني، فإن ما جاء على لسان السيدة الدكتورة حنان شعراوي عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، في تقييمها للخطاب الإسرائيلي، يكفي وحده ليرسم صورة واضحة المعالم، تعكس حقيقة الموقف الإسرائيلي، وما كان يبطنه من وراء خطاب رئيس الحكومة الإسرائيلية أمام الأمم المتحدة، المشحون بالتهم الموجهة للجانب الفلسطيني، من محاولة للتضليل وطمس الحقيقة، وإعلان براءة إسرائيل من كل ما قيل بشأن إنتهاكها لحقوق الإنسان، وخرقها للقانون الدولي، براءة الذئب من دم يوسف..!؟(**)

ففي نفس السياق تشير السيدة عشراوي مضيفة: 'إن اتهام نتنياهو للجانب الفلسطيني بإفشال المفاوضات و دعوته المفضوحة للرئيس محمود عباس إلى الاجتماع به 'دون شروط مسبقة' يؤكد انسلاخه عن الواقع خاصة وأنه هو من وضع شروطه القائمة على الاعتراف بالدولة اليهودية والقبول بدولة فلسطينية منزوعة السلاح متجاهلا سياسته التي أفرغت العملية التفاوضية من مضمونها واستغلاله للمفاوضات لفرض أمر واقع على الأرض من خلال مواصلة التوسع الاستيطاني وسرقة الأرض والموارد وتدمير مقومات الدولة الفلسطينية '."أن نتنياهو ينظر إلى الالتزام بالقانون الدولي واحترام الاتفاقيات الموقعة على أنها شروط مسبقة بينما هي متطلبات أساسية للسلام العادل والشامل" (3)

حيث أكدت السيدة عشراوي مشددة في نهاية القول: [[على أن الدافع الأساسي للإرهاب والتطرف بالمنطقة هو استمرار الاحتلال الإسرائيلي وسياساته، وقالت: لقد آن الأوان لإنهائه بشكل كامل وتجسيد الحقوق الفلسطينية، ومساءلة ومحاسبة إسرائيل باعتبارها دولة مارقة خارجة عن القانون وتوفير الحماية الدولية العاجلة لشعبنا.]]..!؟(
المصدر السابق)

ومن هنا يأتي تأكيد الدكتورة حنان عشراوي، متوافقاً مع طبيعة المطالب المشروعة للشعب الفلسطيني، في الخلاص من معاناته المستديمة، جراء التعنت والعسف الإسرائيلي، وسياسة الإستيطان، وتدنيس المقدسات، ناهيك عن الإنتهاك المستمر لقرارات الشرعية الدولية، الأمر الذي دفع بالقيادة الفلسطينية، ومن خلال خطاب الرئيس الفلسطيني السيد محمود عباس، أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة؛ مناشدة المجتمع الدولي توفير الحماية الدولية العاجلة للشعب الفلسطيني، فالشعب الفلسطيني يمتلك من الأدلة الشرعية؛ القانونية منها والسياسية، ناهيك عن الإنسانية، ما يضع المجتمع الدولي، ممثلاً بالأمم المتحدة، أمام مسؤوليتها التأريخية، في وضع قراراتها موضع التنفيذ، بما يحقق مصالح ومطالب الشعب الفلسطيني، في إنهاء الإحتلال الإسرائيلي، ووقف الإستيطان، وعودة اللاجئين، وإقامة دولته الوطنية الديمقراطية..!

إن مجرد المقارنة بين مضموني الخطابين الفلسطيني والإسرائيلي، أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة لعام/2015، وحده كافياً أن يضع المجتمع الدولي، وكل ذي بصيرة، أمام حقيقة المفارقة الغريبة، التي وجد الشعب الفلسطيني نفسه فيها، وقد أصبح أحد ضحاياها، وهو يرزح تحت ظلم من إستباح وطنه، وإنتهك مقدساته، في وقت عجزت فيه الشرعية الدولية، التي أوكل لها صيانة السلم والأمن الدوليين، وحفظ حقوق الأمم والشعوب، من صيانة تلك الحقوق..!!؟
 

/2/10/2015
 

(*)  http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=243227
(**) http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=485492
(1) http://www.amad.ps/ar/?Action=Details&ID=91440
(2) http://www.amad.ps/ar/?Action=Details&ID=91418
(3) http://www.wafa.ps/arabic/index.php?action=detail&id=205670




 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter