| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

http://www.youtube.com/watch?v=HdjgYpC0OOA

بلقيس حميد حسن

balkis8@gmail.com

 

 

 

الأثنين 7/2/ 2011


 
 هل لا بد من ثورة ليعتدل الميزان في العراق؟

بلقيس حميد حسن

إن أهم وأول شيء تحتاجه الشعوب بعد كل تغيير هو الأمان الذي تفتقده, فإن ُفقد الأمان فقدت الثورات والتغييرات أي معنى لها, وبات كل مايقال عن مشاريع واهداف وخطط مجرد لغو, لان حياة البشر هي أول مطلب وأول ضرورة, وبفقدها تنتفي كل فائدة ويصبح كل قول عابث.
وها هو الشعب العراقي اليوم يعيش بلا أمن لحياة ابنائه وبناته, وبلا أمن لمؤسساته الثقافية والمدنية, فماذا ستقول الحكومة العراقية عن القتل المتعمد للمسيحيين والصابئة المندائيين والايزيديين وسواهم من الشيعة والسنة وكل مكونات الشعب الذين يموتون في التفجيرات والاغتيالات وعلى الطرق والمفارق بشكل موجع وسافر ولا يمكن السكوت عنه او تغطيته بعذر ولا بستار او حجة؟
ماذا تقول الحكومة العراقية للتدخلات السافرة وغير القانونية, والهجوم على الحريات الثقافية وعلى المنتديات واغلاقها واخرها على جمعية أشور بانيبال الثقافية في الكرادة.

ماذا تقول عن التضييق على طالبات الجامعات والتدخل بلباسهن وكأنه هو الهم الأكبر والمعاناة الوحيدة للعراقيين الذين يكابدون الجوع والبطالة وشحة الماء والكهرباء وقائمة طويلة وعريضة من المتطلبات والضرورات الحياتية التي لم تلتفت لها الحكومة؟

قد يستكبر علي البعض هذا القول,خاصة ونحن نردد دائما بان النظام العراقي صار ديمقراطيا بعد سقوط صدام وحزبه, لذا اقتضى علينا ان نفكر بالحوار السلمي..

واقول:
اننا جربنا الحوار السلمي والتوقيعات والحملات التي لا ترد عليها الحكومة, لقد أنهى الشعب سبع سنوات عجاف ونحن على وشك انهاء العام الثامن, ولم يزل الوضع يسوء يوما بعد اخر, والأرامل والأيتام لازالوا يبحثون عن لقمة العيش والمأوى في القمامة والشوارع الوسخة المليئة بالاوحال, ولازالت الخدمات متردية الى ماتحت الصفر, في حين تسرق المليارات وتودع في بنوك خارجية وتهرب اموال النفط وتتركز في أيد الفساد وسارقي الشعب قبلا وبعدا, ولازال الخوف من الوضع الأمني غير الآمن يتعب ابناء العراق ويحد من تحركاتهم الطبيعية.

ليس امراُ جديدا على الشعوب ان ترى الانتكاسات في التغيير والنهج بعد انتفاضات وثورات وتقديم تضحيات جسيمة, فالتاريخ مليء بثورات تراجع اصحابها عن اهدافها وقيمها بعد ان جلسوا على الكراسي وصار بينهم والفقراء جدارٌ عالي واسوارٌ تمنع عن آذانهم صرخات الجوع والبطالة والحرمان لتكون صور الفقر والظلم بعيدة عن اعينهم وقلوبهم, فيتنعمون هم بما لذ وطاب في قصور خضراء محروسة بالحديد والنار وليذهب المساكين الى الجحيم , طالما ان القادة يؤدون الصلاة امام الناس ويبتدؤون كلماتهم في الجلسات الرسمية باسم الله الرحمن الرحيم. حينما نتتبع تاريخ الثورات في العالم العربي, نرتعب لكثرة الانتكاسات فيها, فلم تحقق ثورة جمال عبد الناصر وهو الذي كان اكثر شعبية من سواه طموحات الشعب المصري رغم كل التشجيع والتغني الذي كان يطلقه الشعب المصري على جمال الثورة. كما لم تستطع الثورة الجزائرية التي قدمت مليون شهيد بعد ان حررت البلاد من الاستعمار الفرنسي ان تحمي الشعب الجزائري من الجوع والقهر والتخلف, وهكذا الثورات في العراق وغيره من بلدان العرب حتى صرنا نتوقع الأسوء دائما في اي تغيير وان كان ثورة شعبية. قد يقول القاريء هناك أسباب موضوعية خارجة عن ارادة الشعب واقول ان تلك الاسباب الخارجة عن ارادة الشعوب لازالت قائمة وبأكبر مما كانت وبأكثر قوة ولسنا هنا في مجال شرحها.
وان اخذنا نموذجا غير عربي, فحتما سنلتفت الى ايران التي يحاول اغلب قادة العراق اليوم تقليدها كنموذج نادر جاء بعد ان تفجرت ثورة الشعب التي جعلت حتى الماركسيين يؤيدونها ويتحمسون لها, اذ كانت ما يشبه الاعجاز حيث هزم الشعب الأعزل نظاما قائما على الظلم ولتاريخ طويل من السيطرة على قوت الشعب والاثراء على حسابه. لقد كان نظام الشاه مدعوما من اكبر واقوى دول العالم بكل اسلحتها المتطورة, لكنها باتت ذلك اليوم عاجزة امام الملايين الغاضبة التي اسقطت الحكومة بدون سفك قطرة دم فكانت حقا معجزة من معجزات الشعوب, ولكن هل نتائجها الان مرضية للشعب والفقراء والمهمشين ياترى, الجواب لا, وهاهو الشعب الايراني مخنوق الحريات يتمنى جواز سفر للجوء الى بلدان الغرب الكافر كما يسمونه هروبا من شرقنا الكافر بجوعه وظلمه.

ها هي الثورة الشعبية التونسية تنادي الشعب العراقي لتقول له, انظروا الى شوارع تونس الجميلة والمشجرة والمرصوفة, انظروا الى الخدمات المتوفرة, وانظروا الى مؤسسات الدولة, انظروا الى مستوى الناس وثقافتهم ولباسهم, كله افضل من العراق وسواه من دول العرب.
لكن الشعب الحر في تونس لن يوقف غضبه بعض المكتسبات والضروريات, بل صرخ بوجه الظالم والسارق لاستحقاقات الفقراء والمهمشين, رغم ان حالهم افضل من حال عشرات الملايين من شعب العراق عند المقارنة, وكأن لسان حال أهل تونس يردد شعر الشابي حينما قال:

اذا ما طمحتُ الى غاية .. ركبتُ المنى ونسيتُ الحذر
ومن لا يحب صعود الجبال .. يعش أبد الدهر بين الحفر
اذا طمحتْ للحياة ِ النفوسُ .. فلابد أن يستجيبَ القدر

فياشعب العراق, من حقك ان تطمح للتغيير وتنطلق نحو حياة افضل.
ويا ابناء العراق ان كنتم من المومنين فانتم تعرفون ان"من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الارض فكأنما قتل الناس جميعا ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا" وبالقياس نقول: ان من يجوّع انسانا فكأنما جوّع الناس جميعا.
فما بالكم أيها العراقيون ترضون كل هذا الذل والى متى انتم قانعون بالوعود والكلام فقط؟

 

5-2-2011


 




 

 




 

free web counter