|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الأثنين  9  / 10 / 2017                                 بشار قفطان                                   كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

الديمقراطية للعراق والحكم الذاتي لكردستان

بشار محمد جواد قفطان
(موقع الناس)

قبل حوالي نصف قرن ، حدد الحزب الشيوعي العراقي موقفه من تطبيق قانون الحكم الذاتي الذي صدر في الحادي عشر من اذار 1970م في ظل توفير ظروف ومناخ ديمقراطي تشارك فيه جميع القوى السياسية الموجودة على الساحة العراقية وقت ذاك ،

لو طبق ذلك القانون بشكل ما كتب واتفق عليه لكانت القضية القومية الكردية ، بشكل خاص والوضع العراقي بشكل عام افضل بكثير مما نحن فيه الان ،

غياب الديمقراطية والنهج الديمقراطي في العراق وقت ذاك حال دون تحقيق الحكم الذاتي بسبب طبيعة النهج القومي الضيق سواء بالنسبة للسلطة الحاكمة ، ورؤية بعض القوميين المتطرفين الاكراد ،

الحزب الشيوعي العراقي من جانبه اوضح موقفه المبدئي من تأزم العلاقة بين الحزب الديمقراطي الكردستاني باعتباره الموقع على بيان اذار 1970 الذي باركه معظم ابناء الشعب العراقي وقواه الوطنية من خلال الفعاليات الجماهيرية ،

اعتبر الحزب الشيوعي العراقي عقدة تنفيذ بيان الحادي عشر من اذار هو غياب تطبيق الديمقراطية من قاموس الحزب الحاكم ، وأعتَقَد الزعماء الاكراد التوقيع على بيان اذار هو فرصة لتقاسم السلطة والنفوذ مع حزب البعث ، وكان ذلك خطأ فادحأً ، عبر عنه الحزب الشيوعي العراقي من خلال بياناته وتصريحاته في تلك الفترة وترجمة ذلك بالشعار العتيد (الديمقراطية للعراق والحكم الذاتي لكردستان)

اذ لا يمكن تجزئة الحكم الذاتي للأكراد عن الديمقراطية الحقيقية للعراق ، التي ينشدها الجميع ، وتحقيق المشاركة الفعلية لجميع الاطراف في رسم سياسة البلد في جميع الميادين الاقتصادية و السياسية والاجتماعية ،

كانت نتيجة عدم تطبيق بيان اذار، غياب الديمقراطية ، والتملص من تنفيذ بنود الاتفاقية الموقعة وعدم الثقة بين قادة الحكومة المركزية والقيادة الكردية بزعامة القائد الكردي الملا مصطفى البارزاني ،

ادى الى عودة الاقتتال مجددا بين طرفي النزاع ، وكلف الشعب العراقي المزيد من الضحايا ومعوقي الحرب نتيجة ذلك الاقتتال الدامي ، واستمرت الحكومة المركزية في اتباع نهجا خاطئا في معالجة حل القضية القومية الكردية ،

بدل من استماعها الى منطق الحكمة والعقل واصوات الداعين الى حل المسالة الكردية حلا سلميا عادلا في الجلوس الى طاولة الحوار البناء ، ذهبت باتجاه ايجاد كيانات مواليه لها لإيهام الراي العام ان الكرد يتمتعون بحقوقهم ، من خلال وجود هذي الكيانات التي اصطفت الى جانب السلطة وحصولها على بعض المواقع الحكومية ، والامتيازات المغرية ،

وحصل ما حصل من الدمار وزيادة الضحايا بسبب الحرب واثارها ، من استخدام للأسلحة الكيماوية وسياسة الابادة الجماعية والتهجير القسري للأكراد من مواقع سكناهم الاصلية في بعض المناطق الى مدن وقرى اخرى في الاقليم ، وتهجير الالاف منهم الى قرى في جنوب العراق ، في مطلع ثمانينات القرن الماضي ، ومع تصاعد ازمة النظام الدكتاتوري في انتهاج سياسة محاربة القوى الوطنية والديمقراطية ، وقيام الحرب مع جمهورية ايران الاسلامية، واستخدم شعار كل شيء من اجل المعركة ، في القيام بابشع عملية تهجير ضد الكرد الفيلية بذريعة تعاونهم مع الحركة الكردية وايران ،

اصطفت قوى عديدة الى جانب الحركة الكردية المسلحة في كردستان في عام 1980 ورفعت شعار اسقاط النظام ، ودخول معظم اطراف المعارضة العراقية تقاتل الى جنب البيشمركَة وفرق الانصار ،

واستمرت المعارك الطاحنة حتى انتفاضة اذار 1991 م ، والانسحاب الكامل للقطعات العسكرية من الاقليم ومن ثم جميع مؤسسات الدولة وقيام خط حماية للإقليم خط عرض 36 ، وأخذت الاحزاب الكردية ذات النفوذ تمارس نشاطا اقتصاديا بعيد عن سلطة الدولة وعملت على تحسين الحالة المعاشية في الاقليم ، وانشاء المشاريع والاستفادة من التجارة الدولية من خلال منفذ ابراهيم الخليل ، ومنافذ الحدود الاخرى التي تحادد الاقليم .

وجرت عمليات تنسيق وعمل مشترك مع معظم القوى السياسية المعارضة ، وحضر معظمهم مؤتمري لندن وصلاح الدين قبل عملية اسقاط النظام عن طريق الحرب والتحالف الدولي الذي قادته الولايات المتحدة في اذار 2003 وانتهى بإسقاط النظام في نيسان 2003

مسألة قيام الديمقراطية بشكل يضمن مصالح الجميع لم يعد امرا سهلا حيث الديمقراطية ليست وصفة جاهزة ومجردة من اليات التطبيق والممارسة ، وترسخت في اذهان الذين حضروا مؤتمري لندن وصلاح الدين ، فكرة ادارة سلطة الدولة ، وجعلوا من الديمقراطية كأنها مكرمة او هبه يمنحها متى ماشاء الحاكم ، كما كان يفعل ذلك النظام السابق ، وتعاونوا فيما بينهم على اساس المحاصصة القومية والطائفية والمذهبية . وتقاسموا موقع النفوذ على هذا الاساس ، وحتى موضوع تطبيق الديمقراطية غاب من قاموس من كان يحملها في تسمية حزبه . وبفيت مجرد حبر على ورق في الدستور الذي كتبوه بأيديهم ، وصوتوا لصالح المشاريع والقوانين التي تلغي بناء الديمقراطية في العراق ، كاعتماد قانون سانت ليغو المعدل ، واعتبار العراق عدة دوائر انتخابية ، بدل من دائرة انتخابية واحدة ، الذي يفسح المجال امام الكيانات والكتل الصغيرة المتواجدة على مجمل الساحة العراقية والتي مؤمنة بالعملية السياسية من الحصول على تمثيل في البرلمان ، ومجالس المحافظات ،

وهذا ما كان يحذر منه الحزب الشيوعي العراقي وخصوصا للزعماء الاكراد ، اذ لا يمكن للإخوة الاكراد من تمتعهم بحقوقهم القومية وحل المشاكل التي تفاقمت مع الحكومة المركزية الا في ظل وضع ديمقراطي ، يلزم الجميع في تطبيقه ، والعمل الجاد في استتباب الامن ، وتحرير كامل التراب من عصابات داعش ، واتخاذ اجراءات وخطط عملية في مكافحة الفساد وتصفية اثاره ، واعمار المدن التي دمرها داعش ، وانهاء اثار مخلفات داعش الفكرية والسياسية والاجتماعية ،

ونتيجة النهج الخاطيء الذي كان التحالف الكردستاني جزء منه ، يمر البلد الان في ازمة حقيقة تصاعدت حدتها في الايام الاخيرة نتيجة الاستفتاء الذي سيجري يوم 25 / 9 والذي وقفت ضد اجراءه معظم الدول والمنظمات الدولية ، القيام به في الظرف الراهن له اثار سلبية على ابناء الشعب الكردي بشكل خاص و الوضع العراقي والاقليمي والدولي ، وستكون نتائجه عكس ما يتوقعه الزعماء الأكراد وان الضحية هو الشعب الكردي ، ويكفي من الدماء التي يراهن البعض على اراقتها



 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter