|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

 السبت  18 / 10 / 2014                                فلاح علي                                   كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

استراتيجية امريكا لمواجهة داعش ما بين غموض الاهداف والادوار
والبحث عن المصالح
(2)

فلاح علي

3- من ناحية تناقض الادوار :
المعطيات تؤكد ان داعش ليس لها عمق استراتيجي لا في سورية ولا في العراق, العمق الاستراتيجي هو للشعوب وقواها الوطنية والديمقراطية واليسارية , اما داعش فأن امكانياتها وقدراتها محدودة تنحصر في مجاميع من الارهابيين المجرمين . اذن السؤال هو من أين جاءت لها هذه القوة والقدرة على التمدد والتوسع والاستيلاء على مدن ؟ الواقع يؤكد ان قوتها تكمن في بعدها الاقليمي والدولي والدعم المتنوع الذي تحصل عليه من هذه الدول الاقليمية .

لهذا رغم القصف الجوي ان داعش تتمدد في العراق وفي سورية . ان الغموض في اهداف الاستراتيجية والتناقض في أدوار بعض دول التحالف يشكلان قيود عملية واقعية تحد من امكانية فاعلية ونجاح الاستراتيجية , فليس غريباً عندما صرح الرئيس اوباما ومسؤولين امريكان ان الحرب على داعش مفتوحة وطويلة , وبالعودة الى تناقض الادوار فأن شعوب منطقة الشرق الاوسط تدرك تماماُ ان بعض دول التحالف كان لها ادوار خلال الازمة السورية , في دعم القوى المتطرفة بما فيها داعش بكل الوسائل من الدعم المالي واللوجستي وتسهيل مرور الأرهابيين وكأن هذه الدول كانت لها وظيفة دعم الحركات المتطرفة, فهي ساهمت بشكل مباشر او غير مباشر بصناعة ظاهرة داعش وبلا شك قد نسقت معها . ان الادوار التي قامت بها بعض دول التحالف في دعم الحركات المتطرفة ومنها داعش يضعها في خانة الاتهام في دعم الارهاب . اذن كيف يتوقع منها الآن القيام بدور مصطنع في محاربة داعش ؟ فما هي الادوار المعلنه لبعض الدول في دعم الحركات المتطرفة ومنها داعش :

دور تركيا في دعم داعش والتنسيق معها :
تركيا خلال فترة الازمة السورية ومن خلال دورها في دعم التطرف لأسقاط النظام في سورية بالوسائل العسكرية فرض عليها هذا الدور في ان تكون القاعدة اللوجستية المضمونة للحركات المتطرفة مثل جبهة النصرة والجبهة الاسلامية وجند الاسلام وداعش , حيث في تركيا يتجمع مرتزقة ومجرمي هذه الحركات الارهابية المتطرفة القادمون من الخليج و المغرب العربي واوربا ومنها يدخل هؤلاء المجرمون الى سورية ، وتؤكد تقارير نقلتها وكالات انباء دخول عشرات الآلاف من المتطوعيين في حركات الاجرام الارهابية ومنها داعش من الحدود التركية الى سورية , ومن تركيا ايضاً تدخل الاسلحة والمعدات والمساعدات المالية القادمة من قطر والسعودية عبر تركيا , ان اللوجستية التركية هي الاساس في نمو قوة الحركات الارهابية ومنها داعش في سورية وتمددها الى العراق . حتى ان هذا الدعم اللوجستي والتنسيق ما بين تركيا والارهابيين اصبح علنياً .

اطرح سؤال مشروع بصدد التنسيق ما بين داعش وتركيا :
الكل يعلم ان داعش دمرت الآثار والاضرحة في سورية في المناطق التي سيطرت عليها بحجة انها مخالفة للشريعة الاسلامية ومنها ضريح عمار ابن ياسر في مدينة الرقة .
اذن السؤال هو التالي : لماذا أبقت داعش على ضريح سليمان شاه ولم تدمره ؟ الموجود في ريف الرقة بأتجاه حلب ويقال انه جد مؤسس الدولة العثمانية .
هل يعقل ان هذا الضريح لوحده لا يخالف الشريعة الاسلامية والاضرحة الاخرى والآثار تخالف الشريعة من رؤية داعش ؟

الجواب اليقين ان ابقاء الضريح هو نتيجة اتفاق وتنسيق ما بين داعش والحكومة التركية , ويقال ان هنالك حراس اتراك على الضريح في المنطقة التي تسيطر عليها داعش . اذن كيف تسمح داعش لهؤلاء الجنود في البقاء في منطقة تسيطر عليها ؟ هذه هي احدى تجليات التنسيق ما بين داعش والحكومة التركية .

وتناقلت وكالات الانباء اخبار عن ان جرحى داعش يُعالجون في المستشفيات التركية مثلما يُعالج جرحى جبهة النصرة في المستشفيات الاسرائيلية . كما تؤكد وكالات الانباء ان النفط السوري تصّدره داعش الى تركيا ، وتشتريه تركيا من داعش باسعار بخسه ، وبهذا فان تركيا تسهم في تمويل داعش . حتى نفط الموصل الذي سيطرت عليه داعش يباع في تركيا . وعندما سقطت الموصل على يد داعش لم يصدر اي بيان ادانة واستنكار من تركيا , لا بل عقدت تركيا صفقة مع داعش لأطلاق سراح 49 من رعاياها تم احتجازهم من قبل داعش في القنصلية التركية في الموصل . 

كما نقلت وكالات الانباء تصريحات لمسؤولين اكراد عراقيين ، من ان تركيا رفضت تقديم الدعم العسكري بناء على طلب حكومة اقليم كوردستان لمواجهة داعش . كما رفضت تركيا في البداية الانضمام للتحالف الدولي ، الرفض كان في مؤتمر جده ، ولكن وكالات الانباء نقلت ، ان تركيا وافقت لاحقاً في اجتماع الناتو المنعقد في مقاطعة ويلز في4 و5 ايلول 2014 كونها عضو في الناتو ومورس بلا شك ضغط عليها ,وحتى عندما وافقت على دخول التحالف يبدو انه موقف تاكتيكي يشوبه الغموض وعدم الوضوح , بسبب انها تهدف الى ابتزاز التحالف الدولي ، فهي تطالب بمنطقة آمنه على حدودها ولم تكن مندفعة لمحاربة داعش .

وتؤكد كثير من التقارير التي تنقلها وكالات انباء انه الى الآن لا تزال تركيا فاتحة حدودها لعبور داعش ومقاتليها الى الاراضي السورية مع استمرار تدفق المساعدات لهم بما فيها الللوجستية والمالية.

حسابات غير واضحة الاهداف لتركيا ولا تخلو من الخطورة :
ان تركيا رغم عدم الوضوح في دورها ما بين داعم لداعش وكونها مطالبة بدخول التحالف ضدها نجد ان لها حسابات تريد فرضها في دخولها للتحالف فهي عملت وتعمل على :
1- اسقاط النظام في سورية بالقوة العسكرية , وكأن النظام السوري يهدد مصالح الامن القومي التركي اكثر من جبهة النصرة وداعش والجبهة الاسلامية التابعة للسعودية . رغم ان تصريحات اوباما الاخيرة انه مع الحل السلمي للازمة السورية , وهذا التصريح هو احد المؤشرات العديدة التي تشير الى تراجع واشنطن عن اسقاط النظام السوري بالقوة العسكرية ودعوتها لأقامة حل سلمي للازمة السورية ومعها حلفائها الغربيين , لكن تركيا رغم تمدد داعش في العراق وسورية وبدء معركة كوباني يلاحظ انها لا تزال تعطي أولوية لأسقاط النظام السوري على حساب تمدد داعش وعدم مساعدة أهالي بلدة كوباني والمقاتلين الاكراد لغرض تمكينهم من الصمود لدحر هجوم داعش .

2- لا يفهم مطلب تركيا الغامض في هذا الظرف بأقامة منطقة آمنة على حدودها وكأنها وضعته شرط لدخول التحالف . لماذا تطالب تركيا في هذا الظرف بأقامة منطقة آمنه على حدودها مع سورية ؟ او ما هي حسابات تركيا من اقامة المنطقة الآمنة ؟ بلا شك في حسابات تركيا اهداف استراتيجية من المنطقة الآمنه رغم ان تركيا تدرك تماماً ان هكذا منطقة آمنه لا يمكن اقامتها الا بقرار من مجلس الامن , لأنها تتعارض وميثاق الامم المتحدة . ولا اعرف هل ان تركيا تريد فرض المنطقة الآمنة بالقوة رغم معارضة روسيا والصين كأعضاء في مجلس الامن اضافة الى معارضة ايران وسورية ؟ ارى في ظل توازن القوى انه لم يكن بمقدور امريكا وحلف الناتو اقامة هذه المنطقة الآمنة بدون قرار من مجلس الامن .
هل ان مطالبة تركيا بالمنطقة الآمنة هو ابتزاز سياسي لتحقيق اجندات واهداف لا تخلو من الخطورة على سيادة واستقلال سورية ؟ هل ان تركيا تهدف من المنطقة الآمنه لغرض اقامة معسكرات فيها لتدريب ما يسمى القوى المعتدلة المعادية للنظام السوري ؟ ام انها تهدف الى اعادة توطين ما يقارب من مليون لاجئ سوري في هذه المنطقة ؟ ام لغرض السيطرة على المناطق الكوردية السورية المحاذية لحدودها لأنها تخشى منهم كقوة مسلحة وتخشى من تنسيقهم مع حزب العمال التركي ؟ وتبقى وجهة تركيا للمطالبة بالمنطقة الآمنه لا تلتقي وصدق التوجه مع استراتيجية محاربة داعش .

3- في هذا الظرف الخطير لتمدد داعش في العراق وسورية وبدء هجوم داعش في منطقة كوباني لأستباحتها اتخذ البرلمان التركي قراراً خطيراً بالموافقة على مذكرة الحكومة التركية بالسماح لها بأعطاء أوامر للجيش بشن عمليات عسكرية في سورية والعراق . هنا يطرح سؤال : ما هي حسابات تركيا من هذا القرار غير واضح الاهداف ؟ انه قرارغامض ويزيد من خطورة الاوضاع المعقدة في منطقة الشرق الاوسط .
والشيئ الغريب في القرار موافقة البرلمان بالسماح لقوات اجنبية بالتواجد على الاراضي التركية المقصود هنا بالقوات الامريكية او قوات الناتو .
هنالك عدد من الدول نددت بالقرار ورفضته ، منها ايران وسورية والعراق ونددت به روسيا وهناك دول اخرى لا توافق عليه. هنا تثار بعض التساؤلات : ما هو هدف تركيا من دخول قواتها للأراضي العراقية ؟ هل هو لملاحقة مقاتلي حزب العمال التركي داخل الاراضي العراقية فيما اذا فشلت الهدنه الهشه فيما بينهما لا سيما بعد الأنذار الذي اعطاه عبد الله اوجلان بأنهاء هدنة السلام فيما بينهما اذا سقطت كوباني ؟ ام ان لتركيا اطماعاً قديمة بمدينتي الموصل وحلب وهذا احتمال صعب جداً تحقيقه ؟ ام انها ترغب في ان تكون القوة الاقليمية المحورية في منطقة الشرق الاوسط من خلال توظيف ورقة داعش؟ او تعتقد انها ستظهر خارطة جديدة لمنطقة الشرق الاوسط تكون هي المركز الاقليمي في المنطقة؟ وهذا ايضاً احتمال صعب .
وارتباطاً بخشيتها من تحرك حزب العمال التركي يلاحظ ان تركيا حسب ما نقلته وكالات الانباء غير راضية على تسليح امريكا ودول غربية لقوات البيشمركه العراقية , خشيتها من ذلك هو الخوف من انتقال بعض هذه الاسلحة الى حزب العمال التركي لا سيما اذا فشلت هدنة السلام فيما بينهما , واذا حصل تنسيق وتعاون بين حزب العمال التركي و التحالف الديمقراطي لأكراد سورية بعد دحرهم لهجوم داعش وهم قوة كبيرة ومسلحة على حدودها . فهي بلا شك لا تسمح بأن تكون هنالك قوى محلية مسلحة كأكراد سورية واكراد تركيا قد تعتبره خطراً على امنها القومي اكثر من خطر داعش .
القرار غامض واهدافه غير واضحة لا سيما ان الظرف الذي تمر به المنطقة خطير جداً .

( يتبع )


17-10-2014


- استراتيجية امريكا لمواجهة داعش ما بين غموض الاهداف والادوار والبحث عن المصالح (1)

 

 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter