| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

فرات المحسن
F_almohsen@hotmail.com

 

 

 

الجمعة 5/3/ 2010



صباح بهي نسائمه شيوعية

فرات المحسن

اليوم استيقظت عند شحيح الضوء، ليل كان مغطى بالثلج. الأبواب مغلقة والصباح بعيد المنال. سهرت حتى منتصف الليل ولكني نهضت مثل قبرة استفزتها ريح الحقول. لاسنونو يخطر في الأفق ولا حتى خطاطيف تخرق سكون الليل الموحش. كل شيء يكتنفه الهدوء وتلتاع فيه الهواجس.

جارتي العجوز أيقضها كلبها فراحت معه تغرز أقدامها المتعبة في تلال الثلج.

صباح معافى وجميل سيدتي الرائعة. ولكن زجاج النافذة كان سميكا وثقيلا. مساء الخير أيها الكلب الصغير النطاط. ولكن الطوق كان يشده دون فكاك.

دروب الرب تضاء الساعة في بغداد وأنا أرطن معها شغفا من بعد ألاف وآلاف. ولكنها قريبة جدا لقلبي لا يفصلني عنها غير زجاج النافذة وثلج تكومت نتفه فوق حوافها. الليل والغابة والثلج وسيدتي كانت سلوتي وسروري فاليوم هو الخامس من آذار. وأنى على موعد مع الوفاء بوعدي. وفاء لمن علمني تهجي الحروف وأرشدني لتملي الألوان وبروقها، وعلمني أن نشيج الريح حتما سيدر مطرا غزيرا.. فلا تبتأس. وأن البيادر بغلتها هي زرع الناس وصبرهم.

وفاء لمدرستي وتلك اللوحة التي خطت أناملي فوقها أول الشعارات. وفاء لأصاحب غابوا عني دون أن أقبل جباههم النيرة. عليَّ أن أنتصر وأملي إرادتي.

عليَّ أن أوفي بوعدي لكل تلك الحروف والدفاتر والكتب التي تملتها عيني وعب منها قلبي فباتت مثل قطرات دم تجوب شرايني. لذا سهرت، لذا توجعت وكان بضع من صحبة يعرفون سبب ألمي وما يوجع قلبي ويقلقني. خفت أن تنهمر دموعي وأقعد متحسرا وأصاب بكل ضيم الدنيا ولوعتها، أن لم أوفي بعهدي الذي بدأت به صبيا. خفت من أربع عجاف ربما تجعلني أتحسر فيها وأود أن أقطع إصبعي المغمس باللون البنفسجي لأنه انزلق في الدروب وتاه وأضاع عليَّ حفيف الفراشات وعطر الرياحين. أربع سنوات قادمات كانت ستكلم قلبي أن لم أوفي بوعدي وأعطي صوتي لتأريخي وتراث أهلي وكل الذين عشقت فيهم البسالة وتلمستها حبات من مودة فاض بها قلبي.

سهرت وكلي قلق وضجر فتوسلت أن لا يطول الليل، أن لا تضيع الشمس موعدها، فترقبتها وشغفت بشروقها. وحين فرشت أشعتها كنت عجولا مرتبكا. لملمت أوراق تثبت أني فرات أبن ذاك الفرات الذي مست قلبه نسائم دجلة فما زاغ عن فؤاده يوما كل ذلك العشق ولا كلم فيه الشوق.

وأخيرا ناضلت واستجمعت قواي وكل خزين الروح واستنهضت أهلي وصحبي وأزقة مدينتي ووصايا دفاتري وموشحات الحب وشموس كنت ارقبها وناديت أصحابي، أن أنهضوا من لحودكم فقد نودينا والساعة ساعة لا كما باقي الساعات وأنتم راياتنا الخالدات وعلى هداكم نسير.

ووفاء للعهد ولكل اشراقة صبح وطلعة بهية ومَعلم ودرب سرت فيه وعلمني أن الهزيمة لا وجود لها في قاموس تلك الأرواح والانتصار له وثبات ومسير لا يكل. لكل هذا وذاك دونت في دفاتري مرة أخرى (( رقم 363 اتحاد الشعب )) وطليت إصبعي باللون البنفسجي وخرجت مثل عصفور لملم غلة ليطعم بها فراخه لأربع قادمات. لقد انتصرت ووضعت إصبعي في الموقع الصحيح.





 

free web counter