| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

فرات المحسن
F_almohsen@hotmail.com

 

 

 

                                                                الأثنين  5 / 8 / 2013



نوري المالكي يستعير تجربة نوري السعيد

فرات المحسن 

لغرض خوض الانتخابات النيابية العراقية في سنة 1954 شكلت بعض القوى الوطنية تحالفا جبهويا شارك في الانتخابات النيابية آنذاك، على عهد وزارة أرشد العمري، وأطلقت على ذلك التحالف تسمية الجبهة الوطنية المتحدة، وكانت الجبهة خليطا من اليساريين واللبراليين والقوميين العروبيين وبعض المستقلين وقد أسفرت نتائج الانتخابات النيابية عن فوز عدد من أقطاب تلك الجبهة الوطنية رغم التدخل الحكومي السافر والتزوير الكبير الذي أنتابها وقصر مدة التحضير للانتخابات ومنع الجبهة الوطنية وقواها ومرشحيها من القيام بالدعاية الانتخابية أو الاتصال بالجماهير والترويج للقائمة. وبالرغم من قلة عدد من فازوا من مثلي قائمة الجبهة المتحدة وكذلك بعض المستقلين ( عشرة مقاعد ) فقد شكل ذلك الفوز وقتذاك هاجس رعب حقيقي للإدارة البريطانية وسلطة العهد الملكي ممثلة بقطبيها ولي العهد عبد آله ونوري السعيد، فقد أعلنت تلك الإدارة وبكل وقاحة وصلف بأن ذلك العدد على ضآلته سوف يثير لها العديد من المشاكل والتحديات ويمكن له أن يستقطب الجماهير الشعبية ويرفع صوت مطالبها ويمكن لهذه القلة من النواب الوطنيين أن تقف حائلا في وجه مشروع السلطة الذاهب لعقد حلف بغداد الاستعماري، لذا سارعت تلك الأقطاب بمساندة من الإدارة البريطانية بإصدار الأمر الملكي بحل وزارة أرشد العمري وتكليف نوري السعيد بتشكيل وزارة جديدة كان من أولى مهامها حل مجلس النواب وإجراء انتخابات جديدة وفق شروطه وتحت إشرافه وبأيدي أعوانه من المرتزقة، لقد هاب نوري السعيد أصوات النواب العشرة وأدرك أن هؤلاء سوف لن يكونوا أبواقا له لا بل يبقون خصوما يتحدون مسيرته العرجاء وأسلوب عمله وارتزاقه وعمالته لبريطانيا.

اليوم يعيد التأريخ ذات الدور ولكن على يد شخص أخر، من غرائب الصدف أن يحمل ذات الاسم والكثير من ملامح شخصية نوري السعيد . فإن كان للمرحوم نوري السعيد عشق غير طبيعي لا بل شهية لا تمل ولاتكل ولا تشبع لتولي كرسي السلطة ونسج المؤامرات لخصومه ومناوئيه لأبعادهم عن طريقه فإن السيد نوري المالكي يبدو للمتابع أنه يحمل ذات الصفات التي أمتلكها نوري السعيد في هذا السلوك أي الوله بالكرسي ونسج المؤامرات لمخالفيه. فبالرغم من المجازر اليومية التي ترتكبها المليشيات المتحالفة معه أو التابعة لأصدقائه وشركائه أو لخصومه من الأطراف المشاركة في العملية السياسية أو قوى الإرهاب الممثلة بحزب البعث وحلفائه من تنظيمات القاعدة، وبالرغم من الوضع المزري للخدمات والبنى التحتية وارتفاع أصوات الاحتجاجات على سياسته وانتشار التظاهرات في أغلب مناطق العراق نجد المالكي يصم أذنيه ويغلق عينيه عن تلك الوقائع والأحداث متشبث بالكرسي عاشق له حدث الثمالة .

في واحدة من تجليات ذلك التشابه أو الاستنساخ السلوكي من قبل رئيس وزراء العراق الحالي نوري المالكي والمشابه لموقف رئيس وزراء العهد الملكي نوري السعيد. ذلك الموقف من نتائج انتخابات مجالس المحافظات الأخيرة، فالهواجس المربكة المتطيرة والخوف على الكرسي والرعب من الشارع بات يسيطر على نوري المالكي ويثير فيه عوامل قلق وفزع حقيقيين لم يعد يستطيع إخفائها ومثله يفعل رئيس البرلمان النجيفي لا بل جميع الذين يشاركون في إدارة السلطة في العراق. فما أسفرت عنه انتخابات مجالس المحافظات وبالرغم من العدد الضئيل الذي لا يتجاوز الأحد عشر نائبا من أعضاء التيار الديمقراطي من الذين فازوا بمقاعد منفردة في بعض محافظات العراق فأن هذا الملح على بساطته هز بقوة عقول السادة من رجال السلطة وقض مضاجعهم وآرق نومهم وفي المقدمة منهم نوري المالكي الذي أدرك بأن الدورات الانتخابية القادمة سوف تجلب له صداعا شديدا لا بل رعبا مؤكدا لو استمرت العملية الانتخابية تجري وفق ما يسمى بنظام الدائرة المفتوحة والتمثيل النسبي واعتماد نظام سانت ليغو. هذا الموقف المتطير المتشنج جعل السيد المالكي يرغي ويزبد داعيا لتغيير قواعد الانتخابات بما يضمن سرقة الأصوات لصالح حزبه وحلفائه الذين أصبحوا جوقا موسيقيا واحدا يردد ذات النغمة التي يصر السيد نوري المالكي وزملاؤه على أن تكون هي النشيد الأوحد للجوقة المسؤولة عن إدارة العملية الانتخابية وللقوائم المنتقاة وفق مشاريع سرقة خيارات الشعب مثلما تسرق أمواله وتقتل أمانيه في دولة ديمقراطية وحياة حرة كريمة .

نوري المالكي يستنسخ شخصية شبيهه المرحوم نوري السعيد فهو اليوم مستفز وخائف يرتجف هلعا إن أستمر حساب الأصوات وفق نظام سانت ليغو فخسائره الأخيرة هزت عرشه وبات قاب قوسين وأدنى من خسارة الكثير من الأصوات والمقاعد ليس لصالح خصومه فقط وإنما لصالح الفرق الأخرى المنافسة له من حلفائه في العملية السياسية، وربما فوز شخصيات وطنية ديمقراطية وحصولها على مقاعد في البرلمان خلال الانتخابات القادمة سوف يكون كارثة حقيقية لنوري المالكي ورفاقه.






 

free web counter