| الناس | المقالات | الثقافية | ذكريات | المكتبة | كتّاب الناس |
الأحد 26 / 5 / 2024 حازم كوي كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس
تجارة الأسلحة تزدهر بفضل الحرب والأزمات
ترجمة وإعداد:حازم كويي
(موقع الناس)تعمل التوترات العالمية المتزايدة على تحفيز تجارة صادرات وواردات الأسلحة. إذا تغير تمويل حلف الناتو،فمن الممكن توقع الدفعة التالية.
وعندما فتحت الحدود في برلين في تشرين الثاني 1989 ومنها أعلنت نهاية الاشتراكية الحقيقية، أنتهت الحرب الباردة أيضاً. ولم ينخفض الإنفاق الدفاعي فحسب، بل أنخفضت أيضاً مبيعات الأسلحة عبر الحدود. عام 2002، كانت في أدنى مستوياتها، لم تتجاوز نصف ما كانت عليه قبل 20 عاماً. ووفقا للأرقام الصادرة عن معهد ستوكهولم لأبحاث السلام (Sipri)، فإن التجارة الدولية في المعدات العسكرية بدأت تنمو مرة أخرى في جميع أنحاء العالم منذ ذلك الحين، وإن كان ذلك بشكل غير متساو تماماً من سنة إلى أخرى.
وقد وصل بالفعل إلى مستوى عام 1990 مرة أخرى. في عام 2021 تجاوز حاجز 2 تريليون دولار لأول مرة. وبحسب آخر الأرقام (2022) بلغت 2.24 تريليون دولار أمريكي.
منذ الغزو الروسي لأوكرانيا في عام 2022، أصبحت موجة التسلح من بداية عام 2000 الى عام2010، كحقبة جديدة من التسلح. ومع ذلك، سيكون الحديث مضللاً عن سباق تسلح عالمي جديد باستخدام جميع الوسائل الممكنة. فالتسلح موزع بشكل غير متساو على مستوى العالم. الأرقام الأخيرة متناقضة، حيث أنخفض حجم الصادرات العالمية بشكل طفيف بنسبة 3.3 في المائة بين فترتي السنوات الخمس من 2014 إلى 2018 ومن 2019 إلى 2023: أنخفضت واردات الأسلحة إلى أفريقيا بنسبة 52% في المائة، وبنسبة 19% إلى أمريكا اللاتينية، 12% إلى آسيا وأوقيانوسيا، وأيضاً 12% الى الشرق الأوسط.
هناك عدد قليل من الدول التي تقوم بتسليح نفسها بقوة خاصة. وتضاعفت واردات الأسلحة إلى أوروبا تقريباً من الفترة من 2014 إلى 2018، والفترة من 2019 إلى 2023، بزيادة قدرها 97%. واستفادت الولايات المتحدة من هذه المشتريات وأرتفعت الحصة من 35% إلى 55%. وتُظهر حُصص التصدير في مدى هيمنة هذا الوضع: إذ لا تمثل فرنسا وألمانيا مجتمعتين سوى 11% من سوق الاتحاد الأوروبي للمُعدات الدفاعية.
وقد عوضت هذه الزيادة تقريباً إنخفاض الطلب في مناطق أخرى من العالم. ومن اللافت للنظر أن اليابان، حليفة الولايات المتحدة، زادت أيضاً وارداتها من الأسلحة بنسبة 155%. كما قامت قطر، المتحالفة مع الغرب، بزيادة وارداتها من الأسلحة بشكل كبير بنسبة 396%.
لكن التغيير الأكبر حدث في أوكرانيا، فبينما كانت البلاد لا تزال في المرتبة 63 عالمياً بين المستوردين في عام 2021، إلا انها أحتلت المرتبة الثالثة بعد قطر والهند منذ عام 2023 بعد الغزو الروسي عام 2022.
إن "تقاسم الأعباء" الذي تحث الولايات المتحدة، الدول الأوروبية في حلف شمال الأطلسي على القيام به يهدف إلى إعطاء دفعة جديدة لتجارة الأسلحة الدولية. وتريد الدول الأعضاء في حلف شمال الأطلسي الآن إنفاق ما لا يقل عن 2% من ناتجها المحلي الإجمالي على التسلح. 20 % منه يجب أن تتدفق إلى شراء وتطوير أنظمة أسلحة جديدة. وتبلغ الفجوة بين الالتزامات والإنفاق الفعلي نحو 54 مليار يورو عام 2023. وفي عام 2021، كان لا يزال 66 مليار يورو، وبالتالي فإن الفارق قد أنخفض قليلا.
كما تم الاتفاق على ألا يكون أي عضو في الناتو مسؤولاً عن أكثر من 50 % من إجمالي الإنفاق على الأسلحة. بعد ذلك، وإستناداً إلى الإنفاق العسكري لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مع الحصة الأمريكية البالغة 70 % وحسب أرقام عام 2023، سيتعين إعادة توزيع حوالي 213 مليار دولار في الميزانية.
هذا الجانب من تمويل الأسلحة لا تتم مناقشته في الرأي العام السياسي في الولايات المتحدة أيضاً. لكن أي إعادة هيكلة للتمويل المالي لحلف شمال الأطلسي من شأنها أن تؤدي أيضاً إلى توسع كبير في تدفقات الأسلحة، حيث لا تستطيع العديد من البلدان تلبية المتطلبات الجديدة من خلال الإنتاج المحلي وتضطر الى الشراء من الخارج.
المستفيدون من دوامة الاسلحة الجديدة هم شركات الأسلحة العالمية،ويتوقع مزود خدمات المعلومات العالمية “مورنينغ ستار” أن المبيعات التراكمية لأكبر ست شركات مدرجة في هذه الصناعة، وجميعها من الولايات المتحدة الأمريكية، سترتفع بنحو سبعة بالمئة سنوياً بين عامي 2022 و2025.
وكان سعر سهم أكبر شركة ألمانية لصناعة الأسلحة، راين ميتال، لا يزال عند 90 يورو في بداية فبراير 2022، لكنه في منتصف مارس 2024 كان يقترب من علامة 500 يورو.
وروسيا هي الخاسر في هذا التطور برمته. ولم يعد لدى معهد ستوكهولم لإبحاث السلام (Sipri) بيانات دقيقة عن إنتاج أسلحة الدفاع الروسي، لكنه يقدر الحصة السوقية العالمية للمُصنعين الروس في قائمة أكبر 100 شركة تكنولوجيا في العالم لعام 2022 بنسبة 3.5 %، مقارنة بـ 5.1% في عام 2019، حين كانت الأرقام لا تزال منشورة في روسيا. للمقارنة: في عام 2022، شكلت الشركات في بقية أوروبا 20 %، وتلك الموجودة في الولايات المتحدة 51% وفي الصين 18%.
بالنسبة لصادرات روسيا، فالأرقام مُتاحة من الدول المُتلقية. وهناك إنخفضت حصتها في السوق العالمية بشكل كبير من %21 إلى %11 بين عامي2022 إلى 2023.
في عام 2019، كانت روسيا لاتزال تسلم شحناتها إلى 31 دولة، وفي عام 2023 أنخفضت الى 12 دولة فقط. وبمقارنة الفترتين من 2014 إلى 2018 ومن 2019 إلى 2023، أنخفضت الصادرات إلى الهند، التي لا تزال أكبر مُشترٍ لروسيا، بنسبة %34، وللصين بنسبة 39% ولمصر بنسبة 54%. ولكون روسيا تحتاج الآن إلى الأسلحة التي تنتجها بنفسها،ولإن العقوبات تمنعها أيضاً من بيعها، فمن المرجح أن يزداد هذا التحول بشكل كبير في السنوات القليلة المقبلة.