| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

إحسان جواد كاظم

 

 

 

                                                                 الأثنين 13/ 5/ 2013



صحة فخامته لاغبار عليها !

إحسان جواد كاظم

" صحتي لاغبار عليها" هكذا أجاب المقبور صدام حسين على سؤال أحد الصحفيين الاجانب نفيا للاشاعات باعتلال صحته ولنفس السبب وبنفس المعنى سارع المقربون من الرئيس الطالباني الذي يتلقى العلاج في المانيا منذ كانون الاول الماضي الى نفي خبر وفاته الذي اوردته مصادر اعلامية.

ان وفاة الرئيس جلال الطالباني الذي ناهز عمره الثمانين, ستكون لها تداعيات خطيرة على الاوضاع السياسية في البلاد. فرغم الطابع الشرفي لرئاسة الجمهورية فان شخص جلال الطالباني يشكل عامل توازن نسبي بين القوى السياسية المتناحرة. لاسيما وان تسنمه لهذا المنصب جاء ضمن منظومة توازن توافقي ( خارج اطار الدستور ) بين اطراف المحاصصة السياسية واحزابها المتنفذة, لذا فان الاخلال بها لأي سبب من الاسباب , حتى لوكان لاسباب طبيعية كالموت, ستفتح ابوابا جديدة للصراع على مراكز القوى والمصالح, شعبنا وبلادنا في غنى عنها.

ولابد وان ائتلاف نوري المالكي ونائب رئيس الجمهورية خضير الخزاعي, عضو هذا الائتلاف, الذي استلم مهام الرئاسة بسبب مرض الرئيس الطالباني وسفره الى الخارج للعلاج ثم هرب النائب الاول لرئيس الجمهورية طارق الهاشمي الى خارج البلاد بعد ادانته بدعم الارهاب, لا يرغبان ان " ينطوها". فوجود السيد الخزاعي على رأس مؤسسة الرئاسة جنب رئيس الوزراء نوري المالكي, على الأقل, مصدرا من مصادر الأزعاج له التي تعج بها الساحة السياسية العراقية, فالخلافات والمشاحنات وخلق الازمات سمة غالبة في العلاقة بين القوى المتنفذة في الحكم. كما ان صراع مراكزالنفوذ في الدولة المتمثلة برئاسة الوزراء ومجلس النواب وقوى سياسية متنفذة على جني مكاسب فئوية لها, اصبح محور وجودها وضمانة استمرارها في الحكم, والتي قد يكون اشغال موقع رئاسة الجمهورية احد مطامعها. اضافة الى تنامي مشاعر التذمر الشعبي من الأداء الحكومي وفشله في مجال الخدمات وحماية الحريات العامة, ثم ما شكلته اعتصامات مناطق البلاد الغربية والشمالية من مصدر ضغط وعدم استقرار.

وكذلك الأمر بالنسبة لأقليم كردستان, فان وفاة الرئيس الطالباني سيكون لها تأثيراتها الكبيرة على توازنات القوى فيه وانعكاساتها بالتالي على واقع الحكم وطبيعته التعددية, لاسيما بعد تراجع دور حزب الرئيس, الاتحاد الوطني الكردستاني بسبب الانشقاقات في صفوفه وتنامي دور حزب رئيس الأقليم مسعود البارازاني, الحزب الديمقراطي الكردستاني ومطامحه في تمثيل الكرد العراقيين منفردا, رغم وجود معارضة خجولة من كتلة تغيير واحزاب اسلامية.

لقد كان تهرب القوى المتنفذة من استحقاق بناء دولة مدنية وارساء أساسها على قاعدة مؤسساتية صلبة بتسابقهم على تحاصص المجتمع والدولة, احد الاسباب الرئيسية في هشاشة الوضع العام في البلاد واحتمالات انحدارها نحو التقسيم. فقد كان الالتفاف على بنود الدستور , الذي وضعوه بأنفسهم, بل خرقها ممارسة يومية طبيعية في نشاطهم السياسي وعملهم الأداري في مرافق الدولة, ابتداءا من عدم اقرار الكثير من القوانين المتعلقة ببنود محددة في الدستور, مرورا برفض اقرار قوانين مهمة تمس حياة الناس وحقوقهم كقانون النفط والغاز وقانون انتخابات منصف اضافة الى احصاء سكاني واقرار قانون الاحزاب السياسية..., ثم أستمرار العمل بقوانين موروثة من مجلس قيادة الثورة البائد, هذا غير محاولات الغاء ومصادرة الحقوق المدنية والشخصية كقانون الاحوال الشخصية وحق التنظيم النقابي والمهني وغيرها المتعلقة بالثقافة والفنون.

تحيلنا الاخبار المتناقضة حول وضع الرئيس الصحي الى المشكلة القديمة الجديدة, المتمثلة بالثغرات الدستورية التي تعتور قانون الدولة الاساسي وضرورة اعتماد صياغة قانونية دقيقة تردم هذه الثغرات وتحرره من مطاطيته التي أتاحت لذوي الأجندات الخاصة تمريرها على حساب المواطن. كما تفرض علينا ضرورة التفكير بمرحلة ما بعد الرئيس الطالباني, فالآلهة فقط لاتموت, وبقاء منصب رئيس الجمهورية شاغرا لكل هذه الفترة الطويلة غير مبرر, خصوصا وان الدستور يؤكد على وجوب انتخاب رئيس جديد للبلاد بعد مرور 30 يوما من بقاء المنصب شاغرا لأي سبب كان( المادة 73 ). بينما يبرر اصحاب السلطة تجميد العمل في هذه الفقرة كل هذا الوقت بعدم وجود تفصيل واضح لأسباب الغياب.

مسؤول الجهاز الطبي المكلف بعلاج الرئيس وعد الشعب الكردي وليس الشعب العراقي ببشرى سارة عند عودته من زيارة الرئيس الطالباني في المانيا ! هل ياترى ستكون عودة الرئيس معافى بقوة شاب عشريني, أم ربما ستجرى عملية اعادة استنساخه جينيا؟



 

free web counter