| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

إحسان جواد كاظم

 

 

 

                                                                              الجمعة 29/ 6/ 2012



السقوط عن صهوة اللسان

إحسان جواد كاظم

قالوها في الامثال: لسانك حصانك... والسقوط عن صهوته باطلاق الكلام على عواهنه تترتب عليه تبعات خطيرة فيما لو كان الساقط مسؤولا سياسيا.

فسقطاتهم الكلامية ليست مجرد زلة لسان يمكن تمريرها, خصوصا في بلد كالعراق حيث الظروف المعقدة على كل المستويات. فهي تؤدي الى اختلال امني ومعاناة اجتماعية واستمرار حالة ركود الاقتصاد وقلة الخدمات واستفحال التطرف واستقواء العصابات الارهابية... والذي يدفع فاتورة تصريحاتهم غير المتعقلة هو المواطن البسيط من امنه واستقراره.

ان الضغط النفسي والتشنجات العصبية للمتنفذين بسبب قلقهم من فقدان امتيازاتهم واحتدام صراعاتهم لجني المزيد من الغنائم ومضاعفة ما بحوزتهم ثم ضغط الاحتجاج الشعبي بسبب تخلف الخدمات والبطالة وتقييد الحريات, تفعل فعلها, ويسقطهم حدة المزاج في لجة الخطأ ويتبنون خطابا متشنجا للرد على منافسيهم يجافي المنطق والاقناع بالحجج.

وقد اوقعهم عدم الالتزام باصول النقاش والمحاججة بمآزق مع الآخرين من خصوم سياسيين ورأي عام , بما يتضمنه من مواطنين ومثقفين وصحافة ومنظمات مجتمع مدني واحيانا مع القضاء. وغالبا ماتعبر فلتات اللسان هذه عن دواخل هذا السياسي وامانيه المكبوتة وخططه المستقبلية المتعارضة مع الصالح العام والدستور وحقوق الافراد وحتى الاعراف.

وقد كان اكثر التصريحات المفتقدة للذكاء, ما نشرته وسائل الاعلام عن النائب في مجلس النواب عباس البياتي عن عزم ائتلافه الائتلاف الوطني على استنساخ رئيس الوزراء نوري المالكي جينيا والتي اساءت للمالكي واحرجته قبل ان تحرج قائلها الذي اصبح موضع تندر. لقد عبر السيد النائب عن رغبة دفينة بفرض نوري المالكي وابقاءه على دست الحكم رغم ان الدستور العراقي يقر بالتدول السلمي للسلطة.

ولم يكن نوري المالكي ذاته بمنأى عن فلتة لسان يناقض فيها نفس البند الدستوري المتعلق بالتداول السلمي للسلطة بتصريحه امام جمع من مؤيديه: " هو يكدر واحد ياخذها ( يعني السلطة ) حتى ننطيها بعد ؟ ".

وعلى الضد من ذلك صادر مقتدى الصدر حق مواطن عراقي اسمه نوري المالكي, بسبب الاختلاف السياسي, في تبوء مركز رئيس حكومة بتصريحه: " ان سحب الثقة عن المالكي مشروع الهي". وهذا ايضا تجاوز على الدستور الذي يقر بتكافؤ الفرص لكل المواطنين. ثم باتباعه بتصريح آخر: " بان سحب الثقة عن المالكي كالوضوء السابق للصلاة ". واعطى بذلك مغزى دينيا لعملية اسقاط المالكي ولصراعهم السياسي الدنيوي واغلق الابواب امامه. ان هذا يتناقض مع ما بدأ يطرحه الصدر اخيرا من اهداف لبناء عراق يضم الجميع ويضمن حقوق كل العراقيين كأي نظام مدني يتنجس السيد من تسميته بأسمه صراحة.

ومن ينسى التحدي الذي قذف به رئيس اقليم كردستان مسعود البارازاني بوجه متظاهري ساحة آزادي الكرد في مدينة السليمانية, والذي كان فلتة من فلتات لسانه, والتي اعتقد انه والمحيطين به تمنوا ان لايكون قد وقع بها, باختبار قدرتهم على جمع خمسين الف توقيع يدعوه للتنحي عن رئاسة الاقليم ولكن شباب الاقليم لم يكذبوا خبرا وفعلوها, وجمعوا اضعاف العدد المطلوب من التواقيع .

ومن السقطات الكلامية الشبيهة بالانتحار السياسي كان اعتراف اياد علاوي رئيس القائمة العراقية بعظمة لسانه في لقاء صحفي بعلاقته مع اجهزة مخابرات لدول اجنبية متعددة.

لم تكن لهفواتهم وسقطاتهم الكلامية اية قيمة ولم تكن لتثير الانتباه كثيرا لولا انها تتسبب في فقدان الكثير من ابناء شعبنا لحيواتهم وامنهم وحرياتهم نتيجة صراعاتهم العبثية.

وهذا مجرد غيض من فيض.




 

 

free web counter