| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

إحسان جواد كاظم

 

 

 

 

الأحد 3/6/ 2007

 

كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس


 

اسماء المحافظات...
والشهيد فارس الأعسم

 

احسان جواد كاظم

منذ اليوم الاول لسقوط نظام الدكتاتورية في بغداد, شرعت القوى الدينية باطلاق تسمياتها الخاصة على الشوارع والساحات والمستشفيات...حتى وصل حد تغيير اسماء مدن مليونية بما يحلو لهم بدون الالتفات الى الرمزية التاريخية لهذه التسميات وموقعها العاطفي لدى ملايين العراقيين, في تقليد ساذج لرأس النظام البائد الذي اطلق اسمه على مستشفيات ومدن واحياء وجوامع... فمدينة الثورة اصبحت مدينة صدام وظهرت صدامية الكرخ وصدامية العامرية وجامع صدام الكبير ومستشفى صدام المركزي... حتى حلبجة اسماها صدامية حلبجة ليكون تدنيسها تاما, وكأنه لم يكفها قتل سكانها الابرياء بسلاحه الكيمياوي.
والآن تجري مناقشات في بعض مجالس المحافظات لأعادة النظر في تسمياتها وبموافقة من مجلس الوزراء بحجة ان النظام السابق هو من اطلق هذه التسميات, بدون النظر الى تطابق هذه التسميات مع تاريخية المكان, الذي اكدته كتابات واخبار الاولين والآخرين. وان من اقترح هذه التسميات كبابل وذي قار وميسان وواسط ودهوك... هم اساتذة وعلماء ومثقفين وليس عفلق او صدام او ناظم كزار.
ان حكومة المالكي لم تحل القضايا المهمة ولكنها تفتح كل يوم ابوابا جديدة عليها , تثير عواصف جدل ومشاكل هي في غنى عنها. فالسماح لمجالس المحافظات تغيير اسماء محافظاتها, لابد وان يكون قد تم بضغط سياسي من قبل قوى التسلط التي تستعجل الحصول على امتيازات, مادية ومعنوية, جديدة لأحزابها الطائفية على حساب عموم المواطنين وتؤدي الى تراجع الثقة بحكومته. فلا يمكن ان تخضع تغيير تسميات المحافظات والمدن والشوارع لرغبات فردية لجهات مسيطرة على مجلس هذه المحافظة او تلك, بل يجب ان يسن قانون ينظم ذلك, فهي مسألة تخص كل العراقيين. فليس من المعقول تغيير اسم محافظة ما كلما تغير الفائزين في الانتخابات البلدية فيها.
وقد شهدنا قتال ميليشيات شيعية في مدينة الشعلة في بغداد بسبب اختلافهم على تسمية احدى مستشفياتها او فرض ارهابيي القاعدة تسميات كريهة على مدن عراقية مثل قندهار ويثرب. ان غياب القانون وضعف السلطة هو مايشجع هذه القوى على تحدي ارادة العراقيين.
ان مهام بلديات المدن لاينحصر في شق الطرق ورصفها وتشجيرها وتوصيل خدمات الماء والكهرباء بل عليها تخطيطها وتسمية شوارعها فقط وتثبيت لوحات الدلالة لأسماء المدن والشوارع والساحات على الطرق الداخلية والخارجية لتسهيل تنقل المواطنين. وان تهيئة هذه اللوحات وتحديد اماكن وضعها ودفع تكاليفها العالية مهمة مؤسسات الدولة وليست اية جهة اخرى. وقد لايفقه البعض من الداعين لتغيير التسميات, التكاليف الاخرى غير الظاهرة التي تدفعها اجهزة ودوائر الدولة واصحاب المصالح الخاصة...فان عليها تغيير عناوينها على اعلاناتها وعلى اوراقها الرسمية واختامها... الخ.
ولحسن الحظ ربما , ان النظام البائد منع طبع خرائط للمدن العراقية باعتبارها سر من اسرار الدولة وليس كما هو معمول به في العالم المتحضر, والأ لكنا امام معضلة جديدة ؛ اي تسمية نختار لهذا الشارع وتلك الساحة, وهل ينبغي علينا حلها ايضا محاصصة ؟
اتذكر في سبعينيات القرن الماضي, كان صديقي فارس الأعسم يأتي من بغداد الجديدة حيث يسكن لزيارة عمه وجارنا, استاذنا الكبير عبد المنعم الأعسم في مدينة الحرية. وكنا نتحدث عن الاوضاع السياسية وكان كلانا عضوين عاملين في اتحاد الطلبة العام السري. فسرد علي حادثة طريفة له مع اعضاء اتحاد حزب السلطة, اضحكني بها , فقد استدعوه للاستجواب في غرفة الاتحاد الوطني في ثانويته لمعرفة سبب رفضه المستمر للانتماء لأتحادهم. وبعد نقاش طويل سأله احدهم : ماهي برأيك اهم انجازات البعث ؟ وكان يتوقع ان يجيبه, قانون النفط اوالحكم الذاتي لكردستان , لكنه اجابه : بان اهم انجازات البعث هي تغيير اسم الألوية الى محافظات, في تهكم واضح منهم.
بعد سقوط النظام , سمعت بان فارس الأعسم كان من انشط وأكفأ مهندسي امانة العاصمة. فقد كان في سباق مع الزمن لبناء بغداده الحبيبة. لكن يد الغدر لم تمهله. فقد كانت لأحلامه بالمرصاد فسقط شهيدا.
- انما يملك التراب شهيده. ( الزبيري )