|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

السبت  4  / 4 / 2015                                 احسان جواد كاظم                                   كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

أمل التغيير بين رحى المحاصصة وسندان الرياء السياسي

احسان جواد كاظم

اشاعت انتصارات عملية " لبيك يا رسول الله" للقضاء على الدولة الاسلامية بارقة أمل لدى مواطنينا بأنقشاع غمة داعش الظلامية عن سماء وطننا, والقيام بمراجعة شاملة لأسباب هذا الاختراق الذي وضع الوطن العراقي على شفا الانهياروالتمزق.

وقد كان الانجاز الاكبر الذي احرزته العملية هو وحدة الصف والتلاحم الشعبي المنقطع النظير في رفض شرعة داعش وهمجيتها والوقوف وراء قواتنا المسلحة وقوات المتطوعين والبيشمركه في سحقها لمجرمي الدولة المارقة, والذي ابعد مشاريع التفتيت الطائفي للمجتمع العراقي. اضافة الى دعوات مرجعية السيد السيستاني, بالخصوص, للجميع بنبذ الفرقة والتوجه لحماية الوطن من دنس داعش ثم التآلف السياسي بين قوى المحاصصة المستقتلة على جني المنافع والامتيازات, الذي افرزه اختيار الدكتور حيدر العبادي بشخصيته الهادئة واجراءاته العملية في اضفاء شيء من الثقة بين فرقاء العملية السياسية, جعل امكانية الانتصار على داعش ممكنة. لكن القوى المهيمنة على السلطة تأبى على نفسها, حتى في هذه الظروف, الخروج من مستنقع المحاصصة الآسن رغم ادعاءاتها الكاذبة بالتراجع عن نهجها, وبعد كل ما جلبه هذا النهج من مصائب ومحن على البلاد ومواطنيها خلال اثنتي عشر سنة عجاف ابتداءاً من تفتيت بنية المجتمع العراقي مرورا بالازمة الاقتصادية والفساد الاداري والسياسي والمالي وسياسة نهب المال العام واهدار مقدرات البلاد, ثم الانهزام المريع امام عصابة الدولة الاسلامية وخسارة ثلث اراضي البلاد لصالحها, وتبعات ذلك الكارثية. فهذه القوى تصر على اتباع نهج المحاصصة الطائفية- العرقية البغيض, بسعيها لتوزيع مقاعد الهيئات المستقلة التي تعد ب 31 هيئة (منها المحكمة العليا, البنك المركزي, هيئة النزاهة, المفوضية العليا للانتخابات, هيئة البث والارسال....) فيما بينها تحاصصياً.

وبعد التجربة المريرة التي عشناها مع المحاصصة الطائفية- العرقية, لا يغيب عن بال احد اهمية استقلالية هذه الهيئات, لبناء دولة ديمقراطية حديثة, تضمن حقوق مواطنيها وحرياتهم ويصبح تكافؤ الفرص بينهم نهجاً خالصاً, لضمان العدالة الاجتماعية ولتلغي كل الامتيازات غير المشروعة لفئات دون غيرها.

لقد عبرت ردود الفعل العصابية التي صدرت عن هذه الجهات بسبب قرار رئيس الوزراء العبادي بتعيين امين عاصمة جديد لايخضع لمقاييسها الفئوية التقسيمية, بأستبدال امين العاصمة المحاصصي الفاشل نعيم عبعوب بالسيدة ذكرى علوش, المستقلة سياسياً, والتي تتمتع بكفاءة مهنية عالية ونزاهة, عن حقيقة رفضهم المرآئي للمحاصصة. مما ادى الى تعيينها بالوكالة ثم مماطلة تلك الجهات في تسليم الدائرة لأمين العاصمة الجديد الا بعد صدور قرار حكومي قاطع برفع يد الأمين السابق للعاصمة عنها.

ولم يقف حد ريائهم السياسي عند حدود شتم المحاصصة ثم التمسك بنهجها الفاسد بل انهم يحاولون ركوب الموجة من خلال طرح انفسهم كرعاة رؤومين لمصالح الوطن من خلال زيارات رموزهم الاستعراضية لجبهات القتال ومهاجمة كل نقد بناء يهدف الى تحجيم كل اجراء انفعالي غير مبرر قد تقوم به القوى المقاتلة لداعش, واتهامهم المنتقدين بالخيانة والمطالبة بتجريمهم رغم ان سياساتهم الخائبة هي التي كانت السبب في وصول الامور الى ما وصلت اليه اليوم, واجبرت جموع شبابنا الى امتشاق السلاح لمحاربة طغيان داعش. وقد حدثت بعض التجاوزات التي انبرت المرجعية الشيعية العليا الممثلة بمرجعية السيد السيستاني للجمها.

ان غيرتهم المصطنعة على المتطوعين في الحشد الشعبي, لاتعبر عن غيرة حقيقية على التضحيات التي يقدمونها في ساحة الحرب مع داعش بل تخفي وراءها نيّة قمع كل تفكير لايتناسب مع اطماعهم في الاستئثار بكل شيْ. فلم نشهد غيرتهم على تحسين الظروف المعيشة وصيانة كرامة هؤلاء وغيرهم من العراقيين خلال كل فترة تحكمهم بالسلطة, رغم تصديعهم لرؤوسنا بأنهم يحكمون على اساس مظلومية هؤلاء.

لم يتعلم اساطين المحاصصة شيئاً من دروس الاحداث الجسيمة التي لحقت بالوطن العراقي والمصائب التي طالت شعبه, ولن يتعلموا قطعاً من الحرب الوطنية التي يخوضها شعبنا ضد داعش وقيمها. انهم عاصون على التعلم !

 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter