|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الأثنين  5 / 12 / 2016                                           جمعة عبدالله                        كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

مهزلة الاحتفال المئوي لخرابة شارع الرشيد

جمعة عبدالله
(موقع الناس)

كان شارع الرشيد قبلة الانظار , ومحط اهتمام السواح والزائرين , وعشاق التراث البغدادي الاصيل , فكان وجه الحضاري والثقافي والترفيهي , مرموق بالجمال والحياة وروعة الابداع , بما يمتلك شارع الرشيد من خصوصية فريدة من جمال الفن المعماري , بالتصميم والزخرفة والشناشيل البغدادية , التي تحمل عبق الزمن الجميل , فكان يشكل مفخرة شامخة للعراق وبغداد , وكما هو شاهد حي على الاحداث السياسية العاصفة التي مرت على العراق . فكان طوال اليوم مزدحم بنشاط والحركة التي لم تهدأ وتتوقف , وعامر بالفتنة البغدادية بلياليها الاثيرة والجميلة , وكل زعيم عربي حينما يزور شارع الرشيد , يشعر بالحسد من الذق البغدادي الرفيع , في الحضارة والتمدن الثقافي , وجمال الفن البغدادي الاصيل , الذي لايضاهيه جمال في اي عاصمة عربية , ويشعر بالندم , لانه لم يكن هناك شارع في العواصم العربية , ينافس شارع الرشيد , بما يمتلك خصوصية , يفتخر بها اهل بغداد . لكن هذا الشارع العراقي والبغدادي , فقد وهجر الفتنة والجمال , وحل الخراب والاهمال , في عهد العراق الجديد , في نظام المحاصصة الفرهودية الطائفية , فحولت احزاب الطائفية المتزمتة والمقيتة الحاكمة , الشارع الى مكب للازبال والقمامة , والعفونة التي تعط بروائحها الكريهة , فطاله الخراب الكبير , وهجرته المعالم الحضارية والثقافية والترفيهية , وتحولت الكثير من الابنية الى خراب وآلية للهدم , كأنه اصبح مقبرة مجهولة , واصبحت اطلال خربة الكثير من الابنية , وتشوه بالمسخ , الفن المعمار البغدادي , فقد عصفه الخراب بالسقوط والهدم , فصار الشا رع مهجوراً وموحشاً , صالحاً فقط لسكن الجرذان والحشرات والذباب والبعوض والازبال , انها سياسة متعمدة ومقصودة , في معاقبة شارع الرشيد من قبل الاحزاب الطائفية , لانها تعتقد بهذه المعاقبة الصارمة والوحشية , بأنها تطالب بأخذ الثار والانتقام , ورد الصاع بصاعين , لانه يحمل اسم الفاجر العدواني ( هارون الرشيد ) , ولا يغتفر له أبداً الجرائم التي ارتكبها , إلا في اصدار حكم الاعدام بشارع الرشيد وتطبيقه , بشكل حاسم , دون استئناف الحكم , وهذا وقت الحساب والحسم والعقاب , باعدام واغتيال شارع الرشيد , دون رحمة وشفقة , هكذا تتصور العقول السياسية المتعفنة والكريهة , التي تتشبث باذيال وخرق الماضي العتيق والذميم , وهكذا تبرهن على عقليتها المتعصبة , المملوءة بروث الحمير , بأن يصبح شارع الرشيد , ملعوناً  ومهجوراً ومحكوماً بالاعدام والفناء , بتحويله الى مزبلة للقمامة , نكاية بالفاجر الملعون ( هارون الرشيد ) حتى يشفي غليلهم بأخذ الثأر .

هذه العقول التي تحمل روث الحمير , هي التي جلبت البلاء والمصائب للعراق , هي التي جلبت الخراب والارهاب والفساد , وعفونة العقول التي لا تعرف سوى الحقد والانتقام , وهم موجودين في كل زمان , وكما قال عنهم الامام علي ( ع ) لقد ملئتم قلبي قيحاً , وهاهم يملئون قلوب العراقيين قيحاً ومرارة , من كان يتصور , رونقة العراق الحضاري والثقافي والترفيهي لشارع الرشيد , يتحول الى خرابة آلية للسقوط والهدم , وان يتحول الى مكب الفضلات والازبال والقمامة , لذلك تصاعدت , النداءات والمناشدات بحملات تضامن , في سبيل انقاذ شارع الرشيد من الخراب والاهمال , وبعد جهد جهيد , خصصت الحكومة العراقية قبل اكثر من ثماني اعوام , مبلغاً قيمته 500 مليون دولار , تخصص للترميم والصيانة والتأهيل لشارع الرشيد , واعادة بعض شرايين الحياة له من جديد , لتعود بعض رونقته الشبابية , ولكن المبلغ المالي الذي خصص , ذهب الى جيوب حيتان الفساد , ولم يصرف دولاراً واحداً لشارع الرشيد , فظل يتراكم الخراب والهدم والاهمال , ومن جديد يتم الضحك على الذقون بمسرحيات كوميدية هزيلة , تعودنا عليها في هذا الزمن والقدر اللعين والاسود والمصخم , بعفونة المكر الثعلبي , تقوم امانة العاصمة بمهزلة الاحتفال المئوي لشارع الرشيد , ومكان الاحتفال كان في ساحة الشاعر معروف الرصافي , بعدما نظفت وكنست وغسلت الشارع من الازبال والقمامة ومن الروائح الكريهة , وصبغت الارصفة والابنية المحيطة بالساحة , بالبوية البيضاء الرخيصة , وطلبت من اصحاب المحلات , بصبغ واجهة محلاتهم والاعمدة بالصبغ ( البوية البيضاء ) من مكان الاحتفال حتى ساحة الميدان . طبعاً ليوم واحد فقط , لتعود الازبال والقمامة والجرذان والذباب , لتصول وتمرح , حتى تتم قراءة سورة الفاتحة على المغدور عليه , المحكوم بالاعدام , شارع الرشيد , هذه الاعيب حرامية المنطقة الخضراء , في اعدام شارع بالوحشية المفرطة ..........

والله يستر العراق من الجايات

 

 

 

 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter