| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

جاسم الحلفي

 

 

 

السبت 12/6/ 2010

 

إفلاس الخطوط الجوية العراقية أم خصخصتها؟

جاسم الحلفي

لفت انتباهي دموع احد موظفي شركة الخطوط الجوية العراقية وهي تنساب مختلطة مع نبرات صوته الشاجبة بحزن وغضب لقرار الحكومة العراقية بحل شركة الخطوط الجوية العراقية، وإشهار إفلاسها تفادياً لملاحقات الدعوة الكويتية ومطالبتها بتعويضات مالية، بحجة دخول القوات العراقية الكويت سنة 1990 واستحواذها على طائرات وممتلكات تعود للخطوط الجوية الكويتية.

لم يكن هذا الموظف وحده من شجب قرار حل الشركة، فمعه آلاف من موظفي الشركة، وعدد واسع من المواطنين الذين عبروا عن عدم قناعتهم بقرار حل الشركة، رغم تباين منطلقات كل منهم. فهناك من برر فشل الشركة في إدارة قطاع النقل الجوي، وافتقارها لكثير من المستلزمات التي تؤمن لها المنافسة مع شركات النقل الجوي العالمية، متناسين ان هذه الشركة تعطلت عن العمل لأكثر من ثلاثة عقود بسبب الحروب والحصار، والآن هي في خطواتها الأولى للنهوض، وأمامها مستقبل واعد. فكما معلوم فان سوق النقل الجوي في العراق كبير، وما قدوم الشركات الأجنبية للعمل هنا، وتصاعد ذلك طرديا مع تحسن الوضع الأمني الا ما يؤكد هذه الاستنتاج.

ومن جهة أخرى، وفي كل الأحول، فان الشركة هي الناقل الوطني للعراق، وهذه الصفة توفر لها اعتبارات كبيرة، وترتب لها مستحقات مالية من كل طائرة تنقل مسافرين من والى العراق. فيما اعتبر قطاع واسع من المواطنين قرار حل الشركة بمثابة تنازل مذل أمام المطالبة الكويتية، بتعويضات من الشعب العراقي وهو الأكثر تضررا من النظام المقبور، في وقت أسقطت دول لا ترتبط مع العراق لا برابط الجيرة ولا برابط العروبة او الإسلام، ديونها من العراق، دعما ومساندة من اجل نهوضه، او من اجل مستقبل المصالح المشتركة بينها وبينه. وإذا كانت الكويت لم تراع ذلك فانه كان الأجدر بالحكومة العراقية ان تجد المفاوضين الناجحين الذين لا يتنازلون عن حقوق العراق، وان يعطوا للكويت مالها حسب القانون الدولي، ولكن عبر إيرادات الشركة وربما عبر تشغيل مشترك مع الخطوط الجوية الكويتية.

يسخر تلامذة الليبرالية الجديدة في العراق، من دموع موظفي الخطوط الجوية العراقية، التي ذرفت على قرار تصفية شركتهم، كونه تصفية لأحد الرموز الوطنية. لكن تلاميذ هذه المدرسة تناسوا حق الشعوب في ان تعتز برموزها، ولا تتنازل عنها بالسهولة التي صوتت فيه الحكومة على قرار حل الشركة. فلا زالت الباصات ذات الطابقين تجوب شوارع لندن كعلامة من علامات لندن المميزة.

وهناك من فسر القرار بهروب الحكومة إلى الأمام من مشكلة لا تنتهي بإعلان إفلاس الشركة. فالكويت ستبقى تلاحق الحكومة العراقية، وتستطيع إيجاد أسانيد قانونية تلزم بدفع التعويضات، وهذا ما يجعل عناصر الريبة في نوايا الحكومة العراقية تتسع ويزاد الشك حول ما وراء القرار.

والحديث الذي يتداوله المواطنون هو قدرة تلاميذ الليبرالية الجديدة في العراق، على إيجاد ذرائع لخصخصة القطاع العام وبيع شركاته، بأسعار بخسه، في وقت لم ترى عيون تلاميذ هذه المدرسة ان أساتذتهم، لجأوا الى الدولة ودعمها حينما واجهت شركاتهم الأزمات، وآخرها الأزمة المالية العالمية التي اندلعت في أيلول 2008 وما زال العالم يئن تحت وطأتها. فأي درس سيء تعلمه هؤلاء التلاميذ؟.




 

 

 

 

free web counter