| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

جاسم الحلفي

 

 

 

 

الثلاثاء 16/1/ 2007

 

كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 

معالجة الملف الامني
تتطلب حزمة اجراءات كاملة


جاسم الحلفي

يترقب العراقيون المكتوَوًن بنار الارهاب والإنقسام الطائفي والقتل على الاسم والهوية، تطبيق الخطة الامنية بقلق كبير، لانها كما يبدو الزرقة الاخيرة التي تدفعهاالمحاولة الادارة الامريكية من اجل تحسين الوضع الامني، وذلك بزيادة جنودها في العراق بمقدار 21500 جندي امريكي، (بالوقت الذي اعطت ادارة بلير اوامرها لسحب 3000 جندي من جنوب العراق).
فالجهد الذي ينبغي بذله لمكافحة الارهاب والصراع الطائفي هو عسكري في المقام الاول حسب تصور الادارة الامريكية، وتعهدت الحكومة العراقية على اساس ذلك بملاحقة المليشيات الملسحة ومطاردتهم واعتقالهم من البيوت. وقد صرحت الحكومة عبر المتحدثين الكثيرين، بان الجهد السياسي والدبلوماسي قد نفذ مع قادة المليشيات، وليس هناك وقت اخر يصرف في هذا الاتجاه.
وقلق العراقيون من ما تحملة الايام القادمه مشروع، خاصة ان هذه الخطة جاءت بعد تشاور كبير اجراه الرئيس الامريكي مع قادته ومستشارية وطاقم ادارته وخبراء كبار من داخل وخارج الولايات المتحدة الامريكية، واخذ بنصائح البعض ورفض عدد من النصائح حتى الذهبية منها كما هو الحال في رفضه فكرة التعامل الايجابي مع سوريا وايران كما جاء في توصيات بيكر- هاملتون.
وإذ يعيش العراقيون أجواء قلق، تتباين تصريحات قادة الكتل السياسية حول الخطة الامنية الجديدة، بين مرحب و مشكك، الى رافض لها، وهناك من لم يضف عليها الشرعية.
ويتضح من مما تقدم عدم وجود اراده سياسية عراقية واضحة وحقيقية لقادة القوى والحركات والتيارات السياسية، وهذه هي المعضلة الكبرى، والتي لم تقترب منها الخطة لا من قريب ولا من بعيد.
وحين ينطرح سؤال: ان لم تنجح هذه الخطة في معالجة الملف الامني، وهذا احتمال وارد، كيف ستؤول الامور؟ وأأمل ان لا ينظر الى هذا الاحتمال من باب التشاؤم. ان خطاب الرئيس الامريكي بوش قال حرفيا (أن التزام أميركا ليس (التزاما) غير محدود. وفي حال عدم وفاء الحكومة العراقية بتعهداتها، فإنها ستفقد دعم الشعب الأميركي).
ويبين ذلك وبكل جلاء ان الخطة الامنية تعتمد على عنصر مهم هو تعاون وتنسيق وعمل مشترك بين القوات الامريكية والقوات العراقية، ولكن هل تفضي الخطة الى نجاح سريع واكيد؟
حين نعاين تركيبة القوات العسكرية العراقية سواء التابعة لوزارة الدفاع او لوزارة الداخلية نجد فيهاها إختراقات من قبل المليشيات ربما في اكثر من موقع، وولاؤها ليس مضمون لمرجعياتها العسكرية، وشهدنا في اكثر من حالة ضعفها المعنوي والتاهيلي، وهي بحاجة ماسة الى تاكيد ولائها للوطن اولا واخيرا.
على كل حال لسنا هنا بصدد معالجة شاملة للموضوع، لكن من المفيد التاكيد على موقف حزبنا الشيوعي العراقي من معالجة الملف الامني المتدهور، والذي وضحه الحزب في مناسبات مؤكدا ان الملف الامني وتدهوره هو نتيجية موضوعية للوضع الصعب والمعقد والخطر الذي يعيشه البلد، نتيجة التركة الثقيلة للنظام السابق، والحرب ومخلفاتها، والاحتلال واخطائة، وسياسة المحاصصة البغيضة، والاخطاء والنواقص الذي رافقت اداء الحكومات المتعاقبة ما بعد سقوط النظام المباد على العديد من الصعد.
ويتطلب معالجة هذا الملف إعتماد حزمة متكاملة من الاجراءات. تأتي المعالجة السياسية في المقدمة منها، والتأكيد على فسح المجال امام المساهمين في العملية السياسية، للمساهمة في صنع القرار، وزيادة مساحة التشاور معهم في متابعة تنفيذه، والعمل على تنقية الاجواء من اجل اجتذاب اخرين الى العملية السياسية، عبر تطبيق الخطوات الضرورية التي تمهد لمصالحة وطنية حقيقية، يرى فيها الجميع مصالحهم التي تنسجم مع مصلحة الوطن، لا غالب ولا مغلوب، لا منتصر ولا مهزوم في تلك المصالحة التي ننشد.
ويبغي كذلك معالجة الوضع الاجتماعي وتخفيف حالة الاحتقان فيه، وكذلك القضيا الاقتصادية والمعاشية للمواطنين ومكافحة البطالة، وايجاد حلول فورية لما يولده التهميش والفقر والعزل، وتحسين الخدمات وتطوير طرق تقديمها للمواطنين، ونشر ثقافة المواطنة بديلا عن الترويج للطائفية والانقسام الطائفي، واشاعة ثقافة التسامح بديلا عن العنف والكراهية والثأر.
ان البدء العاجل بتنفيذ هذه الخطوات اعلاه، وتزامنها ذلك مع الاجراءات العسكرية الضرورية و الرادعة، تجاه الارهابيين والمليشيات وعصابات الجريمة المنظمة هو الكفيل بايجاد المستلزمات لوضع نهاية للاحتقان. وهو المقدمة الضروية المناسبة لتشجيع الناس وطمأنتهم. و فتح افق للتفاؤل الحقيقي في رؤية عراق معافى من الارهاب والمليشيات ينعم فيه الجميع بسلام ووئام، عراقا نشهد فيه الرحيل الابدي للقوات الاجنبية، واستعادة السيادة الوطنية الكاملة.