| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

جاسم الحلفي

 

 

 

الخميس 19/6/ 2008



انصفوا اللاجئين العراقيين...واعينوهم

جاسم الحلفي

جاء إعلان المفوضية الأوروبية رصد 20 مليون يورو لتلبية الاحتياجات الإنسانية للمهجرين والمهاجرين العراقيين، بعد يوم واحد فقط من إعلان منظمة العفو الدولية تقريرها الذي استند إلى دراسة أوضاع اللاجئين العراقيين في سوريا والأردن، ووصف أزمة اللاجئين والنازحين العراقيين بـ "الخطيرة والمقلقة"، واتخذت "أبعادا مأساوية".
وربما لم تمح’ هذه الالتفاتة الأوربية، رغم الترحيب بها، التقييم السلبي الذي وصف التقرير به موقف الدول الغنية التي "تخلفت عن واجباتها الأخلاقية والسياسية والقانونية" لعدم تقديمها المساعدات الضرورية للاجئين العراقيين، إضافة الى محاولات بعضها طرد العراقيين، ولجوء البعض الآخر إلى وسائل غير مباشرة كقطع المساعدات عن طالبي اللجوء لإرغامهم على العودة إلى العراق، وهذا ما يثير القلق.
ومؤكد ان المبلغ الذي رصدته المفوضية الأوربية، لم يحل المشكلة، بل هو بعيد عن الرقم 60 مليون دولار الذي وضعته الأمم المتحدة كحد أدنى، عند مناشدتها للمجتمع الدولي، كي تتمكن من تقديم المساعدات الطارئة للتعامل مع الوضع المأساوي للمهاجرين والمهجرين العراقيين!
الحديث عن المسؤولية الدولية، هو حديث عن الموقف الأخلاقي للمجتمع الدولي، تجاه 4,7 ملايين من العراقيين الذين هاجرو وهجروا، وشكلوا عبر معاناتهم الكبيرة والطويلة اكبر رقم للنازحين في العالم!

المجتمع الدولي ليس وحده من يتحمل عبء هذه القضية، بل ان على الدول العربية تحمل مسؤولياتها تجاه قضايا العراق. ومنها قضية المهجرين والمهاجرين، التي ذكّرت مأساتها الويلات التي تعرض لها النازحون الفلسطينيون في حدود معينة، والسؤال ماذا تنتظر الدول العربية كي تساهم في معالجة هذه المشكلة الإنسانية البالغة الأهمية، وفي أي إطار ستتعامل معها وكيف؟

فكما تحمل العرب مسؤوليتهم، ولو بحدود معينة، في حل الأزمة اللبنانية، عليهم بنفس القدر ان يتحملوا مسؤولياتهم تجاه العراق، وان يقدموا المساعدة للعراقيين، فالعيون هنا أكثر تطلعا من أعين الأشقاء اللبنانيين صوب الموقف العربي، نظرا لعمق المشكلة وأبعادها، وخطورة موقع العراق وحساسيته.
العراق اليوم، يحتاج أكثر من أي فترة مضت الى دور عربي ساند، وأي خطوة عربية في هذا الاتجاه ستجد بكل تأكيد ترحيبا شعبيا واسعا واستعدادا رسميا كبيرا.

والحديث عن الدور الدولي والدور العربي تجاه قضية المهجرين والمهاجرين، لا يعني رفع المسؤولية عن كاهل الحكومة العراقية، فعليها تقع المسؤولية الأساسية، والعبء الأكبر، لذا ينبغي عليها ان تؤدي دورها باهتمام يرتقي الى مستوى هذه القضية وتداعياتها، لأن قضية بهذه الخطورة، تمس حياة الملايين الذين هجروا او اضطروا إلى الهجرة، لا تحل الا عبر برنامج وطني شامل، وعمل متواصل بحرص ومثابرة وجدية.

صحيح ان هناك أعدادا غير قليلة باشرت العودة إلى العراق، كما أكدت ذلك وزارة المهجرين والمهاجرين حين أعلنت عن عودة 6 آلاف و293 عائلة نازحة الى مناطق سكناها الأصلية في محافظة بغداد وحدها، إضافة الى ألاف العوائل التي عادت الى باقي المحافظات، مستفيدة من التحسن في الوضع الأمني، ومن الإجراءات والخطوات المتنوعة التي الحكومة. لكن من جانب آخر، هناك عوائل عادت ليس لأنها ببساطة فقدت قدرتها على التحمل، جراء حجم المعاناة التي مرت بها، وشدة وطأتها في أماكن الهجرة، وكانت أوسع واخطر عليها من تلك التي دفعتها الى الهجرة.

لذا يفرض الواجب ليس تقديم المنح والمساعدات وتسهيل طرق تقديمها بعيدا عن الروتين الطويل وحسب، بل يجب ان يصحب ذلك، تامين عودة المهجرين الطبيعية الى مناطق سكناهم، وديارهم، وبيوتهم وحمايتهم من تهديد او ابتزاز من شغل هذه البيوت طوال فترة التهجير.
ان قضية تطال 4,7 ملايين عراقي، ليست قضية صغيرة وعابرة، بل هي قضية تحتاج الى حزمة من الإجراءات، منها ما هي سريعة وعاجلة وأخرى إستراتيجية طويلة الأمد، لذا أصبح الواجب الوطني والأخلاقي يلح على وضع هذه القضية في موقعها الصحيح في سلم أولويات الحكومة.
ان تأمين عودة من يرغب الى منطقته وبيته، وحفظ أملاك وبيوت المهاجرين والمهجرين، وحمايتها، وتأمين الرعاية الكريمة لحياة هذه الملايين من أبناء شعبنا، انما هو واجب وطني مقدس، وان القلوب والعيون تصبو نحو كل موقف منصف ومعين.
 

 

free web counter