|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

 الخميس 24/5/ 2012                                                           جاسم الحلفي                                          كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

القدوة الحسنة.. الى اليسار دُرْ!

جاسم الحلفي

لم استغرب خبر مطالبة أعضاء كثيرين في مجلس النواب بتخصيص أراض لهم، بواقع 600 متر مربع في اغلى مناطق بغداد، مثلما لم يستغرب ذلك الكثيرون غيري من المواطنين. لم ننتظر ممن لم يضع على جدول أعماله لغاية اليوم تشريع قانون الضمان الاجتماعي، ان يفرحنا بخبر ينصف الفقير وينتصر للمحتاج ويعين المعوز. ولم نعد نحتاج الى دليل جديد، كي نثبت ان المتنفذين وكتلهم البرلمانية انما تشغلهم مصالحهم الخاصة، وبسببها ولأجلها يحتدم صراعهم على حساب العراق وشعبه.

كنت سأستغرب حقا لو انشغل البرلمانيون بمصالح الشعب، وجعلوا موضوعة المساكن واطئة الكلفة مثلا في أولويات اهتمامهم. فالحاجة الملحة الى مثل هذه المساكن تصل الى مليوني وحدة سكنية واكثر. كما كنت سأستغرب لو بحث البرلمانيون أوضاع العاطلين عن العمل، وما تعانيه الارامل من صعوبات الحياة، ولو توقف البرلمان عند الوضع الصحي للمواطنين، واضطرار الكثير من المرضى للسفر الى بلدان الجوار والى الهند، من اجل اجراء عمليات جراحية. فيما يعبث الفاسدون باموال الشعب وموارد الوطن. وكنت سأستغرب ايضا، لو خرج عدد من البرلمانيين علينا منددين بزملائهم الذين وقعوا على عريضة طلب قطع الأراضي.

لا يوجد بين حكامنا من يعطي مثالا يجعلنا نفخر به بين شعوب العالم، كما يفتخر اليوم شعب البرازيل برئيسه السابق (لولا دا سيلفا) الذي انتهت ولايته وغادر موقع الرئاسة، وخرج من القصر الرئاسي الى بيته المتواضع الذي لا يصلح للسكن، ما اضطره الى مراجعة احد البنوك لاستحصال قرض يساعده في ترميم بيته. هذا الرئيس الذي سجل امتياز تخفيض راتبه الى النصف، وجعله الفي دولار، بدلا من اربعة آلاف دولار هو راتب سلفه. كما امتاز بنظافة اليد وعفة اللسان، وقوة الموقف المنحاز الى الفقراء والمحتاجين، وقد جهد كثيرا من اجل اعادة بناء اقتصاد بلاده، جاعلا من البرازيل ثامن أكبر قوة اقتصادية في العالم، من دون ان يكون النفط بين ثرواتها!

لا استغرب لهاث بعض متنفذينا وراء الامتيازات، دون ادنى اعتبار للوضع المعيشي للمواطنين، الذين تتصاعد نسبة من يدورون منهم في فلك خط الفقر. وسأستغرب لو ان واحدا منهم حذا حذو الرئيس الفرنسى الجديد (فرنسوا هولاند)، الذي أعلن فى أول اجتماع وزارى لحكومته الجديدة عن خفض راتبه ورواتب وزرائه بنسببة 30بالمائة، فى إجراء يهدف من ورائه الى التميز عن سلوك الرئيس اليميني السابق (نيكولا ساركوزى)، الذى كان قد رفع راتبه بنسبة 17بالمائة عندما تسلم السلطة فى 2007.

لا غرابة إن لم اجد بين معظم المتنفذين عندنا قدوة حسنة، تعطينا مثالا نفخر به، في الانحياز الى الجياع والمظلومين، والأرامل والأيتام، والملايين من العراقيين الذين هم دون مأوى، والعاطلين عن العمل.

تبنى اليسار الفرنسي شعار "الفعالية والقدوة الحسنة"، وقبلها تبنى اليسار العالمي  "الإنسان أثمن رأسمال" فيما يتبنى اليسار العراقي اليوم شعار "دولة مدنية ديمقراطية اتحادية.. عدالة اجتماعية"

الى اليسار دُرْ.. تجد القدوة الحسنة!

 

 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter