| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

جاسم الحلفي

 

 

 

الأربعاء 2/4/ 2008



"الطريق" و شرطي المرور الذي بقى!

جاسم الحلفي

تناقلت وكالات الإنباء صورة شرطي المرور وهو يتصفح جريدة (طريق الشعب) كأول جريدة تصدر في بغداد بعد انهيار النظام الدكتاتوري المقبور. لقد شكلت تلك اللقطة مفارقة غير اعتيادية، حيث بدا شرطي المرور، آنذاك، وبزيه الرسمي، احد دلالات رموز الدولة العراقية وبقائها، وكذلك شجاعة العراقي، وسرعة مبادرته للقيام بواجباته الوطنية والرسمية. ودلت كذلك على انتهاء الإحكام القرقوشية التي كانت تحرم وتعاقب الإنسان فيما لو ضبط وبحوزته الصحف الوطنية التي تعبر عن وجهات نظر الأحزاب السياسية في العراق.
وان الذي انهار في تلك اللحظة هو النظام الدكتاتوري، رمز الاضطهاد ومصادرة الحقوق وتغييب الرأي الآخر، وليس الدولة العراقية، فهي باقية بقاء ارض الرافدين المعطاء، و بقاء الشعب العراقي الموحد بقوة وبإرادة لا تقهر، والذي يضفي عليه تنوعه ثراء كبير.

أتذكر مرور أول مفروزة لشرطة المرور، بعد انهيار النظام البائد، وهي تمر أمام مقر الحزب، بادرنا أفرادها بالتصفيق، ومن جانبهم ترجلوا من سيارتهم، وصافحونا فرحين، لم نعرف لحظتها من منا يهنيء الآخر، هل كانوا يحيّون عودتنا أم نحيي مجيئهم؟
لقد اتخذ أفراد تلك المفرزة من ساحة الأندلس موقعا للمباشرة في عملهم،. وباختيارهم هذا المكان، بدا وكأنهم يقولون: نبدأ بقربكم، لا نحتمي بكم فقط بل نؤكد معكم بقاء عراقنا دولة عزيزة، ونعمل معكم من اجل إنهاء الاحتلال وكل المظاهر الاستثنائية، ونبدأ في بناء مؤسسات دولتنا الوطنية.

ومرّت على العراق، وعلينا، خلال هذه السنوات التي أعقبت انهيار النظام الدكتاتوري مصاعب كثيرة، كان آخرها الإحداث التي اندلعت قبل أيام في البصرة وبغداد ومدن أخرى، وما خلفته من قتلى وجرحى، وخسائر لم يكن العراق يحتاج إليها، بل على العكس انه يحتاج الى الأمن والسلام والعمل من اجل إعمار ما خربته الحروب والإعمال الإرهابية، والصراع الطائفي، والتنافس على السلطة والنفوذ.

وحين تجولت ماشيا مع احد الرفاق في منطقة الكرادة، بعد ان طالت أيام حظر التجول الأخير، والتي شملت محافظات كثيرة منها بغداد التي نحب، لاحظنا وجود شرطة المرور في عدد من الساحات، رغم وجود الحظر ومنع حركة السيارات، بدا الأمر طريفا جدا، أو مفارقة أخرى. سألني الرفيق: ترى ما هو سر بقاء شرطة المرور في الواجب، رغم ان ليس لديهم ما يقومون به؟
أجبته:
لقد أراد هؤلاء الإبطال ان يؤكدوا، هذه المرة أيضا، أنهم احد رموز مؤسساتنا الوطنية، التي تبقى ملازمة لواجبها الذي هو ابعد من فك اختناقات المرور بل هو التأكيد على ان الدولة العراقية باقية مهما مرّت ظروف أو ساد، في لحظة ما، عبث عابر.
 


 

Counters