| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

جاسم الحلفي

 

 

 

 

الأربعاء 30 /5/ 2007

 


 

قبل فوات الاوان...


جاسم الحلفي

تتداول الاوساط المشاركة في العملية السياسية الحديث عن ضعف اداء الحكومة وتراجعه، وعدم تمكن رئاسة الوزارة من تحقيق برنامجها الذي اعلنته في البرلمان أثناء جلسة القَسم. ولا ريب ان تفحص الاوساط السياسية لمدى تنفيذ الحكومة لبرنامجها، ومتابعة ذلك، هو عمل ايجابي وصحيح، ويعتبر من الواجبات الاساسية لكل القوى، إذ من حقها، بل من واجبها، مراقبة وتقييم العمل الوزاري، وهو امر ينم عن الشعور بالمسؤولية ازاء مصالح الوطن والمواطنين، ينبغي القيام به في كل الاحوال. وغني عن القول ان تناول هذا الامر ينبغي ان يتم بموضوعية، تأخذ الظروف المحيطة والصعوبات التي رافقت العمل في الاعتبار. لكن يبقى السؤال عن الهدف من التقييم؟
من المؤكد أن البحث يستهدف طرح استنتاجات من شأنها الاسهام في وضع الحلول المناسبة للقضايا الشائكة التي تواجه البلد، عبر الاطر الدستورية طبعاً، لكي تأخذ المعالجة، الضرورية والمطلوبة، طريقها الصحيح، الممكن والشرعي.
ويتطلب هذا من الحكومة ان تشجع التقييمات، وتتمعن بها، وتدرسها، وتمتثل للاستنتاجات وتتعاطى معها بحرص، مادام الهدف هو تقويم الاداء وتطويره.
ولاصحاب الرأي المعارض في ما تذهب اليه الحكومة كل الحق في الترويج لآرائهم والتبشير بها. وطبيعي ان التعبير عن الرأي المخالف هو حق مصان وليس مؤامرة تحاك، كما يُرَوَّج احيانا، حدّ القول بان هناك انقلاباً عسكرياً يتم اعداده! وهذا ما يعد ارهابا فكريا وسياسيا غير مقبول.
إنني أرى، كما يرى غيري، ان زمن الانقلابات قد ولى دون رجعة، وليس هناك امكانية للعودة اليه، وان القوى العسكرية الاكثر تنظيما والاوسع انتشارا والاسهل حركة في العراق هي القوات المتعددة الجنسية، وليس من المعقول ان تقوم هذه القوات بالانقلاب على نفسها، او تعيد الاحتلال مرة اخرى.
لعل هناك من يفكر بالانسحاب من الحكومة، اما لعدم استعداده لتحمل مسؤولية قصور ادائها، ولا يريد ان يحتسب عليه فشلها، كما يتصور. ولعل هناك من يريد ان تتعمق ازمة الحكومة، ويستعجل سقوطها، لغرض اعادة التفاوض مجددا لتشكيل حكومة جديدة ، يعاد، خلال ذلك، توزيع الحصص طائفيا، زيادة او نقصاناً، ويتعزز عبر ذلك الانقسام الطائفي، ما يشكل ابتعاداً خطيرا عن المشروع الوطني. وطبيعي ان هذا لا يشكل حلاً لمشكلة الحكم بل يعمقها، بما هو يستند على الاسس والمبادئ ذاتها، أي مبدأ المحاصصة الطائفية والاثنية، بكل ما نجم عنه من انقسام وتشرذم. وإذ نحلل المرحلة التي يمر بها العراق، نؤكد، مرة اخرى، على ضرورة بناء الدولة العراقية على اسس دستورية، بعيدا عن المحاصصة الطائفية، وتعميق الانقسام، إذ لا يمكن بناء مؤسسات الدولة الا عبر برنامج وطني شامل، يتفق مع ضرورات المرحلة واحتياجاتها، ينفذ من قبل حكومة وحدة وطنية، تتحمل مسؤلياتها بشجاعة، خاصة وان البلد يقف امام تحديات كثيرة، وصعبة، معقدة ومتشابكة في آن.
ولمواجهة تحديات المرحلة لا بد للحكومة من الانفتاح على الآخرين، سواء أولئك المتعاطين مع العملية السياسية، من اجل اشراكهم في اتخاذ القرار وتنفيذه، كي توصل بذلك رسالة قوية وواضحة للاطراف المعارضة للعملية السياسية، تشجعهم على التعاطي بأيجابية معها، بعد ان تتوفر لديهم القناعة بأن الحكومة جادة في مشروع المصالحة، وساعية لتنفيذ المشروع الوطني عبر تعزيز المشاركة في حكومة للوحدة الوطنية، بعيدة عن المحاصصة والتخندق الطائفي والانغلاق، حكومة لكل العراقيين، حكومة يشعر المواطن انها تمثله، يحترمها ولا يرتاب منها، حكومة توفر الامن، والخدمات، وتحسن الاحوال المعيشية.

هل هناك مسعى بهذا الاتجاه؟ انه سؤال مطروح امام الحكومة، فهي من يمتلك المبادرة... وعليها الاجابة قبل فوات الاوان.