| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

جميل محسن

 

 

 

السبت 21/6/ 2008



الأسد والذبابة وديك الجيران

جميل محسن

أحلام الأسد

غفوة صغيرة , بانتظار الوليمة , مل التطلع نحو الأفق , ومراقبة تجمع الطيور الجارحة , ماعاد شم ماتحمله الريح يحفزه وينعشه , اللبوات من يقوم بالعمل , وألا مافائدة الإناث ؟ , دفعهن لأداء المهمة , سيتوالى منه اللهاث والقضم فوق جسد حمار الوحش , فور صيده , يكثر في هذه الأنحاء قرب مجرى الماء , يبدأ بالتمزيق , البطن المنتفخة أولا , يغوص برأسه في لجة من اللحم الطري والدماء الدافئة , يحمر الفم والأسنان , ولن يسمع من حوله غير همهمة المفترسين , أطربت غروره همسات الضباع وتحركاتهم الحيرى , لازالوا يستوطنون قربه , بانتظار مايتركه واللبوات والأشبال , تعلم الضباع أن الأفواه الواسعة والقواطع الكبيرة , لاتجرد العظام من لقمة يتكالبون عليها , هذه المخلوقات الغادرة الحقيرة التي يود أحيانا تقطيعها اربآ لولا سرعتها في الهرب والاختفاء , قدر الأسود الريادة والبطش والتهام طري اللحم مهما طال الانتظار , لولا هذه البطن الخاوية التي تفرض الصحو وتمنع الغفو, والأحلام , أمامه البراري الشاسعة دالة على سطوته , هي ملكه إلى حيث قدرة قدماه على حمله , والأبعد , مايسمعه الأعداء والمتطفلون من صوت زئيره يطلقه عاليا مرهوبا , ذهبت الأيام الخوالي , امتلك الجاه والهيبة والإناث والأشبال , وسكن وهدأ وافترش العشب ككل ليث قائد تأتيه الفرائس لذيذة طرية , فتح عينيه لم يعد ير غير الأفق المعتاد , وتكاثر الضباع وهمهماتهم المتزايدة , ود لو يسحقهم هذه المرة ويخيب مبتغاهم , فجوعه الشديد وانتظاره سيجعله يلتهم الطريدة كاملة مهما كبرت , ولتبق للضباع الحسرات , مالهم يقتربون ! ولماذا تأخرت العشيرة ؟ علمتهم القنص والإقدام , هل عادوا كسالى أغبياء , وتفرق جمعهم ؟ كل يبحث عن حصة وان صغرت , واستوقفته الفكرة , سينسونه لحظتها , ربما فعلوها ! سيعاقب الهاربين , سينهض ويبطش بكل من حوله , وأولهم أولاد أل ... الضباع , مابال جسده لايتحرك ورجليه لاتحملانه ؟ حتى رقبته عجزت عن رفع رأسه , وتهدل شعر الملوك الكثيف حتى غطى منه العينين , لاحركة يبديها ولا إحساس غير سماع تنفس مزعج , واحتكاك , وكأن فأر يقضم ذيله , يجره , يسحبه , يحاول قطعه , كفعل الضباع مع الجيف !؟ , لا لا يمكن , ليس هو والضباع , سرت رجفة وتمددت في جسده , سينتفض, ولكن من أين يبدأ ! , والألم يتصاعد , والأنياب تطبق على إنحاء جلده السميك المتغضن , فتح فكيه ليصرخ , تدلى لسانه باهت اللون , بانتظاره وجد فك آخر يلتقطه , ماتبقى بعد حين عضامه وتاج الشعر الكثيف , النابت فوق جلدة رأسه , تركتها الضباع , تحكي أسطورة أحلام الأسود والملوك .


ذبابة في قدح

لو عرفتم حالي الآن , لعذرتموني جدا , فلا استطيع حتى الطنطنة , فما بالكم بشرح مفصل ! , وبصراحة أنا اغرق , أحاول جاهدة وبيأس أن أطيل بقاء رأسي على الأقل , خارج هذا السائل الدبق اللذيذ القبيح الذي سيسلبني روحي , فرشت جناحاي على سعتهما , حل مؤقت لعل وعسى , ستجبيون بأنه ذنبي , فما الذي حشرني في هذا القدح المملوء لنصفه بسائل اصفر دعته المرأة ب (الشربت ) , وأصرت أن يكون هو كأسها الأخير , واستجاب الرجل كأي ذكر تتلاعب بعواطفه عاهرة !, نعم ولن اخجل من قولها , مصيبتي ونهاية حياتي تتعلق بمزاج عاهرة وداعر , وربما ضعف شخصي غريزي انسبه لقلة التجربة , ولكنها مع الأسف تبدو الأخيرة , مادام هذا القدح لم يكسر , ولن يتحرك , والنهار بعيد , وأنا مبتلة يتسرب الماء إلى جسدي ويثقل أعضائي ويسحبني نحو الأسفل , ولعل آخر ماسأرويه يتحول إلى عبرة لا اهتم بمن ولمن سيعتبر , بقدر حزني على مافي أحشائي من حياة لن ترى النور بعد أن فقدت الأب, وووو.... .

أبو دينا وأنا , قصة ساحرة , مليئة بالأفراح والسعادة والليالي الملاح , والغناء والشراب والطعام اللذيذ , وبالمناسبة سأعرفكم بنفسي , أنا ذبابة فتية يافعة , سريعة الحركة , استوطنت عالم أبو دينا السكير , الثمل الدائم ليلا , تنتصب الأقداح , ويتصاعد مجونه والانشراح , وحده في غرفته , أمام جهاز التلفاز وزميله الستلايت وبجانبه الموبايل , ماتبقى يخصه في الدار زوجة وابنة , يفقد الاتصال معها حال بدء الحفلة , الزوجة تقوم بالتحضير والخدمة , وأنا وسط هذه الأجواء أطير , أواصل الطنطنة والتنقل بين الصحون والأقداح , يحاول إبعادي أولا ثم ينسى ويدخل عالمه السحري المليء بالمفاجآت , ثم بعض الهدوء , وحتى غناء يجيده ولا يحب الإطالة , وقبل انتهاء الشراب تأتي صحون الطعام , يأكل وينوع قليلا ثم يترك لي الباقي , بعدها تخفت الأضواء , ويقل ثم ينعدم الضجيج , وتأتي المرأة تحمل زوجها صوب الفراش , ثم تتحول لتنظيف الصحون , واذهب أنا إلى ركن مظلم قصي , أتكوم هادئة , لايزعجني بعدها إلا طنين أمثالي يوقضهن ضياء الشمس , ولا أشاركهن الدوران ولا البحث والعناء , فصداقة أبي دينا تكفيني , وتصيبني بخدر لذيذ أحيانا , حين يرفض مصاحبة زوجته , ويصر على أقداح إضافية , ويفترش الأريكة ذاتها التي يجلس عليها نائما حتى الصباح , وأتحول طائرة إلى وجهه أو رقبته , أرسل خرطومي عميقا في مسامات جلده , لتأتيني حموضة وملوحة وخدر ونوم عميق , استفيق منه بعد الفجر وأشعة الشمس تتسرب نحوي من الشباك , ولكن مابال كينونة الحي تستهويها لغة المشاكل بشرا كان أو ذبابة ؟

تورط ابودينا في المحذور وفعلت مثله وحتى قبله , كنت بصراحة لا أود صحبة أمثالي كما أوضحت , وحتى ترتيب حياتي يختلف عنهم , إلى أن هزني القدر وجاءني الذكر , قويا مقتحما هدم معبدي , وجعلني ملك بنانه , نتقافز معا بين صحون أبي دينا , يعيد على مسامعي تكرار الحديث عن جنس الذباب , وصراع البقاء , وواجباتي التي أهملتها تجاه بنو جلدتي ! , حدثتنا أمي عن أمثاله , ولم افهم أو استمع جيدا فخطابها جماعي وعددنا كبير , ثم رحلت , مابقي في ذاكرتي هو توخي الحذر , ولكن كيف وقد استوطن ظهري , هذا واجبي كما شرحه لي وهو يتمسح بإذني , وقد أحاطت أرجله الستة بجسدي , احمله وأطير , وأتوقف وأواصل من الصباح حتى المساء , ويتركني مرهقة عند حلول الظلام , لأسرع منهكة نحو مائدة أبو دينا , جائعة , راغبة بالطعام , أكثر من ذي قبل , أتذكر أحيانا صنفا معينا وأنام في طبقه , وتركني الذكر , لم اعد أراه , ربما ارتاح ظهري , ولكن أحشائي تتمزق وتتمدد وتكبر بطني , وتثقل حركتي , لابأس فهمت , حملني الذكر استمرار جنس الذباب , وانتقل ليستقر على ضهر ساذجة أخرى , ولكن ماعلاقة ما ارويه بما أنا عليه الآن ؟ ممدة فوق سطح السائل الأصفر , وأكثر من نصف جسدي غاطس في اللزوجة! , هل أعيد بدء الحديث ؟ عرفتم الآن ولا شك من هو الداعر وقضيه حملي منه , وأعود بكم لحديث العاهرة , وما ورطني به أبو دينا بأفعاله الشائنة عند سفر عائلته , أخذت الزوجة ابنتها وارتحلت لبضعة أيام تزور ابنها المتزوج , ليبرز الوجه الآخر لهذا الثمل الحمل الوديع ! , داعر هو الآخر ! , تبدو الخيانة وكأنها تسري لديهم مع الدماء ! , سرعان ماجلب أنثى صغيرة مثيرة تتوهج في ثوبها الأحمر , وتتراقص أردافها وتتغنج , وأتعجب أنا من أفعال دلالها وكأنها قد خرجت من كورس فتيات التلفاز, شرب أبو دينا يومها أكثر من العادة , وضحك وطرب وغنى أكثر من المألوف , ثم تعالى صراخه بعد تزايد طلباتها , وكأنها تود اعتصاره , ثملت هي الأخرى ! , وتحولت إلى المطبخ , وقعت عيناها على قنينة شراب موضوعة على الرف , طلبت من أبو دينا إنزالها فامتنع وابتدأ الصياح .

هو – هي لام دينا لا تدخليني المتاهة .
هي – سأشرب منه اليوم وفي هذه الليلة .
هو- انه شراب برتقال عادي , لا يستحق كل هذه الضجة , جلبت لك كل ماتشائين .
هي – ألا هذه , سأمتنع أتفهم ؟ , ستصيبني الكآبة , وأنام مبكرة .

عدنا إلى غرفة أبو دينا مع القنينة , فتح سدادتها , وملأ لها كأسا وعاد بالباقي , ودخت أنا ,غطت رائحة عصير البرتقال المعتق على كل ماعداها , وملأت خياشيمي , وكل مساحات جسدي , وكأن بيضة اثر بيضة في أحشائي تنفست وانتعشت من رحيق قداح ماقبل الثمر , سأهبط حتما في القدح لأرتوي , ولكن بعد أن تنتهي هذه العاهرة من الارتشاف , لايهم مقدار ماستشربه , يبقى هنالك دوما خيطا من ثمالة تلتصق بالزجاج , اهوي بجسدي نحوها , ولم يطول انتظاري , تشاجرا لسبب آخر , وتكسرت عدة صحون وأقداح , وهربت وذهب يركض ورائها , وسلم قدح العصير , لازال ممتلئ لنصفه , وفي عالم الذباب نتداول بعض القواعد والقوانين ولا نخرقها , ومنها الحذر وعدم الانزلاق , والهبوط عند الحافات , ولكن المحاذير تزول ساعة الرغبة العمياء , والشهوة المجنونة لامتصاص حتى قدح كامل , هو ما أحاول السباحة فيه الآن , ولكني وبصراحة الصحو والواقع , عالقة واغرق , رميت بنفسي وجسدي نحو قدح العصير , وتلقفني الدبق واللزوجة , غاصت الرجل أولا , وها أنا أتجول بناظري لضوء النجوم من فوقي تارة وبحسرة , وأتطلع بألم لاستكشف قعر القدح حيث سيستقر جسدي , حاملة بيوض لن تفقس , ولن ترى الحياة , غطس كل جسدي ولم يعد لي غير رأس يتنفس , ويناجي مايراه من سماء , وينطلق مني الدعاء واللعنة لأجل مصيبتي أنا وذريتي على من كان السبب .

الذبابة – أيتها العاهرة أتمنى لك أن تحملي بسفاح , لتذوقي مر العذاب .


ديك الجيران

نعم أنا هو , رمز الفحولة والقوة والكبرياء , وذاك اللعين غريمي , ومانعي من الاقتحام , وتحريم ما حلله الله لي , هو وحده من تجرأ على الإمساك بي , اعتصار جسدي بين ذراعيه , يلف أصابع يده اليسرى حول رقبتي ويضغط , أحيانا بقوة , ليذكرني بسطوته في داره , أنا الذي يسميه هو ديك الجيران .

أعيش في قفص مفتوح مع دجاجتين , لا تصلحان قطرة في بحر فحولتي , في بيت الجيران قفص كبير , تحشر فيه أكثر من عشر دجاجات سمان بياضات زاهيات الألوان , لا يبدو على جارنا انه في وارد إحضار ديك , يطفئ الظمأ , هو يبحث عن البيض للأكل , لا للتلقيح والتفقيس وعوائل سعيدة تصوص وتجري , عشر من دجاجات الشركة الضخمة المليئة بالحياة ! , مغلقة عليها الأبواب , وعندما أتطلع إلى عائلتي الصغيرة من دجاج العرب , تدفعني الغريزة , بل قل نداء الواجب للعبور واجتياز السياج والحواجز , والاقتراب من القفص المشبك المغلق , ويبدأ الصراخ المشترك , نداء البقاء والاستمرار والتواصل , ولكن الباب الخشبي لا يفتح , وتكاد الدجاجات أن يدوس بعضها بعضا , من هول الاضطراب , واللهفة لي , ويأتي هو , اللعين , إن كان في الدار , وانسحب غاضبا , لا فائدة , لن يتركني أحقق نداء ناموس الحياة , لا يرحم ولا يترك رحمة الرب لتفعل ما تريد ! , بدأت لا اهتم لقدومه وأواصل الصراخ , امسكني مرة , رفع إلى الأعلى كل هيبتي وثقلي , قادني محمولا إلى (أبو أسو ) جارهم , ومالكي وحبيبي , واشتكى من فعلتي وإقدامي , ابتسم صاحبي وأثنى على جرأتي , وطلب منه تركي , ورحل , كان الجاران غير منسجمين , أهلي يحبون التزاور والمرح والطبخ والأكل , حتى تحول الجميع وأنا منهم , إلى براميل منفوخة متحركة وساكنة , من اللحم والعظم والشحم , , بينما هذا الجار اللعين يلفه وأرضه بشرا ومكان ، الصمت والهدوء والتوحد , سمعت مرة أن أصحابي يودون لو زوّجوا إحدى بناتهم له , لو اظهر تجاوبا , ما دام يعيش في هذا المنزل الكبير مع أمه وأخاه الأصغر , ويبدو أن الفكرة لم ترق له أو جعلها معلقة هذا اللعين الذي يتحدى ويحارب ما حلله الخالق ويمارسه بشغف كل الحيوان والبشر , سأنتقم منه مرتين , لي ولأهلي , وثالثة لحرمان إناث جنسي مما عندي من قدرة وقوة وتفجر , يوفر له جيل رائع من الأفراخ الجميلة , سيتواصل اقتحامي ويجدني دوما جنب القفص , ودجاجاته تتقافز , وتتلاطم حتى ينهار المعبد , وتفتح باب السجن ,واحتضن بنات جنسي , امسك بي مرة أخرى , أتى بحركة غريبة , شعرت وكأنه يعاين ثقلي , مندهش هو ولا شك , حملني ثانية إلى أبو أسو , لم الحظ نبرة المجاملة في كلماته هذه المرة بل اختصر بعد إن رماني .

- زادها ديك الجيران .

هذا اللعين الذي يتصور إن زعله سيردعني , وموعدنا الجمعة ظهرا , تطلعت إلى دجاجتي تنقر الأرض بخمول , وهنالك عشر محرومات , سأدمر معهن القفص هذه المرة , وسأهاجمه وانقره وادمي جسده لو تطاول , طاقتي تتصاعد وأكاد اكبر وانتفخ , قفزت السياج والحواجز , وأصبحت ثانية أمام القفص وجها لوجه , قاقت الدجاجات حتى قبل أن ابدأ , انفجرت فجأة , كأني أود أن يسمع ويشهد الجار القريب والبعيد , على حرمان جنس الدجاج من حقه الطبيعي , ولكن لماذا تأخر اللعين ! , رأيته قبل حين على سطحهم , التفت للخلف , جاءني مسرع كالإعصار , بانت له عينان حمراوان , اهتز لهما بدني , أصابتني رجفة بلا توقف , وكأني افقد السيطرة لأول مرة في صراعنا , ساقاي لا تحملاني وهو يقترب , لا , لن ادعه يمسكني هذه المرة , سأهرب من مواجهة وحش رهيب منتقم , وددت لو أطير , يعيقني ثقل وزني , ولكني احلق فعلا ! أتسلق الجدران وهو يركض ورائي , ما ابعد المسافات في بيتهم لحركاتي وما أضيقها له , حاصرني لا استطيع إلا الصعود نحو الأعالي من هناك سأقفز , لن تكبر المسافة بين سياجهم العالي وسطح دارنا , لن يجرؤ حتما على اللحاق بي هناك , ما له يلاحقني بهذا الإصرار يتحول إلى قرد يجيد التسلق , لا تهمه أبدا صرخات الاستنجاد التي أطلقها , من أعطاه هذه الشجاعة ؟ أخيرا أصبحت فوق سياج سطحهم , قفزة أطلقها طائرا , واجد نفسي على سطح دارنا , ولكن أين هو , نظرت إلى الأسفل , كان في ارض الحديقة يتكأ على الجدار الفاصل بين البيتين , فهم مقصدي , إذا لم أصل سطحنا , فسأتزحلق حتما نحو أحضانه , يا للهول , جدار بيتنا يلتصق بسياج حديقته , لعبها جيدا , سأقفز بكل قوتي ليست المرة الأولى ستسعفني وتعينني جناحاي , ولكن ما لذي يحمله ويلمع في يده , يا الهي إنها , سك ... سكين , ماذا يريد ؟ هل يجرؤ !؟ , سأقفز حتما خانني أصحابي ولم يسمعوا صرخاتي ! وكأنهم تخلوا عني , هل شاهدوا هم أيضا شرر عيناه ؟ أنها قفزة العمر والقدر هياااااا , لا إني ارتطم بالجدار ,أتمسك بجناحي وساقاي بالحائط الأملس , لا فائدة إني أتزحلق , يسحبني ثقلي نحو الأسفل , هب , امسك بي وأنا مرهق , احتضنني بحنان أدهشني ! شممت رائحة مقيتة تصدر منه لم أحسها من قبل , سار بي إلى الداخل , كانت هنالك طاولة وأقداح , جلس على كرسي ليرتاح واعتصرني أكثر وكأنه يريد التوحد معي , سكن قليلا ثم تحركت يده نحو قنينة وكأس , سكب قليلا من سائل القنينة في الكأس , ازدادت الرائحة الكريهة حتى أصابني الدوار , سكب قليلا من الماء فوق السائل الأول تحول لونه للأبيض! هي خمره ولا شك , ثم جاء بقطعة من الثلج وانزلها المزيج ليطفح الكأس , قربه من رأسي ومنقاري ليزيد دوختي , ويصدم إذني بضحكة صفراء لئيمة ! أبعدت رأسي , امسك بالكأس وشربه متمهلا حتى الثمالة كنت اسمع حركات بلعومه ويحس جسدي بالسائل البارد ينزل نحو معدته , قرقعتها أصابتني برجفة وغثيان , آه من هذا الماجن السكير متى يتركني ؟ مسح شفتيه بكم قميصه , ثم نهض وطرد بعض التراب من جوانب سرواله وكأنه ينهي آثار المعركة , ثم انتقل إلى المطبخ , وظهرت السكين مرة أخرى ! , رعب لا ينتهي , حملها وتحرك نحو حنفية الماء , فتحها وغسل السكين قرب رأسي , فتح منقاري وكأنه يريد إدخال إصبعه في جوفي حيث تساقطت قطرات الماء , انه يسقيني ! لعله سيرحمني ؟ تمشى نحو الحديقة الخلفية , توقف واخرج لساني , وهو يتمتم بكلمات كالبسملة , نعم سمعت ذكر الله ! من أين له معرفة هذه الطقوس ؟ هذا العلماني الكافر كما نعته حبيبي الغائب أبو أسو مرة وكأنه يحرضني عليه ! , لا , لا , انه يفعلها ليكمل الجريمة , مدد جسدي على الأرض وهو يتطلع نحو الأفق وكأنه يوجه رأسي نحو شيء ما , فتح جناحاي وحكمها تحت قدمه اليسرى , وداس باليمنى على رجلي , آه ستزيد شهادتي من صفاته المخفية يوم الحساب , اليوم هو سكير وسارق وقاتل وإذا اجتمعت مع نعوت أبو أسو فسيكون لهذا اللعين جملة متعددة المساوئ ( علماني , كافر , سكير , سارق , قاتل ) , وضع أصابعه على رقبتي اقترب من حنجرتي , وكأنه يبحث عن نقطة الحلال لتغوص السكين فيها , ويتفجر دمي أنا , وينقطع رأسي , ومنقاري يضغط بقوة على لساني , لا أفكر الآن إلا بلحمي الطازج الحر , وقد اختلط بمعدة هذا المنتقم مع ذلك السائل الأبيض البارد المقيت , ولا يتبقى من ذكراي غير صفات الرعونة , والرغبة في الاعتداء , ودجاجتا عرب تيتمت من فحل , قتلته رغبة تعدد الزوجات .




 

free web counter

 

 

كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس