| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

د. كاظم حبيب

 

 

 

الأربعاء 11/3/ 2009

 

دعوة ونداء
من أجل نجدة الاقتصاد الوطني

كاظم حبيب

من أجل نجدة الاقتصاد الوطني , من أجل مساندة ودعم مطالب اتحاد الصناعات العراقي والمنظمات الاقتصادية والعمالية العراقية

منذ سقوط النظام الدكتاتوري حتى الوقت الحاضر أمكن ملاحظة ابتعاد موجهو السياسة العراقية الراهنة عن تنمية الاقتصاد الوطني والتصنيع وتحديث الزراعة كلية وتركز همهم في إغراق الأسواق المحلية بالسلع الإيرانية والتركية, إضافة إلى سلع أخرى من دول أخرى. وأغلب تلك السلع المصنعة المستوردة تعتبر من الدرجة الثالثة والأخيرة من حيث مستوى التصنيع والنوعية والديمومة, رغم أن أسعارها ليست بالرخيصة. والمشكلة لا تكمن في هذا الجانب من السلع المستوردة, بل في عدة جوانب جوهرية يفترض التركيز عليها في المرحلة الراهنة من نضال الشعب العراقي لتغيير واقعه الاقتصادي والاجتماعي, وأعني بذلك ما يلي:
1 . إن هذا الاستيراد الواسع يقف مانعاً وعائقاً حقيقياً أمام عملية التنمية الوطنية وخاصة التصنيع الوطني وتحديث الزراعة والتحول التدريجي من مجتمع مستهلك للدخل القومي إلى منتج له. ومن غير المعقول بل الجنون بعينه أن تبقى 90 % من المشاريع الصناعة متوقفة عن العمل , كما صرح بذلك الأستاذ هاشم الأطرقچي رئيس أتحاد الصناعات العراقي.
2 . وهذا يعني عجز الاقتصاد الوطني عن إيجاد فرص عمل جديدة في مجالات الاقتصاد الإنتاجي والاقتصار على الخدمات الاستهلاكية والبنية التحتية, وهي غير كافية لامتصاص البطالة الكبيرة التي يواجهها الاقتصاد العراقي بالارتباط مع معدلات النمو السكانية والزيادة الطبيعية في المجموعات الشبابية الجديدة التي تدخل سوق العمل سنوياً.

3 . وهذا يعني إبقاء الاقتصاد العراقي مشوهاً في بنيته, ريعياً في إنتاجه للدخل القومي ومعتمداً على موارد النفط الخام في تكوين الدخل القومي وفي استيراد ما يحتاجه من سلع للسوق المحلي دون توجيه تلك الموارد المالية النفطية صوب التنمية المستمرة, وبالتالي يُستهلك الدخل القومي دون رحمة.

4 . وهذا يعني بدوره إبقاء الاقتصاد العراقي مكشوفاً على الخارج تابعاً له وجزءاً عضوياً من عملية إعادة الإنتاج لاقتصاديات أخرى دون أن تكون له عملية إعادة إنتاج موسعة في الداخل لتحقيق التراكم الرأسمالي وإغناء الدخل القومي وتطوير الاقتصاد الوطني.

5 . وهذا يعني بدوره الوقوف بوجه نمو الطبقة البرجوازية الوطنية المتوسطة في القطاع الصناعي وحرمان أصحاب رؤوس الأموال العراقيين, وربما العراقيات, من التوظيف في الصناعة الوطنية. كما أن هذا يعني إبقاء بنية المجتمع العراقي على حالها المشوه الراهن دون وجود طبقة عاملة واسعة ذات قدرات فنية ومهنية ووعي اقتصادي واجتماعي ومشاركة فاعلة في العملية الاقتصادية والاجتماعية في البلاد.

6 . إن مثل هذا التوجه الاقتصادي لا يساعد على توفير مستلزمات بناء دولة مدنية ديمقراطية حديثة ومجتمع مدني ديمقراطي حديث, بل يبقى المجتمع خاضعاً للعلاقات الريفية والعشائرية وللمؤسسة الدينية وشيوخ الدين.

7 . كما أن سياسة البنك المركزي في التسليف وسعر الفائدة الراهن لا يساعد القطاع الخاص المحلي على الاستفادة من القروض, بل هي مفيدة للقطاع الخاص الأجنبي. وهو أمر سلبي يفترض تغييره. إن وجهة البنك المركزي تشجع وتقف إلى جانب التسهيلات الائتمانية التجارية والقروض للتجار منة, وتعرقل التنمية الصناعية المحلية من جهة أخرى.

8 . ولن يربح من هذا الاتجاه الاقتصادي غير الإنتاجي سوى مجموعة صغيرة من كبار التجار ومن الدول المصدرة للعراق, في حين يكون الخاسر الأكبر هو الاقتصاد العراقي والشعب العراقي.
من هنا ننطلق لدعم ومساندة الاحتجاج والتظاهرة السلمية التي ينظمها اتحاد الصناعات العراقي والعديد من الاتحادات والمنظمات الاقتصادية والعمالية في 14/3/2009 التي ترى في المسيرة الاقتصادية الراهنة إساءة كبيرة للاقتصاد والمجتمع في العراق وتجاوز فظ على الأجيال الحالية والأجيال القادمة.

ومن هنا تأتي الدعوة الصادقة لتنظيم ودفع عجلة التنمية الصناعية والتحديث الزراعي وتطوير البنية التحتية التي توفر مستلزمات التنمية الوطنية وتخدم مصالح المجتمع.
إن المطالبة يفترض أن تتركز على بعض النقاط المهمة, منها مثلاً:
- توجه الدولة العراقية من أجل وضع إستراتيجية واضحة للتنمية الاقتصادية والبشرية في العراق تهدف إلى استثمار موارد النفط الخام للتنمية الصناعية وتحديث وتطوير الزراعة.
- استثمار النفط الخام في تطوير سلسلة من المشاريع الصناعية وتطوير وتوسيع مشاريع تكرير النفط وإنتاج مشتقاته وتقليص مستمر لاستيرادات العراق من مشتقات النفط الجارية حالياً.
- توفير مستلزمات وتشجيع القطاع الخاص العراقي على توظيف رؤوس أمواله في القطاع الصناعي وفي تحديث الزراعة وإصدار التشريعات الضرورية لهذا الغرض.
- تشكيل هيئة عليا للاستثمار في العراق تساهم في تأمين المستلزمات الضرورية لتشجيع الاستثمار الخاص المحلي بالدرجة الأولى, ثم الأجنبي في الاقتصاد العراقي, وبشكل خاص في القطاع الصناعي وفي الزراعة وفي مشاريع الخدمات الإنتاجية والاستهلاكية.
- تنظيم التجارة الخارجية بما يسهم في دعم التوجه صوب التنمية الوطنية وتنشيط التصنيع والإنتاج الزراعي. إضافة إلى ضرورة تغيير التوزيع الجغرافي الراهن لاستيرادات العراق وتحسين نوعية المستورد وضمان الرقابة على النوعية والأسعار.
- ربط العملية التعليمية بمختلف مراحلها ومراكز البحث العلمي بعملية التنمية الوطنية والتصنيع وتحديث الزراعة والاتصالات الحديثة والمواصلات وإعادة التأهيل.
- توجيه البنك المركزي والبنوك المحلية لممارسة سياسة أكثر واقعية وعقلانية كي تساهم في تشجيع المستثمر المحلي لاستلاف القروض الميسرة وبفوائد قليلة وتوظيفها في القطاع الصناعي والزراعي والاتصالات الحديثة.
- تطوير تنظيم ونشاط شركات التأمين وإعادة التأمين في العراق وتطوير علاقاتها الدولية مع تلك الدول التي لنا علاقات قديمة وناجحة في السابق معها والاستفادة من الخبرات العراقية الدولية في هذا الصدد. فالتأمين يشكل احتياطياً كبيراً لدعم الاقتصاد العراقي, وخاصة في فترات الكوارث الطبيعية وغيرها.
- العمل من أجل مساعدة الاقتصاد العراقي في توفير ظروف وشروط عمل مناسبة لصالح تطوير الإنتاج وتحسين الإنتاجية وتقليص التكاليف.
- ربط العملية التنموية بحماية البيئة من التلوث, وبالتالي لا بد من توفير المعلومات والثقافة الكافية لاختيار مشاريع حديثة تساعد على تقليص درجة التلوث في عراق ملوث أصلاً من جراء السياسات السابقة والحروب ...الخ.
- تطوير وتحديث نشاط الهيئة العامة للمواصفات والمقاييس لفرض رقابتها على السلع المستوردة وتلك التي تصنع في الداخل لضمان مواصفات خاصة وسليمة.

لنعمل من أجل تحويل التظاهرة إلى عمل منظم ودءوب لصالح إقناع المسئولين بضرورة التوجه صوب التنمية والتصنيع والتحديث وتوفير فرص عمل للعاطلين وربط التنمية الاقتصادية بالتنمية البشرية ومكافحة الأمية.


11/3/2009








 

 

free web counter