|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

السبت  1 / 8 / 2015                                 د. كاظم حبيب                          كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

هل يجوز لرئاسة وحكومة الإقليم السكوت عن العمليات العدوانية للقوات التركية بكردستان العراق؟

كاظم حبيب 

كل الدلائل تشير إلى إن رئيس الدولة التركية رجب طيب أردوغان ورئيس الوزراء أحمد داوود أوغلو قد حصلا على موافقة الولايات المتحدة الأمريكية في ضرب قواعد الپيشمرگة الكردستانية التابعة لحزب العمال الكردستاني PKK في جبل قنديل بإقليم كردستان العراق وكذلك تنفيذ عمليات عسكرية بإقليم كردستان تركيا. وإن هذه الموافقة جاءت بمساومة مخزية وغير عقلانية الهدف منها كسب الحكومة التركية للمساهمة في ضرب قوات داعش بالعراق وسوريا، أو بتعبير أدق، السماح للطيران الحربي الأمريكي في الانطلاق من قاعدة أنجرليك التركية لضرب مواقع داعش وكذلك تزويد طائراتها بالوقود. في حين إن العالم كله يعرف بأن تركيا واحدة من أكثر الدول التي ساندت داعش وساهمت في تنشيطه والسماح لعناصره الإرهابية بالمرور عبر أراضيها إلى سوريا والعراق، إضافة إلى توفير المساعدات له ومعالجة جرحى هذا التنظيم الإرهابي التكفيري في المستشفيات التركية.

إن هذه السياسة التي تتخذ مواقف التحالف مع القوات الكردية في كوباني وعموم سوريا من جهة، والموقف المخزي للإدارة الأمريكية من القوات الكردية التي تكافح من أجل حقوقها المغتصبة في كردستان تركيا وإلى تعطيل أو إلغاء عملية السلام التي بدأت منذ ثلاث سنوات ولم تنته بعد من جهة أخرى تعني التعامل بمعيارين في قضية واحدة وضياع كل الجهود التي بذلت خلال الفترة المنصرمة والعودة إلى المربع الأول، إلى التناحر والصراع والحرب التي كلفت الشعبين 40 ألف قتيل وعشرات المليارات من الدولارات وتعطيل عملية التنمية في كردستان تركيا وعموم الدولة التركية. إننا ندين بشدة الموقف الأمريكي وهو غير مفهوم وغير مقبول على الصعيد الأوروبي والعالمي وقوبل بالرفض والشجب في آن واحد.

ولكن من غير المقبول ولا المفهوم، بالرغم من الخلافات الموجودة في ما بين الأحزاب السياسية الكردستانية أو بينها وبين حزب العمال الكردستاني، أن لا تشجب رئاسة وحكومة إقليم كردستان العراق وبعض القوى السياسية فيها العدوان الذي تشنه الدولة التركية ضد الأراضي الكردستانية بالعراق وتشريد العائلات الفلاحية وحرق المحاصيل الزراعية في مناطق واسعة من جبل قنديل والعمادية وغيرها من القرى والأرياف والبلدات الكردستانية. فلا الحزب الديمقراطي الكردستاني ولا الحزب الشيوعي الكردستاني ولا عدد آخر من الأحزاب الأخرى بكردستان والعراق قد شجبت هذا العدوان البربري، وبالتالي فهي ترتكب خطأ تاريخياً غير مبرر وغير مقبول ومسيء لها ولنضال الشعب الكردي.

لقد حقق الشعب الكردي نجاحاً كبيراً في الانتخابات الأخيرة بتركيا مما أدى إلى فقدان حزب التنمية والعدالة الذي يترأسه أردوغان الأغلبية المطلقة وليس هناك من حزب يرغب بالتحالف معه، وبالتالي نراه يتجه إلى تشديد الصراع مع حزب العمال الكردستاني واتهام حزب الشعوب الديمقراطي بالتعاون مع الحزب الأخير ليرفع عنهم الحصانة البرلمانية ومحاكمتهم ومن ثم إعلان إعادة الانتخابات بتركيا للحصول على أغلبية مطلقة وتشكيل الحكومة بمفرده وتنفيذ ما يسعى إليه من التسلط على الشعب والدولة التركية ليفرض نفسه سلطاناً جديداً عليهما.  

إن من واجب الشعب الكردي ورئاسة الإقليم والحكومة وكل القوى والأحزاب السياسات ومنظمات المجتمع المدني إدانة العدوان التركي والدعوة والنضال من أجل إيقاف العمليات العسكرية ضد الشعب الكردي في كردستان تركيا، إنها ليست ضد حزب العمال الكردستاني وحده بل ضد كل المناضلين من أجل حقوقهم المشروعة بكردستان.

إن صداقتنا للشعب الكردي ورغبتنا في أن يكون قدوة لا في النضال من أجل حقوقه المشروعة وما حققه من مكاسب حتى الآن فحسب، بل وأن يكون قدوة في تضامنه مع الشعب الكردي في كردستان تركيا وكردستان إيران ومع الكرد في سوريا، هي التي تفرض علينا أن ننتقد الموقف ونطالب بتغييره لصالح القضية الكردية عموماً والشعب الكردي في كردستان تركيا في هذه الفترة الحرجة من تاريخ نضاله وتضحياته الكبيرة.

إن التصريحات التي أدلى بها السيد رئيس إقليم كردستان العراق ودعوته للحوار غير كافية، بل تتطلب شجب العدوان ورفض عودة القتال بين الحكومة التركية وحزب العمال الكردستاني، خاصة وأن رئيس وزراء تركيا أحمد داوود أوغلو قد ادعى في خطاب له علناً وفي مجلس النواب بأنه أخذ موافقة السيد مسعود البارزاني في ضرب مواقع حزب العمال الكردستاني في أراضي كردستان العراق. والرد على هذا التصريح العلني، يفترض أن يشير إما إلى إن رئيس وزراء التركي كان كاذباً في هذا التصريح أو الرد العلني بشجب الحرب التي أعلنها رئيس الدولة ورئيس الحكومة بتركيا.

إننا نتطلع إلى رفع صوت الشعب العراقي كله وبكل قومياته وأحزابه الوطنية والديمقراطية للمطالبة بإيقاف العمليات العسكرية والضربات الجوية على أراضي كردستان العراق.

أننا نطالب المجتمع الدولي بشجب الموقف الأمريكي وكل المواقف المساندة للحكومة والقوات التركية في عملياتها العسكرية الراهنة، سواء أكان هذا العدوان على الأراضي العراقية بكردستان العراق أو بكردستان تركيا.

 


31/7/2015
 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter