|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الثلاثاء  22 / 7 / 2014                                 د. كاظم حبيب                          كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 


 

حلفاء داعش يجتمعون بعمان باستضافة ورعاية ملكية، فما الهدف؟

كاظم حبيب

عقد في عمان، عاصمة المملكة الأردنية الهاشمية، يوم الثلاثاء المصادف 15/7/2014 مؤتمراً أُطلق عليه مؤتمر "المعارضة العراقية" بدعوة واستضافة ورعاية من ملك الأردن عبد الله بن حسين. وأكد الناطق باسم هيئة علماء المسلمين عن مشاركة عدد يتراوح بين 150-200 معارض عراقي. فما هو هف هذا المؤتمر؟ لكي نفهم بوضوح أهداف هذا المؤتمر، علينا أن نتعرف على القوى والأشخاص الذين شاركوا في هذا المؤتمر. فقد جاء في تصريح لبشار فيضي، أحد ممثلي هيئة علماء المسلمين السنة، عن المشاركين في المؤتمر ما يلي :
"من أبرز القوى السياسية المشاركة في المؤتمر إضافة إلى هيئة علماء المسلمين، فصائل عسكرية وقوى ثورية من سبعة محافظات غرب وجنوب العراق، فيما أكد منظمون للمؤتمر أنه يمثل أكبر التجمعات السنية منذ الاحتلال الأمريكي للعراق والجيش الإسلامي في العراق، وممثلين عن الجيش العراقي الوطني. ومن بين المشاركين أيضا، الحراك العراقي في بغداد وسامراء والمجلس السياسي العام لثوار العراق الذي يرأسه زيدان الجابري وضباط عراقيين سابقين ونقيب المحامين صباح المختار، وعبد الصمد الغريري كأحد أبرز القيادات البعثية، إضافة إلى الشيخ عبد الملك السعدي أحد أبرز علماء العراق". (
راجع موقع كل الأردن. تفاصيل اجتماع المعارضة العراقية في عمان. 16/7/2014).

تتوزع هذه القوى السياسية على أربعة اتجاهات أساسية :

أولاً: قوى الإسلام السياسي الطائفية المتطرفة التي استخدمت وما تزال تستخدم العنف للوصول إلى السلطة والتي تدعي تمثيلها للعراقيات والعراقيين من أتباع المذهب السني. ومن بين هذه التنظيمات نشير إلى "هيئة علماء المسلمين السنة، هذا التنظيم الطائفي المتطرف والذي تحالف منذ البدء مع تنظيم القاعدة بالعراق وله ميليشيات مسلحة وبعض التنظيمات الإسلامية المماثلة والذي يترأسه الطائفي بامتياز الدكتور حارث الضاري. وقد تلطخت أيدي هذه المجموعة بدماء العراقيين والعراقيات.

ثانياً: تنظيم حزب البعث العربي الاشتراكي، وهو تنظيم قومي شوفيني متطرف وعدواني وله ميليشيات مسلحة وشارك في عمليات إرهابية كثيرة وتحالف مع قوى القاعدة والآن مع تنظيم داعش، إضافة إلى سجله المشين ونظامه الاستبدادي والعنصري الذي حكم العراق 35 عاماً, والذي يترأسه المتهم بجرائم بشعة هو عزة الدوري والذي كان اليد اليمنى لصدام حسين. وهو النظام المسؤول عن مجازر الأنفال وحلبجة وتهجير الكرد الفيلية والعرب الشيعة وتعريب مناطق واسعة وتهجير قسري للمثقفين.

ثالثاً: مجموعة من رموز النظام البعثي الساقط من عسكريين وأمنيين ومثقفين قوميين شوفينيين وطائفيين بامتياز، وهمهم الأساسي العودة بالعراق إلى فترة حكم البعث الجائرة والمريرة التي كلفت الشعب العراقي مئات ألوف الضحايا والخسائر المادية ودفع بالعراق إلى الحالة التي هو فيها الآن.

رابعاً: بعض شيوخ العشائر الذين جوبهوا بصدود من النظام الطائفي بالعراق فالتحقوا بهذه القوى وحملوا السلاح وشاركوا بتلطخ أيدي الكثير منهم بدماء الشعب العراقي.

إن هذا التحالف السياسي الطائفي السيئ الصيت قد تحالف بشكل واضح وصريح لا لبس فيه مع أكثر التنظيمات الإرهابية شراسة وعدوانية وظلامية وإجراماً، مع تنظيم "الدولة الإسلامية في العراق والشام" (داعش) قبل احتلال الفلوجة ومن ثم الهجوم العدواني الأخير على الموصل واجتياحها من جانب تنظيم داعش الإجرامي، وأخيراً إعلان الخلافة الإسلامية بالموصل والخليفة الجحش "أبو بكر البغدادي: أو إبراهيم عواد. وقد أيد عزة الدوري وساند وشاركت مجموعته المجرمة هذه القوى والجرائم التي ترتكبها يومياً بالموصل ومناطق أخرى من العراق.

إن البعض من هذه القوى التي ادعت إنها تمثل أتباع المذهب السني، قد تبنت في البداية شعارات ومهمات طرحتها الجماهير الواسعة في مناطق غرب وشمال غرب العراق على الحكومة الاتحادية لمعالجتها. ولم تعر هذه الحكومة الاتحادية الطائفية أذناً صاغية واستجابة ضرورية لتلك المطالب المشروعة مما أدى إلى تشابك غريب بين القوى الشعبية المطالبة بمهمات عادلة وبين القوى الإرهابية الساعية إلى تخريب البلاد وسيطرتها عليه. ورغم وجود تحالف بين هذه القوى في المرحلة الراهنة وتنظيم داعش، إلا إن الاختلاف والصراع آت لا ريب فيه في ما بينها. وقد بدأ فعلاً. ولكن إلى أن يتبلور هذا الصراع ستكون قوى داعش قد ارتكبت من الجرائم الوحشية ما لا يمكن تصوره، سواء أكان بقتل البشر العراقي من مختلف الديانات والمذاهب، أم بتدمير التراث والذاكرة الحضارية العراقية.

إن القوى المجتمعة في عمان هي قوى متآمرة رجعية وعدوانية ليس في تحالفها العدواني مع تنظيم داعش الإجرامي فحسب، بل وفي ادعائها بوجود ثورة وضرورة مواصلتها واحتلال بغداد. أي أنهم يعتبرون ما قام به تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش) والبعث الإرهابي وهيئة علماء المسلمين السنة ومن لف لفها هم "الثوار" وهم الذين يقودون "الثورة الإسلامية" بالعراق ولا بد من مواصلتها وصولاً إلى احتلال بغداد وبقية محافظات الوسط والجنوب، في حين أن الشعب العراقي بكل مكوناته الواعية والشريفة تعيش يومياً الممارسات والأفعال الشنيعة التي يقوم بها داعش والقوى المتحالفة معه بالعراق. وآخر الجرائم البشعة وضد الإنسانية التي نفذها القتلة بالموصل والذي وضع مسيحيي ومسيحيات الموصل أمام أحد الخيارات الدنيئة التالية: إما التحول إلى الإسلام أو دفع الجزية أو مغادرة الموصل مشياً على الأقدام وبملابسهم التي يرتدونها فقط أو يقتلون بنحرهم من الوريد غل الوريد.

إنها جريمة العصر، جريمة القرن الحادي والعشرين في العراق ومنطقة الشرق الأوسط والعالم. لقد أُجبر المسيحيون كافة هم وأطفالهم ومرضاهم والعجزة منهم على مغادرة الموصل والتوجه صوب المناطق التي ما تزال آمنة في محافظة نينوى والمحمية من قبل قوات البيشمركة الكردستانية أو إلى محافظة دهوك في كردستان العراق. لقد أدانت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي والمنظمات العاملة في مجال حقوق الإنسان هذه الجريمة البشعة في إفراغ الموصل من أهلها المسيحيين. إنها أبشع الجرائم التي ترتكبها داعش يومياً بالموصل وبالمناطق التي تحتلها. إنها جريمة ضد الإنسانية. إن سكوت هذه الجماعة الخربة والمتآمرة مع داعش، التي أطلقت على نفسها اسم "المعارضة العراقية" التي اجتمعت بعمان، عن الجرائم التي ارتكبت بحق المسيحيين وبحق الجماعات الدينية الأخرى في الموصل والتي أجبرت على ترك مناطق سكناها هو جريمة من جهة، ولكنه يعبر عن السلوك اللاإنساني لهذه القوى المعارضة المقيمة بعمان وبدعم من الملك عبد الله بن حسين والحكومة الأردنية.

إن من واجب كل الخيرين والشرفاء من العراقيات والعراقيين أن يدين هذا التحالف المشبوه وأن يميز بين الذين عارضوا بحق وصدق نظام الطائفية السياسي السائد بالعراق وطالبوا بتغيير هذا النظام لصالح الوطن والمواطنة، وبين هذه المجاميع البائسة والطائفية بامتياز التي اجتمعت بعمان. فهؤلاء لا يريدون غير إقامة نظام طائفي آخر كالنظام الطائفي القائم حالياً وهم لا يرغبون إلا بتوزيع المنافع بينهم وبين الحكام الطائفيين الشيعة، في حين يبقى الوطن ومصالح الشعب وتبقى هوية المواطنة بعيدة كل البعد عن تفكيرهم وتجاه نشاطهم والعذابات التي يتحملها أبناء المناطق الغربية والشمال الغربي من العراق تحت هيمنة قوى الإجرام والظلام التي تعيث فساداً وقتلاً وتخريباً بمدينة الموصل والمناطق الأخرى التي تحت سيطرتها.

والغريب بالأمر إن النظام الطائفي الحاكم الذي يترأسه الطائفي بامتياز نوري المالكي، والذي يستحق أن نهزج له على طريقة الأوباش والمجرمين من البعثيين، تلك الأهزوجة القبيحة التي يستحقها "هلهولة الـ "نوري" الصامد!!!"، والذي لم يخجل عما حصل ويحصل بالموصل وهو رئيس الحكومة الفاشلة وحكومة تصريف الأعمال ويرفض الانسحاب من رئاسة حكومة تصريف الأعمال، لم يحرك ساكناً ولم يسع إلى نجدة هؤلاء الناس الذين فرضت عليهم ترك مناطق سكناهم. إن من يمارس مثل هذه السياسة ويتخذ مثل هذه المواقف السيئة يستحق تقديمه إلى المحاكمة بتهمة إساءة الحكم وعدم تنفيذ التزاماته كرئيس حكومة وكقائد عام للقوات المسلحة العراقية وكوزير للدفاع والداخلية والأمن الداخلي فعلياً.

إن على القوى الحية والوطنية بالعراق أن تدرك الواقع المزري الذي وصل إليه العراق بفعل وجود نظام المحاصصة الطائفية وبفعل الاستبداد الطائفي، وأن تتحرك للخلاص من هذا النظام الطائفي ومن تلك القوى الطائفة الحاكمة وتلك التي تدعي المعارضة وتجتمع بعمان للسيطرة على الحكم الطائفي ولإقامة حكم طائفي مماثل. وإذا كان النظام الطائفي الراهن يتمتع بتأييد ودعم مباشرين من إيران، فأن القوى الطائفية الأخرى تتمتع بدعم وتأييد مباشرين من السعودية وقطر وتركيا. وهي كلها لا تريد مصلحة العراق ولا وحدته الوطنية ولا مصلحة مواطناته ومواطنيه.

 

 

 

 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter