|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الأربعاء  22 / 10 / 2014                                 د. كاظم حبيب                          كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 


 

القضايا التي توحد جمعيات ومنظمات ونشطاء حقوق الإنسان في داخل العراق وخارجه

كاظم حبيب

تشكلت في فترات مختلفة منظمات وجمعيات مهمتها الدفاع عن حقوق الإنسان التي انتهكت بفظاظة شديدة داخل العراق خلال فترة حكم الدكتاتورية الفاشية. ولكن جميع هذه المنظمات تقريباً تشكلت خارج الوطن وفي بلدان مختلفة وفي ظروف متباينة ملتزمة بقوانين الدول التي عملت فيها باعتبارها جزءاً من منظمات المجتمع المدني غير الحكومية. والكثير من هذه المنظمات والجمعيات سجل رسمياً في تلك الدول ولعب دوراً إنسانياً مهماً في الدفاع عن الإنسان العراق وحقوقه في ضوء اللائحة الدولية لحقوق الإنسان والمواثيق والعهود الصادرة في الستينيات من القرن الماضي وما بعده، وفضح التجاوزات والانتهاكات والجرائم التي ارتكبت بحق الإنسان العراقي وبحق أتباع القوميات العديدة وأتباع الديانات والمذاهب الدينية وبحق أصحاب الفكر والرأي السياسي المخالف لرأي السلطة السياسية. وكان أغلب تلك المنظمات والجمعيات قد شكل في دول الاتحاد الأوروبي بشكل خاص.

وبعد سقوط الدكتاتورية الغاشمة بالعراق توجه الكثير من العراقيين والعراقيات إلى تشكيل منظمات وجمعيات غير حكومية أعلنت عن التزامها الدفاع عن حقوق الإنسان. وكان هذا النشاط مهماً وضرورياً ومعبراً عن المعاناة السابقة. البعض منها حصل على إجازة رسمية من الحكومة وبعضها الآخر لم يحصل على تلك الإجازة واستمر في عمله دون إجازة رسمية. بعضها كان جاداً وبعضها الآخر لم يكن بالمستوى المطلوب. مجموعة من هذه المنظمات تشكلت ببغداد وأربيل والسليمانية وفي محافظات أخرى في الوسط والجنوب كالبصرة وبابل والنجف وكربلاء وميسان وصلاح الدين والموصل. وتعرض الكثير من هذه المنظمات إلى المضايقات من جانب المليشيات الطائفية المسلحة التي مارست أبشع انتهاك لحقوق الإنسان وهي ما تزال لم تكف عن ذلك، كما تعرض البعض منها إلى المضايقة الشديدة أو عدم الدعم من جانب أجهزة الدولة الأمنية. وغالباً ما كانت معرضة لخطر الموت أو الاختطاف والتغييب، إذ لم تكن لها حماية لا من الدولة ولا من أي جهة أخرى، مما كان يجعلها عرضة للإيذاء على أيدي القوى المناهضة لحقوق الإنسان والمناهضة لأتباع القوميات والديانات والمذاهب المختلفة. وكان واحداً من أبرز الضحايا الذي التزم قضية الدفاع عن حقوق الإنسان هو الأخ المغيب الدكتور أحمد الموسوي، رئيس الجمعية العراقية لحقوق الإنسان، الذي اختطف ببغداد في العام 2006 ولم يعثر عليه حتى الآن، إذ ما تزال عائلته تتحرى عنه وتطالب به ونحن معها ي ذلك.

إن الظروف التي تعمل بها منظمات وجمعيات حقوق الإنسان في فترة وجود نظام سياسي طائفي بالعراق صعبة جداً ومحفوفة بمخاطر جمة. وهي الفترة التي أعقبت سقوط الدكتاتورية في العام 2003. كما إن اجتماعاتها وندواتها تعرضت ويمكن أن تتعرض لعمليات إجرامية من جانب العصابات التكفيرية والمليشيات الطائفية المسلحة وكل المعادين لحقوق الإنسان، وخاصة في بغداد ومحافظات الوسط والجنوب والموصل وغرب بغداد. لهذا فهي مجبرة على عقد ندواتها واجتماعاتها في مواقع يمكن أن تضمن للمحاضرين وللحضور الأمن النسبي في بلد لا أمان فيه. وهذا يختلف كلية عن الأوضاع التي يعيش فيها العراقيون والعراقيات في المهجر التي تتميز بالأمن والاستقرار والسلام حيث تتوفر الأماكن لعقد اجتماعاتها ومؤتمراتها. ولكن بعضها لا يستطيع رغم ذلك عقد اجتماعات له ويعمد إلى عقد مؤتمراته ولقاءات هيئاته القيادية عبر الإنترنيت على اعتبار إن هذا أسلوباً عصرياً!

إن من واجبنا أن نحترم ظروف كل دولة وكل محافظة بالعراق وأن لا نتدخل في شؤونها أو نشوش عليها بهذه الذريعة أو تلك، فالموت يحيط بهم، في حين ترفرف حمامات السلام على رؤوسنا ونحن بالخارج.

إن ما يجمعنا ويوحدنا يتلخص في مبادئ اللائحة الدولية واستقلالية منظمات وجمعيات حقوق الإنسان. وكل واحدة من هذه المنظمات والجمعيات تقدر ظروفها ومع من تتعامل وتنشط دون أن يؤثر ذلك على دورها ومهماتها في الدفاع عن حقوق الإنسان. يجب أن لا يعمل أي منا وكأنه وصي على حقوق الإنسان وعلى منظمات حقوق الإنسان وعلى لائحة حقوق الإنسان.

إن ما يجمعنا هو الدفاع عن الإنسان العراقي بالسبل المتاحة لهذه المنظمة أو تلك ولهذا الناشط أو ذاك، ويفترض أن يسود الاحترام المتبادل بين جميع منظمات وجمعيات ونشطاء حقوق الإنسان. فهذه المنظمات والجمعيات والنشطاء هم الأولى في احترام الآخر واحترام ظروفه وخياراته في العمل والتعاون، والنقد الذي يوجه يفترض أن يأخذ بالاعتبار ظروف الآخر وليس الظروف التي يعيش هو فيها والتي توفر له الأمن والاستقرار والسلام.

إن ما يوحدنا هو الإنسان العراقي، رجلاً كان أم امرأة، حقوقه المشروعة والعادلة والمنصوص عليها في الدستور العراقي الذي خرق ويخرق يومياً من قبل العصابات التكفيرية والمليشيات الطائفية المسلحة وأجهزة الأمن التي لا يعرف الكثير منها معنى حقوق الإنسان.

لنقدم الدعم والتأييد والمساعدة لمنظمات وجمعيات حقوق الإنسان بالداخل، إذ إنها واحدة من أهم وأبرز مهمات منظمات وجمعيات ونشطاء الخارج.



21/10/2014



 


 

 

 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter