|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الأربعاء  5 / 11 / 2014                                 د. كاظم حبيب                          كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 


 

ستندحر الراية السوداء لقوى داعش وأشباهها، وستنتصر إرادة الشعب العراقي

كاظم حبيب

لم يكن في مقدور هذه القوى السوداء أن تحقق نجاحات على الأرض العراقية لو كان النظام السياسي العراقي نظاما جامعا شاملا للشعب العراقي بكل مكوناته القومية والسياسية، لو كان نظاماً مدنياً ديمقراطيا واتحادياً سليماً ومعافى.

وما كان في مقدور قوى الإرهاب الدموي أن تقتل يوميا أعدادٌ غفيرة من بنات وأبناء الشعب العراقي وتهجر مئات ألوف الناس وتمارس التطهير العرقي لو كان النظام السياسي العراقي نظاما غير طائفي ولا يميز بين إتباع الديانات والمذاهب، ولو كان قد فصل بوعي ومسؤولية بين الدين والدولة.

وما كان يمكن أن تستمر هذه القوى الإرهابية في البقاء على تلك الأرض المسيطر عليها أو توسع الرقعة حاليا، وهي واسعة حقاً، لو تخلت الأحزاب والنخب السياسية وحكام العراق الحاليين عن نزعاتهم الشوفينية والدينية والمذهبية التمييزية الطائفية التي لا تجسد احتراما للوطن والمواطن بل تنشر الفرقة والصراع والنزاع والموت بين الناس، وهو ما برهنت عليه السنوات المنصرمة بل وكل تاريخ العراق البعيد والقريب.

الشعب العراقي بحاجة إلى انتفاضة حقيقية في دواخل كل فرد فيه في النفس البشرية العراقية، أن ينتفض على نفسه وعلى فكره وسلوكه وعلاقاته اليومية مع الآخر في المجتمع، أن ينتفض على الماضي البالي والأسود وأن يعتز بالماضي النظيف، أني تخلى عن الثقافة التمييزية بين البشر التي ابتلي بها الناس بالعراق مئات السنين المنصرمة، أن ينتفض على الفكر الطائفي والفكر الشوفيني وعن ممارستهما اليومية في الدولة والمجتمع، وأن يحتفظ كل فرد بدينه أو مذهبه أو معتقده أياً كان ذلك المعتقد.

لولا السلوك الشوفيني والطائفي الذي ساد حكام البلاد والكثير من الأحزاب السياسية العراقية والبلاد عموما حتى بعد سقوط دكتاتورية البعث وصدام حسين، لما كان في مقدور هذه القوى الإرهابية الدموية أن تحتل الفلوجة ومن ثم الموصل وسنجار ومزار وهي هيت وبيجي ومناطق في ديالى وكركوك ومخمور وتقترب من بغداد وبابل. ولو كان الجيش العراقي قد اُبعد عن الفكر والسلوك الطائفيين لما تركت الموصل دون مقاومة ولما سلمت بطبق من ذهب إلى قوى الإرهاب الداعشي.

لقد هجرت عصابات داعش بنات وأبناء الموصل المسيحيين وهجرت وأسرت وقتلت عشرات ألوف الإيزيديين عبر عملية إبادة جماعية وضد الإنسانية، كما قتلت أكثر من ٥٠٠ إنسان عراقي من عشيرة ألبو نمر في محافظة الأنبار وهم في طريقهم إلى قتل الآلاف الأخرى من بنات وأبناء العراق، فهل سيلعب الشعب دوره في الضغط المتعاظم على النخب السياسية والحكومة العراقية ومجلس النواب، رغم تركيبتهما الطائفيتين، لتغيير الوضع والتعجيل في السياسات والإجراءات الضرورية لمواجهة الإرهاب بوحدة الشعب والمواطنة العراقية؟ هل سيعقد مؤتمراً جامعاً شاملاً للمصالحة وضمان الوحدة الوطنية العراقية؟ هذه أسئلة وغيرها تدور في بالي وفي بال الملايين من الناس، والإجابة عنها ما تزال عالقة بالرغم من بعض الإجراءات الصغيرة والمهمة، عاجزة عن تحقيق الانعطاف الحقيقي لتحقيق النجاحات الضرورية لتطهير ارض العراق وإنقاذ البشر من الموت على أيدي عصابات داعش المجرمة.

من بيده الحكم هو القادر على الإجابة عن هذه الأسئلة أو على تحقيق التغيير، فهل السيد العبادي على استعداد لتحقيق هذا الانعطاف؟ من حيث المبدأ والوقائع كلها تؤكد بأن لا مناص من التغيير لمن يريد أن يكون واقعيا وعمليا وعلمياً وراغبا في السير على طريق الانعطاف المنشود.

لا شك بأن قوى غير قليلة تقف بوجه أي انعطاف حقيقي، بل هي ضد أي إجراء يدفع بهذا الاتجاه. وهي قوى تقف في معسكر الحكم، بل وفي صف الحاكم الأول بل هي في قيادة حزبه وقائمته. ولكن مطلوب من السيد العبادي أن يكون رئيساً لوزراء العراق وليس رئيساً لحزبه أو قائمته، فهل العبادي يفكر بهذه الطريقة ؟ أملي ذلك، إذ تنشر بعض الأخبار التي تشير إلى ذلك وان كان بعسر شديد.
هذا هو طريق دحر قوى الإرهاب، هذا هو طريق الانتصار على جميع قوى الإرهاب والدمار والموت.

وليس أمام العبادي وكل النخب السياسية العراقية من اجل إنقاذ البلاد إلا سلوك هذا الطريق!



4/11/2014



 


 

 

 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter