| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

د. كاظم حبيب

 

 

 

السبت 6/2/ 2010

 

مسقط رأسي يعيش حزناً قاهراً, ينزف دماً, يصرخ وجعا عارماً!! فمتى ينتهي..؟

كاظم حبيب

مدينتي الحزينة أبداً, مسقط رأسي, يعيش أهلها في كربٍ وبلاء دائمين, يعيش بنوها وبناتها في همٍ قاتل وفي محنة لا تنتهي. استشهد فيها الحسين وصحبه الكرام في صراعهم ضد الظلم والطغيان. فحولت جمهرة من شيوخ الدين تلك الشهادة الغالية إلى مآتم لا تنتهي, بدلاً من جعلها مشهداًَ يجسد انتصار الإنسان على الظلم عبر الاستشهاد. وأصبحت المدينة سنة بعد أخرى مرتعاً للحزن الدائم واللطم القاهر وسيل من الدماء بأيدي الناس أنفسهم بشج رؤوسهم يعيش عليه ومن خلاله الكثير من البشر!

على مدار السنة يعيش الناس أياماً كثيرة في حزن متواصل, وأفراح الناس في هذه المدينة العطشى للفرح والبسمة والهناء نادرة. شباب المدينة وشاباتها لا يمتلكون غير الفراغ القاتل والحسرة على العمر الضائع في كرب دائم, حتى الحب الذي هو ركيزة الإنسان في الحياة في خطر دائم وفي خشية من آخرين!

كانت المدينة في السابق مبتلاة بالكثير من شيوخ الدين المتخلفين والكثير من تجار المواكب, وكانت مبتلاة بنظام دكتاتوري يطارد الناس في حياتهم اليومية وينكد عليهم عيشهم المنكد أصلاً. أما اليوم, فالناس في كربلاء يعيشون تحت وطأة بلايا ثلاث, تحت وطأة الكثير من شيوخ الدين المتخلفين غير المتنورين ويصرون على مساراتهم السابقة ولم تتغير لديهم الحياة قيد أنملة بل تعمقت أكثر فأكثر, ومجالس محافظات وأحزاب تنكد عليهم عيشهم كما في السابق في تنظيم مثل هذه البدع المرفوضة دينياً, ثم أضيف إليها منذ سنوات عدة جمهرة متنوعة من الإرهابيين الأكثر تطرفاً والأكثر دموية الذين يمارسون قتل الناس بمتفجرات لا تكتشفها الأجهزة الفاسدة التي استوردتها الحكومة لتكتشف المتفجرات فأصبحت وبالاً على الناس لا رحمة لهم. أما المرأة فمبتلاة بأسوأ من الرجال فهن يعشن في ظلام دامس, أسوأ مما كانت تعيش فيه أمي وخالاتي وعماتي وكل نساء كربلاء قبل سبعين وتسعين ومائة عام!

هناك من ينظم المواكب الحسينية سيراً على الأقدام, وهي بدعة جديدة نجدها في الكثير من الديانات, ويزيد من عدد المناسبات الحزينة والزيارات, فتصرف الدولة الملايين تلو الملايين من الدولارات الأمريكية لحماية الزائرين, ومع ذلك يبدو أن أصحاب المواكب وكأنهم يهيئون المجال لقوى الإرهاب, إذ يجد هؤلاء فيها خير مناسبات وأكبر تجمعات يمكن فيها قتل أكبر عدد ممكن من الناس, فهي التجمعات الأمثل لتنظيم مجازر بشرية. ولا نسأل عما يربحه من أموال الكثير من أولئك الذين ينظمون تلك المواكب الحسينية. كما أن العبرة هنا وبيت القصيد هو تشديد الصراع والنزاع والكراهية والحقد الطائفي بين اتباع المذاهب العديدة.

شيوخ الدين الكبار, منهم من مات ومنهم من ينتظر, يعرفون خطأ تلك المشاهد الكربلائية ومخالفتها للدين, سواء في العشرة الأولى من شهر محرم أم الأربعينية أم غيرها من مناسبات وفاة الأئمة الاثنا عشر وذويهم, حيث تسكب العبرات ويلطم الناس الخدود والصدور وتنزل السلاسل الحديدية بسكاكينها الحادة على ظهور الناس, وتضرب القامات أو السيوف على الرؤوس فيسيل الدم مدرارا, ولكن بعضهم الكبير لا يجرأ على ذلك وبعضهم يسانده لتخلفه أو يخفف من أثره. ولكن هناك من كتب رافضاً ذلك مثل السيد أبو الحسن الموسوي, والشيخ محمد حسين القمي والسيد الخوئي, كما كتب عنه السيد محمد باقر الصدر وكاظم الحائري وغيره وغيره من كبار فقهاء المذهب الشيعي من المسلمين.

"إليكم بعض آراء المراجع الشيعية العليا في جلد الذات وإدمائه .... :
1 . أية الله العظمى السيد محسن الحكيم: " إن هذه الممارسات ( التطبير) ليست فقط مجرد ممارسات... هي ليست من الدين وليست من الأمور المستحبة بل هذه الممارسات أيضا مضرة بالمسلمين وفي فهم الإسلام الأصيل وفي فهم أهل البيت عليهم السلام ولم أرى أي من العلماء عندما راجعت النصوص والفتاوى يقول بان هذا العمل مستحب يمكن إن تقترب به إلى الله سبحانه وتعالى ان قضية التطبير هي غصة في حلقومنا"

2 . أية الله العظمى السيد أبو القاسم الخوئي:في رد على سؤاله حول إدماء الرأس وما شاكل يقول: " لم يرد نص بشرعيته فلا طريق إلى الحكم باستحبابه".
المسائل الشرعية ج2 ص 337 طبع دار الزهراء, بيروت.

3 . أية الله العظمى السيد محمد باقر الصدر في جوابه لسؤال الدكتور التيجاني حين زاره في النجف الاشرف " ان ما تراه من ضرب الأجسام وإسالة الدماء هو من فعل عوام الناس وجهالهم ولا يفعل ذلك أي واحد من العلماء بل هم دائبون على منعه وتحريمه".
كل الحلول عند آل الرسول ص 150 الطبعة الأولى 1997 م للتيجاني.

4 . أية الله العظمى السيد أبو الحسن الأصفهاني: " ان استعمال السيوف والسلاسل والطبول والأبواق وما يجري اليوم من أمثالها في مواكب العزاء بيوم عاشوراء باسم الحزن على الحسين (عليه السلام) اما هو محرم وغير شرعي"
كتاب هكذا عرفتهم الجزء الأول لجعفر الخليلي.

5 . أية الله الشيخ ناصر مكارم الشيرازي: " على المؤمنين الأخوة والأخوات السعي إلى إقامة مراسم العزاء بإخلاص واجتناب الأمور المخالفة للشريعة الإسلامية وأوامر الأئمة (عليهم السلام) ويتركوا جميع الأعمال التي تكون وسيلة بيد الأعداء ضد الإسلام، إذ عليهم اجتناب التطبير وشد القفل وأمثال ذلك".

6 . أيه الله العظمى السيد كاظم الحائري: " إن تضمين الشعائر الحسينية لبعض الخرافات من أمثال التطبير يوجب وصم الإسلام والتشيع بالذات بوصمة الخرافات خاصة في هذه الأيام التي أصبح إعلام الكفر العالمي مسخرا لذلك ولهذا فممارسة أمثال هذه الخرافات باسم شعائر الحسين (عليه السلام) من أعظم المحرمات".

7 . أيه الله العظمى السيد محمد حسين فضل الله: "... كضرب الرأس بالسيف أو جرح الجسد أو حرقه حزنا على الإمام الحسين (عليه السلام) فانه يحرم إيقاع النفس في أمثال ذلك الضرر حتى لو صار مألوفا أو مغلقا ببعض التقاليد الدينية التي لم يأمر بها الشرع ولم يرغب بها".
إحكام الشريعة ص 247.

8. أية الله الشيخ محمد مهدي الاصفهي: " لقد دخلت في الشعائر الحسينية بعض الأعمال والطقوس فكان له دور سلبي في عطاء الثورة الحسينية وأصبحت مبعثا للاستخفاف بهذه الشعائر مثل ضرب القامات."
عن كيهان العربي 3 محرم 1410 هـ.

9 . أيه الله العظمى السيد محسن الأمين: ".... كما ان ما يفعله جملة من الناس من جرح أنفسهم بالسيوف أو اللطم المؤدي إلى إيذاء البدن إنما هو من تسويلات الشيطان وتزيينه سوء الأعمال."
كتاب المجالس السنية الطبعة الثالثة ص 7.

10 . أيه الله محمد جواد مغنية ".... ما يفعله بعض عوام الشيعة في لبنان والعراق وإيران كلبس الأكفان وضرب الرؤوس والجباه بالسيوف في العاشر من المحرم إن هذه العادات المشينة بدعة في الدين والمذهب وقد أحدثها لأنفسهم أهل الجهالة دون ان يأذن بها إمام أو عالم كبير كما هو الشأن في كل دين ومذهب حيث توجد فيه عادات لا تقرها العقيدة التي ينتسبون إليها ويسكت عنها من يسكت خوف الإهانة والضرر."
كتاب تجارب محمد جواد مغنية.

11 . أية الله الدكتور مرتضى المطهري: " ان التطبير والطبل عادات ومراسيم جاءتنا من ارثودوكس القفقاز وسرت في مجتمعنا كالنار في الهشيم."
كتاب الجذب والدفع في شخصية الإمام علي (عليه السلام)."
(
راجع في ذلك الكثير من المصادر, ومنها منتديات يا حسين, ك. حبيب)

وأخيراً وليس آخراً سقط 41 قتيلاً و 144 جريحاً ومعوقاً. بعدها قُتل آخرون في تفجيرات انتحارية جديدة. فمتى سينتهي البكاء في مسقط رأسي الحسين؟ متى يتوقف نزيف الدم العراقي بأيدي الطبارين أنفسهم, أو بأيدي الإرهابيين القتلة. متى تبتسم مدينتي احتفاءً بذكرى شهادة الحسين الذي ضحى بنفسه ضد الظلم والطغيان, ومن أجل أن يسود العدل؟ متى .. متى ...؟ صرخة لا بد لها أن تدوي يوماً فتصل إلى آذان كل الناس في العالم الإسلامي وإلى آذان شيوخ الدين قبل غيرهم من أجل أن يوقفوا هذه المآسي المتكررة سنوياً.


6/10/2010



 


 

free web counter