|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الخميس  7 / 1 / 2016                                 د. كاظم حبيب                          كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

هَمْ ضيف وهَمْ يدبچ على السطح!!!

كاظم حبيب
(موقع الناس)

يزداد عدد اللاجئين القادمين من الدول العربية وشمال أفريقيا إلى أوروبا نتيجة الأحداث المأساوية التي تعيشها شعوب سوريا والعراق وليبيا والیمن على نحو خاص. وأدى قبول المزيد منهم إلى تقليص عدد المهاجرين لأسباب اقتصادية من بعض دول البلقان، بل وأخیراً رفضهم ليتسنى لهم قبول أكبر عدد ممكن من القادمين من المناطق التي تعيش نزاعات وحروب دموية. وقد أدى ارتفاع عدد القادمين خلال العام 2015 إلى انقسام المجتمعات الأوروبية إلى مؤيدين لقبول اللاجئين ومعارضين لقبول هذا العدد الكبير وغير المنقطع منهم. وكانت ألمانيا واحدة من أكثر الدول التي رحبت باللاجئين وتصدت لكل القوى المعارضة لقبولهم. وكان للسيدة انجيلا ميركل، المستشارة الألمانية، الدور البارز والأساس في فتح أبواب ألمانيا للاجئين من الدول العربية وشمال أفريقيا رغم الاعتراضات التي جوبهت بها من قبل بعض الدول الأوروبية وخاصة هنغاريا وبولونيا والجيك على سبيل المثال لا الحصر، وأكدت إن ألمانيا قادرة على استيعاب وحل المشكلات التي تواجه هذا العدد الكبير من القادمين يومياً.

وخلال الفترة المنصرمة نهضت بألمانيا حركة سياسية مختلطة جمعت بين نازيين جدد ويمينين متطرفين ويمينين شعبوين مناهضين لقبول الأجانب بألمانيا، وخاصة الأجانب المسلمين، بادعاء أن هؤلاء يريدون أسلمة أوروبا والغرب عموماً وألمانيا، وإن الإرهابيين سيدخلون مع اللاجئين ويهددون الأمن والاستقرار بألمانيا وعموم أوروبا. وتفاقمت هذه الحالة في أعقاب الجرائم التي ارتكبت في باريس خلال شهر تشرين الثاني/نوفمبر من العام 2015 وبكالفورنيا بالولايات المتحدة. وإلى جانب هذه القوى المناهضة للأجانب والمسلمين، تصدى الحزب الاجتماعي المسيحي
CSU، وهو الحليف المباشر للحزب الديمقراطي المسيحي CDU الذي تترأسه السيدة ميركل، ومشارك معه في الحكومة الاتحادية مع الحزب الاشتراكي الألماني SPD لقبول المزيد من الأجانب ودعا إلى تحديد سقف أعلى رفضته ميركل والحزب الاشتراكي. وهو موقف فكري وسياسي يميني وشعبوي يهدف إلى كسب المزيد من الألمان المناهضين لقبول المزيد من اللاجئين إلى جانبه في الانتخابات القادمة، وخاصة في مقطعة بافاريا.

لقد كانت مشاهد الغرق والموت للأطفال والنساء والشباب في عمق البحار أو في الشاحنات المغلقة أو في الصحاري سبباً إضافياً في تسريع عملية قبول اللاجئين بأوروبا، ومنها ألمانيا حيث بلغ عدد طالبي اللجوء أكثر من مليون إنسان حتى الآن والحبل على الجرار.
لم تعرف أوروبا طوال العقود التي أعقبت الحرب العالمية الثانية نزوحا ولجوءاً من أي منطقة بالعالم كما هو حاصل الآن من منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وبعض دول البلقان مثل ألبانيا وكوسوفو. ولا شك في أن السياسات الغربية عموماً والأمريكية على نحو خاص لها ضلع كبير وأساسي في ما يحصل في هذه المنطقة من العالم ودورها في دعم الأنظمة الاستبدادية والرجعية وفي تنشيط الفكر الديني والطائفي الذي أجج وما يزال يؤجج الصراعات والنزاعات الدينية والطائفية والأثنية بالمنطقة، إضافة لبيعها المزيد من السلاح الحديث وعدم الجدية في حل مشكلات شعوب هذه المنطقة.

في عيد رأس السنة الميلادية لهذا العام تجمع ما يقرب من 500 شخص عربي من شمال أفريقيا ومنطقة الشرق الأوسط في الساحة المقابلة لمحطة قطار مدينة كولون، ثم التحق بهم 500 عربي آخر وبدأوا التحرش بالنساء والإساءة لهن وضربهن وسرقة محافظهن بصورة دنيئة ومحاولة اغتصابهن، وهي حالة غير مسبوقة بألمانيا. كما بدأت أعداد أخرى في نهاية الأسبوع وفي محطة قطار كولون أيضاً التحرش بالنساء، مما دفع الشرطة إلى اعتقال خمسة أشخاص مشتبه بهم. وقدمت أكثر من 90 دعوى تحرش وسرقة ضد هؤلاء الأجانب حتى الآن. وشكلت شرطة كولون لجنة خاصة لمتابعة أولئك الذين تحرشوا بالنساء وسرقوهن وأساءوا المعاملة أو حاولوا اغتصابهن. وقد تصدرت الصحف الألمانية ونشرات الأخبار التلفزيونية والإذاعات تقارير تشير إلى تفاصيل الاعتداء الذي شوه سمعة العرب على نحو خاص في هذه المدينة وعلى صعيد ألمانيا وأوروبا. إنها أفعال تعبر عن مستوى حضاري متدني شرس وغير أنساني ويشوه سمع كل العرب ويعطي المزيد من الذرائع للذين يرفضون قبول اللاجئين بألمانيا.

إن من واجب العرب وكل الأجانب بألمانيا إدانة هذه الأفعال الدنيئة وشجبها والمطالبة بمحاسبة الفاعلين وإنزال العقاب العادل بهم، لأنها ليست من خلق وأعراف وعادات وتقاليد الضيف، وهي تسيء بشكل كبير للجميع دون استثناء وتساهم في تشجيع المطالبة بإيقاف الهجرة واللجوء إلى ألمانيا وأوروبا.

ويشير العرب الذين يعملون في الترجمة مع المؤسسات الحكومية الألمانية المختصة بشؤون اللاجئين إلى أن سلوك وطريقة تعامل جمهرة غير قليلة من اللاجئين غير ودية وغير طبيعية، إذ يطرحون مطالب غير معقولة وغير ممكنة التحقيق وكأنهم قادمون للنزهة وليس هروباً من واقع مرير وحروب شعواء كانت تهدد حياتهم. فهم يؤكدون بأنهم جاءوا للحصول على المال كلاجئين ولا يريدون العمل ولا تعلم اللغة الألمانية! إنهم بذلك لا يسهلون مهمة القوى والعناصر الساعية إلى قبول أكبر عدد ممكن من اللاجئين بألمانيا ويضيفون أسباباً أخرى بيد المناهضين للجوء واللاجئين.


 

 


 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter