|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الأحد  9 / 3 / 2014                                 د. كاظم حبيب                          كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 


 

هل من سبيل لعقلنة النخب السياسية الحاكمة بالعراق ؟

كاظم حبيب

تزداد يوماً بعد يوم الكوارث التي يتحملها الشعب العراقي والمخاطر الجدية التي تواجه مصير كل عراقية وعراقي، عدا سكنة الحي الأخضر وما جاوره مثل حي القادسية، فهم محميون تماماً، واحتمال أن يموتا في كل لحظة، سواء أكان الموت بسيارة مفخخة بعشرات الكيلوغرامات من المتفجرات أو انتحاري جبان مفخخ بالمتفجرات التي تنتهي بقتل العشرات وجرح المئات من السكان في سائر أنحاء مناطق الوسط والجنوب وغرب بغداد والموصل وكركوك متى شاء القتلة المجرمون من أتباع القاعدة وداعش وما شابهها من تنظيمات إسلامية عدوانية وفاشية.

ويزداد يوماً بعد آخر السلوك الجنوني للحكام الطائفيين بالعراق، سواء أكانوا من الأحزاب الإسلامية الشيعية أم السنية، في صراعهم القاتل للناس من أجل السلطة والمال والجاه أو النفوذ لفرض هيمنة كل من هذه الأحزاب على المجتمع العراقي وعلى وجهة تطوره لصالح كل منهما. فالموت لا يمس هؤلاء الساسة الذين لم يتعلموا من دروس الماضي القاسية والتي كلفت الشعب العراقي مئات ألوف القتلى والجرحى والمعوقين والمشردين والمهجرين ومئات المليارات من الدولارات الأمريكية والخراب الاقتصادي والبنية التحتية. فهم ما زالوا يلعبون بالنار الحارقة.

أتساءل يومياً مع نفسي: ألا يحتاج هؤلاء الحكام القساة والطائفيون الفاقدون للضمير والشعور بإنسانية الإنسان إلى أمهاتهم ليقلن لهم كلمة ناصحة: كفوا يا أولاد عن اللعب بالنار فأنكم بذلك ستحرقون أيديكم والبيت العراقي ومن فيه من الناس؟ كفوا يا أولاد لا تتسببوا في قتل وهدم بيوت الناس!!!

يفقد العراق يومياً العشرات من أبنائه وبناته، ويبتعد عن النشاط الاقتصادي بسبب الجروح أو التعويق عشرات أخرى، ويجد المئات من العراقيات والعراقيين أنفسهم في طريقهم إلى الهجرة من البلاد للخلاص من الأوضاع المزرية والمتفاقمة وخطر الموت على أيدي القتلة التكفيريين من داعش والقاعدة وأنصار السنة والشبيحات المنتشرة في البلاد تحت عناوين مختلفة بمن فيهم عصائب الحق أو منظمة بدر أو ميليشيا جيش المهدي أو فدائيو المالكي الجدد أو ميليشيات هيئة علماء المسلمين السنة لصاحبها الشيخ حارث الضاري ...الخ.

إلا ينبغي لنا أن نتوجه إلى أمهات أو من تبقى من أمهات النخب السياسية الحاكمة بالعراق ونطالبهن بالسعي لدى أبنائهن ليكفوا عن اللعب بالنار الحارقة لهم ولأبناء وبنات الرافدين ولوادي الرافدين، والكف عن ممارسة سياسات تدفع بالبلاد إلى حرب طائفية لا تبقي ولا تذر؟ والسؤال هو: هل سيستمع هؤلاء الصبية إلى أمهاتهم، إلى صوت العقل، أم إنهم أصبحوا لا يسمعون سوى أصواتهم المعبرة عن نرجسية مرضية وسادية خانقة وقاتلة وعن جموح مجنون في التشبث بالسلطة أو رغبة في الوصول إليها وإزاحة الآخر؟

تساءل الأستاذ الدكتور سيار الجميل عن حق
: لم هذا الصمت من جانب الشعب العراقي الذي لم يصمت أبداً؟ وأجاب بوضوح عن هذا السؤال.

لا شك في أن من يضع نفسه في وسط هذا الشعب بعد معاناته المريرة والطويلة، والحديث هنا لا يدور عن قرون وقرون من الاستبداد الشرقي في الدول الشرقية والظلم والقسوة والأساليب الشرسة في التعذيب والقتل والحرمان (سواء أكان في الدولة الأموية أم العباسية أم الفارسية أم العثمانية أو حتى قبل ذاك، وعن التربية الدينية والمذهبية المريضة وعن كثرة من شيوخ الدين الذين فقدوا الذمة والضمير، بل أتحدث عن العقود الخمسة الأخيرة التي عانى الشعب العراقي الأمرين على أيدي الحكام السابقين، وهم قتلة مجرمون، ومن ثم الحكام الحاليين الذين يسيرون على خطى من سبقوهم، وأتحدث عن قوى الاحتلال الهمجية التي مارست شتى أساليب التعذيب الوحشية في معتقل "أبو غريب" ومعتقلات أخرى والتي ما تزال تمارس من قبل أجهزة الأمن وغيرها في سجون وأقبية سرية غير معلن عنها، وعبر الاغتيالات بكواتم الصوت وباعتقالات أو قرارات بالاعتقال تفرض على الصحفيين والمعارضين مغادرة بغداد والسفر إلى إقليم كردستان، كما فعل سرمد الطائي، أو السفر إلى لندن، كما فعل الدكتور غسان العطية, وأتحدث عن شيوخ ومؤسسات دينية ومرجعيات تنفخ في العداء الطائفي وتبرره وتدعو له ليل نهار. فهل بعد هذا يبقى مجال للاستفسار عن أسباب هذا الصمت؟ إن العراق مبتلى وكذا الشرق الأوسط بهذه الأوضاع المريضة والمؤلمة!

أشعر إن الحاجة ماسة إلى فهم ما يجري بالعراق من صراع طائفي عدواني مرير وقاتل وأن نتوجه صوب الإنسان العراقي لفهم أوضاعه وسبل إنهاضه من كبوته الراهنة، من صمته، الذي إن استمر، سيقود إلى وقوع كوارث جديدة بالبلاد. أشعر بضرورة أن يدرك من يحس بأدميته في هذه البلاد أن يدعو إلى العمل على نشر الوعي السياسي والاجتماعي، إلى وعي يرفض الطائفية والأثنية المقيتتين ويدعو إلى المواطنة العراقية الحرة والمتساوية، إلى وحدة الشعب في مواجهة القوى الطائفية السياسية، أن يدعو إلى اللحمة بين القوى المدنية والديمقراطية في سائر أنحاء العراق، فهو الطريق الضامن والوحيد للخلاص من الطاعون الطائفي الذي يعاني منه المجتمع في الوقت الحاضر.

 


7/3/2014
 



 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter