| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

لطفي حاتم

LutfiHatem@hotmail.com

 

 

 

الأحد 13/7/ 2008



الدولة العراقية واستبداد بنيتها السياسية

لطفي حاتم

البحث في منظومة العراق السياسية وتغيرات تشكيلتها الاجتماعية يتمتع بأهمية فكرية / اجتماعية تشترطها دوامة العنف الذي مارسته الأنظمة البوليسية وطبيعة نتائجه الكارثية المتجسدة بعدم استقرار الدولة العراقية وبنائها السياسي / الاجتماعي. وبهذا السياق واستناداً إلى نتائج الاحتلال المتواصل للعراق ودوره في تحطيم آلة الدولة العراقية ونظامها الاستبدادي وظهور ملامح دولة بديلة بشراكة خارجية نعمد إلى مراجعة التاريخ لغرض توظيفه بما يخدم تطور البناء الديمقراطي للدولة العراقية واستعادة قرارها الوطني السيادي.بهذا السياق نحاول مقاربة إشكالية العنف المتواصل بمحاور أساسية أهمها: ــ
ـ الاحتلال البريطاني ودوره في بناء الدولة العراقية.
ـ الجمهورية الأولى وسماتها التاريخية.
ـ الجمهورية الثانية وسياستها البوليسية
ـ الجمهورية الثالثة وآفاق تطور بنائها الديمقراطي.
قبل الولوج في تحليل المحاور المفترضة لابد من أبداء بعض الملاحظات الضرورية التي أعتبرها أدوات منهجية ناظمة لمسار البحث: ـ

الملاحظة الأولى: ـ لغرض إعطاء مقاربة تاريخية للفكر السياسي العراقي الفاعل في تلك الأحداث يتعين الاحتكام إلى طبيعة النزاعات الاجتماعية وتجلياتها السياسية بمنهج تاريخي تحليلي يستجيب لطبيعة المرحلة ومضامين نزاعاتها التاريخية الملموسة.

الملاحظة الثانية: ـ لم يعد مفيدا معالجة النزاعات الاجتماعية بمقاسات معاصرة ولهذا فان المراجعة التاريخية تشترط فحص الماضي بحيادية فكرية محددة بزمانها ومكانها.
الملاحظة الثالثة: ـ أن الأحداث الكبرى في تاريخ الدولة العراقية مثل الجمهورية الأولى يجري تقويمها ارتباطا بإنجازاتها الاجتماعية والسياسية فضلا عن نتائجها على صعيد بناء الشرعية الوطنية للدولة وتعزيز سيادتها الوطنية.

على أساس الدالات المنهجية أحاول مقاربة المحاور المثارة برؤية تاريخية نقدية :

الاحتلال البريطاني ودوره في بناء الدولة العراقية.
ارتبط نشوء الدولة العراقية بالموجة الثانية من التوسع الرأسمالي وما حملته تلك المرحلة من اشتداد النزاعات المسلحة بين الدول الكبرى الهادفة إلى اقتسام العالم وبهذا المسار فقد سعت الدول الكولونيالية إلى تسييج مستعمراتها الجديدة بسيادة شكلية اشترطتها طبيعة الحركة التوسعية لراس المال المرتكزة على تصدير البضائع والاستفادة من الثروات والأسواق الجديدة للمستعمرات الخاضعة للهيمنة الكولونيالية.
على أساس مضامين الحركة الثانية من التوسع الرأسمالي يتحتم علينا تحديد منتجات هذه المرحلة وتأثيراتها بموضوعات مكثفة تستجيب للوقائع التاريخية الناظمة لنشوء الدولة العراقية وتطورها اللاحق: ـ
- أقدمت الدولة الكولونيالية المحتلة للعراق على إنشاء سلطة سياسية بهدف وضع الأطر القانونية الناظمة لعمل المؤسسات الإدارية / العسكرية الرافعة لبناء الدولة العراقية الجديدة.
- بسبب السيادة الوطنية المنقوصة نمت وتطورت ازدواجية السيطرة بين الوافد الخارجي وبين الحليف الوطني وما نتج عن ذلك من مشاركة الخارج في صنع القرارات السيادية للدولة العراقية.
- احتلت المؤسسة العسكرية المواقع الأساسية في بناء الدولة العراقية وذلك لأسباب كثيرة منها: ـ
- بناء دولة جديدة اشترط وجود فصائل مسلحة لضبط وتوحيد بنيتها الاجتماعية المتشظية.
- سيادة التشكيلات الأهلية المسلحة وبالأخص منها المؤسسة العشائرية وما نتج عنها من أعراف وقوانين تضامنية.
- تعرض التشكيلة العراقية إلى توترات اجتماعية و نزاعات قومية، بسبب تنوعها العشائري / العرقي / الديني.
- النظرة العراقية المناهضة للاحتلال وما أفرزه ذلك من تمردات وطنية قادتها المراجع الدينية.
أن هذه الأسباب وغيرها جعلت المؤسسة العسكرية الناهضة القوة الوحيدة القادرة على حراسة السلطة السياسية وبسط سيطرتها الوطنية.
إضافة إلى ما جرى استعراضه نشير إلى أن بناء المنظومة السياسية للدولة العراقية حمل جملة من السمات السياسية الجديدة التي حكمت تطور العراق اللاحق منها: ـ
- تشكل سلطة الدولة العراقية تزامن وعدم اتفاق القوى الاجتماعية الناشطة على زعيم عراقي لقيادتها الأمر الذي أفضى إلى أن يكون الملك العراقي ملكاً عربياً وافداً من الجزيرة العربية.
- اتسمت الدولة الجديدة بازدواجية السلطة حيث عبر هذا الشكل الجديد من تقاسم السلطة عن تجليات السيطرة التاريخية لحركة التوسع الرأسمالي في مرحلته الكولونيالية.
- تزامن ازدواجية السلطة بين التحالفين الخارجي / الداخلي ونمو ازدواجية ثانية تمثلت في احتلال الشيعة للمراكز التجارية خاصة في بعد تهجير الطائفة اليهودية بينما تبوأ أبناء الطائفة السنية المراكز السيادية والأجهزة البيروقراطية في الدولة العراقية.
- حملت الدولة العراقية وسلطتها السياسية صبغة عنصرية / طائفية حيث احتلت القوى العربية السنية العسكرية منها والإدارية قيادة مراكزها الأساسية مبعدة القوى القومية والشيعية عن الحكم.
إن المواصفات التي جرى تناولها وضعت الدولة العراقية ومنذ نشؤها في تناقض مع مكوناتها وما أفرزه ذلك التناقض من سيادة العنف الرسمي بهدف ضبط نزاعاتها الداخلية.

المرحلة الثانية الجمهورية الأولى ونتائجها
اتسمت المرحلة الملكية بمنظومة سياسية اتسمت بوجود سلطات تنفيذية، تشريعية، قضائية فضلا عن ظهور تجمعات عمالية / مهنية وأحزاب سياسية متحالفة / مناهضة للسيطرة الأجنبية ورغم إيجابيات المرحلة الملكية المتسمة في بناء حياة سياسية ذات ديمقراطية شكلية إلا أن ذلك البناء كان محكوماً بالتناقض الفاضح بين الدولة ومكوناتها الاجتماعية المتمثل في حكم الأقلية واحتكارها لسلطة البلاد السياسية.
لقد أفضى التناقض الأساسي بين الدولة وتشكيلتها الاجتماعية / القومية إلى تنامي الأفكار الوطنية المطالبة بالتغيير الاجتماعي وإنهاء السيطرة الأجنبية وفي إطار تلك المطالبات لم تكن المؤسسة العسكرية بمعزل عن التوجهات الوطنية حيث أدى التفاعل بين الحركات السياسية والعديد من الكوادر العسكرية إلى ظهور التيار العسكري المناهض للتواجد البريطاني وما نتج عنه من الإطاحة بالحقبة الملكية وإقامة الجمهورية الأولى.
وبهذا المسار تواجه الباحث كثرة من الأسئلة أهمها : ما هي السمات التاريخية لثورة تموز وجمهورية العراق الأولى ؟ وما هي تأثيرات ذلك التغيير على تطور البلاد السياسي / الاقتصادي ؟. وأخيراً ما هي النتائج السياسية لثورة تموز وكيف يجري توظيفها لخدمة النظام الديمقراطي في الدولة العراقية الناهضة ؟ .
محاولة التقرب من الإشكالات المثارة يتعين علينا وضع تلك الأسئلة في سياقها التاريخي برؤى فكرية مكثفة أجدها في: ـ

الموضوعة الأولى: ـ اكتسب استخدام العنف ضد قوى ازدواجية الهيمنة الخارجية / الداخلية مشروعيته من عاملين أساسيين أولهما أن العنف المستخدم كان رداً تاريخياً اشترطته طبيعة النزاعات الاجتماعية والسياسية الدولية المتمثلة بالاحتلال و استخدام القوة العسكرية، وثانيهما غياب الدور الفاعل لكتلة اجتماعية عراقية قادرة على فرض هيمنتها السياسية بطريقة سلمية. بهذا المعنى فان اللجوء إلى العمل المسلح في حسم النزاع مع العامل الخارجي وإنهاء الاختلالات الوطنية الناتجة عنه اكتسب شرعية اجتماعية / سياسية محكومة بلحظتها التاريخية.
إن اللجوء إلى العنف في حل التعارضات الوطنية لا يمنع القول من أن الجمهورية الأولى سعت إلى إنجاز حزمة من المهام الوطنية السياسية / الاجتماعية أبرزها: ـ
1: ـ حاولت الجمهورية الأولى أقامت شرعية وطنية للحكم على أساس مبدأ المواطنة المرتكز على مشاركة مكونات التشكيلة العراقية في إدارة الدولة العراقية. وفي هذا المسعى برز مشروعان سياسيان تمثل الأول منهما في المشروع الوطني المطالب ببناء شرعية وطنية للحكم تنبثق من المشاركة الفعلية لقوى العراق السياسية. والمشروع الثاني تجسد في الرؤية المنطلقة من بناء دولة الوحدة العربية. وفي هذا السياق نرى أن الفصائل القومية وبسبب نزعتها الانقلابية وروحها المثالية المتماشية والموجة القومية الصاعدة التي أطلقها الرئيس الراحل جمال عيد الناصر شكلت حاجزاً أمام مسعى الجمهورية الأولى المتمثل في إنجاز مهمة البناء العراقي لشرعية السلطة الوطنية.
2: ـ ارتكز اهتمام الجمهورية الأولى في إعادة المصالحة بين الدولة وتشكيلتها الاجتماعية على إجراءات اقتصادية / اجتماعية الغرض منها إعادة التوازن بين المصالح الاجتماعية المتعارضة.
3: ـ أقدمت الجمهورية الأولى على مساعدة القطاع الوطني الخاص بهدف حماية البرجوازية الوطنية وجعلها قوة اجتماعية تاريخية قادرة على تشكيل مرجعية وطنية.
4: ـ احتوت الإجراءات الاقتصادية الاجتماعية المشار إليها على موضوعة فك الارتباط مع الخارج وبناء تنمية وطنية مستقلة مرتكزة على سياسة اقتصادية تنطلق من مصالح البلاد الوطنية.

الموضوعة الثانية: ـ ترافق استخدام العنف في حل التناقض مع السيطرة الأجنبية مع طموح أحزاب الطبقة الوسطى لاستلام السلطة السياسية انطلاقاً من أوهام أيديولوجية راديكالية أكسبت الحياة السياسية جملة من السمات الجديدة يمكن رصدها في المحددات التالية: ـ
- بسب هشاشة التشكيلة العراقية وغياب كتلتها التاريخية تصدرت أحزاب الطبقة الوسطى قيادة الكفاح الوطني وفق رؤى فكرية مثالية متباينة الأهداف.
- تميزت الأفكار الراديكالية لدى أحزاب الطبقة الوسطى بسيادة الروح الانقلابية وأبنية حزبية عسكرية الأمر الذي أفضى إلى غياب العقل السياسي الاستراتيجي القادر على بناء الوحدة الوطنية والدولة الديمقراطية.
- أثرت السياسية الدولية السائدة في حقبة المعسكرين على تطور الحياة السياسية في التشكيلة العراقية حيث انحازت أحزاب الطبقة الوسطى إلى المثال الاشتراكي ورؤيته السياسية لحل المسألة القومية.
- عززت الجمهورية الأولى الروح الانقلابية لدى الجيش العراقي وما نتج عنه من هيمنة المؤسسة العسكرية وروحها المناهضة للديمقراطية على الدولة ومؤسساتها الاجتماعية.

أخيراً لابد من القول أن نشوء الجمهورية الأولى ومسار تطورها التاريخي تلازم وانعدام الديمقراطية السياسية وما نتج عن ذلك من تعرضها لنزاعات سياسية / اجتماعية.

الجمهورية الثانية ونزعتها البوليسية
في إطار بحثنا عن سمات الجمهورية الثانية نشير إلى أن التحديد التاريخي لحدود الجمهورية الثانية 1963 ـــ 2003 يستمد مشروعيته من معطيات كثيرة منها: ـ

المعطى الأول: ـ رسخت الجمهورية الثانية بتعاقب كتلها السياسية الحاكمة حكم الأقلية المتجسدة أنذلك في ما أسميته ( بالمدن الحاكمة ) مصادرة بذلك محاولة الجمهورية الأولى الهادفة إلى بناء شرعية وطنية لسلطة الدولة على أساس المواطنة وتوازن مصالح التشكيلة العراقية.

المعطى الثاني: ـ لم تكن الانقلابات العسكرية التي حدثت بعد ثورة تموز سوى تجليات لنزاعات حزبية / عشائرية بين فصائل التحالف الحاكم وطاقمه القيادي المسيطر في المؤسسة العسكرية.

المعطى الثالث: ـ رغم سيطرة الشعارات القومية وسيادة الحزب الواحد في المرحلة التالية من سيطرة حزب البعث العربي الاشتراكي إلا أن مآل تطور الدولة العراقية اللاحق أفضى إلى سيادة العشيرة الواحدة وتحكمها في توجهات النظام السياسي ومفاصل الدولة العراقية.
انطلاقا من تلك المعطيات المحددة لتاريخية الجمهورية الثانية وتخومها الزمنية نحاول تحديد سمات تلك الجمهورية وأثرها على بناء منظومة العراق السياسية.
بداً يتحتم القول أن الجمهورية الثانية شغلت النصف الثاني من عمر الدولة العراقية (1) وبهذا المعنى فقد حوت هذه المرحلة كثرة من الإشكالات السياسية والتحولات الاجتماعية لذلك يصعب علي الباحث الإلمام بها في دراسة مكثفة عليه سنعمد إلى تحديد طبيعة النظام السياسي وتأثيره على بناء التشكيلة العراقية بدالات فكرية عامة منها: ـ
- تميزت المنظومة السياسية للدولة العراقية بهيمنة الحزب الواحد وفرض قيادته السياسية على المنظمات النقابية والتجمعات المهنية.
- امتازت الجمهورية الثانية بتداخل وتشابك المؤسسة الحزبية مع الأجهزة الأمنية /العسكرية وترابطها مع شبكة الطواقم الإدارية وما أفرزه ذلك من انصهار الولاءات الحزبية / الحكومية في سياسة مناهضة للقانون والديمقراطية.
- تميز النظام السياسي للجمهورية الثانية بسيادة النزعة البوليسية بعد رفعها إلى مستوى السياسة الرسمية لسلطة الدولة العراقية.
- بعد سيطرتها على الوظائف الإنتاجية / الخدمية هيمنة الجمهورية الثانية على الثروات الوطنية وما نتج عن ذلك من ربط الحركة السياسية للقوى المنتجة بقرارات السلطة التنفيذية وتوجهاتها السياسية.
- استخدمت الجمهورية الثانية العنف الاقتصادي / السياسي الهادف إلى تغيير التركيبة الاجتماعية عبر عمليات التهجير ومصادرة ملكية قوى اقتصادية في التشكيلة الاجتماعية العراقية تحت شعارات قومية ونزعات طائفية. (2)
- سيادة النزعة العنصرية لدى الطواقم القيادية الحاكمة في الجمهورية الثانية وإعلانها الحروب الشوفينية ضد مكونات العراق القومية. هذا فضلا عن امتداد السياسة الحربية خارج الحدود الوطنية.

تكثيفا لما جرى استعراضه يمكن القول أن استخدام العنف في الحياة السياسية العراقية وتجذره في التشكيلة العراقية أدى إلى نتائج خطيرة على تطور العراق ومنظومته السياسية تجسدت بالوقائع التالية: ـ

أولا: ـ سيادة النزعة الانقلابية عند الأحزاب السياسية لغرض استلام السلطة والاحتفاظ بها.
ثانياً: ـ هيمنة سياسة الإقصاء وجعل سلطة الدولة أداة أساسية للإرهاب الرسمي ضد مكوناتها الاجتماعية.
ثالثاً: ـ عدم استقرار التشكيلة الاجتماعية وتبدل فئاتها وطبقاتها بين حقبة وأخرى الأمر الذي أفضى إلى احتفاظ التشكيلة العراقية بروحها العشائرية كأداة تضامنية بوجه المصاعب السياسية / الاقتصادية
رابعاً: ـ أدت طبيعة النظام السياسي البوليسية وسياساته الحربية في الجمهورية الثانية إلى تغيرات جدية في علاقات العراق الدولية فاتحت الطريق أمام التداخلات الخارجية.

الجمهورية الثالثة وآفاق تطور بنائها الديمقراطي
شكل الغزو الأمريكي للعراق نهاية الجمهورية الثانية ونظامها الاستبدادي المرتكز على آلة عسكرية/ بوليسية مغلفة بروح حزبية / عشائرية وأسس لمرحلة قادمة متسمة بكثرة من المصاعب والإشكالات السياسية والاجتماعية نتوقف عند أهمها: ـ
1:ـــ أدى الغزو الأمريكي للعراق إلى انهيار الدولة الاستبدادية وأفضى إلى قيام سلطة مزدوجة تتقاسمها قوى الاحتلال العسكرية وأحزاب الشرعية الانتخابية.
2:ــ قاد الاحتلال الأمريكي إلى تفكك القاعدة الاجتماعية والمنظمات السياسية الساندة للسلطة البوليسية وجرى استبدالها بقوى سياسية ناشطة عاملة على خلق قوى اجتماعية حاملة لتوجهاتها السياسية. بكلام آخر أصبحت الأحزاب السياسية المتنفذة وبسبب سيطرتها السياسية حاضنة وراعية لكثرة من الفئات الاجتماعية وحارسة لأنشطتها الاقتصادية الخدمية.
3:ــ ظهور ازدواجية الهيمنة السياسية / الاقتصادية على قرارات الدولة السيادية بسبب تداخل وتشابك سلطتين أساسيتين هما سلطة الشرعية الانتخابية ومثيلتها الأمريكية.
4ــ قاد البناء الجديد للدولة العراقية المرتكز على اقتسام أجهزتها السيادية / التشريعية على قواعد طائفية / عرقية إلى تحالفات طائفية / عرقية مع القوى الخارجية المحتلة.
5:ــ أفضى الاحتلال الأمريكي للعراق إلى انبثاق المؤسسات الدستورية التي شكلت حاجة حضارية لحياة العراق السياسية إلا أن ازدواجية السيطرة الأمريكية / العراقية جعل المؤسسات الدستورية وسلطة الشرعية الانتخابية أجهزة فاقدة لإرادتها الوطنية المستقلة.
6: ـــ انحسار العمل الوطني المرتكز على نشاط الأحزاب السياسية واستبداله بنشاط المؤسسات الأهلية، العرقية والطائفية الأمر الذي أفضى إلى تفتيت ركائز المشروع الوطني الديمقراطي وحبسه في إطار السياسة اليومية.

إن مستقبل النظام الديمقراطي والبناء الفدرالي لجمهورية العراق الثالثة يتطلب حل حزمة من الإشكالات السياسية / الاجتماعية بمسؤولية وطنية وعقلية استراتيجية ديمقراطية تستند على جملة من المعايير الوطنية / الديمقراطية أراها في الأفكار والرؤى التالية: ـ
أولاً ـ توطيد البناء الفدرالي لشكل الدولة العراقية على أسس قومية مع ترسيخ ديمقراطية النظام السياسي المرتكز على الشرعية الوطنية.
ثانياً: ـ استعادة السيطرة العراقية على القرارات الوطنية بهدف إعاقة تطور ازدواجية السلطة الوطنية / الخارجية التي تسعى الولايات المتحدة الامريكية تكريسها عبر اتفاقية الشراكة الاستراتيجية. (3).
ثالثاً: ـ يترافق بناء الدولة العراقية واستعادة قرارها السيادي مع وضع الأسس المادية / الاجتماعية الضامنة لوحدة التشكيلة العراقية المستندة إلى: ـ
ــ نبذ العنف والاحتكام إلى الديمقراطية والشرعية الانتخابية.
ــ مساواة مكوناتها الاجتماعية وتأكيد توازن مصالحها الطبقية.
ــ تبني سياسة حزبية عراقية مناهضة للولاءات / العرقية / الطائفية.
رابعاً: ـ بناء مؤسسات الضبط والسيطرة على أسس الكفاءة الإدارية والروح الوطنية وتكريسها في لوائح قانونية، فضلاً عن إعلان العقيدة الدفاعية للمؤسسة العسكرية وعدم ربطها بأية أحلاف عسكرية,
خامساً:ـ تفتيت الأجهزة الأمنية /المخابراتية الحزبية والعمل على فك ارتباطها مع مثيلاتها الإقليمية / الدولية بهدف منع التأثيرات الخارجية على مصالح الدولة العراقية وأمنها الوطني.
سادساً: ـ إتباع سياسة خارجية تستند إلى رفض التدخل في الشئون الداخلية للدول الأخرى واحترام أنظمتها السياسية وتوجهاتها الاقتصادية.والعمل مع دول الجوار على بناء الأمن الإقليمي المستند إلى توازن المصالح الوطنية / الإقليمية
إن الأفكار والتوجهات السياسية التي جرى استعراضها تؤدي حسب ما أزعم إلى وضع الدولة العراقية على طريق البناء الديمقراطي الضامن لحرية وسلامة وحدة مكوناتها الاجتماعية.

استناداً إلى طبيعة التحليل والمنطلقات الفكرية الملازمة له نحاول تثبيت بعض الاستنتاجات التي أراها ضرورية: ـ

أولاً: ـ لم تنجح الدولة العراقية منذ تأسيسها وحتى انهيارها في بناء شرعية وطنية للحكم وذلك بسبب احتكار الأقلية لسلطتها السياسية وما نتج عن ذلك من اغتراب الدولة عن مكوناتها الاجتماعية.

ثانياً: ـ بسبب ضعف وهشاشة التشكيلة العراقية تبوأت المؤسسة العسكرية موقعاً مقررا في الحياة السياسية فارضة بذلك نزعاتها الاستبدادية على الدولة والمجتمع.

ثالثاً: ـ لم تشهد تشكيلة العراق الاجتماعية استقرارا في بنائها الطبقي بسبب تعرض شرائحها الطبقية إلى التبدل والتغير تبعا لإرادة كتلها السياسية الحاكمة.وبهذا المعنى تكتسب موضوعة ( أن السياسة تعلو على الاقتصاد ) شرعيتها في العراق ولكن بسمات تخريبية.


الهوامش
(1)
امتدت المرحلة الملكية من تأسيس الدولة العراقية 1921 إلى 1958 وشغلت الجمهورية الأولى سنوات 1958 إلى 1963 أما الجمهورية الثانية فقد بدأت مع الانقلاب البعثي الأول 1963 إلى الغزو الأمريكي للعراق عام 2003.
(2) مرت عمليات المصادرة بمراحل مختلفة أبرزها تهجير اليهود وتصفية ممتلكاتهم ، مصادرة أملاك الكورد الفيلية والتجار العرب من الطائفة الشيعة بحجة التبعية الإيرانية ناهيك عن مصادرة أملاك الخصوم السياسيين.
(3) أن مشروع اتفاقية الشراكة الاستراتيجية الأمريكية العراقية ينطلق من السياسة الامريكية الهادفة إلى ترسيخ ازدواجية السلطة في العراق باتفاقات دولية وقواعد قانونية. بكلام آخر أن الاحتلال الأمريكي يحاول التمسك بمفصلين أساسيين في الاتفاقية المفترضة هما المشاركة في ( أمن ) العراق بعد ربطه بالاستراتيجية الأمريكية وما يتضمنه ذلك من المساهمة في بناء مؤسسته العسكرية وأجهزته الأمنية وكذلك إرساء سيطرة الشركات الأمريكية على تطور ثروات العراق النفطية واتجاهات تطور اقتصاده الوطني.



 


 

free web counter