| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

لطفي حاتم

LutfiHatem@hotmail.com

 

 

 

الأربعاء 20/2/ 2008



وداعاً أخي وصديقي أبا صادق

أبو هندرين

لست قادراً على الرثاء، أبكي بصمت وأحبس الحزن في جدران قلبي، و أعيش محترقاً لغياب الأحبة. بفراقك عزمت على هجر السنين وصمتها.

عرفتك منذ أربعين عاماً مناضلاً صلباً ورجلاً صبوراً على متاعب الزمن القاسي، أتذكرك في البيوت السرية وفي الجدالات الحزبية حينما تحتدم مشاعرنا الإنسانية وترتفع مشاعرنا الثورية ونطالب الحزب بإرسال الرفاق إلى الأردن لنجدة المقاومة الفلسطينية بعد ذبحها في أيلول الأسود.

كنت ألوذ بك عند الشدائد كأخ كبير رغم سخريتك المتواصلة من حملة الكتب والجمل الرنانة, لكنك عن حق كنت تفكر دائماً فيما أقول .

أتذكرك حينما احتضننا ذاك البيت المتواضع الذي أطعمتنا فيه أم كاطع الخبز والشاي وسهرت على اجتماعاتنا أم صادق المرآة التي لازلت اسمع كلماتها المرحبة صبورة وشجاعة وحالمة مثلنا بيوم القيامة والحساب.
أتذكرك حينما احتفلنا بعيد الحزب مع الشهيد الراحل عواد حريجة في أبو نؤاس حينها غنينا جميعاً وتجولنا في الشوارع لم نحسب حساباً للشرطة السرية.
أتذكرك عندما وقفت ضد ترشيح أحد الأصدقاء الجنود لأنه عاكس صبية، يومها قلت لي الشيوعية أخلاق وتضحية وصيانة عرض الآخرين.
أتذكرك حينما وزعنا نشرات الحزب في مدينة الكادحين وطاردنا حماة الرذيلة الرسمية .
أتذكرك حينما إستخدمت نفوذك العشائري للدفاع عن عشق صبياني لأحد أصدقاء الحزب.

فارقتك في سنوات الدراسة ولكني كنت معك عبر المراسلات، كنت رجلاً باراً وكنت بمثابة الاخ الكبير الحاني على الجميع.

التقيتك في كردستان واستعدنا ألق السنين الماضيات كانت الآمال تعزز روحنا الكفاحية وحينما تسنح الفرصة نبث همومنا الإنسانية كنت تشكو وأبادلك الشكوى عرفت حينها انك لازلت متمرداً على الرتابة وضيق النظر.

التقيتك عند انكسار الحركة الأنصارية رأيتك غاضباً لضياع التجربة الثورية التي تعمدنا بريح بارودها وغنينا بها مجدنا القادم.

أه أبا علي لن أرثيك لان الرثاء يدفن البطولة والتضحية ولن أقول لك وداعاً لأنك في القلب باق تقف شامخاً رغم وجع السنين.
منذ أيام خلت أوعدتني لن تغادر ورجوتك أن تبقى ولو طيفاً ألوذ به عند المحنة.

ذهبت أبا صادق ولم تذهب ستبقى مع أبطال العمل السري وأنصار كردستان الحالمين ببلد حر لا يباع بسوق الشعارات البراقة ولا بدعاء الدجالين.

وداعاً أبا صادق ستبقى نسمة معطرة بشموخ الصابرين.

 


 

Counters