|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الأثنين  9 / 3 / 2020                                                      د. لطفي حاتم                                          كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

العولمة الرأسمالية وكفاح
اليسار الديمقراطي

د. لطفي حاتم
(موقع الناس)
  

تشترط سمات الرأسمالية المعلومة الكثير من التبدلات والتغيرات الفكرية في أحزاب اليسار الاشتراكي الهادفة الى بناء دولة العدالة الاجتماعية وبهذا المسار تواجه السياسيين والباحثين كثرة من الأسئلة الفكرية الملحة منها :

- هل ما زالت احزاب اليسار الديمقراطي تكافح من اجل تحقيق أهدافها الاستراتيجية المتمثلة باستلام سلطة الدولة وإقامة نظامها الاشتراكي؟
- وهل مهام الأحزاب الاشتراكية تتلخص بتحقيق برنامجي الحد الادنى والأعلى في بناء الدولة وتشكيلتها الاجتماعية؟
- وإذا كان الجواب سلبا ما هي الأهداف العامة للأحزاب الاشتراكية في ظروف العولمة الرأسمالية؟
- هل يعد الانفراد بالسلطة السياسية هدفا واقعيا ملموساً في ظروف الهيمنة العالمية لأسلوب الإنتاج الرأسمالي؟.

الإجابة على الأسئلة الفكرية المثارة وغيرها من الأسئلة الملحة تتطلب سجالا فكريا هادفاً الى صياغة مقاربات نظرية بهذا السياق سأتناول الأسئلة المذكورة مجتهداً عبر العنوانين التالية :

أولا- الرأسمالية المعولمة وكفاح اليسار الديمقراطي.
ثانيا- مكافحة ميول الإلحاق والتهميش للدولة الوطنية.
ثالثاً- الرؤى الفكرية لليسار الوطني الديمقراطي.

أولا- الرأسمالية المعولمة وكفاح اليسار الديمقراطي.
احدثت وحدانية التطور الرأسمالي تبدلات كثيرة في مضامين الأهداف البرنامجية لكفاح قوى الاشتراكية واليسار الديمقراطي لذا لابد من تحديد السمات الناتجة عن وحدانية أسلوب الانتاج الرأسمالي والتي اجدها في الموضوعات الفكرية - السياسية التالية :

أولا- أدى انهيار خيار التطور الاشتراكي الى سيادة وحدانية أسلوب الإنتاج الرأسمالي وعلاقاتها الإنتاجية في العلاقات الدولية.
ثانيا- وحدانية التطور الرأسمالي افضت الى ترابط الاسواق العالمية المنبثقة من علاقات الإنتاج الرأسمالية الموحدة.
ثالثاً- سيادة السوق الرأسمالي الموحد عززت انقسام دول العالم الى ثلاث مستويات متفاوتة التطور ممثلة بالدول
الرأسمالية المعولمة - الدول الرأسمالية القومية المتطورة -الدول الوطنية.
رابعا- سيادة قوانين التطور الرأسمالي المعولم في العلاقات الدولية المتسم بعمليات الالحاق والتهميش والتبعية.
خامسا- تنامي النزعة الكسموبولوتية في العلاقات الدولية بسبب اعتمادها من قبل دول الرأسمالية المعولمة في السياسة
الخارجية.
سادسا- بوادر بناء علاقات تحالفية بين الدول الوطنية والرأسمالية القومية المتطورة تستند على صيانة السيادة الوطنية
ومكافحة التهميش والتبعية.

تشترط السمات التي افرزتها وحدانية التطور الرأسمالي على فكر اليسار الديمقراطي تبني صيغ فكرية–سياسية جديدة
تتماشى والطور الرأسمال المعولم تتلخص كما أراها بالموضوعات الفكرية - السياسية التالية :

أولاً- مكافحة الهيمنة الرأسمالية وميول الهيمنة والإلحاق في العلاقات الدولية.
ثانياً- بناء علاقات دولية تعتمد المساواة بين سيادة الدول الوطنية والاعتماد على الشرعية الدولية.
ثالثاً- تحريم التدخلات العسكرية في النزاعات الداخلية في الدول الوطنية.

ان المهام العالمية العامة لكفاح اليسار الديمقراطي على الصعيد الدولي تتلازم ومهام وطنية كثيرة منها :
1- بناء دول وطنية مستقلة تعتمد نظمها السياسية على الشرعية الديمقراطية للحكم.
2- اعتماد برامج – اقتصادية وطنيةً – مستقلة قادرة على مناهضة سمات التبعية والتهميش المتحكمة في الطور المعاصر من العولمة الرأسمالية.
3- بناء برامج وطنية ديمقراطية واعتمادها كأداة لصياغة تحالفات وطنية قادرة على صيانة الدولة الوطنية ونظامها الديمقراطي.
4- بناء اقتصادات وطنية ترتكز على التوازنات الطبقية المعتمدة على الضمانات الاجتماعية للطبقات المنتجة.

ثانيا- مكافحة ميول الإلحاق والتهميش للدولة الوطنية.
تعزيز السيادة الوطنية في الدول الوطنية وتنمية اقتصادها الوطني يتطلب تجديد البناء السياسي للدولة الوطنية على أساس
المحددات الفكرية - السياسية التالية :

أ-
اعتماد الشرعية الانتخابية للحكم المنبثقة من الشرعية الديمقراطية الضامنة لتنفيذ البرامج الوطنية لأحزاب
التشكيلة الاجتماعية - الوطنية.
ب- تحجيم فعالية الطبقات الفرعية المناهضة للروح الوطنية ومنعها من التحالف مع المراكز الرأسمالية المعولمة.
ج- اعتماد الملكية العامة أساسا لتطور الاقتصاد الوطني ورافعة رئيسية للتحولات الاجتماعية - الاقتصادية.
د- إقامة علاقات دولية على اسا س التعاون الدولي واحترام السيادة الوطنية للبلدان المناهضة للهيمنة والتبعية الأجنبية.

ثالثاً- الرؤى الفكرية لليسار- الوطني الديمقراطي.
تشترط وحدانية التطور الرأسمالية إعادة صياغة البرامج السياسية لأحزاب اليسار الديمقراطي وشعاراته الكفاحية على رؤية فكرية واقعية الامر الذي يعني التخلي عن البرامج المثالية العابرة لوقائع الحيا ة الدولية الفعلية, بكلام آخر عدم انتظار ثورات اجتماعية اشتراكية في الدول الوطنية في ظروف العولمة الرأسمالية.

استنادا الى وحدانية التطور الرأسمالي في العلاقات الدولية أرى ان يتضمن البرنامج السياسي المرحلي لأحزاب اليسار الديمقراطي المفاصل السياسية - الاجتماعية العامة التالية :

أولا ً - تعزيز التضامن الاممي.
-
تطوير العلاقات الكفاحية مع الأحزاب الاشتراكية واليسارية الديمقراطية العربية والعالمية والعمل على مساندة برامجها الاقتصادية - السياسية وتعزيز التضامن الاممي المناهض للميول التخريبية للرأسمالية المعولمة.
- تطوير العلاقات الدولية مع البلدان العربية المكافحة ضد التدخلات الدولية والعمل على تنسيق الفعاليات المشتركة بين قوى اليسار الديمقراطي.

ثانيا - تطوير الدولة الوطنية ونظامها الديمقراطي استناداً الى:
أ - الشرعية الديمقراطية للسلطة السياسية وبناء أجهزتها السيادية انطلاقاً من تقاسم السلطات مع التأكيد على
الصيغة البرلمانية للحكم.
ب - تطوير العلاقات الكفاحية بين أحزاب الشرعية الديمقراطية من خلال التركيز على :
- التفاهمات الطبقية الضامنة للمصالح الطبقات الاجتماعية الفاعلة في التشكيلة لاجتماعية الوطنية.
- احترام الشراكة الوطنية وعدم الانفراد بالسلطة السياسية.
- صيانة الشرعية الديمقراطية والتأكيد على تحريم الانقلابات العسكرية.
ج - إقامة التحالفات الوطنية الهادفة الى صيانة الدولة الوطنية ونظامها السياسي من التهميش والتبعية والالحاق.
د - بناء اقتصادات وطنية تعتمد التعاون بين القطاعات الإنتاجية العام والخاص بهدف صيانة وتطوير قدرة الطبقات الاجتماعية على التطور الهادف الى صيانة الاقتصاد الوطني والتصدي لنهوج الرأسمالية المعولمة المتسمة بالتبعية والتدخل في الشؤون الوطنية.

ان الموضوعات المثارة السياسية – الفكرية ازعم انها دالات برنامجيه قابلة للحوار والاغناء والتطوير بين القوى السياسية الوطنية الهادفة الى صيانة وتطوير الدولة الوطنية ونقل طبقاتها الاجتماعية وقواها السياسية من النزاعات الداخلية الى التعاون المشترك الهادف الى بناء دولة ديمقراطية وطنية تحتضن جميع مكوناتها الاجتماعية - السياسية.






 










 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter