|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

 الأحد 22/7/ 2012                                  د. مؤيد عبد الستار                                   كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

التآخي العربي الكوردي في  بـوتـقـة  الخلافات السياسية

د. مؤيد عبد الستار

تستعر الخلافات السياسية بين  رئاسة الوزراء في الحكومة الاتحادية العراقية  و رئاسة اقليم كوردستان يوما  بعد آخر  وسط مخاوف المواطنين من اشتداد الازمة وانفجارها على غرار ما كان يحدث في السنوات الماضية التي قضت  فيها الحروب الشوفينية على حياة  الاف المواطنين وذهبوا وقودا لمعارك عبثية لم تنتج سوى الالم والحزن والخراب على مدى عقود طويلة ادخلت العراق في ليل مدلهم لم  يستطع اثره بلوغ  طريق التقدم والرقي بل ظل يتخلف ويسير عكس اتجاه التطور فاصبح اشبه بالبلدان التي خرجت من الحرب العالمية الثانية .

إن تصعيد الخلافات  حول  استثمار النفط المستخرج في كوردستان ، وتعليق جميع الحلول الممكنة لتطبيق المادة 140 ، وتأجيل قانون النفط والغاز وعدم اقرار صيغة ملائمة  له تضمن حقوق الجميع ، واستمرار المناوشات حول حصة كوردستان من الميزانية   ، كل تلك  القضايا التي اصبحت شائكة وعصية على الحل   لا تخدم احدا  وستبقى  جرحا نازفا يؤرق الجميع  مالم تعالج باسرع وقت ووفق نوايا صادقة تحرص على روح الاخوة العربية الكوردية .

الملاحظ ان الساحة السياسية العراقية اصبحت حلبة صراع بين العديد من القوى السياسية العربية والكوردية وتشظت القوى الى محاور منقسمة فيما بينها وعلى نفسها ايضا واصبح حالها كما يلي :

الانقسام العربي :

 يتضح الموقف السياسي للقوى والاحزاب العراقية العربية من خلال اصطفاف بعض الاحزاب والكتل السياسية الى جانب الحكومة المركزية وبعضها الاخر  الى جانب حكومة الاقليم ، فالاحزاب العربية الشيعية انقسمت الى قسمين لان التيار الصدري ابتعد بضع  خطوات عن كتلته الام - التحالف الوطني -  وغازل حكومة الاقليم وان على استحياء ، فلم يعلن موقفا حاسما من الازمة الناشئة بين الطرفين : الحكومة والاقليم واستمر ينتقل بين موقفين احلاهما مـر .

كما ان القائمة العراقية انحازت الى جانب حكومة الاقليم  مع انها  لا تؤمن بالقضايا التي يطالب بها الاقليم ، او  لنبيح لنفسنا القول  ان معظم مطالب الاقليم من الحكومة المركزية لا تحظى  بتأييد  القائمة العراقية ، ولكنها اختارت الوقوف الى جانب الاقليم كي تعزز حظوظها في الصراع مع المالكي عسى ان تتمكن من انتزاع رئاسة الوزراء منه ، وبعدها سيكون لها مع حكومة اقليم كوردستان حساب اخر .

الانقسام الكوردي

اثر تأجـج الخلاف بين الحكومة والاقليم ، اختار الاتحاد الوطني الكوردستاني برئاسة رئيس الجمهورية الوقوف على الحياد اولا ودعم مطالب الاقليم ، ولكن بسبب حراجة منصب رئاسة الجمهورية ، تقرر الكشف عن موقف جديد ، وهو مساندة السيد رئيس الوزراء نوري المالكي ودعم مطالب حكومة الاقليم ، شرط  ممارسة الاعتراض باساليب الحوار والاجتماعات والمؤتمرات وعدم اللجوء الى سحب الثقة عن رئيس الوزراء ، وهو ما كان يعول عليه الدكتور اياد علاوي على اساس ان رئيس الجمهورية الكوردي سيلتزم جانب السيد رئيس الاقليم لانهما في جبهة تحالف واحدة : التحالف الكوردستاني . ولكن مثلما ابتعد السيد مقتدى الصدر بضع  خطوات عن كتلته الام ، كذلك ابتعد السيد رئيس الجمهورية جلال طالباني بضع  خطوات عن كتلته الام . وبذلك تحقق انقسام الموقف الكوردي مثلما انقسم الموقف العربي ، وعادت الامور الى نصابها في قسمة عربية كوردية جعلت الازمة تتجمد عند النقطة الحرجة .

وبهذا سينتظر الجميع  مبادرة الراعي  الامريكي – الحاضر الغائب -  في حلحلة الامور وايجاد مخرج للازمة رغم فشل العديد من المساعي  الحميدة التي قام بها ممثل الامم المتحدة وبايدن والسفير الامريكي وغيرهم .

نتائج ضارة 

ان الخلافات السياسية  احدثت استقطابا عربيا كورديا ، وتعمل العديد من القوى على القاء المزيد من الحطب على النار بدلا من البحث عن  حلول عملية لانهاء الازمات ، والامر الخطير الاخر  هو محاولة البعض تعميق الانقسام العربي الكوردي وتهويل  الخلافات الى درجة تصبح فيها عصية على الحل ، وهو الحلم الذي راود الشوفينين الذين عملوا ويعملون دوما على تخريب التآخي العربي الكوردي وزرع بذور الشقاق بين المواطنين كي يسهل عليهم تحقيق مآربهم وقيادة  الجموع مغمضة العيون الى مصير مشؤوم .

الخلاصة

كانت ذروة  التآخي العربي الكوردي ثمرة من ثمار ثورة الرابع عشر من تموز المجيدة عام 58 التي اكدت في اول دستور مؤقت للعراق على شراكة العرب والكورد في الوطن ، ومنذ ذلك اليوم سعت القوى الشريرة التي لاتريد الخير  للعراق الى  القضاء على روح  التآخي العربي الكوردي،  لذلك كان اعلان الشعار الوطني  عام 59 هو  : على صخرة الاتحاد العربي الكوردي تتحطم المؤامرات الرجعية .

ان التآخي العربي الكوردي لا يعني عدم حصول الكورد على حقوقهم كاملة بل ان ابرز من رفع هذا الشعار هو الحزب الشيوعي العراقي وكان يومذاك اكبر الاحزاب العراقية جماهيرا ونفوذا  وهو الحزب الذي اقر وآمن وبشر بحقوق الشعب الكوردي بما فيها حق تقرير المصير .

وللتاريخ يجب ان نضيف ان دماء العرب سالت في كوردستان ايمانا  بحقوق الشعب الكوردي مثلما سالت دماء الكورد في ساحات الحروب والنضال في العراق والعالم العربي  ، وحتى وان تحـقـق حلم الدولة الكوردية يجب ان يبقى التآخي العربي الكوردي ركيزة لبناء الوطن مهما اتخذ من اسماء وصفات واشكال  .

 

 

 

 

 

 

 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter