|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الجمعة  24  / 10 / 2014                       د. مؤيد عبد الستار                            كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 


 

العبادي في طهران ... الى أين المسير

د. مؤيد عبد الستار

عاد السيد رئيس الوزراء العبادي ليلة امس من طهران ، عاد من الزيارة الاولى له خارج العراق بعد تسلمه رئاسة الوزراء ، ولما كانت طهران في صراعات اقليمية متعددة ، وتواجه عقوبات اقتصادية دولية ، واتهامات باحتلال سوريا والهيمنة على الحكومة العراقية ، لذلك ستنال زيارة العبادي الى طهران نصيبها الوافي من النقد وعدم الرضا من اوساط مختلفة تنظر لهذه الزيارة على انها تكريس للهيمنة الايرانية على المقدرات العراقية .

اما اذا نظرنا الى ما يتعرض له العراق من صراع مع الارهاب الذي تقوده داعش ، كعنوان رئيسي ، وتفرعات كانت قبله و من بعده، تمثلت ببعض رجال عشائر المناطق الغربية الذين اعتصموا لاشهر وايام طويلة في خيام وساحات بدعم من بعض الدول الاقليمية ، فاحرقوا الاخضر واليابس ، حتى اذا جاءهم طوفان داعش ، تركوا مواقعهم وجلسوا في عمان والخليج ، يقضمون ما حصلوا عليه من اموال في خلسة من الزمان الذي قلما يجود بمثل هذه الفرصة لقوم يستطيعون بقليل من الدهاء بيع مدنهم وترك اطفالهم و نساءهم سبايا بين ايدي الارهابيين الذين قدموا من شتى البقاع النائية والكهوف المتخلفة ليحكموا مدنا لها تاريخ عريق مثل مدينة الموصل التي تختزن اثار الاشوريين وصلاح الدين التي تحتضن قلعة شيركوه صلاح الدين ، والانبار التي كانت لعقود طويلة رافد الجيش العراقي برجال اشداء خاضوا الحروب العادلة والظالمة تبعا لسلطة الدولة التي كانوا من رعاياها ، ولا ننسى انتفاضتهم ضد نظام البعث التي قادها ضباط من عشائرهم فهدم صدام بيوتهم فوق رؤوسهم .

تحت عنوان الصراع الجديد والتهديد الذي يمثله داعش والعصابات الارهابية القادمة من وراء الحدود والتي اجبرت سكان المحافظات الغربية المحتلة على التعاون معها او ابادتهم ، لا مفر من التوجه نحو كل من يمد يده بالمساعدة للعراق ، ولما كانت ايران تمتلك اطول حدود معقدة ، سهلية وجبلية مع العراق ، وبامكانها التدخل الايجابي او السلبي لصالح الدولة والحكومة والشعب ، لذلك من الضرورة بمكان البحث عن سبل للتعاون معها واظهار حسن النوايا تجاهها ، ومحاولة استمالة قادتها .

لذلك ضمن هذا المفهوم نجد ان زيارة السيد رئيس الوزراء حيدر العبادي الى طهران ناجحة جدا ، فقد تم التفاهم و التباحث مع قادتها ابتداء من المرشد الاعلى خامنئ الذي اعرب عن استعداد بلاده الى دعم حكومة العبادي مثلما دعم حكومة المالكي ثم السيد رفسنجاني الشخصية الضليعة في السياسة الدولية والاقليمية الذي يعد احد اعمدة النظام الايراني ، وهو السياسي الداهية الذي يعمل مع الاخرين بايجابية مرموقة ، وليس انتهاء بالسيد روحاني السياسي المعتدل الذي يمثل التنوير الاسلامي في ايران ، والذي اعرب مرارا عن نواياه السلمية سواء في السياسة المحلية او الاقليمية ما جعل له مكانة متميزة في الدبلوماسية الرئاسية الايرانية ، وحظي باحترام الدول التي تعامل معها سواء اكانت بريطانيا او امريكا او بلدان الشرق الاوسط وعلى الاخص تركيا التي يحاول النظام الايراني بشتى الطرق عقلنة قادتها وتهدئة مزاج اردوغان الانفعالي ، و الحد من طموحات اوغلو السياسي الماكر الذي يحاول تقليد جورج كليمانصو رجل السياسة الفرنسي الشهير ولكن اين الثرى من الثريا .

في خضم هذه الارهاصات السياسية والعسكرية في العراق والمنطقة نجد من الضروري تكثيف زيارات السيد رئيس الوزراء الى بلدان الشرق الاوسط وفق برنامج دقيق ، يمتاز برؤية سياسية واضحة ، لها ابعاد ستراتيجية محسوبة بالقيراط ، لكي يستطيع العراق ايجاد منافذ له بين دول على يساره واقصى يمينه ، مثل السعودية وايران وسورية والبحرين وتركيا، دع عنك امريكا وبريطانيا وروسيا وفرنسا ، فلتلك ايضا مواويل طويلة تبدأ بـ ياليل ياعين ، ونأمل ان تنتهي بـ طلعت يا ما احلى نورها .


 

 

 

 

 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter