| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

د. مؤيد عبدالستار

 

 

 

الأحد 27/12/ 2009



بئر الفكة وما حولها .... فذلكة سياسية

د. مؤيد عبد الستار 

ليس من المبالغة بمكان القول ان وجود القوات الامريكية في العراق جاء هدية من السماء الى ايران ، فقد اصبحت هذه القوات رهينة المحبسين ، وباتت تخضع لعوامل ضغط مختلفة تتراوح بين سلطة شيوخ الانبار وسلطة ايات الله في طهران .

ولا أحد ينسى اضطرار بوش الذهاب بنفسه الى الشيخ الراحل ابو ريشة والاتفاق معه على معاهدة عدم اعتداء مقابل ثمن باهظ فتح الباب امام البعض ليصحوا من نومهم ويفسخوا عقد العمل والتعاون مع الارهاب السلفي . كما رأينا كيف واجه اوباما تعنت ايران رغم ارساله الرسائل العديدة لفتح صفحة جديدة بدأها بعيد النوروز وتهنئته الشعب الايراني بالفارسية : عيد شما مبارك ، على امل ان يحظى باتفاق يذكره له التاريخ ويطوي صفحة النزاع الامريكي الايراني ، الا ان المصالح السياسية الامريكية وسياسة اسرائيل المتطرفة في الشرق الاوسط ، جعلت حسابات اوباما تتراجع الى درجة تقرب من الصفر دون ان يفقد الامل خاصة بعد ان نال جائزة نوبل للسلام.

حاولت ايران استثمار وجود القوات البريطانية و الامريكية في العراق ، فهددتها اكثر من مرة ، ولكنها لم تفلح بنقل المعركة الى داخل العراق نظرا لتعدد المنابر وانفلات المليشيات التي تسرح وتمرح حسب ايعازات مختلف القوى الاقليمية التي لا تخفي بعضها مناوئة ايران ومشاكستها في الساحة العراقية ، مما جعل امكانات الاعتماد على الميليشيات لا يأتي ثماره كما ترتجي وتأمل ، لذلك قررت أخذ زمام الامور بيدها كي تظهر عزمها على وضع العصي في عجلة الوجود الامريكي والعملية السياسية في العراق رغم العلاقة الودية بين الحكومة العراقية و ايران.

دقت ايران جرس الانذار الاول وسيطرت على حقل الفكه النفطي في محافظة ميسان مستغلة هشاشة الوضع العسكري للحكومة العراقية ، وان اي رد لقواتها يجب ان تقوم به القوات الامريكية لانها مسؤولة عن حماية حدود العراق ، فاذا ما نهضت بالامر وتدخلت واشتبكت مع القوات الايرانية واخرجتها من العراق فحين ذاك ستكون امريكا قد تورطت عمليا باشتباك عسكري مع ايران لا تعرف عواقبه ، لذلك لن تغامر القوات الامريكية بالاقتراب من القوات الايرانية وصرحت بانها تراقب الوضع عن كثب ، هذه سياسة النعامة وهي مفيدة احيانا.

الا ان القوى المعادية لايران هبت عن بكرة ابيها لتدق طبول الحرب في محاولة بائسة لنقل قضية بئر الفكة الى مستوى معركة العلمين ، متناسين ان احتلال الاراضي في البلدان العربية ليس بدعة سواء من قبل اسبانيا او تركيا او الواق واق ، وان دخول قوات دولة اجنبية الى بلد عربي لا توجب حربا ، والا لماذا لم تحارب معظم الدول العربية التي احتلت اراضيها او مدنها، بدءا من طنب الصغرى الى طنب الكبرى جزاكم الله اطنابا اكبر في الدنيا والاخرة ! وهل كتب على العراق وحده ان يدخل في حرب قادسية تستمر عقدا من السنين كلما حصل خلاف حدودي مع ايران ، ويمسح لحيته فقط اذا ما دخلت قوات تركية لمسافة تزيد على الثلاثين كيلومترا داخل اراضيه ، فلم نسمع ولم نر من يطالب بحرب مع تركيا حين دخلت قواتها الاراضي العراقية وقصفت قرى كردستان ، ام ان تلك الارض المباركة ليست عراقية ؟! وهل لاتوجد طريقة اخرى غير الغزو ودق طبول الحرب الجوفاء عند كل خلاف حدودي مع الدول الجارة !!!

هذه الاسئلة ليست بحاجة الى اجوبة وانما نطرحها فقط لتذكير ذوي الالباب !!
ان محاولة ايران احتلال بئر الفكة لن تكون العملية الاولى والاخيرة في سياسة العصا والجزرة التي بدأت تلعبها في محاولة لتقليد الدول العظمى ، فعلى اثر احتلال بئر الفكة بايام قليلة صرح السيد متقي وزيرالخارجية الايراني بان ايران توافق على تبادل اليورانيوم الذي لديها بيورانيوم عالي التخصيب على الاراضي التركية ، هذا التصريح جاء بعد جولة المحادثات التركية الايرانية ، ولابد ان تتبع ذلك جولة من المفاوضات حول المكان المحدد لتبادل اليورانيوم في تركيا في حالة الاتفاق على ذلك مع الغرب ، فليس من المنطق ان يتم تبادل البضاعة في ساحة تقسيم في استنبول مثلما يتم تبادل البضائع الايرانية في ساحة ام البروم في البصرة ، واذا كان من مكان يحدده المفاوض الغربي فلا بد وان يكون في قاعدة انجرليك الامريكية ، وحينذاك تبدأ مفاوضات ماروثونية اخرى بين ايران والغرب على امل ان تطول حتى يمل الغرب من ابرام هكذا صفقة وتكون ايران قد نجحت في انتاج اليورانيوم عالي التخصيب ان شاء الله !!

نعود الى احتلال بئر نفط الفكة - فك الله اسرها من ايدي الاعاجم والاعاريب ومن لف لفهم واعاد ريعها الى ايتام العراقيين واراملهم انه السميع المجيب - فبعد ان عقدت وزارة النفط العراقية جولة جديدة ونجحت في احالة عدة عقود وحصلت كبرى الشركات على عقود استخراج وتطوير ابار النفط - لست ادري ان كانت لصالح العراق ام لا فذلك متروك لخبراء النفط طال عمرهم والشهرستاني جزاه الله خيرا ان كان صادقا - اخذت الدول الغربية تبحث تشديد الحصار على ايران وقررت امريكا معاقبة الشركات التي تزود ايران بالبنزين ، لذلك رأت ايران في مثل هذا الامر تمييزا مشينا وقسمة ضيزى ، وانها لابد وان تفعل شيئا ما يفسد على ذوي الشأن احلامهم في الحصول على ثروة العراق النفطية وابتلاعها هنيئا مريئا فعثرت على عصا تهش بها على اغنام الشركات النفطية في العراق الجديد مادام أضعف نقطة ينطبق عليها الاقربون اولى بالمعروف ، اذ كانت ايران تهدد بضرب آبار النفط في الساحل المقابل للخليج الفارسي وغلق مضيق هرمز ، اما اليوم بعد ان جاءت الشركات الى أقرب نقطة من الحدود الايرانية فهي ليست بحاجة الى التهديد بصواريخ سجيل وهابيل وقابيل، وانما تكفيها سرية من الباسداران او حفنة من البسيج لتدخل الرعب في قلوب كل من تسول له نفسه الحصول على برميل نفط اضافي من نفوط العراق – نفوط جمع نفط والنسبة لها نفوطي على وزن سعودي مع الاعتذار لمصطفى جواد – وما ان تضرب ايران اطناب خيامها، لاعلاقة لاطناب هنا بطنب الصغرى او الكبرى ، حول بئر نفطي في العراق الخالي من القوات العسكرية الرادعة والمتخم بالحرامية ، حتى تدرس الشركات الاجنبية الامر مليا وقد تهرول خارج ساحة الميدان اذا رافق احتلال اي بئر خطف خبير اجنبي لا سامح الله ، حينذاك اقرأ على عقود النفط الشهرستانية السلام ، وعلى امريكا الجلوس ثانية مع ايران في باحة المنطقة الخضراء للتفاوض من جديد مع احمدي نجاد وجيب ليل واخذ عتابه .




 

 

free web counter