|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

 السبت 2/3/ 2013                          د. مؤيد عبد الستار                            كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

ميزانية الدولة ... مقامة في أدب الكدية

د. مؤيد عبد الستار

البرمكة والحسقلة مصطلحان بغداديان بامتياز ، احدهما تاريخي يعود الى بغداد حين اشتهر فيها البرامكة ، وزراء الخلافة العباسية الذين  ابدعوا في ادراة شؤون الدولة ، شجعوا الفن والجمال ببغداد وبذلوا المال بسخاء للفنانين والادباء ، واشتهروا بمراسيمهم الاحتفالية وما نسميه اليوم بالاتيكيت الارستقراطي ، فذاع صيتهم واحبهم الناس من الخاصة والعامة، وكانوا من اعلام الجود والعطاء .

 نكث العهد معهم الخليفة هارون الرشيد ، فغدر بهم وقتلهم وشردهم ، ذلك ما عرف بنكبة البرامكة ، كان أُثرها كبيرا على بغداد فرثاهم الشعراء ، وذكر مناقبهم الادباء ، وبكاهم المجتمع البغدادي الذي رأى فيهم الرفاه  والسخاء والجود  واسعاف المحتاج .

اشتهر  كبيرهم يحيى  البرمكي والوزير الفضل بن سهل ذي الرياستين  وخالد بن يحيى البرمكي  شهرة كبيرة حتى ذعر  الخليفة على مكانته منهم .

وبسبب سخائهم وبذخهم ومنحهم الصلات والجوائز الكبيرة للشعراء والادباء والفنانين شاع في بغداد مصطلح ( يتبرمك ) اي يبذخ ، وينحو في العيش على طريقة البرامكة من رسم ورفاه وسخاء ، فان قالوا عن شخص ما انه برمكي فاعلم انه سخي معطاء .

عكس ذلك شاع  ببغداد في العصر الحديث ، مصطلح الحسقلة ، زعم البعض  انه مبني على بخل  اول وزير مالية الراحل حسقيل ساسون  في عهد الملك فيصل الاول  ، كان  حريصا على اموال الخزينة الشحيحة ، لا يدفع من خزينة الدولة مالا الا بعد ان يحصي كل شاردة وواردة ، ولم يعرف عنه السخاء او البذخ او العطاء حتى اصبح اسمه علما للبخل ، فقالوا حسقيل  حسقلها ، كناية عن التـقـتـير والبخل .

فاذا اصابتك نوائب الزمان  وضرستك صروف الدهر ، وقصدت التوجه الى من يسعفك ويعينك على ما انت فيه من عوز او املاق  ، اطلب العون ممن تطمئن الى جوده وكرمه  وتوجه الى من اشتهر بخصال البرامكة ، ابحث عن برمكي تعرض بين يديه مطلبك و لا تتوجه الى ميزانية الدولة العراقية لانها اشتهرت بالحسقلة  واتخذتها مبدأ في التعامل مع المحتاجين من ابناء الشعب ، بينما تتبرمك بالملايين من الدولارا ت والدنانير تدفع بها الى الفاسدين والسراق واصحاب العقود الوهمية وتقدم  الملايين بل المليارات لمن يضحك على ذقون المسؤولين الراغبين في نهب اموال اليتامى والمساكين ، فترى الناس الفقرا ء يبحثون بين اكوام المزابل عن طعام بينما يرفل المسؤول  المغوار او الوزير بلا وزارة – قل  بلا عمل -  في الديباج والدمقس ، ويرتدي احدث ما انتجته باريس من ازياء  بيير كاردان .

واخيرا زيادة في الفائدة  ايها المواطن الغلبان ، اذا اردت نيل مبتغاك بلا  تعب  و اشجان ، احفظ احدى مقامات الكدية للحريري وتمثل بابي زيد السروجي وتوجه الى راعي الميزانية  الحسقيلي  كي تصيب شيئا من مال اولاد الحلال الذين يحتلون المناصب العليا  واتكل على الله فيما تريد فقد يهدي لك قلب الحساقلة من جديد ويمنحوك المال والاراضي والنسوان .

 

 

 

 

 

 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter