محمد علي الشبيبي
Alshibiby45@hotmail.com
الأثنين 27/7/ 2009
من تراث الراحل علي محمد الشبيبي
(1913 – 1997)
أنا والعذاب
(2)هذا هو عنوان الديوان الشعري لوالدي - علي محمد الشبيبي - طيب الله ثراه، والذي سأنشره تباعاً على المواقع والصحافة الصديقة، وفي نفس الوقت أعمل من أجل طباعته وأخراجه بالشكل اللائق. ويشمل الديوان أربعة أقسام أو أبواب.
القسم الأول: (الهوى والشباب)
يشمل قصائده الأولى أي بداية نظمه، فبعض قصائده كتبها قبل أن يبلغ العشرين عاماً. ويشير في هوامشه أنه لم يدون قصائده الأولى بسبب ركتها. وهذه المجموعة سبقت أرتباطه السياسي والفكري. وفي هذه القصائد تعبير صادق عن حبه لحبيبته (ليلى) - زوجة المستقبل - ومناجاته لها، وخاصة بعد أبتعاده عنها - قبل زواجه - بسبب العمل الوظيفي. وقد بقي الوالد وفياً لهذا الحب طول حياته. وسوف يلاحظ القارئ من خلال هذا القسم والأقسام الأخرى تطور أمكانيات الوالد الشعرية وتحوله الفكري وتاثيره على صياغة أفكاره وقناعاته. وجميعها ستنشر حسب تأريخ نظمها.
القسم الثاني: (رنين على الأجداث)
هذا هو عنوان المجموعة الشعرية التي خصها الوالد لرثاء من أحبهم وتركوا أثراً في حياته. ومعظم قصائد هذا القسم هي رثاء لأخيه الشهيد حسين محمد الشبيبي (صارم)، ولأخيه الأصغر -محمد علي-، وللشيخ الجليل العلامة محمد رضا الشبيبي، ولأبنه همام وصهره –أبو زينب-. وأعتذر عن تكرار النشر، فقد سبق ونشرت بعضها، ولكن أجد أهمية نشرها الآن كي يتسنى للقراء الأطلاع على مجموعته كاملة، وقد تفيد من يفكر بإبداء الملاحظة والنقد في تناولها متكاملة.
القسم الثالث: (في زحمة الخطوب)
قصائد هذه المجموعة تتناول معاناته ومعاناة العائلة بسبب أنخراطه في العمل السياسي منذ عام 1940. وهي تشمل قصائد نظمها في عهود مختلفة، أبتداء من العهد الملكي، والعهد الجمهوري الأول - أيام الزعيم الراحل عبد الكريم قاسم -، والعهود التي تلته وحتى وفاته في حزيران 1997. وحسب رأيي المتواضع ففي هذه القصائد يرسم الوالد بصدق من خلال معاناته صورة للأوضاع السياسية. كما إنه ورغم أنفكاكه -عام 1947- من أي أرتباط تنظيمي حزبي، بقى يعاني من الأعتقال والفصل وتوقف الترقية الوظيفية وحتى الأبعاد والسجن. كل هذا لأنه بقي وطنياً يرفض المهادنة والخنوع، وقد أشار إلى ذلك في أكثر من قصيدة، لا بل يؤكد على قناعاته وإيمانه بالنصر ونهاية المستبدين.
القسم الرابع والأخير: (أشتات)
فهي أبيات شعرية وقصائد قصيرة، فيها المراسلات، والعتاب، والمزاح، وطلب المساعدة ... ولا تخلو من حكم وعبر استخلصها الوالد من تجاربه وتجارب الاخرين الحياتية. وكذلك احتوت –أشتات- على ابوذية باللهجة العراقية كان الوالد بصوته الشجي ينشدها في خلواته أو إذا تالم أو ضويق لسبب ما. وهي تغطي فترة زمنية لكل العهود.
في بعض هوامش الوالد ذكر بعض الأسماء، وربما أسباب الخلاف مع بعض أصدقائه، أو حتى بعض قصائد العتاب العائلية، تجنبت نشرها مع المحافضة على الفكرة أو القصيدة.
هذا وأرجو المعذرة أن وجدت بعض الأخطاء والنواقص راجياً للمهتمين أبداء ملاحظاتهم، وسأكون شاكراً.
ألناشر: محمد علي الشبيبي
للمراسلة:
alshibiby@hotmail.com
السويد/ 2009-07-27
القسم الأول: (الهوى والشباب)
(2)
ملاحظة: ألقصائد التالية هي من القسم الأول (الهوى والشباب) من ديوان (أنا والعذاب) للراحل / الناشر
تـــــــركتك
تــــركتـــك ليــلـى وأنت الــــــتي ........... بـدأت وخــــالفـتِ ما قـــــد أردتِ
فــلا تـجــــزعي لا ولا تــيـأســي ........... إذا ما أبـتعــــدت وإمّـا تــــركــت
ولا تـشتـكي لــنجـــوم السـمـــاء ........... ولا تســهـري مثلما قـد ســهرت
ولا تنصبي لي شـــراك الـخــداع ........... فاني من ذا الـهـــوى قـد نفــرت
دعي عنك هذا الـخـداع الجمـيــل ........... فلـم اخط من بعد ما قــد عـثــرت
وصـوني الجمـال بثـوب العفـاف ........... وثـــوب الحيـاء كما قـد عـهــدت
ذكــرت الــــزمان الذي مــــرّ لي ........... فكـــان كبـــدر وراء الســـحـــاب
فـذكـراه طـــورا تريني الـسـرور ........... وذكــراه طـورا تريني الــعـــذاب
لـقـــــد خســر الــقـلـب آمــــــاله ........... كمـــا هي كانت كلمــع الســـراب
وعـاف الـهــــوى ابــد الآبــديـن ........... وألـفــت فيمــا مضى لي كتــــاب
رثـيـــت لــقلـبي ممـا لــــــــــقـي ........... وكـيـف ابتغى وســعى ثم خـــاب
بـرغمي تــولى زمـان الـــسرور ........... ولم ينقضِ بعــد شــرخ الشبــاب
إذا الـــبدر لاح ذكـرت الــغــــرام ........... وكيف توارت "ليالي السمر"(1)
ليـــالي بهـــا "ما ألذ الحــديث" ........... "وأحـلى الغـرام وأحلى السهر"
بظـل الســكون نبث الشــجــــون ........... لهذي النجــوم وهـــذا الـقمــــــر
طبعـت على شـفتيــك الـــــــوداد ........... وفي وجـنتيـك فـأيـن الأثــــــــــر
وأين عهــود الهـوى بالــــعنــاق ........... وأين ألـوفـا عن مرامي الــنظــر
نقضـت العهـــود وخنت الـــوداد ........... فبــؤس الطبـاع طبـاع الـــبشـــر
تغنيت ردحــا بســر الــــــجمــال ........... وتهـت زمانـا بـوادي الــــخيـــال
أحيي الــدجى بلــذيذ الـــــــنشيـد ........... وأعطي الـيــراع وسـيع الــمجال
اردد أنـشــــودتي عـــــــــــنـدمـا ........... يخف بي الــوجـــد والانـــــعـزال
تعــالي نجــوم الســماء اســمعي ........... حــديثي الــجـديد وهذا الــــمقـال
حبيبي الـــذي كان لي مســــــعدا ........... يطيب الــحـديث إذا الليــل طـــال
أراني بعــد الصفـاء الشـكـــــوك ........... فمــاذا أقـول ومـاذا يقـــــــــــــال
ويا أســـفي بعــد ذاك الـــغــــرام ........... بقيت أعيــد نشــيـد الـــــغـــــرام
اعــرّض حـالي لـدى الســــائلين ........... لعـليَّ غــدوت وضيـع الــمقام (2)
13/07/1934
(1) ليالي السمر ـ عنوان من روايتي -رنة الكأس- والجمل المقوسة في البيت الثاني بعده وردت في –ليالي السمر-
(2) لم تنته القصيدة ولكن الى هنا تخلصت الى تهنئة صديق بزواجه. ولكني لم أثبت ذلك هنا.
زفــــرات هائــم (*)
يـا ليـــل عطفــا يا حـبيب الاُلــــى ........... قــد عبـدوا الحب فذاقوا الـعــذاب
أبكي وهــذي ادمعي قـد جــــــرت ........... يمطـرهــا للناس هذا الســحــــاب
ما راق لي أهلي ولا جــــــــيـرتي ........... وابتعــدت عني كـرام الــــصحـاب
ورحــت للأيـام أرنـــو لـــهــــــــا ........... فطبق الــــجـو كثيف الــــــضبـاب
ثم اغتـدت تـدوي أعاصـــــــــيـره ........... ثائرة في الـجــو تبغي انــــــقلاب
أمّلني الدهــر حيـــاة الـــــــــهنــا ........... لكنه كان كلمــع الـــــــــــــسـراب
وراعني ظلمــــا بإعـــــــــصـاره ........... وكلما ســدد سهمـــا أصــــــــــاب
وهــــزني ظلمـــاً بأحــــــــــــداثه ........... وصبهـــــا عليّ من كل بـــــــــاب
أوليته العـتــب فمـــــا رق لــــــي ........... وهل ترى في الدهر يجدي العتاب
مالي وما للـدهـــــر من مَغــــــرَمٍ ........... عليّ حتى اســــتحـــق الـعقـــــاب
يـا طـائـــــرا يـبكي على ســرحـةٍ ........... ابك فمـا تجــدي الأماني العـــذاب
فمثـــــلك الآن أنـا شــــاعـــــــــر ........... ابكي لما قـــد حل بي من مـصـاب
لـم ارَ في عيشي سـوى ما تــرى ........... من نكـــد ومن أسى واكتئـــــــاب
لــرعتُ دهــري مثلمـا راعــــــني ........... لو إن لي يـا طيــر ظفـــــرا وناب
يـا روضة عـــاثت بإزهـــــــارهـا ........... كفّ الشـــتا فانـدحــرت للخـــراب
وأصبحت من بعــد ذاك الــشــذى ........... تسـف فيها الريـح ذاري الـــتراب
هبــــاء لا البلبــل يشــدو بــهـــــا ........... لكن بهـا أمسى ينـــوح الـغـــراب
فأيـن أيـار لــــيكســـوك مـــــــــن ........... جماله الــــفتـان أبهى ثيــــــــــاب
أما حيــــاتي فـتســاوت بهـــــــــا ........... الأيـام حتى كل فصــل يبــــــــــاب
أعـمـالي الغـــر على حســـنهـــــا ........... قد أســدل النحس عليها حجــــاب
أسعى إلى الــخير وسـعي ســـدى ........... ضـاع كأن النجح في الاغتــصاب
يا خــالقي رحمـــاك يا خــالــــقي ........... يا داعي الناس ليـــوم الـثـــــواب
هـل إن أضلاعي لنـــار الـجـــوى ........... خلقن والقلب لكيمـــــا يـــــــــذاب
والطـرف للســـهد إذا ما ســــجى ........... علي خطب في ليــالي صـــــعــاب
تُــرى أأشــقى بحيــاتي الــــــــتي ........... جعلت من خلفي عنهــا كتـــــــاب
وذي حيــاة ما بهـــا راحـــــــــــة ........... إن أحسـن المــرء بهـا لا يثــــاب
أو إنني امضـي على كل مــــــــــا ........... قــد قيـل لي عنك بغيـر ارتيـــــاب
فاطـــرد الشــك بلا خبـــــــــــــرة ........... ودون أن أعــرف أين الــصــواب
وحـيـــرة العـــاقـــل في شـــــــكه ........... كحيــرة الجــاهـل عنـد الــجــواب
(*) نشرت في مجلة العرفان اللبنانية في عددها الصادر سنة 1353 هـ/ 1934م
إلى ليـلى (*)
أنـاجيـك لــيلى فــهــل تســمـعيــن ........... حديث الفــــؤاد بــظـل الســـكــون
من العـــــار أبـقى بــدار الهـــوان ........... وذلا الـــــــين لــــــمن لا يــليـــــن
ومـا عـاقني عن رحيــلي غـــــــدا ........... ســــوى انـك إيــاي لا تــرحلــيــن
وذالك ما لا يــطـيــق الــفــــــــؤاد ........... فــراقــك يـا ليـــل مــا لا يــهـــون
نـعـمــت زمـانــا بـحـــب بــــــريئ ........... وقـــد حــاربتني عليه الـــظـنــون
وقــال أنــاس: دع الـــــحــب يــــا ........... عــليُ فــمـــا الـحــب إلا جـنــــون
جــنـون و لـكــن هـــذا الـجـنـــون ........... ألـــذّ مـن العقـــل لـــو يعـقـلــــون
حـنــانـيــك مـا لــــــذة بــالـهـــوى ........... ســـوى إنــنا قــد ألفنـــا الشجـون
تعـــودت اذرف دمــع الــحنــــــان ........... عــلى النـاس رفقـا وهـم لا يعـون
فـان ذاب قـلبـي عـليـهــم أســــــى ........... فاني الـرؤوف العـطـوف الحنــون
حــفـظــت بـقلــبي لـهــم ودهــــــم ........... وأنسيته ســـــــوء مــا يــعملـــون
كــأن فــــؤادي الـــذي منـهــــــــم ........... يــذوب ويــجـــري كمـاء العيــون
خـفـــوق بــكل صـــدور الــمـــــلا ........... يــحس بمــــا فـيه لا يشــــعــرون
فـيـنـبــض رفقــا بـمــا قــد جـنــوا ........... ويعـلــو صـــراخي فـلا يسمعــون
حـمــلت الـــــوداد لـــكل الأنــــــام ........... وأدركــت بــالـــود ما يضـمـــرون
صـــديقي إن ظـن بـي واعـتــــدى ........... عـلي وراوغــني بــالــضــغـــــون
وأنـكـــــــــــر مــا كان مـنــي لـــه ........... وداداً وحـــبـــا وعــهـــدا أميـــــن
أبـنــتُ لــه مـثــلمـــــــا يــنــبــغـي ........... ومــا كان مـن واجــبي أن أبيــــن
عـذرتـك يـا مـن نســيت الـــــوداد ........... كمــا قــد عــذرت الألى يـعــذلـون
يــظنـــــــون إن الــهــــوى لـــعبة ........... لـــدى كل مـن يشتــهي أن يكــون
وظـنـوا بــذي الحــب ما فيهمـــوا ........... ومـا عـرفـوا الــحب لا والـفتـــون
فـلــيت الـــــذي دفـــع الـحــب لـي ........... ابتــلاهــم لأنـظـــر مـا يصنعــــون
ولـو سـألــوا الليـــــل عمــــا رأى ........... وقــــد هجــع النـاس والسامـرون
يـــذوب فــــؤادي بـنـار الـجــــوى ........... فتجــري الدموع وتدمى الجفـــون
فــطـــــورا بـــذكـــــرى أخ مـلّـني ........... ومــال لــيهــــزا بي الـشــامــتـون
نـأى وهـــو لــم يــرَ غيـر الـوفـاء ........... وغـيـــر الـــوداد بــمـر الــســنيـن
لك الله يــا صــــاح مــاذا رأيـــت؟ ........... ومــاذا جــنـيـــتُ؟ فـهـــلا تبيـــــن
رأيـت شـــبـابي الــــذي قـــد ذوى ........... لـمــا زعـــم النـاس والمغـرضـون
أردتــك تـسعــــدني فـي الـغـــــرام ........... فـقـــلَّ لــدى شـقــوتي المسعـدون
وطــورا بـذكرى زمان الـوصــــال ........... وقــول الـوشــاة ومـا يــزعـمــون
ومــا جــــرّ أهـلي وغـاراتـهـــــــم ........... علي وقــــد جــرعـــوني المنــون
عـطفــت عـلـيهـم لـجهـــل بـهــــم ........... وجــــاروا علي فــمـــا يعـطفـــون
رويــــــدا فــقـلـبي بــمـــــا نــــابه ........... ارتجى النصْف منكم فهل تنصفون
أراد مــجـــيـــــرا ولـــــــكــــنـــــه ........... له لــم يـجـد غـيـــر من يظلمـــون
طـغى الــحــب فـيـه وأنتـــم عـليـه ........... فيــا ويحكـــم كيف لا تــرحمــــون
إذا ســلـم الـعـــرض مـن نـاقــــــد ........... فـكل الــنــواحي عـلينـــا تـهــــون
لك الله يـا قـلــب مــاذا دهـــــــــاك ........... أَبا لعــــذل فـكــرت أم بالــظنـــون
تحمــل فـــذا شــأن أهــل الهـــوى ........... وفي كل يــوم همــو في شــــؤون
ولا تشـــك يــومــا إلى صــــاحــبٍ ........... ولا لـقـــريــب مـــريبٍ ظــَنـــــون
وأمــا جـــفــوك وابــــــــــدوا أذىً ........... فمــــا هــــم كمثــلك لي يحمـلــون
دع الـهــــم قــلـبـي ولا تـبـتـئـــس ........... وخـــل الــوشــاة ومــا يــزعمـون
(تغـنَّ بليـلى وبــح بـالـغــــرام)(1) ........... وردد بليـــلاك عــــذب اللحــــــون
ألنجف في 1-محرم-1353
المصادف 15-04-1934(*) نشرت بمجلة العرفان البنانية – صيدا- العدد 9 سنه 1353 هـ/1934م
(1) تضمين من مسرحية - مجنون ليلى- لأحمد شوقي.
¤ أنا والعذاب القسم الأول: (الهوى والشباب) (1)