محمد علي الشبيبي
Alshibiby45@hotmail.com
الأحد 5/8/ 2007
بدايــات الغربــــة
8محمد علي الشبيبي
السويد
عشت سنوات دراستي الأخيرة في مدينة بوتسك (Płock)، حيث يوجد فيها عدة فروع للجامعة التكنيكية في وارشو ، وكان معظم أساتذتها هم أساتذة من الجامعة الأم في وارشو. تقع مدينة بوتسك على ضفاف نهر الفيسوا، وتبعد عن العاصمة وارشو حوالي 80 كلم. وتعتبر واحدة من أهم المدن الصناعية ويوجد فيها أحد أكبر مصافي النفط، حيث يمتد أنبوب النفط من روسيا وحتى ألمانية (المانية الديمقراطية سابقا) عبر مدينة بوتسك. وتعتبر بوتسك من المدن القديمة ويقارب عمرها 800 عام، وتعتبر عاصمة منطقة مازوفشا، ويبلغ تعداد نفوسها في سبعينات القرن الماضي حوالي 80 الف نسمة أما ألآن أي في بدايات القرن الواحد وعشرين فيبلغ تعداد نفوسها 127 الف.
كان الأساتذة يتنقلون بين المركز في العاصمة وارشو وفرع الجامعة في بوتسك بواسطة باصات خاصة تنطلق يوميا من جامعة وارشو التكنيكية الى فرعها في بوتسك، ويستفيد منها مجاناً الاساتذة والطلبة على حد سواء . ولما كان فرع بوتسك حديثا، فأن الأقسام الداخلية لم تكن كافية، وخصصت فقط للطالبات، أما نحن الطلبة فقد أستأجرت الجامعة لنا عمارة سكنية من ثلاثة طوابق وحولت شققها الى سكن طلابي، ولم يكن سكننا يبعد عن الجامعة أكثر من 200م. كانت الشقق تتكون من ثلاثة غرف أو غرفتين ومرافق صحية كاملة ومطبخ مجهز بالطباخ والبراد (ثلاجة)، ويسكن فيها (5-8) طلبة في كل شقة. وطبقا للنظام السائد في ذلك الحين كانت الدولة توفر للطالب في سكنه، السرير والفراش والشراشف اللازمة، السجاد ودواليب للملابس ومنضدة للكتابة مع الرفوف الضرورية للكتب ومصباح المطالعة، كما كانت ادارة القسم تزودنا بورق التواليت حسب الحصص، وتخصص لنا أياما لتبديل الشراشف واستلام النظيفة منها، ويمكن أستعارة المكوي ومجففة الشعر الموجودة في الاستعلامات عند حارس الباب (portier) للأستفادة منها ثم أعادتها. وتتوفر في العمارة صالة كبيرة لمشاهدة البرامج التلفيزيونية.
كانت حياتي الطلابية في بوتسك أكثر أستقراراً، حيث تمكنت من خلال دراستي وعلاقاتي بالأساتذة والطلبة وسكنة المدينة من تكوين أنطباعات جيدة وجدية في جامعتي وعند أهالي المدينة، مستفيدا من قلة الطلبة الأجانب في الجامعة حيث كنا فقط ثلاثة أجانب في الجامعة وكنت الوحيد في كلية الهندسة المدنية. كثير من ألأحيان كان كثرة الطلبة الأجانب الضعفاء دراسيا وغير جادين ومن محبي اللهو سبباً في سلبية تعامل الأساتذة مع الآخرين وأعطاء أنطباعات سلبية عن الطلبة بصورة عامة. وهذا ما سوف أتناوله في الحلقات القادمة عندما عاودت الدراسة عام 1985 للحصول على الدكتوراة في مدينة لوبلين، حيث تضاعف عدد الطلاب العراقيين الى عشرات الأضعاف، لأسباب بلطجية خطط لها النظام الصدامي بأرساله المئات من الطلبة الفاشلين دراسيا ليكونوا أداة النظام للأعتداء على طلابنا!.
في جامعة بوتسك كانت دراستي أفضل من السنوات الماضية وأكثر أستقرارا، وتمكنت في كل السنوات من أجتياز أمتحاناتي في أوقاتها المحددة بحيث كنت متفرغا لقضاء أيام العطلة الصيفية في المعسكرات الطلابية والشبابية وتبادل الزيارات مع الأصدقاء في المدن الأخرى. كما أن وضعي المالي تحسن كثيراً بعد عودتي من العراق مما أنعكس أيجابا على مجمل حياتي بما فيها الدراسية.
في صيف 1973 عند زيارة البكر لبولونية، خرجنا نحن أعضاء الجمعية لأستقباله، حيث كانت العلاقات الوطنية بين البعث والحزب الشيوعي في تطور إيجابي. وخلال لقائنا بالبكر قدمنا له عدة طلبات، منها تسهيل توفير المصادر لطلبتنا وفتح سجلات لنا في دائرة البعثات، والتعامل المتساوي بين طلبة أتحادنا والأتحاد الوطني الحكومي، وحث السفارة والأتحاد الوطني من أجل العمل المشترك لما فيه خدمة للقضية الديمقراطية، كما طالبنا بأن تشمل المنح طلبتنا الحاصلين على زمالات وأن لاتقتصر على طلبة البعثة الحكومية. وافق البكر على جميع مقترحاتنا بما فيها شمولنا بالمنحة، وطلب من السفير تنظيم مايلزم، ولم تكن موافقة البكر رغبة في مساعدتنا وأنما كان يقصد من خلالها، كما أثبتت أحداث السنوات القريبة التالية، محاولة أعطاء أنطباع عن جدية البعث في العمل الجبهوي والتعامل بمساواة مع الطلبة.
تابعت جمعيتنا السفارة في تنفيذ توجيهات الرئيس البكر، ومطالبتها بفتح ملفات لنا والعمل على شمولنا بالمنحة. لكن السفارة ماطلت بعض الشيء، وأقترحت علينا بأن نتقدم بأسماء المجموعة الأولى للمنحة وأن لاتزيد عن عشرة أسماء. وقدمنا لهم أول قائمة من الأسماء وقد اخترنا من ضمن هذه المجموعة الطلبة الذين يعانون من صعوبات ومشاكل أقتصادية، وكنت أحد هؤلاء. ولا أدري لماذا تأخرت عائلتي في متابعة المعاملة في الداخل لأنجاز الكفالة. وخلال سفرتي للوطن أنجزت الكفالة وتابعت أصدار القرار النهائي بتنفيذ المنحة الشهرية ومقدارها 10 دنانير وتساوي حينها 33$ تقريبا، أي أكثر من ثلاثة أضعاف مخصصات الدراسة التي كنت أعيش عليها. ورغم اننا حصلنا على قرار المنحة لكن رئاسة الجمهورية تراجعت ولم توافق على اعطاؤنا منحة متساوية مع الطلبة البعثيين، بل كانت منحتنا أقل من ثلث المنحة التي حصل عليها طلبة الأتحاد الوطني التابع لحزب البعث.
بعد عودتي وأستكمال كل المتطلبات لأستلام المنحة، أستلمت أول جك للمنحة أعتبارا من يوم أصدار مجلس قيادة الثورة موافقته على مقترح البكر، وكان مجموع المبلغ أكثر من 1500 دولار. أكتفيت بمبلغ 500 دولار وأرسلت بقية المبلغ (1000 دولار) لعائلتي لتتصرف به. كان بأمكاني الأستفادة من كل المبلغ والتعويض عن تلك السنوات العجاف التي عشتها دون قدرتي على مجارات زملائي في التمتع بروعة الحياة الطلابية البولونية، فكنت محروما من مشاركة أصدقائي في جلساتهم الجماعية وتناول وجبات الطعام معهم في المطاعم أو المقاهي، أو ارتياد المراقص والسينمات والمسارح، وكنت عاجزا من أقتناء الكتب والمصادر الضرورية أو شراء ما يعجبني من ملابس، كما كنت محروما في سفراتي الطلابية من عيش الحياة التي يعيشها أقراني، وأتجنب أحيانا مشاركة الاخرين في ألأحتفالات لأني غير قادر على الإيفاء بمتطلبات الحفل. نقلتني هذه المنحة المتواضعة الى وضع أفضل في العيش وتوفير مستلزمات الدراسة ، خاصة اني أقتربت من السنوات النهائية في دراستي. وقد أنعكس تحسن وضعي الأقتصادي على دراستي بشكل واضح. وأستمرت هذه المنحة حتى تخرجي من الجامعة أواخر عام 1976.
في صيف 1975 وصل الرفيق عضو الجنة المركزية كريم أحمد الى بولونية وأشرف على أحد أجتماعات لجنتنا الحزبية. وكان من ضمن البرنامج الذي أعده له الأشقاء البولون زيارة مصافي النفط والصناعات البيتروكيمياوية في مدينة بوتسك، لذلك طلب مني مرافقته في تلك الزيارة. وسنحت لي فرصة مرافقة رفيقنا التعرف على مصفى النفط وصناعته، كما كانت فرصة للتعرف عن قرب على بعض شخصيات المدينة من مسؤولين أداريين وحزبيين. ووثقت جميع زيارات رفيقنا بما فيها جلسات تناول وجبات الطعام ، وكانت الأستضافة بولونية بأمتياز فقد عرف عن البولون شعب مضياف يحترم ويعتز بضيوفه. وطلبت سكرتيرة الحزب في بوتسك أجراء لقاء مع المسؤولين الحزبيين في المدينة لشرح سياسة حزبنا الجبهوية والمشاكل التي يواجهها الحزب، وأبدى الأشقاء أهتماما وفضولا لمعرفة نشاطات حزبنا. وأستجابة لرغبة الرفيق كريم أحمد تعهدت سكرتيرة الحزب بتسليمي نسخا من جميع الصور الوثائقية التي جمعته مع الرفاق البولون، وقد وفت بوعدها وبعثت عليّ لتسلمني الصور بنسختين، وقد بعثت النسخ الخاصة بالرفيق ابا سليم مع والدي عند زيارته لي ليرسلها له عن طريق مقر الحزب في كربلاء.
كانت السنوات التي تلت عودتي من سفرتي للعراق حافلة بزيارات عائلية وأصدقاء. ففي عام 1975 مع بداية العطلة الصيفية، أتصل بي الزميل صالح ياسر من وارشو ليخبرني بوصول والدي وهو الآن ضيفا مكرماً في غرفة الزميل جمال الشمري في القسم الداخلي في مجموعة الأقسام الداخلية للجامعة (Żwirki i Wigury). فاجأتني زيارة الوالد فهو لم يكتب لي أبدا عن رغبته أو تخطيطه لمثل هذه الزيارة بالرغم من مراسلاته المتواصلة معي. كان والدي بعد فترات الفصل والأعتقال والسجن بحاجة لمثل هذه السفرة للترفيه عن نفسه والأطلاع على الحياة خارج العراق وخاصة في الدول الأشتراكية. وقد شجعه بعض الأصدقاء على السفر وساعدوه في تكاليف سفرته، وحسنا فعل هؤلاء الطيبون فقد كانت هذه للأسف سفرة الوالد الوحيدة والأخيرة، بخلاف (سفراته) المتكررة الى السجون والمعتقلات.
كانت حينها بولونية من البلدان الرخيصة بالنسبة للسواح القادمين من الدول العربية والغربية بسبب الفرق الكبير في سعر الدولار بين السوقين السوداء والرسمي، فسعره في سبعينات القرن الماضي في السوق السوداء يصل أحيانا أكثر من خمسة أضعاف سعره الرسمي. كما أن أسعار السلع حتى في السوق الحرة (Pewex) * المنتشرة في المدن البولونية رخيصة جدا مقارنة بأسعارها في البلد المنتج، بما فيها المشروبات الكحولية البولونية الصنع أو الغربية! لذلك كان البولون يرغبون في شراء الدولار من أجل التسوق من السوق الحرة، أو لتوفير العملة لغرض الأستفادة منها أثناء سفرهم خارج بولونية وخاصة للدول الأوربية، كما أن الدولة وهذه احدى أخطاء السياسة الأقتصادية المدمرة، كانت تبيع لشعبها السيارات وحتى الشقق بالعملة الصعبة كالدولار دون أن تسألهم من أين لك هذا! أن أنفتاح البولون بما فيهم فتياتهم وحبهم للتعرف على الأجانب كان محل جذب للأجانب وخاصة العرب. وفي حواراتي مع السواح قال لي أحدهم متفاخرا: نحن (يقصد العرب) نتميز برجولتنا التي لايضاهيها شعب ونتفاخر بها، لذلك سمح ديننا الأسلامي بالزواج بأربعة لأن سبحانه وتعالى يعلم بقدراتنا!. هذا الوضع جعل بولونياً مركزا سياحيا يرتاده السواح من جميع أنحاء العالم وخاصة العرب. وقد أكتشف العراقيون هذا البلد السياحي الجميل والمغري بجمال طبيعته ورقة نسائه، ومنذ أوائل السبعينات كان العراقيون يقضون في بولونية أسابيع وأشهر هاربين من صيف العراق القائض. وللأسف أن معظم القادمين للسياحة من العراقيين والدول العربية الأخرى لم يكونوا مهتمين في الأطلاع على الجوانب السياحية والثقافية في هذا البلد الجميل والتنقل في مدنه والأطلاع على آثاره، وأنما كان معظمهم مهتما في تكوين صداقات عبثية وغير بريئة مع بناتهم، واللهو في المطاعم والمراقص والسكر والعربدة. وفي هذه الأجواء كثرت عصابات التصريف بالسوق السوداء والأحتيال، والسمسرة بالداعرة بأعتبارها أسهل طريقة لكسب المال، وقد سببت هذه الأوضاع الكثير من المشاكل والمتاعب للبولون وللأجانب وخاصة العرب، لامجال لذكرها ، كما أساءت لسمعة البلد المضيف وللسواح على حد سواء.
التقيت بوالدي في غرفة جمال، وأعتذر من هذه السفرة المفاجئة وشرح لي ظروفها، فقد عطف عليه أحد الأصدقاء وتبرع بتسليفه التكاليف على أن يدفع الوالد أقساط الدين حسب قدرته. كان لابد من أستغلال الفترة القصيرة (3 أسابيع) من وجود الوالد في بولونية على إطلاعه على أكبر قدر ممكن من معالم الحياة البولونية. أصطحبته الى مدينتي بوتسك للأطلاع على معالم المدينة التي أعيش فيها، وزيارة كليتي والتعرف على أساتذتي وزملائي الطلبة. وأعجب بجمال المدينة وهي تشرف من علو يتجاوز 40 مترا على نهر الفسوا والذي يمر من جنوبها. وصادف في تلك الأيام الأحتفال السنوي بالحصاد، فكانت الفرق الشعبية الغنائية والراقصة التي جاءت من مختلف المدن البولونية تقدم عروضها على مسرح المدينة الصيفي على ضفاف الفيسوا، فتمتع الوالد بالعروض الغنائية والراقصة التي قدمتها أشهر الفرق البولونية القادمة من مختلف المدن. وقد حصلت من سكرتيرة الحزب في المدينة بطاقتين لحضور الحفل الخاص بالحصاد الذي أفتتحه سكرتير حزب العمال البولوني الموحد أدوارد كيرك (Edward Gierek) في ملعب المدينة، حيث قدمت فرق من جميع مناطق بولونية عروضا فنية فولكلورية رائعة تجسد الفولكلور الشعبي البولوني المتنوع.
عدنا الى وارشو بعد أربعة أيام، وأقمنا مجددا لعدة أيام في غرفة الزميل جمال الشمري في القسم الداخلي وتسنى لنا زيارة بعض المتاحف في وارشو. وكانت المدينة القديمة في وارشو من أهم المناطق السياحية في وارشو، واعجب والدي بأهتمام الدولة في أعادة بنائها لتكون كما كانت قبل الحرب بعد ان مسحها القصف الهتلري في الحرب العالمية الثانية.
وقضينا أوقاتا جميلة في التنزه في واحدة من أشهر وأكبر الحدائق العامة في وارشو، حديقة واجينكوفسكا (Park Łazienkowski)، ويتوسط الحديقة المجمع المعماري والقصر الملكي بواتس واجنكوفسكي (Pałac Łazienkowski). وتعني التسمية بواتس واجينكوفسكي قصر على الماء. وقد تم بناء هذا المجمع المعماري المتكامل الرائع في زمن الملك ستانيسواف آوكوستا (Stanisława Augusta- Poniatowskiego) في القرن الثامن عشر، وتتميز غرف وصالات القصر في كل طابق بأختلاف وتفاوت أرتفاعات سقوفها!. والقصر يستقر على جزرة صناعية تربطه جسور صغيرة وتحاذيه بحيرة جميلة يتجمع على سطحها أنواع الطيور وهي تتنافس مع أسماك الكارب الكثير على ألتهام مايرميه الناس من خبز في ماء البحيرة، ومن ضمن المجمع المعماري في حدائق واجينكوفسكا المسرح الصيفي واُنشأ مدرجا على نمط المسرح اليوناني وأقيمت منصة العرض على جزرة وسط البحيرة.
القصر الملكي (Pałac Łazienkowski) في وارشووفي حدائق جيلازوفا فولا (Żelazowa Wola) القريبة من وارشو، حيث يوجد البيت الذي عاش فيه شوبان Frederic Chopin (1849- 1810) وتم تحويله الى متحف، قضينا وقتاً جميلا نستمع فيه لمعزوفات شوبان الكلاسيكية على البيانو.
بعد أطلاع الوالد على معالم وارشو سافرنا الى مدينة كراكوف ، وأطلع والدي على معالم هذه المدينة التأريخية، والتي تحدثت عنها وعن معالمها في الحلقة الخامسة، وقضينا هناك عدة أيام بأستضافة الصديق العزيز مجدة قبل أن نتوجه الى مدينة وودج. وفي وودج تعرف والدي على عائلة كوجايجاك ومعالم المدينة الصناعية، وأصطحبته لمشاهدة بالية بحيرة البجع واحدة من أروع أعمال المسرح الكبير (Teater Wielki) للموسيقار الروسي جايكوفسكي. بعد ان قضينا أياما بضيافة عائلة كوجايجاك عدنا مجددا الى وارشو فقد حان موعد عودت والدي الى العراق.
*- البفكس أسواق بولونية تبيع بضاعة متنوعة غربية الصناعة وحتى بولونية بالدولار ويمكن ان يتسوق منها حتى البولون، وأسعار البفكس رخيصة أذا ماقورنت بأسعار نفس البضاعة في الدول الغربية أو العربية او حتى في السوق البولوني العادي أن وجدت، فمثلا سعر لتر الويسكي (جون ووكر) لايتجاوز 4 $!.السويد/ كربلاء/ العباسية الشرقية
يــتـبـع