|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الجمعة  25  / 1 / 2019                               موسى فرج                                   كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

 موازنة العراق تفوق مجموع موازنات 8 دول ...
عدد سكانها 10أضعاف سكان العراق ...

موسى فرج *
(موقع الناس)

إذا استثنينا الموازنة السعودية وهي الأضخم في المنطقة فإن موازنة العراق لعام 2019 تحل بالمرتبة الثانية وبلغت 133 تريليون دينار عراقي ما يعادل 112 مليار دولار أمريكي... مقابل موازنة إيران البالغة 109،4 مليار دولار وموازنة مصر التي بلغت 94 مليار دولار ...

وفي حين أن عدد سكان إيران يبلغ 82 مليون نسمه فإن عدد سكان مصر يبلغ 98 مليون نسمه وهو ما يعني أن عدد السكان في أي من الدولتين يفوق 3 اضعاف عدد سكان العراق البالغ عددهم 38 مليون منهم حوالي 4،5 مليون نسمه مهاجرين في كافة انحاء العالم...

وفي حين تواجه إيران الحصار الأمريكي وتتزايد ضغوط الإرهاب على قطاع السياحة الذي يشكل عماد الإيرادات في مصر فإن الخدمات ومستوى المعيشة في كل من إيران ومصر يتفوق وبنسب كبيرة على مثيلتها في العراق الذي يفتقر سكانه الى الماء الصالح وابسط مفردات الخدمات البلدية ...

وبالمقارنة بين الموازنة العراقية وموازنات عدد من الدول العربية فإن:
موازنة الأردن بلغت 13 مليار دولار أمريكي وموازنة سوريا 9 مليار دولار وموازنة المغرب 46 مليار دولار وموازنة تونس 14،5 مليار وموازنة فلسطين 5،8 مليار دولار وموازنة السودان 4 مليار دولار وموازنة موريتانيا 1،5 مليار دولار ...ومجموع موازنات الدول السبع المذكورة لعام 2019 بلغ 93،8 مليار دولار امريكي وهو أقل من موازنة العراق البالغة 112 دولار أمريكي...

وإذا ابتعدنا قليلاً عن المنطقة العربية فإن موازنة الباكستان لعام 2019 بلغت 2041 مليار روبية وتعادل 14،5 مليار دولار امريكي ومعلوم ان الباكستان يبلغ عدد سكانها 191 مليون نسمه وهي دولة نوويه ...

وفي هذه الحالة فإن مجموع موازنات 7 دول عربيه مضاف اليها موازنة باكستان النوويه يبلغ 108،5 مليار دولار وهو اقل بما مقداره 3،5 مليار دولار عن موازنة العراق في حين ان عدد السكان في الدول الثمان يبلغ 318 مليون نسمه وهو ما يفوق بعشرة اضعاف عدد سكان العراق ....

ولكن... وبوجود هذه الموازنات الفلكية هل يتحقق للمواطن العراقي الحد الأدنى من متطلبات العيش الكريم والحد الأدنى من الخدمات الأساسية...؟ لا طبعاً فالعراقي يتظاهر ليل نهار بسبب افتقاره للماء الصالح للشرب والافتقار للمدارس وانعدام الخدمات البلدية وسوء العلاج وشح الكهرباء والفقر والبطاله وكل ذلك بسبب الفساد...

مئات المشاريع الوهمية والمتلكئة بعشرات التريليونات من الدنانير العراقية وعشرات المليارات من الدولارات الأمريكية تكشف عنها هيئة النزاهة بين فترة وأخرى ومئة ألف عقار عائد للدولة مستولى عليه بطرق الفساد من قبل أحزاب المحاصصة وتقرير الفساد وغسيل الأموال في البنك المركزي الذي التهم حوالي 100 مليار دولار منذ ما يقارب السنتين قدمه الفريق الدولي الى رئيس الحكومة دون معالجه ...

نواب يدعون أنهم يقدمون ملفات فساد الى هيئة النزاهة دون نتائج تذكر ...
هيئة النزاهة تقول إن إرادة مواجهة الفساد معدومة عند الحكومة ...
وديوان الرقابة المالية منذ عام 2011 لم يقدم تقرير الحسابات الذي يشكل وجوده شرطاً لمناقشة الموازنة السنوية بموجب أحكام الدستور ...

وفي حين تقول هيئة النزاهة أنه ليس من اختصاصها الحكم بقضايا الفساد وإصدار قرارات الإدانة بحق مرتكبيها انما يقع ذلك ضمن اختصاص جهاز القضاء فإن القضاء يلتزم الصمت ...

في ظل هذه الفوضى السياسية الضاربة أطنابها في العراق يعول على مجلس مكافحة الفساد الذي يضم هيئة النزاهة وديوان الرقابة المالية ورئاسة الادعاء العام والذي اعيد أحياءه برئاسة رئيس الوزراء ويتعرض الى انتقادات واسعة بسبب تعارضه مع احكام الدستور مع ذلك يمكن أن يكون مفيداً اذا كان وجوده بصيغة التنسيق وليس التبعية لرئاسة الحكومة "لتلافي التعارض مع الدستور" لكن ذلك يتطلب من رئيس الوزراء وعند توفر الإرادة الصادقة لمواجهة الفساد في العراق الآتي:

1. توسيع المجلس ليضم ممثلاً عن مجلس النواب أيضاً...
2. يقوم ممثل مجلس النواب بمتابعة أية ملفات فساد يقدمها أعضاء منه الى هيئة النزاهة وديوان الرقابة المالية ...
3. يُطلب من هيئة النزاهة كشف بملفات الفساد وخصوصاً الضخمة منها وبيان ما اتخذته بصدد استكمال إجراءاتها قبل احالتها للقضاء بحيث أن عدم صدور قرار ادانة في تلك القضايا بسبب النقص في الأدلة يسجل على هيئة النزاهة والعاملين فيها...
4. يُطلب من القضاء كشف بالقضايا المحسومة وغير المحسومة وأسباب عدم حسمها أو غلقها مع التأكيد على تفعيل كل القوانين النافذة ومن بينها قانون رقم 7 لسنة 1958 وقانون العقوبات رقم 111 لسنة 1969 وقانون هيئة النزاهة وفي حالة تردد القضاة او خضوعهم للتهديد والابتزاز يتم توظيف قضاة متقاعدين في محكمة مختصة بقضايا الفساد تخضع لمتابعة مجلس مكافحة الفساد...

بخلاف ذلك فإن موازنات العراق وإن فاقت مجموع موازنات كل دول العالم الثالث والثاني لن تتحقق منها نتائج تذكر ...وسيستمر الفاسدون في العراق مثل جارات السوء كل تنشر غسيلها الوسخ على حبل جارتها وتعيرها به وتحت ظل منطق "مالاتنا ومالاتكم" الذي بات كلمة السوء التي يجتمع عليها ساسة المحاصصه يُذبح الأمل في نظام حكم صالح في العراق ويدفعون به الى الهاويه...
 


*
رئيس هيئة النزاهة في العراق (سابقاً).







 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter