|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

 الأثنين  8  / 12  / 2014                               موسى فرج                                   كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 


 

أتحول في مواجهة الفساد أم مجرد همهمة ...؟

موسى فرج

بإنتقال السلطة في العراق الى السيد حيدر العبادي عاد الكلام عن استشراء الفساد في العراق وبشكل صاخب وبات يتقدم حتى على الحرب مع داعش التي تحتل مساحات واسعه من العراق وهو أمر حسن لأن هذه من تلك ولأن داعش ما كانت لتتغوّل في العراق لولا تغوّل الفساد فيه ..

ولكن إقتصار الكلام عن الفساد في العراق على فضائح الفساد دون الكلام عن حقيقة مواجهته مضر من ناحيتين فهو يؤدي وقد أدى بالفعل الى التعايش مع الفساد في العراق حد الإدمان وبات الكلام عن أخطر قضايا الفساد لا يحرك الرأي العام الا بمقدار ما تحركه نكته أو نادره يتداولها البعض في رسم كاريكتيري أو تغريدة على صفحات التواصل الإجتماعي ..

ومن ناحية ثانية فإن ذلك وّفر للفاسدين من المنعة والإطمئنان الى ان الإجراءات لن تطالهم طالما ان الجميع قد إرتكب المعصية وأن كبار المسؤولين في مقدمة الركب ويتعين على من يحاسبهم أن يحاسب اؤلائك أيضاً.. وما داموا مطمئنون الى أن ذلك لن يحصل فهم يعوّلون على الاحتماء خلف قاعدة : من لم يرتكب منكم خطيئة فليرمنا بحجر..

بل وحتى الحرج والخجل باتوا لا يقيمون له وزناً من منطلق : حشر مع الناس عيد ..

فمثلاً : قبل يومين اذاعت البي بي سي البريطانية أن قضية فساد بأموال المهاجرين تم الكشف عنها في ايطاليا كان من نتيجة ذلك حبس 37 متهما و40 آخرين قيد الملاحقه وتمت مصادرة أموال الجميع ..

بالمقابل فان نائب رئيس الوزراء العراقي عندما يُسأل عن الفساد في الأموال المخصصة للنازحين والمهجرين والأمر يتعلق بمليارات يقول : كنت أصرف على النازحين من اموالي الخاصة.. وفي كل مرة تصل اجراءات البرلمان حد استجوابه لكنهم يجدون أن البرلمانيين الذين طلبوا الاستجواب قد سحبوا تواقيعهم ..

ووكيل وزارة الداخلية عندما تثار ضده قضية الفساد في استيراد اجهزة كشف المتفجرات والتي تسببت في أن يفقد آلاف من العراقيين لأرواحهم .. تتغير الحكومة فيتم تعيينه مستشار رئيس الحكومة الجديد للشؤون الأمنية وهو منصب مماثل لمنصب بريجنسكي .. بدلاً من أن يجد طريقه للمحاكم..!.

واضرب لكم مثلاً آخر : رئيس الحكومة العبادي كشف أمام البرلمان قبل أيام عن وجود 50 ألف فضائي في وزارة الدفاع قالها بابتسامة عريضة استحق عليها تصفيق البرلمان والفضائي في العراق لا تعني كَاكَارين أو نيل آرمسترونغ .. وإنما تعني سرقة ضباط الجيش لأموال الدولة من خلال تثبيت اسماء لجنود ومراتب في كشوفات الرواتب وهم في حقيقة الأمر غير موجودين في وحداتهم وانما في بيوتهم ومع ان الامر لا يتعلق بسرقة المليارات من خزينة الدولة إنما أفضى لسقوط الموصل ومناطق أخرى بيد داعش ورغم ان قائد القوات البرية وكما تداولت ذلك وسائل الإعلام أفاد بأن 40 % من مجموع تلك الأموال كانت تستقطع لتذهب الى مكتب القائد العام للقوات المسلحة السابق (المالكي) وانه كان يعلم بذلك .. فإن النتائج التي تمّخض عنها ذلك لم تتعدى التندر في وسائل الإعلام حد الإسفاف بموضوع الفضائيين.. ولكن هل بلغ الأمر ان يحال المسؤولين الى المحاكم وتتم معاقبتهم على غرار ما حصل لأولمرت رئيس حكومة إسرائيل الذي يقبع في السجن منذ سنوات بسبب قضية تافهة قياساً بما إرتكبه المسؤولون عندنا ..؟ أوعلى غرار برلسكوني الذي يمضي منذ أشهر عقوبة اداء الخدمة الاجتماعية وهو يتأبط مكنسه..؟
لا لم يحصل هذا..

ثم هل ان موضوع الفضائيين جديد في العراق ..؟ آنا شخصياً يوم سماعي لإعلان السيد العبادي كتبت هذه العبارة :(أما في وزارة الداخلية، فيقول فرج انه تم اكتشاف 50 ألف راتب وهمي .. هذا ما نشرته جريدة الحياة اللندنية عن لساني في 10 نيسان 2008 ...) .. وقبل 3 ايام تم الإعلان عن كشف الحكومة لـ 75 ألف فضائي في وزارة الداخلية .. وهل أنه ينحصر في وزارة الدفاع ..؟ أبداً.. فمنذ عام 2008 وقد كشفنا عشرات الآلاف من الرواتب الوهمية في إعانات الرعاية الاجتماعية (موظفين في الدولة واعضاء مجالس محافظات وشيوخ عشائر ومقاولين يتقاضون رواتب الرعاية الاجتماعية ويحرمون البائسين والعجزة منها ..) ، وعشرات بل مئات المشاريع الوهمية التي تصرف الأموال عنها وهي في واقع الحال موجودة على الورق فقط ، مئات بل آلاف قطع الاراضي السكنية التي تم توزيعها بشكل وهمي ، مئات بل آلاف العقارات التي تم تعويض اشخاص عنها باعتبارها مصادرة من قبل نظام صدام والأمر غير ذلك ، مئات عقود المقاولات الوهمية التي صرفت عنها المبالغ وهي مجرد حبر على ورق ، مئات المشمولين برواتب وإمتيازات السجناء السياسيين وبينهم كثيرون ممن سرق قنينة غاز او كان من المثليين فسجن من جراء ذلك ولكن في العراق فقط من يبصم على الولاء لساسة الديمقراطية يعتبر مناضلاً وسجيناً سياسياً أما غيرهم وإن كان قد خسر ثلثي عمره.. فغير ذلك ..

وغيرها وغيرها الكثير حتى أنه يمكن الجزم بأن موضوع الفضائيين ممتد من مكتب رئيس العراق فؤاد معصوم الى مدرسه في إحدى قرى العكيكه ويمكن القول إجمالا أن ثلت الـ 750 مليار دولار التي أنفقتها حكومة المالكي كان صحيحا و500 مليار ذهبت سدى تبديداً وهدراً وإختلاساً...

قبل ايام كتبت الاتي : المعركتان محتدمتان في العراق مواجهة داعش ومواجهة الفاسدين.. والهزيمة في أي منهما تعني مقتل العراق .. وتراجع الزخم في اي منهما يعني إمتلاك العدو زمام المبادرة وضياع كل شيء ولا خيار دون مواصلة قوة الصدمة ..

في جرف الصخر كانت الصدمة مع داعش ، وفي مكتب القائد العام كانت الصدمة مع الفاسدين .. المعركة مع الفاسدين مردودها اكبر وتكاليفها أقل .. لكنها مختلفة نوعياً .. فالطلقة عندما تغادر فوهة الدبابة باتجاه الدواعش الكل يصفق لك : الله والناس والتحالف الدولي لكنها عندما تنطلق باتجاه الفاسدين فأول ما يوجعك كَلبك والبطانه تعيقك والحزب يلومك والعشيره تعذلك ..

وسؤالي للسيد العبادي : إذا مصمم ..؟ ترا والله الشغله أسهل من مواجهة داعش واذا يوجعك كَلبك .. بطّل...

اليوم أقول له ايضاً : مواجهة الفساد لا تتم دون محاسبة الفاسدين وتلك المحاسبة لا يراد منها الانتقام من اشخاص بعينهم إنما يراد منها وظيفتها في الردع (ولكم في القصاص حياة .. صدق الله العظيم) .. ومادام الفاسدون هم كبار المسؤولين و(علية القوم) فإنك لن تطالهم دون أجراء تغييرات جوهرية في الأدوات المطلوب منها ذلك وهي : مركز صنع القرار يعني مكتبك بالذات وامانة مجلس الوزراء والجهات الرقابية المسؤولة عن مواجهة الفساد وأعني هيئة النزاهة وديوان الرقابة المالية وجهاز القضاء .. وإلا فان ادواتك المذكورة بواقعها الحالي جزء من المشكلة وليست جزء من الحل .. وهم بين شريك وخاضع وضعيف والمعارك الفاصلة لا يقودها الرتل الخامس والخاضع والرعديد ..

ما حصل في العراق خطير جداً فأذا كانت 10 هزت العالم فإن 10 خربت العراق ..تريدها تحولاً في مواجهة الفساد في العراق ..؟ دونك هذا.. اما إذا كانت مجرد همهمة..؟ فقد تفسر على أنها مجرد تحقيق مكاسب شخصيه برأس المالكي .. من خلال الظهور بمظهر المختلف بالمنهج والسلوك ...

 

 

 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter