| الناس | المقالات | الثقافية | ذكريات | المكتبة | كتّاب الناس |
الأحد 2 / 6 / 2024 مارسيل فيليب كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس
مقتدى الصدر بين الوطني والمكوناتي
مارسيل فيليب
(موقع الناس)
تتداول اليوم جهات عديدة ، بأن مقتدى الصدر هو الزعيم الوحيد الذي يتمتع بشعبية كافية لاجراء التغيير وإصلاح ما أفسده الإسلام السياسي بكل انتماءاتهم العقائدية وبضمنهم تيار الصدريين لغاية ٢٠٢٢ ، حيث ان هذا النموذج لا يختلف عن من تسبب بكل الكوارث التي حلت بنا .
فمقتدى الصدر استمد نفوذه من مقلدي والده، وظهر اسمه بعد سقوط نظام صدام حسين، حين أسس "جيش المهدي" باسم مقاومة الاحتلال الأمريكي عام 2003، ثم جمّد نشاطه عام 2008 ، وللعلم (يمكن ان يقال ان اكثرية الفصائل المنفلتة حالياً خرجت من عباءة جيش المهدي ) .
حيث بحلول نهاية عام 2003، ترأس الصدر حركة باسم "التيار الصدري" كانت عبارة عن فصائل مسلحة دعيت باسم جيش المهدي ، وتمكن من اجتذاب الالاف مقدماً لهم مجموعة متنوعة من الخدمات والمعونات الاجتماعية والصحية ، حيث كانت تصرف رواتب مجزية لافراد جيش المهدي من خلال ما يستلمه مقتدى من مساعدات مالية بملايين الدولارات من حكومة ملالي طهران انذاك ، كما طبق إجراءات أمنية مشددة على المناطق التي سيطر عليها وأنشأ نظام محاكم على اساس المذهب الشيعي الذي يدين به ، كما حدث في النجف عام ٢٠٠٤ ، وبدأت الانشقاقات ما بعد ذلك في صفوف تياره بسبب قراراته الارتجالية .
اليوم يلجأ الصدر للمزايدة في شعاراته الشعبوية على نظيره الإطار التنسيقي الذي هم من طينة واحدة ، (كما ظهرفي لقطة على اليوتيوب وهو يأمر اتباعه بترديد شعار "انه الاستعمار الغاشم … كلا كلا امريكا ، واعقبها .. "سمعوهم اللي جايين يفاوضون الامريكان" اضافة لطلبه طرد السفيرة الأمريكية وإغلاق السفارة الأمريكية ، بهكذا ديماغوجية يظهر مقتدى الصدر نفسه كزعيم ديني يطالب بما لا يمكن تحقيقه في هذه المرحلة ، لكي تردد شعاراته من قبل تابعيه كشعارات ثورية غير قابلة للنقاش ، رغم انه متلون سريع الانفعال والتراجع ، كملاح واضحة فيما يتخذه من قرارات ، كدعوته السابقة (لحكومة ابوية ؟؟ .. وللإصلاح من منظور وفهم شخصي مبسط لمعنى التغيير الحقيقي واهدافه الوطنية) ، بينما الحقيقة ان برنامجه (ان كان هناك برنامج سياسي) ، لا يسعى من خلاله نحو تفعيل معنى المواطنه الحقة ، بل كل ما يطرحه لحد الان يشير إلى نفس نهج الطائفية المشوبة بالفساد ، وليس انحيازاً لصالح تفعيل مفهوم المواطنة الحقيقي ولقيام الدولة المدنية دولة المؤسسات القانونية ، وتحقيق التنمية والعدالة الاجتماعية .
لقد عشنا جميعنا تجربة الصدريين كنواب ووزراء وروءساء عصابات بجيش المهدي منذ عام ٢٠٠٤ .
وبما ان مقتدى الصدر يفتقر للشروط والمؤهلات الدينية اللازمة ولم يوفق لتولي موقع كمرجعية دينية (كإمتداد لإرث والده) ، لكنه نجح في تثبيت موقعه كشخصيّة شعبوية ، واستمرارية سلطته على اتباعه من خلال (ارث والده وخطابه بإطار المقدس الديني) ، إلى جانب المرحلة الكارثية التي يمر بها العراق منذ عام ٢٠٠٣ وسقوط النظام المقبور ، ومن السلطة الشرعية التي يتمتع بها رجال الدين والتي يمارسونها لتجهيل الناس البسطاء ومن علاقته مع مراجع ارفع شأناً منه ، مثل الحائري في بداية السنوات الاولى من التغيير ، السيستاني حالياً ساعياً في الوقت نفسه للمزايدة على أي كتله دينية من منافسة نفوذه في التيار الصدري ، كما حدث في خلافه مع رجال دين من اتباع ومقلدي والده الراحل ، كاليعقوبي (الذي اسس لاحقاً جماعة الفضيلة) ، والذي شغل منصب مدير مكتب محمد صادق الصدر في مدينة النجف حتى عام ٢٠٠٣ ، وكان اهم سبب لخلافهم ، هو حول جمع الخمس .
هذا هو تاريخ مقتدى الصدر بإيجاز ، فبعد اكثر من ١٨ عام شارك الطغمة الحاكمة في السلب والنهب المنظم لاموال الدولة ، امر نوابه بالانسحاب من البرلمان في حزيران 2022، واقتحم أنصاره مقر مجلس النواب رافضين تولي شياع السوداني رئاسة الحكومة، ثم فاجأ الجميع ، إعلان اعتزاله النهائي للحياة السياسية في ٢٩ اب ٢٠٢٢ .
عاد مقتدى الصدر قبل أسابيع وبشكل مفاجئ ايضاً ليعلن عن تغيير اسم تياره إلى (التيار الوطني الشيعي) هذه التسمية التي لا تعني تغيير النهج ما دامت محصورة ضمن الإطار الشيعي اضافة لتلبية طلبه من البرلمان اعتبار يوم الغدير عطلة رسمية للبلاد مما يتعارض مرة اخرى مع مفردة الوطني حيث يتناقض دمج المكوناتية مع الوطنية ، كما في تسمية تياره الجديد .. القديم ، كخطوة نحو العودة للمشهد السياسي استعدادا للمشاركة في انتخابات الدورة النيابية المقبلة.
فهل سيتطور مفهوم التحالف الوطني الشيعي هذا نحو اقامة نظام إسلامي (اسلمة الدولة) على غرار النظام الإيراني ، ام عن رفع الفيتو الصدري ، وقبوله للتحالف مع (دولة قانون المالكي .. وغيره) .