| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

محمود القبطان

 

 

 

                                                               الأحد  26 / 10 / 2014



البصرة في حالة يُرثى لها!

د. محمود القبطان  

لم تتعدى فترة فراقي البصرة أكثر من خمسة اشهر لأراها أسوأ مما كانت عليها في الزيارة السابقة,حيث أهملت وليس هناك أمل في إصلاح وضعها البيئي والعمراني ما عدا بعض البنايات والتي لا تتعدى أصابع اليد الواحدة والتي هي قيد الإنشاء.أما الأنهر الفرعية للمد والجزر فأنها أصبحت أكثر خطورة على الصحة العامة والبيئة. ظهر محافظ البصرة على أحدى الفضائيات في زيارة تفقدية لإحدى مشاريع تبليط الشوارع فوجدها في أسوء أنواع التبليط,والمؤسف إن هناك البعض من المهندسين ممن يقبلون بهكذا وضع تنفيذي سيئ أما قبولهم الرشاوى أو التهديد والخوف من فقدان الوظيفة,حيث هناك من هم في السلطة التنفيذية في المدينة ممن تعاونوا مع المقاولين الفاشلين بنسب مئوية محددة لقبول هذا المقاول أو ذاك.

المشكلة الرئيسية في البصرة هو انتشار الفساد كباقي المدن العراقية وتبدأ حلقة الفساد من الجهات العليا نزولا الى عمال التنظيف,فتوزيع العقود والمقاولات هي للكبار أما الصغار وصولا الى عمال التنظيف لا يرفع النفايات إلا بدفع "الإكرامية" في كثير من الأحيان لاسيما إذا كانت اكبر من بقايا النفايات في حجمها وما بينهما ما هو أعظم.مازالت الشوارع في أتعس مناظرها حيث يحفر السكان حفر أمام أبوابهم في عرض الشارع لتخفيف السرعة دون رقابة أو وضع حبال ضخمة نسبيا لهذا الغرض,احتلال الأرصفة من قبل أصحاب البيوت ,ناهيك عن أصحاب الأسواق والتي تحتل بضائعهم كل الأرصفة,وما زالت معضلة الحيوانات السائبة كبيرة وبدون حل.أما في هذه الأيام حيث محرم الحرام قد حل كثرت فعاليات تدمير الأرصفة بحفرها وتكسير حجرها لتثبيت الأعمدة الحديدة لهذه المناسبة لابل مازالت الكثير من دعايات الانتخابات التي انتهت في نيسان الماضي للأحزاب الاسلاسياسية المتبارزة مثبتة في الشوارع والأرصفة ,ولازالت صور رئيس الوزراء المنتهية ولايته حيث وقّع على إعدام صدام وكأن الأمر مازال نافذا وفيه:اليد التي وقعت على إعدام الطاغية لا تصافح البعثيين,لكن ماذا عن مشعان الجبوري ومواد 4 إرهاب بحقه وبحق الكثير من مجرمي البعث الذين كانوا معه كضباط ومستشارين ووزراء ووو..وأما انتشار صور المراجع العراقية والإيرانية الدينية فلها بداية وليس لها نهاية ,إضافة الى صور الشهداء,مع كل الاحترام والإجلال لهم, و التي ملئت المدينة وشوهت منظرها بالرغم من موقعهم في قلوب الناس لتضحيتهم بحياتهم من أجل الوطن,لكن رفع هذه الصور لا يدل على نكران تلك التضحيات لان لا يمكن أن تستمر هذه الطريقة الى ما لانهاية.

أما في المجال التربوي فيبدو إن تأسيس المدارس الأهلية والتي لا حد لها من حيث العدد وأصبحت أكثر من المدارس الحكومية ابتدءا من الروضة الى الثانوية قد ملئت المدينة وبشكل يثير التساؤل هل من رقابة على نوعية المدارس من حيث التدريس والمدرسين ونوعية المناهج التي تدرّس وهل تطبق قوانين وزارة التربية بحذافيرها..والأخطر إن بعض الميسورين ماليا بدأوا بالإعلان عن المدارس الأهلية منافسة الحكومية حتى لو كانت بناية صغيرة لا تتوفر فيها حتى ساحة للراحة أثناء الفرص ما بين الحصص.فنرى الطلبة يجلسون على الأرصفة وتحت الشمس.ومن المؤسف أن بعض أولياء الأمور يعتقدون أنه مجرد ذهاب أولادهم الى المدارس الأهلية هو الضمان للنجاح.والسؤال هو هل هناك رقابة على هذه المدارس؟

وهناك ما يحز في النفس هو مصير تمثال الشاعر العراقي الكبير شاكر السياب.يقف شامخا على ضفاف شط العرب وفي بداية شارع الكورنيش ومقابل البنك المركزي-فرع البصرة. بجانبه "مقهى" على الماشي حيث تكثر النفايات,(ولا من شاف ولا من دره)القناني الفارغة في كل مكان,وهذا ليس بالشيء الجديد,لكن ما موجود حول التمثال هو ما أحزنني و كل متابع وحريص حيث رميت قناني الماء في زوايا السياج ألمرمري ,حول التمثال أربعة مصابيح كبيرة حول التمثال وضعت في الزوايا نامت عليها طبقات من التراب وهي لا تعمل,ومع كل هذه الأمور المحزنة يأتي الشباب لالتقاط الصور التذكارية بجانب تمثال الشاعر,ولو كان التمثال يتكلم لسأل هؤلاء الشباب وقال لماذا كل هذه النفايات من حولي إضافة الى انعدام الإضاءة؟

في شارع دينار اضوية المرور تعمل ليل نهار دون استراحة ودون أن تحترم من قبل سائقي المركبات ولا من قبل شرطي المرور والذي غالبا ما يكون مشغولا في الكلام مع صديق أو يتكلم بتلفونه والسيارات تُسير "شعبيا" الشاطر هو الذي يستطيع المرور ولو بالخطأ وعلى حساب سلامة المارة.في البصرة اُريد بناء جسور للمارة فوق الشوارع الرئيسية ولكنها لم تكتمل وأهملت إلا في ساحة اُم البروم ولكن لا يتفتح من الجهتين وانما من جهة واحدة فقط , ولا يعلم السبب علما بأنها مزودة بسلالم كهربائية..

ماذا تفعل إدارة المحافظة من أجل المدينة الحزينة لإنقاذها من وضعها الكارثي؟

لماذا استغنت المحافظة عن الشركة التي كانت متعهدة بتنظيف المدينة بالوسائل الحديثة والتي بدلت بواسطة العمال والفرش لتنظيف الشوارع الرئيسية فقط والذين هم لا يعلمون ماذا يفعلون؟هل من منقذ لمدينة البصرة والتي يراد لها أن تصبح عاصمة العراق الاقتصادية؟ ماذا سوف يفعل من وعد أهالي البصرة بالكثير وما أن وصل الى البرلمان حتى بدأت خطاباته الرنانة دون حصول تغيير ولو الواحد بالمليون وليس له هدف غير تأسيس الإقليم؟

البصرة تستغيث والمواطن يريد مدينته جميلة تليق بمكانتها وبمكانة مبدعيها وعلمائها وفنانيها ومثقفيها ومهرجان المربد يعقد هذه الأيام فيها..



البصرة - 20141025
 


 

 

 

free web counter