|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الخميس  25 / 6 / 2015                          مصطفى محمد غريب                              كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 



 خفافيش الظلام تحاول غلق نافذة النور في اتحاد أدباء العراق

مصطفى محمد غريب

الاعتداء على الاتحاد العام للأدباء والكتاب في العراق اعتداء على الثقافة والعلم وعلى المعرفة والمثقفين ولا تفسير له إلا تفسير واحد هو أن هؤلاء الخفافيش لم يتحركوا بمعزل عن أسيادهم القابعين في دهاليز الطائفية والرجعية الذين يستغلون أية فرصة لإعاقة عملية التقدم في المجتمع العراقي وجعل المواطنين كإمعات بدون وعي اجتماعي يجعلهم قادرين ليس فقط على التفسير بل إيجاد الطرق العملية لمعالجة الخلل والتخلف ونبذ من يريد إعادة عجلة التاريخ إلى الوراء بإحكام دينية سلفية أو أصولية أو طائفية رجعية الفكر والتفسير، هؤلاء الأسياد المتمتعين بخيرات العراق بدون أي مسوغ قانوني أو أخلاقي هم من أوعز لخفافيش الظلام لغلق نافذة النور التي تطل على العقل الإنساني متصورين بان العنف والإرهاب والتهديد بالقتل سوف يجيز لهم الانتصار على التقدم والديمقراطية ولكن هيهات لان العبرة التي لم يستفيدوا منها هي نظام البعث الفاسد وأسلافهم القريبين والبعيدين الذين أصبحوا نفايات في مزبلة التاريخ ومسبة لألسن المواطنين.

لقد تناقلت وسائل الإعلام الاعتداء على مبنى اتحاد أدباء العراق في ساحة الأندلس مساء الأربعاء 17 / 6 / 2015 من قبل ميلشيات مسلحة تقدر بـ ( 50 ) شخصاً يرتدون الملابس السوداء وعلى ما يبدو أن مهمتهم مرسومة مقدماً من قبل عقول وسخة مملوءة بالحقد والكراهية لكل ما هو متنور وكل ما هو ثقافي حضاري يؤمن بالإنسان وقيمته، هي ليست المرة الأولى التي يتوجه هؤلاء الأوباش قطاعي طريق الثقافة بالاعتداء على رمز ثقافي يجمع مئات من المثقفين والأكاديميين والكتاب والشعراء همهم بناء صرح ثقافي تقدمي لتطوير الوعي الاجتماعي وجعل الثقافة التنويرية مصباحاً لبناء البلاد وخدمة المواطنين وبخاصة الطبقات المستَغَلة، في تصورنا وتصور أكثرية المثقفين المؤمنين بالإنسان كأعلى قيمة أن هذا الاعتداء عبارة عن حلقة من حلقات السلسلة الإرهابية التي لا تختلف عن تلك السلسلة الميليشياوية التي تقتل وتختطف المواطن البريء بغض النظر عن دينيه وقوميته وعرقه فالتدمير هو الهدف القريب والبعيد بالنسبة للمتطرفين الإرهابيين، الإرهاب التكفيري وإرهاب أصحاب الملابس السوداء والرشاشات والأسلحة الخفيفة هم جميعاً في سلة واحدة وحلقات في سلسلة من الجريمة المعادية للشعب العراقي.

لقد تناول بحق بيان الاتحاد العام موضوع " هذا الاعتداء المخالف لكل تقاليد المجتمع الديمقراطي فانه يكشف عن المخاطر التي تهدد في المستقبل حياة وسلامة جميع العاملين في الاتحادات والنقابات الثقافية والإعلامية وبقية منظمات المجتمع المدني وحقوق الإنسان وروابط المرأة " وهو في عرف القيم الدينية الصحيحة والإنسانية النبيلة جريمة لا يمكن السكوت عليها وقد ذكر بيان الاتحاد العام بكل صراحة أن "مجموعة مسلحة يقدر عددها بخمسين شخصا يرتدون ملابس عسكرية سوداء وتقلهم سيارات مدنية، قامت بغلق الشارع الرئيسي الذي يقع فيه مقره، واقتحمت البوابة الرئيسة للاتحاد لكون البوابة الثانية مقفلة لغلق النادي الاجتماعي منذ أيام احتراما لشعائر شهر رمضان الكريم". هذه المجموعة التي كان المفروض بأسيادهم وهم بالتأكيد لهم ضلع في المسؤولية وبهم أن يتوجهوا لقتال داعش الإرهاب لا أن يختبئوا بالملابس العسكرية السوداء وكأنهم فراريج الدجاج ليعتدوا على الأبرياء من الناس وان يدنسوا بأقدامهم وبساطليهم القذرة قدسية جزء كبير من الثقافة العراقية، وان يكونوا ذوي حمية ووطنية في هذه الظروف الصعبة التي أصبح العراق فيها كساحة فوضى للقتل والقتال، للتدمير والخراب، للهجرة والتهجير، للفقر وتحت الفقر بطبقات ، للفساد واللصوصية (بهذه المناسبة نعلن أن مؤسسة (
Verisk Maplecroft ) " نشرت تقريرا حول حجم الفساد واعتبرت 10 دولة في قمة الفساد وحل العراق سادسا) للمافيا والميليشيات ، للإرهاب والتفجيرات، هؤلاء الخفافيش الذين أغلقوا الطرق وهاجموا عمال بنغال وحراس لا يتجاوز عددهم أصابع اليد يحرسون المبنى من الإرهاب والمافيا الطائفية وهذا يعني أن لهؤلاء داعم مسؤول يسند ظهرهم..

على الحكومة العراقية ورئيس الوزراء وبالذات وزارة الداخلية والمؤسسة الأمنية أن تسارع بالكشف عن هواياتهم وهم بالتأكيد معروفين الصفة والانتماء  .

إن الاحتجاجات الواسعة والادانات المباشرة وفي مقدمتها شجب وإدانة الاعتداء من قبل رئيس الجمهورية فؤاد معصوم الذي أكد " نشجب قيام مسلحين مجهولين بالاعتداء على مقر الاتحاد العام للأدباء والكتاب"، وقد أعلن عن تضامنه مع "الأدباء والفنانين والمثقفين العراقيين كافة"، كما شجب وأدان البعض من المسؤولين الحكوميين الثانويين و العديد من الكتل السياسية والشخصيات الوطنية والمثقفين الوطنين ومنظمات المجتمع المدني عامل ايجابي في طريق فضح هذا التطرف المافيوي، إلا أن ما يحز في النفس صمت رئيس الوزراء حيدر العبادي شخصياً بالرغم من زيارة مبعوثين من مكتبه لمقر الاتحاد والاعتذار الذي قدم من قبل عمليات بغداد، لكن يبقى صمت وزير الثقافة فريال راوندوزي والبعض من الوزراء فضلاً عن أحزاب الإسلام السياسي التي تشارك في قيادة السلطة وهم جزء منها موضع أسئلة عديدة في مقدمتها ــــ لماذا هذا الصمت؟، لان هؤلاء الخفافيش الظلاميين لم يراعوا ولم يحترموا الدولة وقوانينها لان الموضوع لو كان يمسهم لقلبوا الدنيا ولن يقعدوها، حيث كان من المفروض ليس الإعلان عن الإدانة والشجب فحسب بل التوجه لإجراء تحقيق فوري وسريع لمعرفة هذه العصابة المافوية ومن هم المسؤولين عنها، لا بد من استمرار حملة الشجب والإدانة والمطالبة لكشف حقيقة كشف حقيقة خفافيش الظلام لأنهم وبكل تأكيد سوف يكررون فعلتهم وجريمتهم في مكان آخر ليهاجموا نوافذ النور التي مازالت تضيء الطريق بالرغم من العقلية الظلامية المتخلفة دينياً ودنيوياً.


 



 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter