|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الخميس  26 / 2 / 2015                          مصطفى محمد غريب                              كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 


الميليشيات الطائفية المسلحة بين الحقيقة والنكران في العراق

مصطفى محمد غريب

نائب برلماني ــ لا توجد ميليشيات في بغداد ويهدد بـ "قطع اللسان.....!"

إخفاء الحقيقة جريمة في جميع الأعراف الدينية والقوانين الوضعية ولهذا جاءت التوصيات والأحكام الدينية لكي تقف حائلاً بين التعتيم عليها أو عدم إظهارها بشكل واضح ، كما تضمنت القوانين الوضعية المواد التي تحاسب من يخفي الحقيقة أو يتستر عليها لأي غرض نفعي شخصي أو عام، الإخفاء والتستر أو التعميم أو تغيير الحقائق جريمة ومرض أناني يلازم الكاذبين من الذين يتصورون أنهم يمارسون الفعل المضاد المبني على الكذب والتمويه لخدمة مواقعهم ومراكزهم المالية أو السلطوية لكنهم يتناسون أولئك الذين سبقوهم بالفعل وبالمنطق المخادع كيف بصق عليهم التاريخ وأصبحوا نكرة أمام الناس..إخفاء أو طمس أو الالتفاف وإنكار وجود ميليشيات طائفية مسلحة وباعتراف العديد من المسؤولين في الدولة وحتى المرجعيات الدينية بوجودها عبارة عن جريمة مخلة بالأخلاق ومنافية للتعاليم الدينية وبالضد من القوانين المرعية التي نصت على منع مثل هكذا تجمعات مسلحة لأنها خطرة على سلامة المواطنين وتشكل خطراً على الوضع الأمني والسلام الاجتماعي كما هو الإرهاب التكفيري ، حالة الإنكار أو تزييف الحقائق أو محاولة لخلط الأوراق لحشر اسم الحشد الشعبي والفصائل الإسلامية المقاومة في قضية معروفة لا تحتاج إلى براهين هي عملية تمويهية بتغطية مقصودة عن المواقع وأنها على ما يبدو هدف السيد النائب كاظم الصيادي من التحالف الوطني لكي يحذر بقطع لسان المعترضين أو الذين يذكرون الحقائق في دولة تدعي حكومتها ورئيس وزرائها ورئيس الجمهورية والكثيرين من مسؤولي الدولة بالديمقراطية وحرية الرأي وأتباع الأساليب القانونية الحضارية بدلاً من أيام قطع اللسان والأذان والأيدي في زمن البعث الصدامي .

يحلو لبعض المسؤولين والنواب أن يحجبوا نور الشمس بغربال متصورين أنهم يستطيعون خداع وعي المواطنين والضحك على العقول لكنهم بهذا يضعون أنفسهم في مساءلة أخلاقية وقانونية وهما بالتالي يوضحان مدى ركاكة الموقف السياسي والأخلاقي الذي يهدف إلى طمس أو تحريف الواقع، ومدى الاستهتار واللعب على الأعصاب من قبل من يريد إغفال المواطنين لقلب الحقائق، ففي صدد الحديث عن الميليشيات الطائفية وتواجدها غير القانوني والمعروفة للداني والقاصي يطل علينا النائب في التحالف الوطني كاظم الصيادي يوم الثلاثاء 17 / 2 / 2015 بنفي وجود ميليشيات في بغداد لكنه لا ينفها في الوقت نفسه في المحافظات وهذا أمر عجيب من نائب يمثل المواطنين الذين ينتظرون منه على الأقل ذكر الحقائق لحمايتهم من التفجيرات والاغتيالات والخطف، النائب الصيادي لا يكتفي بالنفي بل يذهب إلى ابعد من ذلك فهو يحذر ويهدد بالقول " لا يوجد شي اسمه ميليشيات ومن يتجاوز على الحشد الشعبي"، مؤكداً " حذرنا سابقا بقطع لسان من يتكلم على فصائل المقاومة الإسلامية وجميع أبطال الحشد الشعبي" ( موضوع وجود الميليشيات معروف للأعمى قبل البصير ) وحسب تعبيره أن الميليشيات هي فصائل المقاومة الإسلامية وان الحديث عن الممارسات السلبية للبعض في الحشد الشعبي يقود إلى قطع اللسان، على الرغم من وجود من يستغل هذا الاسم وباعتراف المرجعية والعديد من السياسيين العراقيين الذين أدانوا جرائم ارتكبت من قبل الذين اندسوا طائفياً في الحشد الشعبي وإن فضحهم ليس هو بالكفر. لكن النائب ينوي قطع لسان أي مواطن إذا قال "الميليشيات تستغل الحشد الشعبي وهؤلاء المستغلين شذاذ آفاق " ولا اعرف ماذا سيفعل للسيد مقتدى الصدر عندما دعا يوم الثلاثاء 17 / 2 / 2015 تجميد لواء اليوم الموعود وسرايا السلام هل سيجرؤ لقطع لسانه بعدما أشار حول شذاذ الآفاق والميليشيات؟ ( الوقحة ) ومقتدى الصدر لم يكتف بذلك بل قال بالحرف الواحد " الم اقل لكم بان العراق لا يعاني من (شذاذ الآفاق) فحسب بل سيعاني من الميليشيات (الوقحة) أيضاً ...!! الم اقل لكم انه يجب تسليم الجيش زمام الأمور ...!! الم اقل لكم أن الحقبة السابقة قد أفاءت على العراق بازدياد نفوذ الميليشيات وشذاذ الآفاق وتسلطهم على رقاب الشعب المظلوم، الم أخبركم بان هناك من يريد المساس بأمن العراق واستقراره ويسعى لإضعاف الحكومة الجديدة التي أنهت (الولاية الثالثة)" في الحقيقة لم يكن السيد مقتدى الصدر لوحده قد فضح وجود ميليشيات طائفية مسلحة مخالفة للقوانين ومتحكمة في رقاب الناس بل هناك الكثير ممن أشاروا بالوقائع، بأنها تدار من قبل الجارة الحميمة إيران وفي مقدمتهم هادي العامري وهو لا يشعر بالخجل من تأكيداته حول المساعدة أو وجود الجنرال قاسم سليماني.

- ألم تسمع أيها السيد النائب كاظم الصيادي أو تشاهد مئات الجثث ضحايا القتل الطائفي؟ أم كأنك لم تسمع أو تشاهد مئات الآلاف من المهجرين والهاربين من العنف الطائفي التي تقوم به البعض من الميليشيات الطائفية والإرهاب التكفيري؟!

لقد كشفت تقارير عسكرية ونشرته المدار عن قناة التغيير والعديد من وسائل الإعلام في يوم الثلاثاء 17 / 2 / 2015 أن ارتفاع أعداد المنتمين للميليشيات في العراق بلغ حوالي ما بين (100 - 120) ألف عنصر ولم يكتف التقرير بالعدد بل أضاف أنهم يتوزعون على (42) ميليشيا مسلحة وهم يتلقون دعماً من الجارة إيران وهي تستغل تواجد داعش الإرهابي في البعض من المحافظات ليكون غطاء لتحركها وتمددها، وهذه ليست المرة الأولى والوحيدة يجري الكشف عن دور إيران وتدخلها وأجندتها الموالين لها والذين يتوزعون في مفاصل الدولة وأحزاب الإسلام السياسي، ولهذا فان منظمة " رايتس ووتش " أصدرت تقريرها الأخير متهمة ميليشيات مسلحة طائفية موالية للحكومة مسؤولية ارتكاب مجزرة تفجير مسجد ( مصعب بن عمير ) في محافظة ديالى وأدى التفجير الإجرامي إلى (30) شهيداً وإصابة حوالي (20) من الذين كانوا يصلون في المسجد، ومهما قيل عن هذه الجريمة ومرتكبيها أو الادعاء بصدور بيان موقع باسم داعش أو غيرها فان شهود الأعيان المحايدين من أهل المنطقة والضحايا هي أوثق من إي بيان يصاغ لحجب الحقيقة لان المواطنين وأهل الضحايا أشاروا بصريح العبارة متهمين الميليشيات المسلحة ، وان منظمة رايتس أكدت " جرائم الميليشيات تزداد وحشية وسط تجاهل الحكومة العراقية "، ولعل تصريح رئيس الوزراء الأخير حيدر العبادى في لقاءه مع الصحافيين خير مثال فقد أشار عدم العفو على من يتجاوز على المواطنين إن كان التجاوز من قبل الجيش أو الحشد الشعبي ومعاملة التجاوز كأفراد وأكد " أن هنالك العديد من المتربصين بأمن البلد لكننا لن نعف أية مجموعة مسلحة تتجاوز على المواطنين "

لقد استبشر العراقيون وكل القوى الخيرة خيراً عندما تلقوا خبر اجتماع الرئاسات الثلاث 17 - 18 / 2 / 2015 بهدف دراسة مخاطر تواجد الميليشيات المسلحة باتجاه نزع الأسلحة منها وحصره في يد الدولة لكن مما أحبط الكثير من المتابعين أن الرئاسة واجتماعها كان في وادي وقضية الميليشيات في وادي آخر لأنها ناقشت مواضيع بعيدة عنها تخص داعش أو الملفات المعلقة بين المركز وحكومة الإقليم وغيرها، نعتقد ومن الأفضل ولخير أمن واستقرار البلد كان من المفروض إيجاد الحل لهذه المشكلة التي أصبحت شائكة ومن العقد الصعبة حلها إلا بقانون تجريمي يمنع قيام الميليشيات المسلحة التي هي فوق المؤسسات الأمنية الحكومية وحصر السلاح بيد الدولة، إلا أن ما يؤسف له " تجري الرياح بما لا تشتهي السفن " وقد يكون الوضع خارج عن إمكانية الدولة والحكومة لان بعض القوى المتنفذة المتورطة مع الميليشيات المسلحة لا تذعن لا للدولة ولا للحكومة ولا تريد أن تسن القوانين الرادعة والمانعة لأنها تعتبر هذا الأمر خط احمر يهدد وجودها ويحجم دورها ويمنعها من تنفيذ مآربها ويشل يدها في ما ترتكبه من جرائم وخروقات بالضد من القوانين، الميليشيات المسلحة هي مافيا منظمة وبالعكس والقوى الإرهابية التكفيرية لا تقل عنها وهما متساويتان في توجهاتهما لاستمرار الاضطراب الأمني وتدمير الدولة وخلق حالة من التطاحن الطائفي وصولاً للحرب الأهلية كي يتم تقسيم العراق ويقع تحت هيمنة البعض من القوى الخارجية لكي تتصرف به حسب مصالحها وأهدافها النفعية، فهل نُمكنهم من ذلك؟ وهذه المهمة تقع على عاتق كل من تهمه مصلحة البلاد والوحدة الوطنية


دعوة

أيها السيد النائب في التحالف الوطني كاظم الصيادي وأنت على أساس ممثل للشعب في البرلمان تعال " اقطع لساني وأقطع لسان السيد مقتدى الصدر وجميع السنة الذين يخالفونك في الرأي وهم بالآلاف حول وجود ميليشيات وسلبيات في الحشد الشعبي " فانا أقول واقر بوجود الميليشيات الطائفية المسلحة وحسب ما أشير حوالي (42) ميليشيا مصنفة بشكل مضبوط " وأنت سيد العارفين، ومثلما ذكر السيد مقتدى الصدر وغيره - هناك شذاذ آفاق استغلوا اسم الحشد الشعبي فأساءوا إليه بأعمالهم الإجرامية غير القانونية فعاثوا فساداً مما دعا المرجعية والعديد من المسؤولين الاعتراف بذلك وصاحوا الله اكبر على ما اقترفوه من خروقات وجرائم لا تمت للأخلاق والدين بأي صلة تذكر.. -  فمتى وبمن ستبدأ بقطع لسانه وهمْ كثرُ....؟!

 

 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter