نبيل يونس دمان
nabeeldamman@hotmail.com
الأربعا 19/9/ 2007
القوش في ظل الحرب العراقية – الايرانية *
نبيل دمان - كالفورنيا
بداية الحرب وتبعاتها الكارثية
تفاجأ العراقيون قبل غيرهم يوم 22/9/1980 بهجوم صدام حسين المباغت على الجارة ايران ، متذرعا ً بحجج واهية لم تصمد طويلاًَ امام الزمن ، منها ادعائه بحقوق العراق في اجزاء من الارض وجزء من شط العرب ، والذي تنازل عنها في عام 1975 لحكومة الشاه بغية الالتفاف على الحركة الكردية .
عانى الشعب من آثار تلك الحرب الطاحنة ، والتي لم تحقق اهدافها في خطف نصر سريع كالذي كانت تحصده في ايام ، دولة اسرائيل في حروبها ضد جيرانها العرب اعوام 1948 ، 1967 ، 1973. لقد تورط صدام في الحرب وغطست ارجله في مستنقعها الذي اودى بحياة مئات الآلاف من القتلى والجرحى والأسرى والمشردين، ومنها بدأت امواج الهجرة ... هجرة مجاميع واسعة من الشعب العراقي الى دول الجوار واللجوء السياسي والانساني في شتى بقاع العالم .
كانت تلك الحرب فاتحة انفراد صدام في الحكم بعد ان اقصى رئيسه البكر ، الذي تجذر وتصلب في عهده ، وصفى بالحيل والكذب والارهاب الكثير من القيادات التي ظهرت في طريقه ، وبذا شق طريقه الشاذ وغيرالمشرف ، فوق جماجم واشلاء ابناء الشعب العراقي ، سليل الحضارات والامجاد .
لقد ازعجه النموذج الايراني في اسلوب انقلابه على الشاه وازعجه نزول الملايين من الايرانيين عامي 1978 – 1979 الى الشوارع لتغيير النظام ، ولا يخفى على احد كيف لعبت تلك الحرب الاجرامية بحق الشعبين دورا ً في تحريف نهج الثورة الايرانية واستقطاب بل انفراد حكم اليمين الديني ، وابعاد كل من له صلة باليسار وبامجاد التاريخ الايراني المعاصر .
قبل ان يتبوأ صدام المركز الاول في حكم بلادنا ، كان نظامه قد استغل مليارات الدولارات التي درت على العراق ابان تأميم النفط وارتفاع اسعاره في اواسط واواخر السبعينات ، تلك الاموال صرفت لتقوية الماكنة العسكرية والاجهزة القمعية ولشراء الذمم ومحاربة ابناء الشعب ، فجرت في تلك الفترة بل اشتدت محاربة كل القوى الوطنية ذات التاريخ المشرق في سبيل عزة العراق وتقدمه ونهضته .
عندما اجتاح مئات الآلاف من المسلحين ، الحدود العراقية – الايرانية ، دارت رحى الحرب الضروس ولمدة ثمان سنوات ، بدأت المعركة الحقيقية في داخل العراق نفسه ، ضد الشعب العراقي الأبي ، فجرى التنكيل به ومحاربته ومصادرة ابسط حقوقه ، تحت ذريعة البلد في حرب و " حراس البوابة الشرقية " .
دارت السنين العجاف بفصولها واشهرها ، بايامها ولياليها ليعاني كل من في الوطن من وطأتها ، ولم يستطع النظام حسمها ، وقد سماها الغرب بحق " الحرب المنسية " ، وبين فترة واخرى كانت تصحو الناس على امتداد لهيبها واضطرامها ، واخذت كل عمليات وتجارب تطوير الاسلحة الفتاكة فعلها وبمساعدة دول الغرب والشرق على السواء . انهمك النظام ايضا ً في حربه المجرمة ضد الشعب في كردستان العراق ، الثائر من اجل الديمقراطية والحقوق القومية المشروعة للكرد وباقي القوميات ، واستخدم اخس الاسلحة بما فيها الاسلحة الكيمياوية المحرمة دوليا ً ضده ، وتلك مدينة حلبجة تشهد للتاريخ ما ارتكب فيها من حماقة وبشاعة لا مثيل لها في العالم بعد هيروشيما وناكَازاكي .
يتذكر الجميع تهافت الكثير من الحكام العرب الى بغداد ومصافحتهم للدكتاتور صدام اثناء الحرب وبعدها ، ولا استثني حكام الخليج ايضا ً ، الى ان فاجأ صدام العالم مرة اخرى والشعب العراقي في المقدمة بأجتياح قطعانه دولة الكويت . فمن الحرب الاولى ولدت الحرب الثانية 1990 – 1991 ، كما يقول احد سدنة النظام السابق سعد البزاز في عنوان كتابه " حرب تلد اخرى " .
نتيجة مغامرات طاغية بغداد وقادسياته وامهات معاركه الخاسرة جميعها ما عدا كرسيه ، وصلت الاوضاع في العراق الى ما شهدناه من دمار البنية التحتية وحلول عصر العقوبات الدولية شديدتي الوطاة على ابناء شعبنا الذي لا نبكي قتلاه وضحاياه ، بل نتخذ منهم العزم وقوة المواصلة لتصفية آثار الدكتاتورية الفاشية والى الابد ، ولتفعيل دور العراق وجعله مركز الاهتمام ومركز الاستقرار والتقدم والسلام في المنطقة والعالم .
انعكاسات الحرب على البلدة :
القوش كباقي البلدات والمدن والقرى العراقية ، عانت الويلات في سني الحرب الظالمة ، وقد سيق ابناءها الى جبهات الحرب على طول الحدود العراقية - الايرانية اضافة لاجبار الموظفين والطلبة وغيرهم الانخراط في صفوف الجيش الشعبي ، وقسم آخر وجد نفسه ضمن الافواج الخفيفة لتجنب جبهات الحرب التي كانت تحرق الاخضر واليابس . هناك احصائية عملها الاستاذ يوسف ياقو شامايا عن خسائر البلدة في تلك الحرب الضروس ادرجها كما يلي : 120 قتيل ، 50 أسير ، 28 مفقود. واضيف عليها عشرات من المصابين في جبهاتها ومن تشوهوا واصيبوا بعاهات ، اضافة للعوامل النفسية والمشاكل الاجتماعية التي اضافتها واججتها ، هناك عدد لا يحصى من قصصها وويلاتها قد لا تكفيها مجلدات وستظل اجيال واجيال تتناقلها .
قائمة باسماء بعض مفقودي الحرب استقيت معظم معلوماتها من الاستاذ سفر الياس الصفار:
الأسم
تاريخ الفقدان
المكان
1 خالد كريم سليمان
1981
الخفاجية
2 طلعت متي ججو
1981
عبادان
3 عابد حنا توم
1981
عبادان
4 جنان إلياس أسطيفو
1981
الخفاجية
5 جوزيف إلياس اسطيفو
1982
الطاهري
6 كامل كوركيس سكماني
1982
الأهواز
7 يوسف جرجيس دانيال
1982
الأهواز
8 قيس هرمز ممو
1980
عبادان
9 نوئيل بحو كوريال شبو
1981
الخفاجية
10 أديب عبو قوجا
1981
الخفاجية
11 سمير منصور كجوجا
1981
الخفاجية
12 بولص حسقيال حنا
1983
حاج عمران
13 ذاكرشابا شهارا
1984
الشهابي
14 سمير جميل عزيز
1985
الفاو
15 باسم هرمز الصفار
1987
شرق البصرة
16 سهيل داود أسمرو
1988
حاج عمران
17 صادق روئيل تومي
1988
18 سمير وديع خوشو
19 مخلص منصور فعونا
20 ناظم أسطيفو جولاغ
1991
21 حلمي توما ككميخا
ومن تداعيات تلك الحرب ايضاًَ هروب العشرات من شباب البلدة من تلك النيران للاختباء في البيوت او في الارياف وقسم آخر سجل في الافواج الخفيفة للسلطة وكانت النتيجة في عام 1987 فقدان اربعة من شباب البلدة الذين كانوا ضمن فوج المدعو ( ملكو ) وذلك في معركة على جبل ( متين ) ، اغلب الظن انهم ماتوا بنيران السلطة المجرمة نفسها وهم كل من :
كمال حسقيال شدا ، سلام حسقيال بابانا ، سالم يوسف ساكو ( مزكا ) ، ساهر حسقيال حنطية ، ورعد جميل نجار ، علما ان بعضهم لم يعثر على جثثهم حتى اليوم .
اما الغيارى من شباب البلدة الذين تتاجج نار المقاومة تحت اضلعهم والذين بلغ الوعي عندهم الادراك بان النظام هو مشعل الحروب ورئيسه الدكتاتوري ينساق لاهوائه وملذاته ، فيجب والحالة هذه الالتحاق بفصائل المعارضة الوطنية المسلحة المتخذة من جبال كردستان مواقع لها والمتواجدة قبل الحرب بسنوات . فخاض هؤلاء نضالا سياسيا وعسكريا يسجله لهم التاريخ في اروع صفحاته بجانب مناضلين آخرين من فصائل الحركة الوطنية العراقية ومن مختلف قوميات الشعب العراقي ، وفي سوح تلك المعارك والمهمات الصعبة استشهد العديد من ابناء البلدة نحاول تسجيل اسماءهم واماكن وتواريخ استشهادهم كلما امكاننا ذلك ، وسلفا اقول لن تكون المعلومات دقيقة جدا وذلك لصعوبة معرفتها ولكنها محاولة لذكرهم وليتذكرهم ابناء البلدة وكل العراق بالتقدير والتحية وخفض الرؤوس إجلالاًَ :
الأسم
تاريخ الاستشهاد
مكان الاستشهاد
1 هرمز يوسف بوكا
1980
كلي افوكا
2 د. سلمان داود حيدو
1982
في الاراضي التركية
3 خيري ياقو توماس
1986
كريبان - فائدة
4 طلال ياقو توماس
1985
خلف جبل القوش
5 رعد بولص ميخو
1985
خلف جبل القوش
6 باسم حنا كعا
1985
خلف جبل القوش
7 جبرائيل بولص رمو
1982
في الاراضي التركية
8 فاضل اسطيفو قودا
1984
وادي الكنود ( لندي )
9 فؤاد يلدا يوحانا
1988
منطقة زاخو
10 نجيب هرمز يوحانا
1984
منطقة زاخو
11 فارس جرجيس قسطو
1987
قلعة كانيكا - اتروش
12 ثائرة فخري بطرس
1980
الفاكهاني - بيروت
13 رائد صبري مقدسي
1988
في حملة الانفال
14 ريجو ياقو قس يونان
1987
منطقة اتروش **
15 اكرم متي مقدسي
1981
خلف جبل القوش
16 رافد اسحق حنونا
1981
سينا وشيخ خدرا
17 زهير يوسف ككا
1988
في حملة الانفال
القوش شانها شان باقي البلدات والمدن والارياف العراقية ، تعرض احرارها للاعتقال ، فاختطفوا من اماكن عملهم وسكناهم وغيرها ، وقد مرت سنوات مديدة دون ان يعرف مصيرهم احد حتى سقوط النظام المذل في 9 نيسان 2003 ، فظهرت اسماء بعضهم في قوائم اعدامات النظام فيما بقي خبر بعضهم وطريقة قتلهم واماكن دفنهم مجهولة حتى اليوم . اليكم قائمة باسماء المعتقلين وطبيعة اعمالهم وتاريخ اعتقالهم :
الأسم
العمل
سنة الاعتقال
1 منير توما توماس
معاون طبي
1981
2 سالم ايوب رمو
كاسب
1980
3 عبد السلام يوسف قلو
موظف
1980
4 خالد يوسف ديشا
طالب
1980
5 تماضر يوسف ديشا
طالبة
1980
6 منصور حسقيال دكالي
عامل
1980
7 عابد سليمان بطة
عامل
1980
8 منصور صادق تومكا
موظف صحي
1980
9 يوسب جرجيس كريش
موظف
1980
10 سعيد عيسى شاجا
موظف
1980
11 جمال صادق يلدكو
طالب
1980
12 حكمت كيكا تومي
مدرس
1980
13 حسيب بدري القس يونان
طالب
1985
14 أونير بطرس اسطيفانا
عامل
1987
15 زهير جرجيس مقدسي
عامل
1980
16 جبرائيل عبدالاحد ابونا
مهندس
1980
17 جلال عيسى تلو
طالب
1987
* فصل من كتاب مخطوط بعنوان ( القوش حصن نينوى المنيع ) ، الرجاء من ذوي الشهداء والمفقودين تزويدي بمعلومات افضل وأدق ، وكذلك من لم تسعفني ذاكرتي في تذكرهم ، وعلى عنواني الالكتروني التالي :
nabeeldamman@hotmail.com
** ريجو ياقو قس يونان هي زوجة اورها تيكا ، وام النصير مخلص ، ومعها خمسة نساء من عوائل الانصار البواسل ، اخرجتهم اجهزة السلطة الحاكمة في عام 1987 من بيوتهم وتوجهت بهم الى موقع شمال ناحية اتروش وتركتهم في العراء ليلقوا مصيرهم او يعودوا باولادهم الى احضان نظام القمع . والام ريجو كانت لها معاناتها وامراضها خصوصا في المفاصل ، فلم تستطع مواصلة السير فتخلفت عن اصحابها ومعها كمية قليلة من الغذاء . وبعد انقطاع اخبارها توجه بعض اقاربها من بغداد والقوش للبحث عنها ، فعثر عليها ميتة تحت شجرة بعد اكثر من شهر من فقدانها ، وجلبت الى القوش في ظروف قاهرة حيث ووريت الثرى، وبعد مدة توفي زوجها ايضا بطريقة أليمة تضاف الى كل المآسي التي جلبها للشعب نظام صدام حسين .