نبيل يونس دمان
nabeeldamman@hotmail.com
الأثنين 19/10/ 2009
حكم القدر يغيب الأب د. يوسف حبّي
نبيل يونس دمان
nabeeldamman@hotmail.com
أسماء عديدة ووجوه مختلفة تدور مع عجلة الحياة على هذه البسيطة ، دون ان تترك اثرا ً ، حيث تأتي بهدوء وتمضي بهدوء ، فتلك سمة غالبية الخلق .... ولكن هناك اقلية منهم لها مسارها الخاص في نفس عجلة الحياة ، تاركة بصماتها على واجهة الزمن وأسفار التأريخ ، بارزة مضيئة من نواحٍ عدة ، وقد كلـّفها ذلك جهودا ً مضنية ، وطاقات كبيرة ، للوصول الى ذلك الموقع ، التي ستظل أجيال واجيال من بني البشر ، تذكر ذلك الاسم المتميز ، وتتخذه نبراسا ً لها ، ومرجعا ً في حياتها ، وقوة دفع متجددة لعملية التطور الفكري- الاجتماعي .
هذه مقدمة للتعريف بكائن من ذلك النمط الخاص ، فذ في تفكيره ، قويم في سلوكه ، ماض ٍ في إقدامه ، ذلك هو الفقيد الاب يوسف حبي . للاسف الشديد لم يساعده الحظ في مواصلة عطائه الزاخر ، إذ توقفت تلك الحياة النابضة بالابداع ، في لحظة خاطفة من الزمن وهو في قمة الابداع ، حيث مداده الفكري لم يجف ، والقلم يرعف ويهتز في يده الخضراء .
لعل ما تناوله الفقيد في آخر ندوة له في مهرجان نوهدرا الثقافي السادس بدهوك آب 2000 بعنوان " اهمية التعددية ، العرقية ، والاثنية ، والعقائدية ، واهمية الالوان لتكتمل لوحة الانسان ، وهو قبول الآخر كما هو لا كما نريد " من ابلغ الدلائل على عمق تفكيره ، وهو بحق ناقوس العصر، بل اكسير الحياة في زمننا الحاضر.
عرفت الاب الدكتور لعدة سنوات من بداية السبعينات في ندوة الايمان بالموصل التي كان يشرف عليها الاب بطرس متي ، والاب يوسف حبي ، والاب ( المطران حاليا ) جاك اسحق ، الى جانب نخبة ممتازة من الطلبة ذوي القابليات والمواهب المتعددة ، حيث كانوا يبذلون الجهود في جمعنا نحن مسيحيي جامعة الموصل ، من مختلف الطوائف : آثوريين ، كلدان ، سريان ، ومن مختلف مدن العراق وضواحيها : نينوى ، بغداد ، كركوك ، دهوك ، اربيل ، البصرة ، والرمادي .
كانت ندوة الايمان لكنيسة المشرق ، نقلة نوعية وحضارية في حياتنا نحن القادمين الجدد الى الجامعة ومحيطها الغريب ، خصوصا ً من القرى والارياف التي لم تكن تتوفر فيها مستلزمات الحياة الحديثة ، كنا نلتقي تحت سقف واحد في قاعة كنيسة ام المعونة بالدواسة مع اللجنة المشرفة وبحضور الآباء الكهنة ، في حفلة تعارف رائعة شعارها " إبتعدتم عن اهلكم ، واقتربتم من اصدقائكم " كم كانت تلك الكلمات البسيطة تشد ازرنا ونحن نترك لاول مرة بيئتنا الأسرية المتماسكة ، الى البيئة الاكبر والارقى وهي الجامعة ، التي في نهاية دورتها ، ركبنا موجة الحياة المتلاطمة ، وخضنا غمارها حتى اليوم ، بقوة المثل ونضوج الحكمة التي ألهمنا بها فقيد المعرفة الأب يوسف وزملاؤه .
رحمك الله ايها الكاهن الانسان ، ستمجد ذكراك في الارض على الدوام ، وسوف يزين صفحات التاريخ الحديث اسمك المطرز بالوان الحياة وأنجم سماء الرافدين ، وا .... أسفاه لفراقك وفقدانك فامثالك قليلون وتعويضك شبه مستحيل .