|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الأحد  20  / 3 / 2022                                 نجم خطاوي                                   كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

سلام الشعوب ووئامها
أسمى من الحروب

نجم خطاوي
(موقع الناس)

لبناء عالم جديد
ولقبر مشعل الحروب

هذه الكلمات التي طالما تغنى بها الشيوعيون والوطنيون واليساريون، وكل الناس الساعين للسلام والحرية والوئام في كوكبنا الأرض، وغدت لهم نصوصاً وفصولاً في الطريق من أجل عالم بلا حروب وعداوات وأحقاد. شعلة ومشعل نداء الشعوب الطامحة للحياة الآمنة والرفاه والسلام، ظل على الدوام منغصاً لأحلام أقلية الطرف الآخر من حاملي مشاعل العسف والاستغلال والاضطهاد والذين يستعينون بالحروب والعنف لتنفيذ أجنداتهم.

الشعبان الروسي والأوكراني عاشا لزمن طويل في سلام ووئام واشتركا في الكثير من القيم العظيمة الثقافية والفكرية والعلمية، حتى كاد الناس في أماكن بعيدة يظنوهما كشعب واحد...بعد انهيار الاتحاد السوفيتي وتفكك أطر العلاقات الأممية بين شعوب دول الاتحاد السوفيتي، نشأت وتوطدت الأفكار القومية ودعوات العنصرية في أوكرانيا وروسيا ودول البلطيق وغيرها من دول الاتحاد السوفيتي السابق، وأيضا في مناطق مختلفة من العالم. ومع تزايد أفكار معاداة الشيوعية وتحميل الحزب الشيوعي السوفيتي مسؤولية تخلف بلدان الاتحاد السوفيتي والمصاعب التي كانت تعاني منها، ازدادت وتعمقت أفكار العنصرية والقومية والتقارب مع الغرب والانضمام إلى الاحلاف...

لقد جرى تمييز في أوكرانيا في الموقف من المواطنين من أصول روسية ومن اللغة والثقافة والروسية، من قبل عدد من القوى والأحزاب التي تبنت مواقف قومية وعنصرية، واختلف هذا من منطقة لأخزى خصوصاً اذا ما أخذنا بنظر الاعتبار أن الغرب الأوكراني في منطقة لفيف والمحاذي للحدود البولونية كان قد شهد نزعات قومية متطرفة ومنذ زمن بعيد، لكن الموضوع ليس كما يتم تصويره في الاعلام من أن الناس يتم منعهم من الحديث بلغتهم الروسية، أو أن الناس الذين من أصول روسية يتم اضطهادهم وقتلهم في أوكرانيا، وهي من معلومات بازار الاعلام الذي يزدهر في زمن الحروب والنزاعات.

هناك في أوكرانيا عدد لا يعد من الطلبة الاجانب الدارسين في معاهد كثيرة في كل أرجاء البلاد وتكون دراستهم في الغالب باللغة الروسية، ولم نسمع بحالات تعدي أو استهداف مباشر لهم من قبل جماعات أو منظمات قومية.. وهناك في البرلمان الاوكراني عدد من النواب من أصول روسية والذين يتكلمون بها وهم أحزاب ومنظمات مختلفة.. الحزب الشيوعي الأوكراني وللآسف غير مرخص له العمل قانونيا منذ فترة غير قليلة ارتبطت بالأحداث والصراعات بعد ١٩٩١ والتي تطورت لاحقا في ٢٠١٤...

في اوكرانيا عدد من الناس الذين يتبنون أفكار قومية وآخرون يتبنون أفكاراً نازية، كما هو موجود في جميع دول أوروبا والغرب والعالم، وفي روسيا أيضا... كما أن هناك ممارسات قمعية وغير ديمقراطية وعنف شهده اقليم الدونباس ومنطقة القرم قبل ضمها من قبل روسيا..

هذه الصراعات تتمحور بأشكال سياسية وخلافات وتنافس، وهي ليست حرباً وعنفاً وصراعات بين الشعبين الروسي والأوكراني.. ويمكن القول بأن النظام في روسيا يمول ويساند ويدعم عدداً من الأحزاب والقوى والمنظمات القومية الروسية الداعية لانفصال إقليمي الدونباس، في الوقت الذي تنشط في الجهة المقابلة عدد من القوى والمنظمات التي تدعو لتفوق العنصر الاوكراني وتثقف بأفكار التطرف والكراهية..

البرلمان الأوكراني لا يتبنى الفاشية والنازية كفكر وهناك قانون يحضرها...
لقد سلمت أوكرانيا اسلحتها النووية إلى روسيا قبل إقرار معاهدات الحد من التسلح واستخدام الأسلحة النووية في عام 1994 والتي عرفت بمذكرة بودابست التي ضمت أوكرانيا وروسيا والولايات المتحدة وبريطانيا، والتي شملت تخلي أوكرانيا عن 1800 رأسا نووياً... ومن البنود الرئيسية التي تضمنته هذه الاتفاقية هي الضمانات الأمنية من قبل روسيا بعدم التهديد العسكري لأراضي أوكرانيا، وبنود أخرى لم تطبق عملياً.

ان التوازن وإنهاء التفرد في العالم الذي يعنينا كديمقراطيين ويساريين ومدنيين هو التفكير بالتعويل على شعوبنا وتعزيز جبهة اليسار والمدنية والديمقراطية في مواجهة قوى اليمين والبرجوازية والرأسماليين وفي كل بلد ومنطقة، والانطلاق من ذلك لتكوين جبهة عالمية جبارة في مواجهة الرأسمال والاحتكارات العالمية، وبعيدا عن قطب الناتو وتطلعاته التوسعية والعدوانية، وعن النظام في روسيا الذي يمثل مصالح ملاك اليخوت والنوادي والرأسماليين بعيدا عن مصالح المواطن الروسي، وعن الصين التي تضع مصالحها وتفوقها التجاري والاقتصادي في أول الأولويات، وبعيدا عن كوريا وإيران وسوريا وأفورقي اريتريا...

من أجل شن الحرب واحتلال الدول هناك العديد من الحجج والمبررات والأسباب وربما يكون بعضها صحيحا، ولكن مقابل ذلك هناك العديد من الأسباب والحجج والتبريرات التي تدعو للسلام وحل الخلافات بالطرق السلمية، والتي علينا اختيارها في كل مرة بديلا لمنطق الحرب التي لا يمكن تبريرها في كل حال من الأحوال، والتي لا تجلب سوى الكوارث والمآسي وخراب الأوطان، والتي ستكون فرصة لأن يتعزز الناتو وتعود الوحدة بينه وبين جميع دول أوروبا تقريبا وانحياز جماعات جديدة من السكان نحو أفكار العسكرة والأحلاف...

السؤال الذي يفترض الإجابة عليه قبل الذهاب للتحليل والتفسير والحجة والتبرير عن أسباب الحرب، هو الموقف من الحرب نفسها!! وهل نحن داعمين لها أم رافضين. السلطة في أوكرانيا لها أخطاء وممارسات لا ديمقراطية، وحالها مثل حال الممارسات والأخطاء اللاديمقراطية والتسلطية في روسيا وغيرها، كما أن المشاكل السياسية قديمة في اوكرانيا وخصوصا القومية بسبب تواجد قسم من السكان الأوكران من أصول روسية، وكان يمكن حل قضاياهم سلميا بعيدا عن التعصب القومي وتعزيز الكراهية والأحقاد الذي تبنيه بعض الجماعات والأفراد المتشددين قوميا لصالح العنصر الأوكراني، وفي الجهة المقابلة دعمت السلطة الروسية الحاكمة هذه الجماعات ووظفتها لصالحها سياسيا بديلا للمساعدة في إيجاد حلول سلمية.. الصراع الذي فجر الحرب يتمحور بين الاحتكارات الرأسمالية الغربية والدعم من حلف الناتو ومحاولة إشراك أكبر عدد من دول أوروبا فيه، وبين ممثلي الأوليغارشية والاحتكارات وأصحاب المصانع والشركات الكبرى في روسيا، وبدعم من أصوات الطموح القومي ونزعة العسكرة والتسلط والتمدد والحلم بإعادة القيصرية، مع استخدام عواطف الناس وأوجاعهم وذكرياتهم عن الاتحاد السوفيتي السابق والدور الخبيث الذي لعبته الرأسمالية في تهديمه وبمعونة بيروقراطيي الحزب الشيوعي .. ليس هناك من جامع ما بين السيد بوتين وبين الثوري الشيوعي الخالد لينين، أو بين حزب الأوليغارشية وأصحاب اليخوت والقصور والمليونيرية في روسيا، وبين الحزب الشيوعي البلشفي.

ان الشيوعيين والمدنيين واليساريين في كل العالم يفترض أن يكون لهم موقفهم الصريح والواضح من الحرب الدائرة بين الحكومات والاحتكارات والبيوت المالية الرأسمالية، عبر ادانتها والدعوة للسلام...هناك فرق كبير وهائل بين مساندتنا للعمال والكادحين والشغيلة بتقوية جبهة النضال في كل بلد من أجل تغيير موازين القوى وإقامة أنظمة ديمقراطية سلمية، وبين التعويل على رئيس معين يرأس حزب برجوازي بأنه (سيقلب موازين القوى ويغير القطبية الواحدة)...

على المستوى البعيد ستضعف هذه الحرب من مواقع اليسار والشيوعيين وتقوي جبهة الناتو والرأسمالية.. قبل الحرب كان هناك نقاش كبير حول عدم جدوى حلف الناتو، واليوم تغيرت موازين القوى عبر توحد دول وحكومات الاتحاد الأوروبي مع تزايد المطالبة بانضمام دول أخرى لحلف الناتو كالسويد وفنلندا.

ان مبدأ (عدو عدوي صديقي) سيضعف من مواقعنا ويبعدنا عن المبدئية في الوقوف مع قضايا السلام وضد الحروب.

من المهم تعزيز وتقوية النضال والكفاح في كل البلدان من أجل تغيير موازين القوى لصالح قوى اليسار والمدنية وأن تتعزز مواقع الأحزاب الشيوعية، وليس عبر الحروب التي تشنها الأنظمة المختلفة عند تضارب مصالحها ودون تفويض من شعوبها..

عدم إدانة الحرب والتعويل عليها عبر بوابة نحر الشعب الأوكراني والخسائر في ضحايا الجنود من الطرفين، وتخريب وتدمير اوكرانيا واقتصادها، والوهم بأن النظام والأليغارشية الروسية سيحققوا لنا القطب الجديد و(ما دام الأمر كذلك فلنبارك حربه) حسب منطق عدد من الناس ويا للأسف والخيبة، سيكون الأمر مباركة ضمنية وتأييد مبطن للحرب...

الأمم المتحدة تقول ان في كل ثانية تمر يكون هناك طفل لاجئ من أوكرانيا، وأن نصف الثلاثة مليون لاجئ هم من الأطفال، وهذه الصور وصور الدمار في المدن وتشرد الناس، يحسبها البعض طبيعية ما دامت أن هناك معاناة قد حدثت للاجئين سبقوهم، أو انهم يستحقون هذه المعاناة لأنهم ليسوا من جبهة النظام في روسيا الذي اختلفت مصالحه ومصالح حزبه ومليارديرية روسيا مع الناتو وأمريكا والغرب...

الموقف من الحروب ورفضها والتنديد فيها وعدم التعويل عليها في حل الصراعات وتحسين واقع الطبقة العاملة وعموم الكادحين هو من ألف باء وأولياء الفكر الماركسي وجوهره الإنساني...

التنديد بالحرب والدعوة لإيقافها فورا والتفاوض السلمي بين البلدين الجارية وإحلال السلام، هو يعني عمليا الوقوف ضد من يحاول التصعيد ومن أي جهة كانت....

فكرة عدو عدوي صديقي خاطئة تماما ومدمرة...أمريكا وحلفاؤها الاوربيون والصين وروسيا وغيرها من البلدان يبحثون عن مصالحهم في بلداننا، وسياسة الاستعمار ومخططات الرأسمالية ليست بالجديدة في عصرنا وزماننا، ومجابهتهم لا تتم عبر تسليم رقابنا بيد شخص وحزب يمثل الأوليغارشية المتخمة وكبار الأثرياء في بلاده، والذي يحلم بالتوسع والنزعة القومية وإعادة أمجاد القيصر، والذي تتحدد مواقفه تبعا لمصالح الطبقة والفئات التي يمثلها، وليس لمصالح الشعب الروسي الذي ليس له ناقة ولا جمل في الاعتداء على جيرانه ومحاولة فرض الهيمنة العسكرية وشروط الاستبداد، بل عبر النضال السلمي في ترصين جبهة اليسار والمدنية في كل دولة ووطن، وتوسيعها أمميا وعالميا...

علينا أن نحسب النتائج الكارثية للحرب والمعروفة اليوم، وأن نتطلع للوضع الذي افرزته وكيف حولت النقاشات بعدم جدوى الناتو كحلف عسكري، والتي كانت تتداول وسط العديد من التجمعات والمناظر في أوروبا والغرب، الى تراص وتوحد هذا الحلف وتوثق العلاقة بين دوله مجتمعة وبين أمريكا وعشرات الدول في العالم، وإلى فقداننا لأوساط كثيرة كانت ضد العسكرة في السويد وفنلندا والنرويج، ليتحولوا اليوم للدعوات المباشرة للانضمام لحلف الناتو....

ان فشل تجربة الاتحاد السوفيتي السابقة يفترض أن يدفعنا لتقديم نماذج أفضل وأحسن ومن التجارب السياسية والفكرية التي تنافس تجارب الاشتراكية الديمقراطية ودول الرفاه الاجتماعي في اسكندنافيا وغيرها في اوروبا ، وعبر اختيار الطرق السلمية والتنفس السياسي، وليس عبر التعويل على الحروب والعدوان واحتلال الدول.

الذين يعولون على حرب غزو أوكرانيا، في انهاء نظام القطب الواحد وتشكيل نظام عالمي جديد وبغض النظر عن عدالته وعدم وضعه نهاية للسطوة الامبريالية (حسب التصريحات)، سيكون من الأجدى والأفضل لهم أن يعولوا ويراهنوا على تعزيز حركة الطبقة العاملة واليسار والمدنية في بلداننا، وعلى تعزيزها مجتمعة بجبهة عالمية واسعة في مواجهة سياسة الأحلاف والأقطاب بدل مساندة الحرب والوهم في كسرها لواقع القطب الواحد، وخصوصا في ظل المبررات التي قدمتها الحرب لتوحد رأسمالي وحكومات أوروبا وتعزز رصيدهم الشعبي، وبينهم وبين حلف الناتو، وازدياد الميل الشعبي في أوروبا للتعويل على حلف الناتو، والذي كانت الأصوات تتعالى لعدم جدواه قبل الحرب..

أين مصالح شعوبنا وبلداننا في ظل تطاحن مصالح ممثلي الأوليغارشية والاحتكار الذين لا يهمهم جميعا أحوال ومصالح الشعوب، والذين يسعون دون هوادة لإضعاف مواقع حركة اليسار وتحجيمها قاطبة..

من الممكن أن تتواجد في كل دولة حركات أو أشخاص تتبنى العنصرية والكراهية والفاشية والنازية، وهي موجودة في أوكرانيا، كما هي موجودة في روسيا وبلدان الاتحاد السوفيتي سابقا، ولكن لا يمكن وصف وعي الشعوب بأنه وعي مزيف ..الشعب الأوكراني يتوحد اليوم في الدفاع عن وطنه ضد الذين اجتاحوا حدوده، وبغض النظر من وجود معارضين في الموقف السياسية يساريين أو يمينيين، وهم لم ينتظروا موقفاً من الناتو والغرب للقيام بذلك كما سيتوحد الناس أيضا في أي دولة أوروبية في حال تعرضها لعدوان أو احتلال.

ان من الخطأ التعويل على الحروب والعدوان واحتلال البلدان الأخرى كطريق يفضي لتطور إيجابي كما يتوهم البعض وعبر كسر نظام القطب الواحد. والذي أراه أن هذا القطب سيكون أكثر قوة وتماسكاً بعد الحرب، ومن الصعوبة تشكل قطب آخر في مصلحة الشعوب والبلدان...

القطب الذي يفترض أن تعول عليه الشعوب هو قوة جبهة حركة الطبقة العاملة وتحالفها مع قوى اليسار والمدنية في كل بلد، وتعزيز تلاحمها في جبهة أممية عالمية....

عبر الحروب لا تحقق الشعوب مصائرها؟...هذه الحرب وغيرها من الحروب، لا ناقة ولا جمل للشعوب فيها ويدفع فاتورتها الشعب في كل مرة...ما الذي جنته الشعوب من حرب هتلر والغزو الأمريكي للعراق وغزو المقبور ونظامه لإيران والكويت وحرب سوريا واليمن وليبيا، والقائمة تطول...

طريق النضال لتغيير الأنظمة الاستبدادية، وفي سبيل مثل الانعتاق والتحرر والاشتراكية في كل بلد، طويل وصعب ومعقد، ويفترض أن لا يدفع هذا الثوريون والوطنيون واليساريون للجزع واليأس والتعويل على الحكام والأنظمة والقادة، وعبر الحروب العسكرية لإحداث التغيير..

الدعوة للسلام ووقف الحرب لا يعني بأي شكل من الأشكال تزكية للسلطة السياسية في أوكرانيا ولا إلى اضفاء الحق للناتو وأمريكا في زيادة أوج الحرب وتسعيرها عبر ارسال المزيد من المعدات العسكرية والسلاح إلى أوكرانيا...

لا تعويل ولا اعتماد إلا على الطبقة العاملة والفلاحين وباقي الشغيلة في كل بلد وتكوين تحالف مدني يساري من القوى المدنية والطبقية وببرنامج اجتماعي تغييري سوية مع تعزيز العمل المشترك الإقليمي والأممي بين هذه الجبهات المدنية واليسارية في ما بينها ومع وضوح الأهداف والمقاصد في التصدي السلمي لمشاريع الرأسماليين والبرجوازيين وعبر النضال الشعبي السلمي...

الأوهام التي يراها البعض في أن أمجاد البلاشفة ورايات ثورة اكتوبر والاتحاد السوفيتي سيعيدها ثانية حكام وأحزاب رأسماليين كارهين أصلا للشيوعية وللنجربة الاشتراكية، هي مدمرة ومقسمة ومحطمة لحركة المدنية واليسار، وستظهرنا في موقف ضعيف أمام الجماهير الواسعة في كل البلدان التي تنتظر منا طرح برامج عصرية وسياسة وأفكار تجيب على التطورات الهائلة التي حدثت في العالم، وليس الرجوع لزمن أخطاء الستالينية والحاكم المطلق والحزب الواحد الشمولي...

لا حل عملي اليوم سوى الطريق السلمي والمفاوضات مع التنازلات المتبادلة.
الحرب القائمة حاليا هي بين جارين، وكان يمكن لهما حل القضايا في ما بينهما لو أنهما استندا لمصالح شعبيهما بعيدا عن مصالح النفوذ والهيمنة والحلم بإعادة الامبراطوريات والمزاحمة الرأسمالية من قبل السيد بوتين وحزبه والسلطة التي تمثل مصالح كبار الرأسماليين والاليغارشية الروسية، ومن قبل السلطة في أوكرانيا التي ذهبت بعيدا في موضوع التقرب والتفكير بالانضمام لحلف الناتو في وقت أن أوكرانيا ليست بحاجة لهذا الحلف وكان يمكن لها أن تكون حيادية وعلى علاقة ودية مع جيرانها.

السلطة في روسيا هي جزء من الصراع بين المصالح الرأسمالية المختلفة..لماذا نفترض حدوث الحرب في الوقت الذي تخوض فيه الأحزاب العلمانية واليسارية والديمقراطية نضالا سلميا في أماكن كثيرة من عالمنا، وكانت تحرز في كل مرة انتصارات وتغيير في موازين القوى...

التفكير بالحرب طريقا لحل الخلافات والصراعات يعبر عن مصالح القوى والطغمة والنظام التي تتبنى هذا النهج من أجل الحصول على المزيد من الأسواق والسيطرة على تجارة ومصائر اقتصاديات ومستقبل البلدان وبغض النظر عن ثمن ذلك..

لا خلاف حول سياسة حلف الناتو في التوسع والعدوان، وهي مدانة ومرفوضة، ولا خلاف حول انتهاك حقوق الانسان في مناطق الدونباس في أوكرانيا ولا أيضا حول التمييز الذي يتعرض له السكان الأوكرانيون من أصول روسية هناك، ولا أيضا في حق روسيا في امنها القومي، ولكن هذا كله لا يعطي الحق للشروع بغزو بلد مجاور واحتلاله عسكريا.... السلام والأمان لأوكرانيا وشعبها، ولتتوقف هذه الحرب الهمجية العبثية ولتعود اوكرانيا حرة بعيدة عن الاحلاف والأقطاب.

لقد بات من المهم اليوم أن يعود السلام لأوكرانيا وان تصبح دولة محايدة بعيدة عن الأحلاف والناتو وبعلاقات حسن جوار مع جيرانها وبالخصوص مع روسيا حيث يجمعهما التاريخ المشترك والجغرافيا وتقارب اللغة والعرق والدين.

من أجل مغادرة الصمت فأن أحزاب وقوى ومنظمات اليسار والمدنية، والتيارات العلمانية والمدنية والديمقراطية والوطنية، في العراق والمنطقة، مدعوون لإبداء الرأي والموقف الصريح والواضح، في التنديد بالحرب المدمرة والعبثية في أوكرانيا، والدعوة لوقفها وإنهائها، واختيار الحل التفاوضي والدبلوماسي طريقا أمضى، ووقف نزيف الدم بين الشعبين الأوكراني والروسي..

نداء وقف الحرب يمثل اليوم مطلباً انسانياً ونبيلاً..
لا لمزيد من الضحايا الروس والأوكرانيين...لا لتهديم اوكرانيا وخرابها وتحطيم اقتصاد البلدين...نعم للأخوة الشعبية الأممية بين الشعبين المتجاورين الروسي والأوكراني.

نعم للسلام وإنهاء العمليات العسكرية الروسية، وأن تكون أوكرانيا بلدا محايدا ذو سيادة، بعيدة عن الأحلاف العسكرية وبعلاقات حسن جوار مع الجارة الشقيقة روسيا وجميع الجيران.

 






 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter