|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الثلاثاء  28  / 11 / 2017                          د. ناهده محمد علي                                   كتابات أخرى للكاتبة على موقع الناس

 
 

 

لونوا العالم بالبرتقالي

د. ناهده محمد علي
(موقع الناس) 

هذا هو شعار الحملة العالمية للقضاء على العنف ضد المرأة والتي تبدأ من تأريخ ٢٥ / تشرين الثاني إلى ١٠ / كانون الأول ، وقد دعا الأمين العام للأمم المتحدة (أنطونيو غوتيريش) إلى وقف العنف ضد النساء والفتيات واصفاً هذه الظاهرة (بالواقع اليومي) ، ثم أشار إلى أن ثلث نساء العالم قد تعرضن للعنف في حياتهن . وقد بينت إحصائيات الأمم المتحدة بأن ٧٥٠ مليون إمرأة بالعالم قد تزوجن قبل سن ١٨ وأن ٢٥٠ مليون إمرأة قد تعرضن للختان .

رغم أن نسبة العنف في الدول العربية وخاصة ضد النساء لا تزال مرتفعة جداً لكن الكثير من الدول العربية قد شارك في حملة الأمم المتحدة للقضاء على العنف ضد المرأة . فقد شاركت الإمارات من خلال مؤسسة دبي للنساء والأطفال ، وشارك ديوان المرأة الكويتي ، وأيضاً المجلس القومي للمرأة في مصر من خلال بعض الفعاليات مثل المعارض التي تحكي عن تأريخ المرأة المصرية خلال ١٠٨ عام . كما شاركت تونس في هذه الحملة والأردن والبحرين .

ورغم أن القوى التقدمية في كل البلدان العربية ومنظمات المجتمع المدني قد دعت دائماً إلى محو ظاهرة العنف ضد المرأة ، إلا أن هذه الظاهرة لا تزال موجودة وبإصرار في كل فئات المجتمع ولجميع الأعمار النسائية ، وكما هو معروف أن هذه الظاهرة هي ظاهرة عالمية فهي ليست مقتصرة على الدول المتقدمة أو المتخلفة بل كما تجد هذه الظاهرة في الصومال تجدها أيضاً في أمريكا وفرنسا وإنكلترا وبجميع المستويات العمرية والثقافية وتبدأ أشكاله من التسلط المادي والجسدي إلى التسلط المعنوي والعقلي والتسلط على الموقف والقرار وعلى الإنفصال أو الإرتباط وتتفشى ظاهرة تخلخل إجور النساء في كل العالم عدا القليل منها ثم صعوداً إلى حوادث الإغتصاب والقتل التي تملأ الصحف اليومية العربية والغربية على السواء ، وهنا تتعدد الأسباب والعنف واحد ، وهي ما بين ظاهرة (غسل العار) في المجتمعات الشرقية وعقاب الخيانة الزوجية في المجتمعات الغربية . كما يوظف الشرق الدين خطأً بملاحقة المرأة وإستلابها والتفنن في عقابها ظالمة أو مظلومة وممارسة مختلف أنواع التعذيب الجسدي والنفسي عليها ، فهي قد تُحرم من نفقتها أو أولادها لأي سبب بعد الطلاق . وتتفشى ظاهرة الإقصاء الجسدي للمرأة في الدول العربية فتختفي قسراً الكثير من النساء دون معرفة مصيرهن وقد ساهم في ذلك مساهمة أكيدة المصابون بالشبق الديني ، ووقعت المرأة ما بين إدعاء المحرمات ذات القائمة العريضة فإرتُكبت الفواحش تحت مسميات مختلفة مثل (جهاد النكاح) ووُظِفت المرأة جنسياً حتى أصبحت (الزانية المجاهدة) .

إن اللون البرتقالي الذي دعت إليه الأمم المتحدة ما هو إلا خليط ما بين الأصفر والأحمر وهو لون الخريف ممزوجاً بلون الدم الذي ينتشر في كثير من البقع على سطح الأرض ، أما اللون الأصفر فهو ما بعد الحروب من الخراب والجفاف وهو خريف الأرض المصطنع الذي ترسمه السياسات الكارثية ، ولو كان ميزان السياسات غير هذا لكانت المرأة بألف خير . فعدم التوازن الإقتصادي والإجتماعي والثقافي يجعل من المرأة كألإسفنجة تمتص كل هذا ، ولا فرق هنا بين مثقف وجاهل وغني أو فقير فالمحور العام يساهم مساهمة أكيدة في صنع قراراتنا ، ويجعل من السهل علينا أن نتوجه نحو الأضعف بالتنفيس عن عُقدنا ونقاط ضعفنا وتوفز أعصابنا وما يكتمه عقلنا الباطن من طموحات مريضة وهذا يحدث لأفراد كل المجتمعات .

إن حالات الهوس الإجتماعي يجب أن تُحارب من قبل كل الدول من خلال برمجة العقل البشري برمجة علمية وإنسانية راقية من خلال برامجها الإجتماعية والثقافية وهذا ما يجعل مبدأ المساواة سائداً وبشكل حقيقي في الدين والجنس والعرق واللون ، وكلما أمسكت المرأة بالسلاح الإجتماعي والإقتصادي كلما دفعت العنف عن نفسها بشكل أفضل ، ولن يدفع العنف عن المرأة أحسن من يدها الطولى .

 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter