|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

 الأحد 17/2/ 2013                                                       نجاة تميم                                          كتابات أخرى للكاتبة على موقع الناس

 
 

 

المونولوج الداخلي في رواية "سوق مريدي" لقاسم حول *

نجاة تميم

" سوق مريدي" رواية أنثربولوجية بامتياز. فإذا أخذنا بعين الاعتبار الخلفية الثقافية للكاتب والمخرج قاسم حول فإننا نلاحظ أن الرواية تتميز بملامح وثائقية وتسجيلية، فضّل الكاتب أن يسجلها كنص سردي بدل عرضها على الشاشة. أما الاسلوب الأدبي لهذه الرواية فيسوده المونولوج الداخلي الذي يطلق عليه Marc Chadouane "فيلم الوعي الذي غير الكاتب منحاه". [1]

البنية النصية

من أول وهلة يبدو أن العنوان يفشي بأسرار وأحداث الرواية الموسومة:" سوق مريدي". أما دلالته فهي شاملة لمفردات كثيرة ومتشعبة. فبعد الاستشهاد بمقولة ليحيا زكريا: "طوبى لمن كان فقيرا في هذه الدنيا، وأكمل عمره بسلام". تأتي البداية الاستهلالية،L’ incipit، والتي يمكنها أن تغطي فقرة أو صفحة كاملة أو ربما أكثر، لتوحي لنا بما سيدور في الرواية. والاستهلال في روايتنا هو عبارة عن جملة واحدة؛ البسملة: "بسم الله الرحمان الرحيم"، التي تزين واجهات محلات سوق مريدي بكل الألوان و بمختلف المواد وعلى مختلف الأسطح. أما ما يباع ويشترى في هذا السوق فلا يخفى على أحد؛ أقصد العراقيين بالتحديد.

تتكون الرواية من تسعة فصول، تتفاوت صفحاتها من خمس صفحات في الفصل الأول إلى 36 صفحة في الفصل الخامس. أما شخصياتها فتتكون من ميثم السرحان، الشخصية الرئيسة، مسرحي، غادر العراق عام 1988 واستقر بهولندا. لكنه عاد عام 2003 ليعمل مترجما مع الأمريكان. مريدي، شاب كسيح يبيع المسابح في سوق مريدي. فرحان الكتبي  يبيع الكتب. سالم الطيب يتاجر في الأحجار الكريمة والتحفيات. أما أم مريدي فهي بائعة خضار. والفنانة سيدوري، صديقة وزميلة ميثم السرحان أيام الدراسة، رحاب الساقي الحب العذري لمريدي. أما الصبية ذو الثوب الليموني فلها فقط دلالات معنوية في النص.

تجري الأحداث في بغداد وبالتحديد في سوق مريدي وفي مدينة كربلاء. كما أنها تسترجع أحداث الغزو العراقي للكويت وحرب الخليج والظروف التي مر بها العراق إلى يوم سقوط النظام عام 2003. أما السرد الزمني للنص فيلخص في خمسة أيام. قضى ميثم منها ليلتين في بيت مريدي وليلتين مع مريدي وأمه في كربلاء وعادوا بعدها في سيارة أجرة إلى بغداد للمبيت ليلة أخرى في بيت مريدي، ليذهب، في اليوم التالي، ميثم ومريدي للقاء سيدوري ومشاهدة الصبية، ذو الثوب الليموني تحت عباءتها السوداء، التي تطعم النوارس مقلدة بذلك سيدوري التي تقول عنها هذه الأخيرة: " صبية كلها حيوية وفرح تشعرني كل يوم أن الدنيا لا تزال بخير." ص 77

الأنثربولوجيا

تتجلى ملامح الأنثروبولوجيا، التي تغني هذا المتن السردي، في ممارسة بعض المعتقدات والعادات والشعائر الدينية التي تساهم في اضافة  معلومة قد لا يعرفها المتلقي الغير عراقي بشكل خاص، حيث أن الرواية صدرت عام 2011، عن دار النشر نقوش عربية بتونس في 162 صفحة من القطع المتوسط،. لكن ماذا تعني لنا قراءة أنثربولوجية لهذا النص؟ أهي مجرد وصف للوضع الحالي للمجتمع أم نطمح للتحليل والتأويل؟

لقد كانت الأنثربولوجيا الكلاسيكية مقترنة بايديولوجيا الاستعمار. واستخدمت مع بداية القرن السابع عشر والثامن عشر لخدمة الاستكشافات الاستعمارية. ويمكننا القول أن الإمبريالية الاستعمارية والأنثربولوجيا المعاصرة قد تزامنا. ففي عام 1839، تأسست الجمعية الباريسية للأنثربولوجيا، كما تأسست عام 1843 جمعية مثيلة لها في لندن وفي أمريكا. وعرفت مدارس عديدة. فمن المدرسة التطورية (1850-1910) التي تبحث عن أسباب التفاوت بين الثقافات والمدرسة الانتشارية التي تهتم بصيغ الانتشار من ثقافة إلى أخرى تأتي بعدئد المدرسة الوظيفية الي تركز على المجتمع والأنساق الاجتماعية أكثر من التركيز على الثقافة [2]إلى أن نصل إلى أربعينيات القرن العشرين وبروز المدرسة البنيوية، خاصة  مع كلود لفي - ستراوس، الذي استعان بالفرع المعرفي اللسانيات وبنى عليه منهجه؛ اللسانيات التي أعادت للثقافة مكانتها وللغة أهميتها كونها من المكونات الرمزية لها.

شهدت الأنثربولوجيا تطورات وتحولات منهجية ومعرفية. ففي ستينات القرن الماضي،أصبحت  الأنثربولوجيا التأويلية الرمزية، التي تعتبر امتدادا للتأثير الكبير للدراسات البنيوية للفي - ستراوس  وسيمنطيقا بيرسPierce  وسيميولوجيا  سوسير Saussure، أقرب إلى الآداب منها إلى الخطاب العلمي. فهي تعالج الظواهر الأنثربوثقافية  باعتبارها ظواهر رمزية؛ لأن الانسان هو الذي يساهم في صياغة الخطاب الأنثربولوجي من خلال تأويلاته لأفعاله وسلوكه، إذا "فالأنثربولوجيا الثقافية تأويلية، لأن الظاهرة الثقافية بشكل عام تأويلية بالأساس".[3]

إن المنهج التأويلي البنيوي لا يتعامل مع الإنسان باعتباره مجرد رمز، "قد يعني شيئا آخر غير ذاته، بل باعتباره كائنا ثقافيا صانعا للمعنى".[4] وبما أن الخطاب الأنثربولوجي لا يستغني عن الخطاب السردي فإننا نرى أن القاسم المشترك بين هذا الأخير والأنثربولوجيا يكمن في السرد والتناص. كما أن مناهج الكتابة الأنثربولوجية تلتقي كثيرا مع مناهج الكتابة السردية الأدبية من ناحية الحكي والوصف والتأويل. وأن الأنثربولوجيا كما الأدب يهتما بعملية البحث الدائم لإعادة بلورة التجربة الإنسانية في شموليتها وصيرورتها المستمرة.  لذلك فلا مانع أن ننتقي الرموز الدالة في هذا المتن ونباشر قراءة رمزية تأويلية تجعلنا نحلل مختلف التيمات والقضايا الأنثربوثقافية في هذا المتن السردي.

سبق أن ذكرنا أن رواية" سوق مريدي" تتسم بتوثيق الأحداث بشكل شامل؛ أي من المنظور السياسي، الاقتصادي والاجتماعي والديني. وتغطي أو بالأحرى تسترجع الأحداث في العراق من نهاية الحرب مع إيران، عام 1988 وتنتهي بسقوط النظام البائد عام 2003. وهي السنوات الخمسة عشر التي قضتها الشخصية الرئيسة، ميثم السرحان، لاجئا في هولندا.

إن المعتقدات والعادات والتقاليد هي جزء لا يتجزأ من حياة الأمم وممارستها قد يميزها عن باقي الشعوب. ففي هذا النص، حاولنا البحث عن هذه الدلالات الأنثربولوجية. ومن هذه المعتقدات نذكر على سبيل المثال لا الحصر اختيار أم مريدي إسم مريدي لابنها الكسيح الذي ولد معوقا وسيبقى كذلك لحين أن يموت. أمه أسمته "بهذا الاسم الغريب الذي لا يعرفه ملكوت الموت". ص13 وذلك لكي لا تفقده كما فقدت باقي أولادها. علما أن سوق مريدي يحمل اسم ابنها الذي " ليس له فيه لا ناقة ولاجمل ". أما سالم الطيب، " هذا الشخصية الأسطورية و"صانع المعجزات"، كما يسمونه لطيبة نفسه، فيبيع الجندي الأمريكي حجرة حمراء ويقنعه بأنها ستحميه من الموت كما يذكره بأن الحجرة الحمراء هي التي انقدته من الهلاك وذلك بعد حدوث انفجار في سوق مريدي. ناهيك عن أن الملا  يجيب مريدي الكسيح عن سؤاله ويطمئنه بأنه سيذهب على أقدامه مشيا إلى الجنة. وأنه سيجازى" لأن الأجر على قدر المشقة". ص117 وما قد يخفف شيئا ما من المعانات اليومية فهو ترقب مريدي لعودة رحاب الساقي، حلمه وأمله، ورؤيتها مجددا في سوق مريدي و تلهف أم مريدي لعودة المهدي المنتظر، التي أصبحت ترى في كل شيء جديد "علامة من علامات ظهور صاحب الزمان المهدي المنتظر اللهم عجل فرجه وسهل مخرجه". ص105 كما أن على مريدي أن يتقبل إعاقته لأنها قضاء وقدرا. وبما أنه معوق." شخص غير نافع في الحياة هو عالة على الآخر،" ص.118 فقد يكون عرضة للاستغلال من قبل الإرهابيين ويلقى بذلك الجنة. وزيارته لمرقد الحسين قد  تعلمه "دروس الصبر ودروس المحبة." ص 128 وهذا ما تتمناه له أمه.

أما الآن فحانت زيارة مرقد الحسين. فقد وجد ميثم في هذه الزيارة تنفيسا وتكفيرا عن الخطأ الذي ارتكبه. وبما أنه مسرحي التكوين فإنه يرغب حضور تمثيل واقعة الطف التي استشهد فيها الإمام الحسين. ومن ضمن المفردات الأنثروبولوجية التي تجعل القارئ الغير عراقي ينكب على البحث لإرضاء فضوله الثقافي إن صح التعبير: "اشرب الماء وانعل يزيد".. طعم خبز العباس اللذيد.. وصول العباس إلى نهر العلقمي لجلب الماء وقتله... تمثيل قتل الرضيع عبد الله من قبل حرملة، السبايا؛ زينب والرباب وسكينة . علما أن هذه التفاصيل كلها أخذت موقعها في المتن السردي.

يطلعنا السارد العليم على تفاصيل تنظيم وانطلاق موكب الحسين من بغداد إلى دخوله كربلاء في الفصل السادس: "المؤمنون من ضاربي الطبول في المقدمة وبعدهم المؤمنون من حملة الرايات ثم المؤمنون المتوجهون للزيارة. ثم موكب أخواتنا المؤمنات المتوجهات نحو ضريح الإمام الحسين روحي فداه. ص124 وبعدهم موكب الحماية والمراقبة ثم الشباب المتطوع من الجانبين يشكلون ما يشبه السياج يحمي الموكب الجليل. ندعو الرادور( سيد نعمة السيد) للتفضل إلى مقدمة الموكب". 125" كان ميثم السرحان شارد الفكر ويشعر بأن زيارته لمرقد الإمام الحسين قد" تخفف من ذنوبه ومن  الخطأ الذي وقع فيه بقدومه ضمن قوات الاحتلال التي غزت وطنه." ص. 129

إن تمثيل "واقعة الطف تؤديها شخصيات لا تعرف التمثيل ولكن بحركات إيمائية فطرية يعبرون فيها عن المعركة." ص 129 أما المتفرجون فينشدّون لظهور الإمام الحسين على ظهر فرس أبيض وبالرجل الذي يضع " الكشيدة" الحمراء الملفوفة باللون الأخضر فوق رأسه وقد شد حزاما اسودا حول خصره وهو قاتل الإمام الحسين "شمر بن ذي الجوشن". ص146 بالإضافة إلى الاهتمام بوصف الحدث بدقة متناهية، فإن السارد العليم لا يبخل  برأيه بين الفينة والأخرى. فبالنسبة له "حتى تراجيديا الحسين لا يجوز أن تتحول إلى كوميديا التراث." ص 147 أما ميثم السرحان" فيشعر أن ثمة حوار بينه وبين الإمام الراقد في مثواه. حوار لم يكتب بعد". ص148. إن السارد العليم كعادته يعرف تفاصيل كثيرة وأحيانا أكثر من الشخصية نفسها. فمثلا، مريدي ينادي ميثم باسمه في أول تعارف لهما (ص 50) دون أن يٌذكر ذلك في النص.

نستخلص من هذا العرض، أن القراءة الأنثربولوجية لنص أدبي ما تعطينا فكرة عن الرموز والدلالات الثقافية عن شعب معين وفي زمن  معين. فبعد استعراض هذه الدلالات الأنثربولوجية، سنتطرق إلى الأسلوب المهيمن على هذا المتن وهو استخدام تيار الوعي عن طريق المنولوج الداخلي.

تيار الوعي

يجب أن يفهم تيار الوعي، حسب وليام جيمس William James، كمفهوم المضمون، ومفهوم المادة الأولية للوعي التي تحتاج لعديد من التقنيات، من بينها الخطاب الغير المباشر الحر والمنولوج الداخلي. ويضيف أن تيار الوعي  Stream of Consciousness هو بالأخص مفردة تستعمل في علم النفس اكثر منها في الأدب. إنها تصف مجرى سيرورة ذهنية[5]. إلى جانب وليام جيمس، فإن هنري برغسنHenri Bergson  وهما رائدا منهج الإستنباط (l´introspection)،  يريا أن الوعي ليس ثابتا كما عالم الأشياء، لا ينجز وإنما هو في سيرورة انجاز مستمرة.[6] علما أن استعمال تيار الوعي في الكتابة ارتبط بالأدب الحديث.

المونولوج الداخلي    

إن ظروف العراق تجعل، لا محالة، الكتاب والروائيين يتوجهون إلى التعمق في الذات والبحث عن أنماط جديدة للتعبير عنها. وتمهد الظروف السياسية والاقتصادية والاجتماعية للبلد الطريق لهم للبحث عن طرق أخرى للتعبير عن الأحاسيس التي تغذي حياتهم اليومية الخاصة. فيتعمقون عن وعي أو لاوعي للغوص في أعماق الأنا وذالك عن طريق المنولوج الداخلي الذي يقول عنه وليام جيمس أنه " إلقاء نظرة صريحة وطويلة وصبورة على حقائق الحياة الداخلية وذلك فقط لرؤيتها". [7]

عرفت الرواية، ما بين سنوات 1885 و1900 تطورات كبيرة. كان السبب في ذلك وقوع ثلاث ظواهر متفرقة ساعدت على تغيير مفهوم الرواية أنذاك:  أولا؛ اكتشاف الغربيين للرواية الروسية وخصوصا في فرنسا حوالي عام 1885 وذلك بعد وفاة دوستويفسكي بأربع سنوات. ثانيا؛ أعمال الشاعر والروائي إدوارد دوجردان، من بينها الرواية الموسومة" أوراق الغار المقصوصة". وثالثا؛ أعمال الكاتبين وليام جيمس  وهنري برغسن في مجال الفلسفة.

ففي نهاية عام 1921، استطاع جيمس جويس James Joyce أن ينشر روايته المشهورة  تحت عنوان "غوليس" Ulysses (1914 -1921). وبذلك انتشرالأسلوب الأدبي الجديد- المنولوج الداخلي. لكن جويس يٌرجع الاكتشاف الأولي لهذا المنهج إلى إدوارد دوجردان في روايته " أوراق الغار المقصوصة". فهذا الأخير، نشر كذلك، عام 1931، كتابا تحت عنوان "المنولوج الداخلي".

إن تعريف المونولوج الداخلي، حسب دوجردان، هو أولا خطاب شخصية  دون متلقي وغير مُلقى ولا يترقب مستمعا لكي يسمعه.[8] لكن أندري جيد الذي لم يذكر في محاضراته الستة عن دوستويفسكي ، عام 1922، رواية دوجردان الصادرة عام 1987، تحت عنوان "أوراق الغار المقصوصة" والتي تتناول المنولوج الداخلي لأول مرة،  رفض أيضا اكتشاف جيمس جويس لهذا الجنس الأدبي – المنولوج الداخلي-  في روايته المشهورة" غوليس" وأرجع اول استعماله إلى إدغار بو Edgar Poe وروبرت براونين Robert Browning  ودوستويفسكي Dostoïewski.

يرد  دوجردان على جيد بأن المنولوج الداخلي  يجب أن لا يشمل على شرح أو تفسير وإلا لا يأخذ به كمنولوجا. ويزعم أن دوستويفسكي وبراونين يفترضان مستمعا حقيقيا ومرئيا الذي يمكنه أن يتدخل بحيث يتحول بذلك المنولوج إلى حوار.[9] كما أنه يعتقد وعديد من الكتاب المعاصرين له بأن موسيقى فاكنر هي التي ساهمت في ظهور المنولوج الداخلي في الرواية.  إن دوجودان، الشاعر والموسيقي متأثر جدا بأسلوب "ليتموتيف leitmotiv " الذي كان فاكنر يستعين به في معزوفاته الشهيرة. أما  Valéry Larbaud فيعرف المنولوج الداخلي كتعبير عن الأفكار الأكثر خصوصية والأقرب للاوعي. هذا من ناحية مادة المنولوج أما من ناحية روحه فهو خطاب يسبق أي تنظيم منطقي، يعيد هذه الأفكار إلى حالة ولادتها وطبيعة انسيابها. أما الشكل فهو يتم عن طريق جمل مباشرة ومختصرة.[10]

قبل أن نتطرق إلى المنولوج الداخلي في رواية "سوق مريدي"، نريد أن نضع أيدينا على أهم العبارات التي تكون المحاور الأساسية لهذا النص وذلك من خلال ليتموتيف. وقد وجدنا في هذه الرواية عبارات مكررة لمدلولها وموقعها بين الأفكار المحورية للرواية. وتكررها هذا يعزز التأثير الشعري على المتلقي.

ليتموتيف

إن  ليتموتيف leitmotief  الفاكنرية هي عبارة عن لازمات أو جمل موسيقية تتكرر كل مرة في معزوفات فاكنر عندما يحدث نفس الانفعال أونفس الإحساس. وهذا المنهج تبناه كذلك الشعراء والروائيون في ذلك الوقت، فترة تيار الرمزية Symbolisme. ونلاحظ هذا على شكل تكرار جمل أو عبارات تعبر عن الأفكار الأساسية في رواية المنولوج الداخلي. ففي "سوق مريدي" نجد سيدوري تعاتب ميثم وتقول له:"كنت تحاول أن تحب الوطن كثيرا ولكنك تحب نفسك أكثر والذي يحب نفسه كثيرا يحب الوطن قليلا أو حتى لا يحبه. "ص81 و بهذه الجملة أيضا يخاطب أو بالأحرى يعاتب ميثم نفسه، في منولوج داخلي بالطبع. ص 136 ويكررها كذلك السارد مخاطبا ميثم : "الذي يحب نفسه كثيرا يحب الوطن قليلا أو حتى لا يحبه. ص148 أما كلمة ضمير فتكرر ست مرات في النص؛ من قبل سيدوري " الضمير الميت" ص85 ومن قبل ميثم أربع مرات، حينما وجد نفسه مجبرا على مواجهة "أول ضمير وأصعب ضمير وأصفى ضمير". ص 111 كما أنه يخاف "رأي الوطن الجريح " وبذلك كيف يولي وجهه من"وخزة الضمير". ص 113 أما سالم فلا يخشى شيئا،  يخاف فقط من "وخزة الضمير"127. وتختم سيدوري العتاب بقولها لميثم: " لماذا خنت وطنك ولماذا خنت نفسك. ولماذا هتكت ستر العراق وستر رحاب الساقي وستر سيدوري. ص112 ويتأثر ميثم بما قالت سيدوري له ويعاتب  نفسه بنفس الجملة في نفس الصفحة. اما كلمة "منولوج" فتتكرر بالتتالي مرتين فقط من قبل السارد في صفحتي 130 و150. ونٙخلص أن منهج ليتموتيف أوضح لنا المحاور الأساسية في هذا المتن والتي تدور حول الخيانة، تأنيب الضمير والبحث عن الذات.

لنعد إلى المنولوج الداخلي، الذي يقسم  W. Seaver أجناسه في أطروحته الموسومة" المنولوج الداخلي في الرواية الحديثة" إلى أربعة أجناس أدبية: منولوج الإحساس، المنولوج السردي، منولوج الأحلام ومنولوج (في مسرحية).[11]

إن منولوج الإحساس يعبر عن الحالة الروحية للشخصية  كالفرح، الحزن، الحب، الكراهية..

أما في منولوج الأحلام فتترك الشخصية العنان لأفكارها أثناء تأملها دون أن تؤثر في تقدم الأحداث. بينما في المنولوج السردي يدخل السارد مباشرة في الحدث لكي يعلمنا بأشياء لا يمكننا معرفتها بطريقة أخرى. و منولوج (في مسرحية) هو نتيجة تخبط الشخصية واضطرارها للاختيار وإلى الولوج إلى أسلوب المنولوج. في هذا البحث، اكتشفنا مواقع" ليتموتيف" التي تتكرر كلما تكررت الظروف أو المشاعر خلال السرد وسنعمل في السطور الآتية على العثور على أنواع المنولوج في هذا المتن الروائي.

فبعد تقديم السارد العليم شرحا تفصيليا عن الجملة الاستهلالية في الفصل الأول، ننتقل إلى الفصل الثاني الذي يبدأ مباشرة من وسط الأحداث، in medias res  بضمير المخاطبة.  فمريدي يخاطب نفسه في مونولوج داخلي دون أن يسمعه أحد أو ينتظر جوابا من أحد: "ها أنت يا مريدي على كرسي المعوقين. لم تكن معوقا بسبب الحروب...كنت معوقا مد ولدت..ص11 فبين الأحداث التي يسردها لنا السارد العليم من حين لآخر، تتناوب الشخصيات في مونولوج داخلي مع نفسها. هكذا يوجه سالم كلاما إلى نفسه، مسترجعا شريط  حياته: "ولماذا تحمل هموم الدنيا يا سالم الطيب. ها أنت على أبواب الخمسين لم تتزوج..."ويستمر في مناجاة نفسه وينادي نفسه بالإسم: "يا سالم الطيب بعد  أن مضت السنوات هدرا...كان بإمكانك أن ترحل عن الوطن وتهيم وتعيش مثل غيرك في منافيها. لكنك قررت أن تبقى هنا وأن تموت في وطنك وبين أهلك.."ص 23 أما ميثم السرحان فقد عاد إلى الوطن بعد فترة المنفى. و تعرّف على مريدي في مقهى سوق مريدي. وخلال هذا التعارف،أحس ميثم بالأسئلة التي تدور في ذهن مريدي عنه فبدأ يستعرضها مخاطبا نفسه: " من أنت يا ميثم السرحان وما الذي أتى بك إلى هذا السوق الذي تبدو فيه غريبا. وأنت لست من أهل المدينة الفقيرة ولا من سوقها الذي يشبه كل العراق تحت وطأة الاحتلال. ص40" لكنه في هذا المونولوج الداخلي بدأ حقا بتوبيخ نفسه: "كيف دخلت يا ميثم السرحان في لعبة هي أكبر منك. كنت شابا شغوفا بقراءة المسرح وتعشق المسرح والممثلين..41 ضحكوا عليك...ص42 ها أنت لم تجد غير سوق مريدي ملاذا لهروبك..."ص43 كان ضمير ميثم السرحان هو الذي يحاكيه. بعدها افاق من مناجاة نفسه وطلب من فرحان الكتبي، صاحب المكتبة، كتبا عن الادب والمسرح بدل الكتب الدينية الموضوعة على واجهة المكتبة. أخبر فرحان الكتبي، اليساري والمثقف، ميثم عن مصير المثقفين العراقيين وما آلوا إليه وعن مصير الكتب الثقافية المكومة في سرداب مكتبته الذي يسميه " سرداب الحقيقة". نزل ميثم إلى السرداب والتقط  كتابا ملحمة كلكلمش لطه باقر. إن محاكمة ميثم من قبل نفسه بدأت للتو.  فبعد العشاء في بيت مريدي استلقى  ميثم ليستسلم للنوم لكن الأفكار أخذته إلى حبيبة الصبا وأيام الدراسة في معهد الفنون الجميلة، سيدوري، التى أسماها أبوها على اسم صاحبة الحانة في ملحمة كلكامش؛ تلك سيدوري التي "تنهص بالوعي". ص63 يتعذب من أجلها ويحاكم نفسه على فعلته: "أفتحوا لي قضاة المحاكم الآتية قفصا للاتهام وسوف لن أحتاج إلى محامي دفاع لأنني مسبقا أعترف لكم بالخلل الذي لا يمكن تصحيحه." ص63 فهو تارة يخاطب صديقته جينا الجندية الأمريكية السمراء وتارة سيدوري في منولوج داخلي بالطبع. ويعود ليكلم نفسه" كنت تدرس المسرح يا ميثم السرحان ...ص63 انت الآن تخجل من محادثها (سيدوري) لأنك مارست الخيانة بكل تفاصيلها...مارست السقوط بأعلى حالاته..." ص 64 فيضغط على نفسه ليتخذ قرارا حاسما في حياته ويخاطب نفسه:" قرّر يا ميثم السرحان، إما أن تذهب إلى حيث الآمان....في بلاد الغربة...أو أن تبحث عن سيدوري في بلاد الخيبة...ص66 فعندما اتخذ القرار تغير المونولوج من ضمير المخاطبة الذي ساد معظم النص تقريبا إلى ضمير المتكلم:" إذا سوف أتحدث مع صاحب المكتبة..وأبحث عن سيدوري.ص67 و هو يتوق إلى العودة إلى الماضي الجميل!!

إن كلمة أم مريدي " هذا بيتك يمه"، في الفصل الرابع،  تجعل ميثم يناجي نفسه ويستفسر عن بيته الحقيقي أهو في البلاد الباردة أم في بيته حيث سيدوري ولوحاتها. يتساءل عن المكان الذي يمكنه أن يجدها فيه. ويريد أن يراها كما تركها (بدون وداع). أخيرا، وجدها متأثرة بورم سرطان الرحم، متشائمة قائلة له؛ "كل ما يجري في الوطن صار مشروع الموت وليس مشروع الحياة" ص74. عندما كان ميثم يناجي نفسه في مونولوج داخلي، كان على الأغلب ضميره يؤنبه لكن الآن، سيدوري هي ضمير ميثم الحي الذي يعرفه جيدا ويعرف خبايا نفسه أكثر منه.

"ليس لك سوى سوق مريدي يا ميثم السرحان..هذا ملاذ الهاربين.. ملاذ الذين لا يعرفون دربهم." ص87 هكذا يواسي نفسه من صدمة وعذاب اللقاء مع حبيبته سيدوري في الفصل الخامس. لكن بعد أن اعترف ميثم لمريدي بدخوله العراق مع قوات الإحتلال زادت وطأة تأنيب الضمير. ميثم يرنو إلى السماء وهو مع نفسه: " لم يكن اعترافك كافيا يا ميثم السرحان. أنت الآن تواجه أول ضمير وأصعب ضمير وأصفى ضمير..ها أنت تخون وطنك الكسيح المقعد.. أين أنت أيها النوم الهادئ.. لقد قال مريدي كلمته فيك.. في شكل سؤال" لماذا خنت وطنك ولماذا خنت نفسك.." ص112

أما مريدي الكسيح فلا يريد أن يستسلم لقدره. فإنه يبحث لنفسه عن متنفس يخرجه من ضيقه. وربما يصبًر نفسه على لسان السارد العليم الذي يخاطبه هذه المرة في منولوج داخلي. " هكذا خلقك الله يا مريدي ابحث في القرآن الكريم عن الآيات التي ترحم الفقراء وعن الجنة التي ستمشي فيها بين أنهر العسل.. أبحث في القرآن الكريم ..عسى أن تجد العراق غير هذا العراق في خارطة الجنة." ص115

في الفصل السادس، تبدأ الرحلة للبحث عن الذات من داخل الذاكرة الجماعية. هكذا أثناء موكب زيارة مرقد الحسين،عادت ذاكرة ميثم إلى الوراء ليتذكر اصطحاب والدته له إلى مرقد الحسين وذرفها للدموع وتقبيلها شباك الضريح وكذلك لقاءه بسيدوري بعد أداءه مونولوج مسرحية " أغنية التم" ذلك الطائر الذي يغرد مرة واحدة قبل أن يموت.ص 130 

خلال فترة استراحة موكب الحسين في طريقه إلى كربلاء، غفا ميثم قليلا وشاهد في المنام نفسه في عربة مريدي كسيحا ومريدي يدفع بالعربة.ص134 اصيب ميثم، الشخصية الرئيسة، بفزع شديد بعد هذا الكابوس فاتجه إلى ربه يناجيه لكي يجد الطريق الذي يقوده نحو الراحة ويبعده عن الرذيلة. وهذه المرة الثانية التي يستعمل فيها الضمير المتكلم في هذا النص: " أنا الآن في حيرة. أحب المسرح وأعشق السينما وحال البلاد ليست حال الدنيا. الحلال اصبح حراما والحرام أصبح حلالا. بين الرغبة والواقع وبين الخطأ والصواب تنتحر حريتي.. لقد عرفٙت(ها) سيدوري (الحقيقة). عرفٙتها بوضوح." فسيدوري تعرفه جيدا فهي ضميره الذي يعذبه وها هي تصارحه: " كنت تحب الوطن ولكنك كنت تحب نفسك أكثر. والذي يحب نفسه كثيرا يحب وطنه قليلا أو لا يحبه." ويعترف لنفسه بعجزه مستعملا ضمير المتكلم للمرة الثالثة." الفرق بيني وبينك يا مريدي ها أنت الكسيح الذي لا يقوى على الحركة...وها أنا الآخر كبّلتني أخطاء، فصرت مثلك يا مريدي عاجزا عن الحركة غير قادر على مواجهة الحقيقة. ص136

الفصل السابع يغطي أحداث اليوم التالي لزيارة كربلاء، حين حضّر ميثم الفطور لمريدي وأمه. فتساءل مريدي مع نفسه:" إذا كنتٙ بهذا القدر من الحنان يا ميثم، فلماذا أخطأت؟..لماذا جئت مع المحتل تغزو وطنك وتنتهك قدسية سيدوري ورحاب الساقي...ص142

أما في الفصل الثامن فقد ذهب ميثم لعناق الماضي؛ لزيارة مسرح كربلاء الذي مثل فيه مسرحية "التم" فوجده مسرحا تقام فيه الحسينيات: "المسرح ذات المسرح لكن المسرحية هي التي اختلفت. غرفة الماكياج هي ذات الغرفة لكن الممثل ميت."ص 155 هذا المنظر أثر فيه كثيرا ودخل في مونولوج داخلي بضمير المخاطبة يعاتب فيه نفسه ويحمل نفسه قسما مما وصل إليه العراق." أنتٙ صنعت الدكتاتور وأنتٙ تركته...,أنتٙ وضعت الممثل في التابوت ميتا." ص 155

وكان الفصل التاسع والأخير مشهدا للقاء ميثم لضميره "سيدوري" وذلك برفقة الشاهد على ذلك، مريدي.

بعد هذا التحليل، نجد أن هذا النص يحتوي على ثلاث أجناس من المنولوج الداخلي وهي منولوج الإحساس، منولوج الأحلام والمنولوج السردي. ففي الأول،  تعبر الشخصيات عن حزنها و خيبة أملها كما عن تفاؤلها  بمستقبل مشرق. أما في الثاني فيتجسد في حلم ميثم في بيت مريدي وفي الكابوس الذي حلم به ميثم في إستراحة موكب الحسين و الذي جعله يواجه عجزه ومخاوفه، أما المنولوج السردي فيقوم به السارد العليم الذي يخاطب تارة ميثم، وتارة أخرى مريدي دون أن ينتظر منهما ردا ودون أن يسمعاه. كما يطلعنا على أفكار مريدي، تأملاته وتطلعاته وأحلامه بلغة ومعلومات لا يستطيع مريدي أن يعبر عنها. ونعلم في نفس الوقت تفاصيل علاقة سيدوري وميثم أثناء الدراسة وأمور عديدة اخرى.

في هذا المتن الغني بتعدد الأصوات وتعدد أجناس المنولوج، نجد أن الشخصية الرئيسة تأخذ بعين الاعتبار رأي الغير وهكذا يتم المنولوج متكونا من رأي الشخصية عن نفسها ورأي الآخر فيها. فضمير المتكلم "أنا" هو المعبر الملازم لخطاب الأنا أي للمنولوج الداخلي. فنرى أن الشخصية الرئيسة، ميثم، تتكلم مع نفسها وعن نفسها بضمير المتكلم، عندما يكون الرأي يهم الشخصية فقط ومن وجهة نظرها. أما ضمير المخاطبة، الذي ساد هذا المتن، فهو  " الأنتٙ" الذي تتوجه فيه الشخصية إلى ضميرها وهذا ما فعله ميثم. وهذا النوع من المنولوج هو عبارة عن تواصل الشخصية مع نفسها وعن نفسها بحيث أنها تأخذ بعين الاعتبار رأي الناس فيها وعلى إثر ذلك تحاكم نفسها. تماما كما كان ميثم يؤنب نفسه من خلال نظرة المجتمع إليه اكثر مما ينظر إلى أعماق نفسه ليعاتبها ويتفحص الخلل الذي أصابها. فعن طريق ضمير المخاطبة، تتمٙكن الشخصية بأن تقوم بنوع من التواصل الشخصي مع النفس communication intrapersonnelle، بمنولوج داخلي، داخل سيرورة خطبتها".[12] في هذا المتن لرواية " سوق مريدي"، نرى أن استعمال ضميري "الأنا" و"الأنت " يجعل الشخصية الرئيسة توضح  أو بالأحرى تكشف لنا وجهٙي "الأنا" Ego.

وهذا يجعلنا نتفق مع دوستوفسكي، الذي يقول بأن الوعي لا يكتفي أبدا بنفسه وإنما هو دائما على علاقة يقضة ومشدودة مع وعي آخر. فكل احاسيس وأفكار الشخصية تعتبر حوارية داخليا، ملونة بالجدلية، مليئة بالصمود أو بالعكس منفتحة على تأثير الغير، لكن لا تُركًز ابدا على الموضوع الشخصي؛ كل هذه الاحاسيس والأفكار تلازمها نظرة دائمية عن الغير.[13]    

وللمقارنة، فإذا تمعنا في قصة دوستويفسكي الموسومة" كروتكايا" (1876) نجد أنها تشمل خطابا داخليا  يوجهه رجل لنفسه وهو في غرفة لوحده وبمرافقة جثة زوجته. فمن خلال استرجاعه لذكريات مجزأة، تقصﱡ علينا هذه الشخصية الرئيسة لقاءه مع زوجته، تهميش حياتهما المتدرج بعد الزواج وأخيرا انتحار زوجته. إن رنة هذا المنولوج تختلف بحيث يبدو لنا أن السارد، أحيانا يتحدث إلى نفسه  وأحيانا إلى مستمع غير مرئي الذي يقوم بمهمة القاضي. ونرى أن ميثم في منولوجاته، يكون المستمع المفترض له إما  ضميره الذي يعذبه أو سيدوري، كضميره الآخر أو مريدي الذي يمثل "الغير"أو ضمير الغير.

فبعد البدايات مع "أوراق الغار المقصوصة" و"غوليس" لجيمس جويس و"عشاق، عشاق سعداء" لِفليري لربو (1921)، فإن المنولوج الداخلي غدا فنؔاً للتواصل Art de communication، على الأقل ضمنيا، كالرواية والحكاية والقصة،  يوصل فيها الراوي رسالة إلى المتلقي. وأن هذا المنولوج الداخلي أي منولوج الشخصية مع نفسها يُبين لنا مرحلتي الأنا التي قد يتواجها ويتعارضا فيها. كل هذه الأعمال، تتميز كما روايتنا " سوق مريدي" بأسلوب كرونولوجي وجمل قصيرة ومباشرة.  تتسم هذه الأخيرة برموز ودلالات انثربولوجية وانسياب لأفكار وجدت منابعها في أعماق تيار الوعي. كما عبرت بذلك عن الهم الانساني وما يشغله في محاولة لوضع الأصبع على الجرح لعل وعسى أن تكون البداية للوصول إلى المغزى المنشود.

 

الهوامش:

[1]Eduard Dujardin, Le monologue intérieur, Albert Messein, Paris, 1931, p.48

[2] Maud Vauléon, Anthropologie et littérature, univ. Presse, Paris, 2006

عياد أبلال، أنثربولوجيا الأدب –دراسة أنثربولوجية للسرد العربي، روافد للنشر والتوزيع، 2001 القاهرة، 2001

[3] Ibid., p.74

[4] Ibid., p.50

[5] Robert Humphry,  Stream of consciousness in the Modern Novel, Univ.of California Press, 1954,p.1-5

[6] E. Van der Staay, Le monologue intérieur dans l´œuvre de Valéry Larbaud, Champion, Paris, p.90

[7] Ibid., p.89

[8] E. Dujardin,  p.40

[9] Ibid.,p.82

[10] Ibid., p.68

[11] Robert W. Seaver, Le monologue intérieur dans le roman moderne,  Paris, 1954, p.63

[12]L. Francoeur, Le monologue Intérieur  narratif (sa syntaxe, sa sémantique et sa pragmatique) Etudes littéraires,vol,IX,n2,août 1976, pp341-365

[13]  Elisabeth Van der Staay, p.77

 

* نشرت في العدد353-354 من مجلة (الثقافة الجديدة)

 

 

 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter