|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الجمعة  23 / 12 / 2016                                 د. رابحة مجيد الناشئ                                   كتابات أخرى للكاتبة على موقع الناس

 
 

 

الشاعر الفرنسي فابريس ﮐﺎراﭬﺎﮐﺎ
Le Poète français Fabrice Caravaca

د. رابحة مجيد الناشئ
(موقع الناس)

فابريس ﮐﺎراﭬﺎﮐﺎ، شاعر فرنسي مُعاصِ،َ من مواليد عام 1977 في دوردون و يعيش الآن في ليموج ، وهوَ كذلكَ ناشِر، ويدير دارالنشر " البرقية الأخيرة “ منذ تأسيسها قبلَ عَشرَة أعوام، وهيَ دار نشر مُختصة بالشعر، وضمنَ برامجها، الجمع ما بين الكتاب وموضوعه ونصوصه، والتركيز على الحوار، كما ترعى هذه الدار الأصوات واللغات المُستَخدَمة اليوم على المستوى الوطني، وتنشر نصوصاً منَ الشعر الحديث.

يَهتَم الشاعِر بالتَفاعُلات ما بينَ اللغة والجَسَد، وَما بينَ الإنسان وَمُحيطه، في منهَجٍ يعتمِدُ خَلقَ الروابط مع الاسلوب الغنائي، وهو يكتب في العديد من المواقع ولَهُ موقع خاص. وقد نشرَ العديد من المؤلفات ومنها ما يلي :

-La vie - 2010
- Le Poulpe - 2010.
- Un homme seul marche - 2010.
- Somos Cosmos, avec des dessins d’Olivier Orus et de Serge Pey - 2012.
- La falaise - 2014.
- Un Corps contre la terre

- الحياة - 2010 .
- الأخطَبوط - 2010 .
- رجل وحيد يمشي- 2010 .
- سومو كوزموس ، مع رسومات اوليفية اوروس ، وَسيرج باي - 2012 .
- الشاطئ الصخري - 2014 .
- جَسَدٌ بِمُواجَهَة الأرض.

قَرَاَ الشاعر في بيت الشعر لمدينة ﭘواتيه ـ La Maison de la Poésie de Poitiers، الذي استضافهُ، الكثير من قصائدهِ النثرية باللغة الفرنسية، ومنها القصائد التي يتضمنها هذا المقال، والتي قمتُ بترجمتها عن الفرنسية للقراء.

حين عَلِمَ الشاعر ﮐﺎراﭬﺎﮐﺎ بأنَ بعض نصوصه ستترجَم الى العربية قالَ بالحرف الواحد : ‹‹ ان ترجمة نصوصي الى اللغة العربية سوفَ تَغمُرني فَخراً وَزَهواً وَسَعادة ›› و فيما يلي الترجمة العربية لبعض المقاطع من نصوصه الشعرية :

من كتابه الموسوم - جَسَدٌ بِمواجهة الأرض ـ Un corps contre la terre
النص التالي :

- ‹‹ في البدء،
أرى الخُضرة، وأرى الشمس قزحية الألوان، العينُ مفتوحة، لا شيء يبقى على حالهِ ابداً. الحرارة ترتفع من الأرض. ارضٌ مَدروسة، ارضُ ترابٍ صَلصالي للاحتضار الهادئ.
الجَسدُ يُقاوِم. أشعرُ بأنَ الجَسَدَ في داخلي. اليَد تَتَلمَس، تَمس أعضاء الأرض بِهدوء. بِبطءٍ
أُريدُ التَواصِل، ماداً اليَد لليَد الأُخرى.
- هُناكَ شيء ما
- انه لا يجمعنا ولكنه هُنا.
كانَ الأمَل بالطبع، ان يكونَ هذا اكثرَ وضوحاً، اكثرَ جَمالاً، أكثرَ واقعيَةً...ان يكونَ هذا شيء آخر غيرَ صورة في الرأس. في نهايةِ الرأس – تقريباً فوقَ قُحف الرأس- قُبة هذا الجِسد.
نَعلَم بأنَنا لا نَنامُ بِسهولة. وَرُبَما نَحنُ لا نَنامُ ابداً. هُناكَ أشياء منَ الممكِن أن تَتَشابه. بالصدفة تُلَوِث أو تَدَفَق. اللُعاب، البُصاق في الغُبار الساخِن. سُحابةُ أرضٍ مُنتَزعة منَ الأرض، مُتَجمِعة في البلغَم.
الأصابِع، جُزئياً على الشِفاه، تقريباً في الفم. يَتبعها اللعاب، بِبطءٍ، طَريقُ الأصابِع، ينزَلِقُ بينَ الكَتائِب وَيَسيلُ على المِعصَم. ثُمَ تَنضَمُ قَطَرات بسيطة الى الأرض، الغُبار ›› .

يتَحدَث هذا الكتاب عن الجَسَد في كلِ أحواله. والجسَدُ في قصائد الشاعر، ليس مثالياً ، وهوَ لا يُضفي عليه تعظيماً او جَمالية ، انَهُ بسيط جداً. انهُ حيّ، ومملوء بردود الأفعال ، بالحركة وبالإفرازات " لُعاب، بُصاق...الخ “. الجَسَد شيء وثني وأساسي في شعر كارافاكا، والجسد ولأرض ، يكونان برنامَجاً مُتَكامِلاً في هذا الكتاب الذي يحتوي على 48 مقطعا، تُشكِل وحدة شعورٍ وَتواصل، في لُحمَةٍ سَردية، وَبإيقاعٍ عام كالجوقة الموسيقية.

ومن كتابه الشاطئ الصخري - La falaise ، ما يلي :

- ‹‹ مَسار الرجُل الذي يلتقي بالشاطئ الصخري. الرَجُل لا يَتَراجَع. مِن المُمكِن أن يُحاذي هذا الشاطئ لزَمَنٍ طَويل. أو يقذِف بِنَفسهِ في الفَراغ كَاستمراريةٍ للمَسيرة. يلمَس وَ يَتَنفَس الهواء الذي يُحيطُ بالشاطئ و الذي في اسفله. ولكنه لا يلمَس الأرض قبلَ أن يَكونَ ثَمُلاً. ثَملاً لانغماسه في الجاذبية، محتفظا بها لِذاته. عِظام الرجُل لَم تَتَهشَم. انَهُ يَجمعها في نِظامٍ آخَر. إمكانيَةٍ أُخرى للإمساكِ بالجَسَد بِكاملهِ. وهكذا تَصبح اليد في آنٍ واحِد هيَ القدَم وهيَ الرأس. ›› .
- ‹‹ هناكَ رَجُل. انه يَمشي. وهوَ وَحيد. يُعيدُ تَحديد مَسارهِ في كُلِ خُطوة. يَلتَقي بِمَشاهد طبيعية. إنَهُ في قَلب المَشهَد. إنَهُ في قَلب المَكان. وَهذا يَعني بأنه يرتَبِطُ بهِ حَميمياً ›› .

وَمن كتابه - الحياة -
La vie  ، المقاطع التالية :

- ‹‹ نحنُ نَبدأ. وَنستأنِف. نَحنُ لا نَتَوقَف. نحنُ حَقاً في حالةِ سُكرٍ بالجَمال. نَمضي قُدُماً. ليسَ لَنا خَيار. هُناكَ اشجارٌ باسقة. وَتَواريخٌ في الأعلى. هُناكَ الخُضرة والألوان و قابَ قوسين هناكَ أيضاً ضياء. ما زِلنا نُريدُ كُلَ هذا، نُريدهُ دائماً. نحنُ على قيد الحياة ››.

- ‹‹ نحنُ نَتَقدَمُ في الليل. كُل هذا أتى إلينا. غُبارٌ. عندَها اصابنا القلَق. لَم يَعُد السَواد شَديداً. نَحنُ لا نُعاني. وهذا يُشابه فراغ كَبير.
كأنَهُ أغنيّة. صَرخَةُ فَرَحٍ. إنها أيادي، مُداعبات. يَجبُ أن يَحضرنا شيء . مُجَرَد صورة. خُطىً في الظَلام. وَ سُمرةَ الخريف وَ نبيذ الخَريف. نَتَقَدم وَ نُواصِل الطريق دونَ خوف.......››.

- ‹‹ في كُلِ يومٍ شعورٌ بالحياة وَتَنَفُس بِملء الرئتين. إدراكٌ للضوء والتَغذي بِهِ دونَ خَوف. التَمَدُّد ِ عارياً عندَ كُلِ صَحوٍ عابِر. الأحداث الماضية، أجسامُنا اليوم وَنعومة وَصحة جنون الأجساد المُتَجَمِعة. نحنُ نمتَلكُ الوقتَ لَنا وَنمتلكُ هيئَة شَباب. نَحنُ اكثَر مما يظهر. الأمر الآن ليسَ إلّا هَمساً. قريباً تكونُ شائعة. بعدَ قليلٍ انطلاق، نحنُ لا نستطيع أن نوقِف أنفسَنا. لا يُمكِننا عملَ شيء ضِدَ أنفُسَنا لأَنَنا هُنا منذُ آلاف السنين للانتِظار ، لِحَفر الأخاديد وَلِكَسر الحدود. لَن نَستَطيع عَمل اي شيء ضدنا لأننا قد عانينا سَلَفاً كُلَ الأمور. لَقَد تَعلمنا الصَمت ، المَنفى. تَعَلمنا تَحَمُّل المَجازِر والخداع. نحنُ نَعرِف أن نَحلم حُلماً دونَ نِهاية. وَ تَعلمنا تَسكين الألَم. نَحنُ نَنامُ وُقوفاً. نُغَذي أنفُسَنا بِأشياء صَغيرة وَنعملُ جَسَداً معَ الشَمس وَمع السَماء بِكامِلِها. نَحنُ نَشعرُ بانتمائنا الى الأرض. ونحنُ لَسنا لِوَحدِنا حتى لو حَدَثَ لَنا التيهان أحياناً. نَحنُ نَعرِفُ قارات الروح وطرق خاصة جداً. نَحنُ إنسانية كامِلة على الطَريق. نَحنُ في كُلِ مَكان. .....››.

بنصوصه الشعرية، يفتح الشاعر فابريس ﮐﺎراﭬﺎﮐﺎ نافِذَةً للأمَل وَيدعونا للتَمَتُع بِما هوَ هُنا، وَبِما هوَ الآن :
‹‹ إنَهُ الضوء الذي نحتاجُ اليهِ على طيلةِ يومَنا. وَأشياءَ صَغيرة. يَد على القَدَح. زِر قَميصٍ مَفكوك. خصلة مِنَ الشَعَر. الى ما لا نِهاية. أشياءَ صَغيرة الى ما لا نِهاية التي تُشَكِّل الخلود. والتي هيَ خَلاصِنا...... ››.
‹‹ أنا جُزءٌ مِن جَماعة، مِن مَجموعة، انها مجموعة البَشَر وأنا قَد تَعرفتُ على نَفسي في داخلِ هذهِ الأُخوة. لأَنَ الأمر الأساسي يَتَعلَق بِهذهِ الأُخوَة، أُخوَةٌ غازية " نَحنُ سوفَ نُغَيِّر العالَم ›› .

تَفاؤل كَبير وَصَفاء رَحِب يَظهَر جَلياً مِن نصوص الشاعِر ﮐﺎراﭬﺎﮐﺎ بدَعوَتِهِ للنِضال سِلمياً من أجل الحياة وَمِن أَجلِ الأُخوة والمَحبة...يَدعونا الشاعِر لأجِل أن نَكونَ مَجموعةً مُتَآخية و مُتَعانِقة.

نَحنُ نَنبضُ بالحياة، وَفي كُلِ ثانيةٍ ، بَل في كُلِ لَحظة مِن حَياتِنا تَختَلِجُ قلوبنا، فَلنَجعل مِن هذا، دَعوة دائمة للمَحبة وَلِتَحقيق آمالنا في الخروج مِن لَيلٍ طالَ أمَدَه.

 

 

 


 


 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter