| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

صائب خليل
s.khalil@chello.nl

 

 

 

السبت 15/11/ 2008

 

بعد انهيار سعر النفط، ندعو لإعادة تسعير السفراء العرب

صائب خليل

أدفع نصف عمري وافهم لماذا تدعم الحكومة العراقية "الحكومة الأردنية" بالنفط. ولماذا "الحكومة الأردنية" وليس الشعب الأردني في الأقل؟ يعني على الأقل الإشتراط أن يصل هذا الدعم بشكل تخفيض في أسعار الوقود إليه؟ ومن قال لكم أن الشعب الأردني، أو أي شعب عربي، يريد منكم أن تدعموا حكومته المفروضة عليه فرضاً؟
أدفع النصف الآخر وأفهم أين يذهب هذا النفط وهل يبقى في الأردن أم يذهب لشركة غريبة مثلما كشف نائب كويتي أن مساعدتهم النفطية للأردن تذهب إلى هناك (1)...واستعير نصف عمر من صديق واعطيه، وافهم لماذا يتجرأ نائب كويتي على فضح الأمر، ويتجرأ نائب أردني على فضح الأمر, ولا يوجد نائب عراقي واحد يفتح فمه بالموضوع!
وأقضي على بقية عمر هذا الصديق المسكين وأفهم كيف يمكن لأحد أن يدعم آخر, وهذا الآخر يطلبه فلوس ويطالب بها، ولا يحتسب الدعم كجزء من إيفاء الدين!!
وأدفع نصف عمرك عزيزي القارئ وأعرف كيف اتفق جميع "الأخوة الأعداء" من كردستان إلى الفاو على هذه الخلطة العجيبة، وهم الذين لم يتمكنوا من الإتفاق حتى على المعقول الذي يسهل الإتفاق عليه بين الناس!
من سيشرح لي هذا الكرم العجيب وهذا الصمت المهيب الذي يحيط به، .... سيدخل الجنة بلا شك...

أحد اقربائي يعمل استاذاً في جامعة في الخليج، وارادت الجامعة تنظيم مؤتمر علمي ودعوة علماء غربيين إليه. إقترح أحدهم إعطاء كل ضيف جهاز تلفزيون ممتاز كهدية! وافق الجميع كما حكى قريبي إلا هو، أصرّ ان لاتعطى أية هدية, وقال أننا حين نذهب لمؤتمراتهم يعطونا بطاقات لأكل سندويجة في مطعم ا لجامعة. وحين الح البعض أنهم يريدون إظهار الكرم العربي، أصر على الرفض قائلاً أن ليس كل عطاء سيعتبر كرماً, وأقنعهم أن العطاء في غير محله وفي غير مناسبة، سيعتبره حتى متلقيه، بلاهة وليس كرماً، فهل تريدون أن تعطوا لتبينوا أننا أغبياء؟

****

يقال أن رجلاً مسناً اقترب من حارس البيت الأبيض وقال له أنه يريد أن يرى الرئيس بوش، فابتسم الحارس بأدب وقال للرجل: "السيد بوش لم يعد رئيس الولايات المتحدة، ولم يعد يسكن هنا!"
نظر الرجل إلى الحارس وابتسم وشكره وذهب. عاد صباح اليوم الثاني ليطلب نفس الطلب وكرر له الحارس الجواب بصبر فابتسم وشكره وذهب. لكن صبر الحارس نفد في اليوم الثالث فقال له: قلت لك مرتين أن بوش لم يعد رئيس الولايات المتحدة ولم يعد يسكن هنا، ألم يكن كلامي واضحاً؟".
أجاب الرجل باسماً: "كلامك كان واضحاً تماماً ياسيدي...إنما يعجبني أن اسمعه كل صباح من جديد".

وأنا يا صاحبي أكرر مواضيعي وأعيدها لأنني أحتاج بين الحين والآخر أن انفه ببضعة كلمات عن غيضي من العجائب التي لا افهمها، فتحمل ذلك مني كما تحمل حارس البيت الأبيض، الرجل الأمريكي المسن.

****

الآن وقد قلت ما عندي، أشعر بأني افضل قليلاً وأكثر قدرة على أن أفهم أن للديمقراطية عجائبها وأن "لها حكمتها" التي ليس لي ولك أن نصل إلى سبر أغوارها. نعم وأفهم أن علينا أن نكون براغماتيين ونقبل الواقع ونحاول أن نغير أنفسنا، لا أن نغيره، وأن نتكلم لغة العالم، فمن نحن لنطلب من العالم أن يتكلم لغتنا؟؟

"السفراء مقابل النفط"؟ وماذا في ذلك؟ تصوروا معاناة العامل العاطل وتحطمه النفسي حين تخلو سفارة الأردن ومصر من سفيرها وينزل العلم...اليس الجوع أرحم كثيراً؟ كونداليزا رايس بجلالة قدرها قالت مفتخرة للبي بي سي العربية أن العراق يتبادل السفراء الآن مع محيطه العربي، ولم تقل أنه لم يعد به جياع، أو توفر لهم الماء النقي أو الكهرباء! ما الذي ينفع المواطن إن هو "كسب العالم وخسر السفراء"؟ انتبهوا لذلك ولا تنسوا أن "تذكروا المواطن بحياته قبل ثورة السفارات"!
إنني جاد فيما أقول، ولكي أبرهن لك على عمق التطور الذي مررت به، وللتعبير عن امتناني لصبرك الكريم واستمرارك بالقراءة حتى هنا، سأكتب منذ الآن بواقعية البراغماتي الليبرالي صاحب السوق الحرة والبشر المقيدون، من وحي أزمة الإئتمانات، وأزمة انخفاض اسعار النفط واضطرار العراق لخفض ميزانيته لعام 2009 خفضاً قاسياً، وأقترح : "تعويم اسعار السفراء العرب في العراق، والتعامل بهم بنسب ثابتة لسعر البرميل بدلاً من الدولار."!

والفكرة قد تبدو ساخرة لكنها في الحقيقة مسألة إقتصادية بحته، فعندما رفضت بعض الدول العربية إرسال سفرائها مقابل سفرائنا، وقالوا أن سفيرهم يساوي سفيرنا + كذا دولار للبرميل، قررت حكومة المالكي أن لا تبقى متخلفة ومحنطة بمفاهيم "عفا عليها الزمن" مثل "الكرامة" و "العدالة" الخ، وأن تلجأ إلى البراغماتية الحديثة فعرضت شراء سفير الأردن بـ 10 دولارات، لكن هؤلاء رفضوا, ومن حق الناس أن يرفضوا، فهي ليست "معاهدة صداقة إجبارية". وبعد أن اتفقوا على 18 دولار، عرضت الأردن إرسال ملكها ولمرة واحدة غير قابلة للتجديد، على أن يدفع ثمن الزيارة بشكل زيادة في سعر السفير إلى 22 دولار تخفيض للبرميل الواحد.
لكن هذا السعر الجديد للسفير+ زيارة الملك أغرى آخرين لـ "الإستثمار" في العراق فجاء السنيورة راكضاً قبل سفيره وقالوا له نعم، ولو أنك لست ملكاً. لكن السنيورة لم يتحمل الفرحة فراح يتكلم في الإعلام وقال ان المالكي قال لي وأبدى استعداده،.. ونفط ...الخ. حتى ثارت رائحة الفضيحة!
من الطبيعي اننا لن نجد بعد ذلك دولة، خاصة إن كانت عربية، من الغباء أن تقبل بإعطاء سفيرها مقابل سفير عراقي دون "المقسوم". من ستكون الدولة التالية؟ حينها كتبنا وقلنا أنه وحسب معطيات خارطة السفراء الذين تم ويتم شراؤهم، وعلى أساس ملاحظة أن ما يجمع بين السنيورة وملك الأردن هو علاقة "الصداقة" المتميزة مع إسرائيل، فقد توقعنا أن يكون السفير التالي هو السفير المصري. وخلال 24 ساعة من اعلان توقعنا ارسلت الحكومة المصرية مبعوثاً مهرولاً!!
لكن المالكي رحب به واعتذر عن قضية النفط، وقال له بلهجة مصرية: "السنيورة ده، متتبلش في بؤه فوله". شوف الإردنيين بقوا ساكتين حتى أن لا أحد في العراق كان يعلم أننا رفعنا سعرهم إلى 22 دولار. لكن السنيورة "عمل لنا فضيحة بجلاجل" لذا لانستطيع الآن، خاصة إن كنتم تريدون تحويل النفط مباشرة إلى شركة أجنبية مثل الباقين.
لكن المالكي طمأن ضيفه وقال له أن يرسل سفيره حالياً وسيرسل النفط بعد أن ينسى العراقيين الفضيحة، إلى أية شركة يريدونها في العالم. يعني "سفير بالدفع الآجل".

والآن وبعد شرح المقدمات السياسية والتاريخية للموقف... أقترح على الحكومة العراقية، ومن أجل تخفيف أثر تقلبات أسعار البترول على استقرار جلالة السوق والمحافظة على حريته المقدسة وحماية الإستثمار وتشجيع الخصخصة ومن أجل "لبرلة" الإقتصاد والحصول على رضا المجتمع الدولي والبنك الدولي وصندوق النقد الدولي، أقترح، بالنسبة للدول التي ترفض تبادل السفراء معنا كسفير مقابل سفير وتطالب بسعر لسفرائها، أقترح تعويم أسعار السفراء "الأشقاء" ودفعها بشكل نسبة ثابتة في الحصص النفطية بدلاً من الدولار، وذلك للأسباب التالية.

الأسباب الموجبة:
1- لأنه لايمكن اللجوء إلى "خفض الفائدة" لتنشيط الثقة بسوق السفراء، مع مثل هؤلاء، لأنه ليس لهم "فائدة" لتخفضها.
2- من أجل الحصول على سفراء أكثر: لأننا إن احتسبنا قيمة الـ 22 دولار من النفط وقت الإتفاقية فقد كانت اقل من 20% من سعر البرميل. فإذا احتسبناها اليوم بهذه النسبة على سعر البرميل الحالي (50 دولار تقريباً) لوجدنا أن سعر السفير يصبح اقل من 10 دولارات! أي أننا نستطيع شراء سفيرين ونصف بنفس سعر السفير الواحد الذي ندفعه حالياً!
3- أرجو أن لاتنسوا أن الناس تحدثوا بغضب وسخرية من صدام عندما كان يترك شعبه في فقرهم ويبيع النفط للأردن بنصف سعره. لم ينتبه إلى ذلك أحد بعد إلى مجريات الأمور، لكن لو وصل السعر إلى 44 دولار، فقد يكتشف احد الخبثاء الحاقدين الشوفينيين العلاقة بين الـ 44 والـ 22 ويقول أن الوضع عاد على ما كان عليه صدام!! وقد يربط الموضوعين بواسطة "نظرية المؤامرة"، وعندها سيقارن الناس بينكم وبين صدام و....لكن هذا قد لايكون مشكلة كبيرة، إنما تذكروا أن هذا سيتسبب أيضاً في إنكماش "الجاذبية الإستثمارية" للبلد!
4- لو تصورنا أن سعر النفط سيهبط أكثر فأكثر، وليس هذا مستبعداً ففي الماضي وصل سعر البرميل إلى بضعة دولارات. واليوم لدى بيان جبر خطة يدفع بها ملياري دولار من أجل "مضاعفة صادراته النفطية ثلاثة أضعاف مستواها الحالي في غضون 10 سنوات" (2) مما يعني خفض الأسعار حسب قانون العرض والطلب. وإن كان الآخرون من زملائنا في الأوبك يتمتعون بنفس موهبة وزيرنا ودفعوا ملياراتهم من أجل زيادة الإنتاج عندما تنخفض الأسعار، فليس بعيداً أن يصل سعر البرميل إلى 23 دولار للبرميل مثلاً، مما يعني أن عليكم أن تبيعوا البرميل للأردن (وبقية دول "سفراء للبيع") بدولار واحد فقط حسب الإتفاقية!

وماذا لو هبط الى 22 دولار؟...عندها ماذا ستفعلون؟ ترسلونه مجاناً!! الإتفاقية إتفاقية!... وماذا لو وصل البرميل إلى 21 دولار؟؟ يجب ان تلصقوا دولاراً على كل برميل لكي يتكرموا بقبوله مجاناً!
كيف وصلتم إلى هذا الإتفاق الجميل؟ لاشك أنكم خضتم هنا أيضاً "مفاوضات شاقة" مع الأردن لتحقيق هذا الإنجاز لشعبكم العراقي، مثل الإنجاز الذي سيحققه فريق المعاهدة مع أميركا، وبمثل هذه الروح "التضحوية" الرائعة ....

وتقبلوا فائق الإحتـ....رام.

صائب خليل

(1) إكشفوا اين اختفت المنحة النفطية الكويتية للأردن قبل توقيع المنحة العراقية ومد انابيب النفط
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=120437  
(2) http://www.yanabeealiraq.com/news_folder/n14110825.htm  

 

14 نوفمبر 2008

 

free web counter